Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الخميس 13 فبراير 2025 9:27 صباحًا - بتوقيت القدس

بين التهديدات والمواقف العربية.. فلسطين في عين العاصفة

تمر القضية الفلسطينية بمرحلة خطيرة تتزامن مع تصعيد في العدوان الإسرائيلي بأشكال جرائمه المختلفة  التي ينفذها في كل زاوية من زوايا الوطن دون استثناء أحد، وتهديدات عسكرية أمريكية وإسرائيلية جديدة بمزيد من التصعيد في غزة بل وفي المنطقة، مع اقتراب الموعد الذي حدده ترامب لإجبار المقاومة الفلسطينية على تسليم الأسرى الإسرائيليين تحت الضغط المتعدد.


تهديدات نتنياهو بالعودة إلى عمليات الإبادة العسكرية في غزة، في حال عدم استجابة المقاومة لمطالبات تسليم الأسرى الإسرائيليين بحلول السبت المقبل دون التزامه هو بما نصت علية الاتفاقيات، تمثل خطوة خطيرة نحو التصعيد، الذي لا يعكس فقط إصرار الاحتلال على إجبار المقاومة على الرضوخ والاستسلام، بل يهدف إلى فرض واقع جديد في غزة يُعيد إحياء خطة التهجير القسري التي بدأت تتبلور في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين وتهديدات ترامب نفسه. ما نراه اليوم من تهديدات هو استكمال لمخطط "الشرق الأوسط الجديد" الذي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وتمرير مخططات تهجير الفلسطينيين، وإعادة الرسم الجيوسياسي للمنطقة تحت مظلة الاتفاقات الإسرائيلية-الأمريكية، والضغوطات التي تمارس على الكُل العربي، الذي أخفق خلال العقود الماضية في اعتماد سياسات مستقلة تبتعد عن الهيمنة الأمريكية.


وفي هذا السياق، لا يمكننا تجاهل ما قد يعنيه هذا التهديد في الساعات القادمة. فبمجرد انتهاء المهلة التي منحها ترامب، يتوقع أن تشتد الضغوط العسكرية والاقتصادية بمعنى الحصار على غزة، وهو ما يثير القلق ليس فقط في قطاع غزة، بل في المنطقة كلها. فالمشروع الأمريكي الإسرائيلي يبدو واضحاً في سعيه إلى إخضاع الفلسطينيين لشروط مجحفة والتطويع الأشد للعرب، مع التهديد بحرب جديدة تكون أكثر تدميراً من أي وقت مضى.


لكن في المقابل، تحاول بعض الدول العربية وعلى رأسها السعودية والأردن ومصر، توجيه المواقف السياسية تجاه هذا المخطط، على الرغم من الضغوط الأمريكية الهائلة التي تتعرض لها. زيارة الملك عبدالله الثاني بالأيام الماضية إلى واشنطن أظهرت حجم التوتر الإقليمي، حيث لم تقتصر الزيارة على تأكيد الموقف الأردني الثابت في دعم حقوق الفلسطينيين، بل حاولت أن تجد قنوات للتواصل مع الإدارة الأمريكية بشأن خطر المشاريع الإسرائيلية التي تمس القُدس والضفة الغربية، والحديث عن خطة عربية لإعادة إعمار غزة تُقدم إلى ترامب الذي يتصرف وكأنه مالك العالم وما عليه، في محاولات استمرار فرض الهيمنة الأمريكية من خلال قرارته بشن الحروب المتنوعة على دول العالم. 

 

يبدو أن المهمة الأمريكية الآن العاجلة هو تفتيت المثلث العربي، للانفراد بكل طرف على حدة، وأقصد السعودية ومصر والأردن. وفي هذا الخصوص واضح أن هناك تخوفات قطرية وتركية للتدخل من أجل تخفيف هذه الضغوطات لأسباب تتعلق بدرجة التخوف من ترامب وقراراته، لعدة اعتبارات منها الموضوع السوري، ورغبة تركيا في احتكار لهذا الملف. لكن يجب أن يكون هناك حراك عربي أقوى في قادم الساعات. وفي هذه اللحظات الصعبة يجب على منظمة التحرير التحرك في كافة الاتجاهات والمحاور برؤية واضحة وإيجاد صيغة ومحاولة جادة ولو للمرة المئة لاستيعاب الكل الوطني الفلسطيني فيها باعتبارها الممثل الشرعي وصاحبة الولاية السياسية.


