Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

منوعات

السّبت 15 فبراير 2025 6:44 مساءً - بتوقيت القدس

بين فنجان القهوة وشاشة الهاتف: كيف تصنع الأخبار وعي الفلسطيني وتتحكم في يومه؟

قلم : صدقي ابوضهير / باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

في فلسطين، يبدأ اليوم بطقس مقدس لا يتغير، فنجان قهوة يرافقه هاتف محمول يُمطر بالإشعارات والأخبار العاجلة. وبين رائحة القهوة المنبعثة، وتدفّق الأخبار غير المنقطع، يجد الفلسطيني نفسه عالقًا بين حاجته للتركيز وحاجته لفهم ما يجري حوله. فهل القهوة ومنصات التواصل مجرد عادات يومية، أم أنهما باتا يشكلان وعي الإنسان وسلوكه في هذه الأرض المشتعلة بالأحداث؟


كيف يتلقى الفلسطيني يومه بالأخبار؟

في ظل التصعيد المستمر، لا يبدأ الفلسطيني يومه بطريقة تقليدية، فالأخبار ليست مجرد عناوين تُقرأ في الصحف، بل هي أحداث يعيشها لحظة بلحظة. أول ما يفعله عند الاستيقاظ هو تصفح هاتفه، ليجد سيلًا من الأخبار العاجلة حول اجتياحات، اعتقالات، غارات، وشهادات حية من قلب الحدث. المعلومات تتدفق بوتيرة أسرع مما يمكنه استيعابها، مما يجعله يعيش حالة من الترقب المستمر.


مصادر الأخبار تتنوع، لكنها جميعها تشترك في عنصر السرعة والتفاعل:

•    منصات التواصل الاجتماعي: المصدر الأول للأخبار، لكنها في كثير من الأحيان تتحول إلى ساحة للفوضى، حيث تنتشر الشائعات والأخبار المضللة قبل التحقق منها.

•    المجموعات الإخبارية على واتساب وتيليغرام: أصبحت هذه المجموعات بمثابة وكالات أنباء مصغرة، حيث يتناقل الفلسطينيون الأخبار المحلية فور وقوعها، مما يجعل المعلومة تنتشر كالنار في الهشيم.

•    التلفزيون والإذاعة: لا يزالان مرجعًا للكثيرين، لكن تأثيرهما تراجع لصالح الأخبار الفورية عبر الإنترنت.

•    النقل الشفهي للأخبار: في الشارع، في الأسواق، وحتى داخل العائلات، تنتقل الأخبار بشكل غير رسمي، مما يضفي عليها طابعًا اجتماعيًا لا يمكن تجاهله.


كيف تؤثر الأخبار على سلوك الفلسطيني؟

1- التوتر والقلق المستمر

الأحداث المتلاحقة تجعل الفلسطيني في حالة تأهب دائم، غير قادر على التخطيط ليومه بشكل طبيعي، إذ يكفي إشعار واحد على هاتفه ليقلب يومه رأسًا على عقب. التوتر النفسي أصبح جزءًا من الحياة اليومية، حيث تتأثر أنماط النوم، المزاج، وحتى القدرة على التركيز في العمل أو الدراسة.


2- ردود الفعل العاطفية الحادة

ليس من السهل أن تبقى متوازنًا وأنت تشاهد أخبارًا تتعلق بمجزرة جديدة أو اعتقال طفل من حيّك. الفلسطيني يتأثر بشدة بالأخبار، فتتحول مشاعره بين الغضب، الحزن، والذهول، مما ينعكس على طريقة تفاعله مع الأحداث، سواء على مواقع التواصل أو في الشارع.


3- الشعور بالعجز أو الرغبة في الفعل

عند كل تصعيد، يجد الفلسطيني نفسه أمام خيارين: إما الشعور بالعجز والإحباط أمام القهر المستمر، أو البحث عن وسيلة للتعبير والمساهمة، سواء بالمشاركة في احتجاجات، دعم العائلات المتضررة، أو حتى نشر الوعي عالميًا عبر وسائل التواصل.


4- تغيير أنماط الحياة اليومية

في فترات التصعيد، تتغير الحياة اليومية بالكامل. الأسواق تفرغ بسرعة بسبب خوف الناس من الحصار، الطرقات تصبح أخطر، وحتى أبسط القرارات مثل الذهاب إلى العمل أو الجامعة تحتاج إلى إعادة حسابات. أصبح الفلسطيني مضطرًا لأن يكيّف حياته مع الأخبار، وليس العكس.


5- ارتفاع مستوى الوعي السياسي والاجتماعي

رغم الجوانب السلبية لهذا التوتر الإخباري المستمر، فإن له جانبًا إيجابيًا يتمثل في ارتفاع مستوى الوعي السياسي بين الفلسطينيين، خصوصًا فئة الشباب، الذين باتوا أكثر دراية بكيفية تحليل الأخبار والتفاعل معها بشكل نقدي.

كيف يمكن للفلسطيني التعامل مع هذا الكمّ الهائل من الأخبار؟


•    التأكد من صحة الأخبار قبل تصديقها أو مشاركتها: تمامًا كما نختار القهوة الجيدة، علينا أن نختار الأخبار الموثوقة ونتجنب الوقوع في فخ الشائعات.

•    تنظيم وقت متابعة الأخبار: الإفراط في استهلاك الأخبار يؤدي إلى الإرهاق الذهني، لذا يجب تخصيص أوقات معينة لمتابعة المستجدات بدلًا من الانغماس المستمر فيها.

•    عدم الانجرار وراء العناوين العاطفية: الكثير من الأخبار تُصاغ بطريقة تستهدف المشاعر أكثر من الحقائق، لذلك من الضروري التفكير بعقلانية قبل التفاعل.

•    إيجاد توازن بين الوعي والراحة النفسية: لا بأس بأخذ فترات راحة، الجلوس مع العائلة، أو حتى شرب فنجان قهوة دون إشعارات، فالحفاظ على الصحة النفسية لا يقل أهمية عن متابعة الأخبار.

•    المساهمة بطرق إيجابية: بدلًا من إعادة نشر الأخبار السلبية بشكل عشوائي، يمكن للفلسطيني التركيز على نشر الرواية الفلسطينية الحقيقية عالميًا، دعم الإعلام المستقل، أو حتى المشاركة في جهود الإغاثة الميدانية.


الخاتمة: بين الكافيين والمعلومات… جرعة الوعي هي الأهم!

تمامًا كما تمنحنا القهوة دفعة من النشاط لكنها قد تؤدي إلى التوتر إذا أُفرِط في تناولها، فإن متابعة الأخبار بشكل مكثف قد تنبه وعينا لكنها قد تستهلك أعصابنا. في فلسطين، لا يمكننا تجاهل الأخبار، فهي جزء من يومنا وهويتنا، لكن الفرق بين أن تكون متابعًا واعيًا أو ضحية للتضليل هو قدرتك على التمييز بين الحقيقة والدعاية، وبين الوعي والتوتر. فكما نختار قهوتنا بعناية، علينا أن نختار أخبارنا بحذر، لأن ما يدخل عقولنا لا يقل أهمية عما يدخل أجسادنا.



دلالات

شارك برأيك

بين فنجان القهوة وشاشة الهاتف: كيف تصنع الأخبار وعي الفلسطيني وتتحكم في يومه؟

المزيد في منوعات

أسعار العملات

الأربعاء 19 فبراير 2025 10:18 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.54

شراء 3.53

دينار / شيكل

بيع 5.0

شراء 4.99

يورو / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 662)