باعتقادي فإن الأردن لا يستطيع الوقوف أمام الضغوط وحيداً، إن لم يكن هناك موقف عربي وإسلامي موحد، ولذلك يتوجب سرعة التوافق على موقف عربي بالحد الأدنى يشكل نوعاً من الحماية المشتركة، ويقدم رؤية واضحة تتعلق بالحقوق الوطنية الفلسطينية السياسية، بما فيها حق تقرير المصير وإقامة الدولة وفق حدود ما قبل ٤ حزيران ٦٧، وبمستقبل إعادة الإعمار في غزة أمام تهديدات ترامب المتعددة، وذلك لضمان مصالح الأمن القومي لبلدانهم، وحماية شعبنا الفلسطيني، وإلا لن تقف الامور عند هذا الحد وستجد كل من هذه الدول نفسها في عين العاصفة، وقد يكون الوقت ربما متاخراً.


السعودية من جهتها، تتبنى موقفاً دبلوماسياً حذراً، حيث ترغب في الحفاظ على توازن حساس بين التقارب مع واشنطن وعدم القطع مع إسرائيل وبين دعم القضية الفلسطينية. الملك السعودي وولي عهده يدركان أن أي تطور في موقف مختلف قد يهدد مصالح المملكة الأمنية والاستراتيجية في المنطقة إذا ابتعدت عن التمسك بضرورة نفاذ الحقوق الوطنية لشعبنا وإنهاء العدوان، خاصة مع تزايد الضغط الدولي على الرياض للقبول بمشاريع التطبيع، وتزامن ذلك مع تصريحات سابقة لترامب حول "حلول اقتصادية" للمناطق الفلسطينية، فإن ذلك يضعها في موقف صعب يهدد موقعها الذي تسعى له في قيادة العالم العربي بعد فرض التغيرات على سوريا ولبنان، رغم إدراكها لفرص مصالحها مع قوى الشرق من الصين وروسيا. 

 

أما مصر التي تلعب دوراً محورياً في ملف غزة، فتجد نفسها في موقف بالغ الحساسية أيضاً. على الرغم من التقارب الأمني مع إسرائيل، إلا أن القاهرة تدرك جيداً أن أي محاولة لتنفيذ تهجير قسري للفلسطينيين إلى سيناء ستشكل تهديداً حقيقياً لأمنها القومي ومشابها لتداعياته أيضاً على الأردن. فالحكومة المصرية تتبع سياسة دبلوماسية متوازنة في التعامل مع الضغوط الأمريكية، بينما تسعى جاهدة للحفاظ على حقوق الفلسطينيين. زيارة الرئيس السيسي المتوقعة إلى واشنطن، والتي تم تأجيلها أمس إلى موعد غير محدد، كانت تشير إلى محاولات القاهرة للتوسط في القضايا الشائكة، والتهرب من الضغوطات الأمريكية التي تهدف لتحقيق مصالح إسرائيل قد تجعل من الصعب إيجاد حلول تحقق التوازن بين المصالح الإقليمية المختلفة ومصالح أمنها القومي. 


التهديدات الأخيرة التي أطلقها ترامب حول "إنزال الجحيم" على غزة إذا لم يتم تسليم الأسرى الإسرائيليين، لا تقتصر على شدة الضغط العسكري، بل تشير إلى محاولة إسرائيل والولايات المتحدة فرض حلول سياسية على المنطقة دون مراعاة للحقوق الفلسطينية، وسيادة أراضي الدول الأخرى المجاورة. التهديد بالعدوان العسكري في وقت حساس يتزامن مع تأكيدات نتنياهو بتعطيل المرحلة الثانية من المفاوضات المتعلقة بتبادل الأسرى، حيث تسعى إسرائيل بدعم أمريكي لإعاقة أي تقدم في ملف الأسرى، في وقت تتحقق فيه ضغوط داخلية ودولية على دولة الاحتلال للالتزام بتنفيذ بنود اتفاقية وقف إطلاق النار، وبالقوانين الإنسانية التي باتت لا تكترث بها إسرائيل بحكم صفتها كدولة مارقة حتى كمتهمة أمام القضاء الدولي الذي تشن علية الولايات المتحدة الحروب، وتفرض العقوبات في وقت تنسحب فيه من المنظمات والاتفاقيات الدولية، لتعيد نفسها خارج سياق المجتمع الدولي لتبرر لنفسها سياسات الأمريكي القبيح.


في هذا الوضع المعقد، تبرز غزة مرة أخرى كساحة للمواجهة، ليس فقط مع الاحتلال الإسرائيلي بل مع القوة المستبدة الأمريكية أيضا. غزة التي استطاعت الصمود في وجه الحرب والحصار رغم التدمير الهائل والتضحيات الكبيرة، تواجه اليوم تهديداً جديداً يتمثل في التهجير القسري على يد الاحتلال بدعم من ترامب. هذا التهديد يأتي في وقت حساس، حيث تتصاعد سياسات الاحتلال الاستيطانية الإحلالية التوسعية في الضفة الغربية، خاصة مع عملية التهجير القسري التي تجري في شمال الضفة وتدمير المخيمات ومصادرة الأراضي التي باتت قراراتها بحجة "الرعي" بما يعكس رؤيتهم التوراتية الاستعمارية بامتلاك الأرض، مما يزيد من تعقيد الأمور ويضع جميع الأطراف في مواجهة حتمية.


السيناريوهات المستقبلية في غزة والضفة الغربية تظل محكومة بتوازنات دقيقة. وإذا استمرت الضغوط الإسرائيلية والأمريكية دون المواجهة أو على الأقل محاولات المواجهة، قد نشهد تصعيداً عسكرياً جديداً، أو ما قد يكون أكثر خطورة يتمثل بتهجير قسري يتم فرضه بالقوة العسكرية أو الاقتصادية. لكن الثابت في هذا الصراع هو أن الفلسطينيين لم ولن يرضخوا لأية حلول تمس حقوقهم الوطنية، كما أثبتت التجارب التاريخية أن إصرار الشعب الفلسطيني على مقاومة هذا المشروع التصفوي، بكافة أشكاله، هو السبيل الوحيد لفرض شروطهم على الأرض.


في النهاية، مهما كانت التهديدات والتحديات، يظل موقف شعبنا الفلسطيني هو الأكثر قوة. هناك ضرورة تاريخية ومسؤولية بوضوح الإرادة السياسية بقرار فلسطيني وطني مستقل موحد حول آليات المقاومة الشعبية والسياسية بكل أشكالها الدبلوماسية والقانونية بما يضمن رفض أشكال الابتزاز السياسي الأمريكي وحتى الأوروبي، دون مقابل في شأن قضايا مختلفة، ستظل حجر الزاوية في مواجهة هذا المشروع الأمريكي الإسرائيلي الذي يهدد حاضر ومستقبل القضية الفلسطينية من خلال الإصرار على تنفيذ المشروع الصهيوني الإحلالي في أرض فلسطين.

دلالات

شارك برأيك

بين التهديدات والمواقف العربية.. فلسطين في عين العاصفة

المزيد في أقلام وأراء

أول الغيث قَطْرُ!

حديث القدس

الانقسام الإسرائيلي

حمادة فراعنة

دوام ترديد التهديد بالتهجير وانعكاساته النفسيّة المتوقعة!

غسان عبد الله

الرسوم الجمركية الأمريكية "من أجل الفنتانيل" تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية

جي وينهوا

الوعد المشؤوم

حديث القدس

بين ابتزاز غزة بالتهجير واجتثاث مخيمات الضفة.. ما العمل؟!

جمال زقوت

الرقص على حافة الجنون

رمزي الغزوي

العناد الفلسطيني ورفض التوطين والتهجير

حمزة البشتاوي

هذه رسالتي لحركة "حماس"

محمد المصري

أزمة النظام السياسي الفلسطيني بين الشرعية الثورية والانتخابية ومعضلة الديمقراطية

مروان إميل طوباسي

أميركا وتداعيات "الدعم غير المشروط"

جيمس زغبي

اعتذار الرئيس الأميركي

حمادة فراعنة

زامير والتهديد بالتغيير

حديث القدس

خطاب فانس في ميونخ.. الضلال والسطحية والتطرف

أحمد رفيق عوض

جمعية فلسطين الدولية.. تفوّق نوعي متعدد الطبقات

حمادة فراعنة

مصر صمام الأمان للقضية الفلسطينية ضد مخطط التهجير

رائد عبد الفتاح مهنا

عن السعدنة وطريق السعادين

مصطفى بشارات

الأنظمة وتهجير غزة.. بين "التنمية بالحماية الشعبية" ومواجهة الصهيوأمريكي

د. عادل سمارة

التحول في الترمبية في المرحلة الثانية

رمزي عودة

نتنياهو وتزييف الحقائق

حديث القدس

أسعار العملات

الأربعاء 19 فبراير 2025 10:18 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.54

شراء 3.53

دينار / شيكل

بيع 5.0

شراء 4.99

يورو / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 662)