مع استمرار المناورة المتعلقة بصفقة التبادل، وارتفاع مستوى التهديدات الإسرائيلية والأميركية، رداً على قرار حماس عدم الإفراج عن محتجزي الدفعة السادسة، المقرر الإفراج عنهم يوم السبت القادم، تتواصل المؤامرات التي تحاك ضد القضية الفلسطينية، وذلك في ضوء مخطط الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي هدد حماس بشكل علني بضرورة إعادة كافة المحتجزين الإسرائيليين حتى ظهر يوم السبت المقبل، وإلا فإن أبواب جهنم سيتم فتحها على غزة.

بعد تلقي إسرائيل تفاصيل الخروقات التي قامت بها من قبل الوسطاء، والمطالب التي رفعتها حماس من أجل إلزام إسرائيل بالاتفاق وعدم الالتفاف عليه، خرجت علينا أمس إسرائيل بمناورات جديدة، فمن جهة هي تجاهلت كل مطالب حماس المتعلقة بخروقات البروتوكول الإغاثي، تحديداً خلال اجتماع أمس الذي امتد إلى أربع ساعات، وأيضاً أطلت بنبرة تهديد ادعى نتنياهو من خلالها أنه في ضوء خرق حماس للاتفاق فإن السبت سيكون الموعد  الأخير لإعادة المحتجزين الإسرائيليين، وإلا فإن وقف إطلاق النار سينتهي، ويعود الجيش الإسرائيلي إلى القتال العنيف، حتى هزيمة حماس بشكل نهائي.

تهديد نتنياهو الذي ترافق، مع قرار بإعادة نشر جنود الاحتياط في محيط غلاف غزة، بواسطة ماتسمى قيادة المنطقة الجنوبية، هو بمثابة جس نبض لحماس، ورؤية ما إذا كانت ستتراجع عن مطالبها، ولكن النافذة التي أطل منها رئيس الوزراء الإسرائيليٍ لا يمكن التقليل من جديتها رغم ما تقدم، لأن نتنياهو محاط بأحزاب الائتلاف اليميني الحاكم، ومعظمها من المتشددة، والتي لا ترغب باستمرار الصفقة، وعليه قد تتحول هذه المناورة إلى حرب حقيقية في مُقبل الأيام.

وسط الجدل الكبير حول صفقة التبادل، تواصلت فصول المؤامرة الكبيرة التي يقوم بها الرئيس الاميركي المهووس الذي يعتقد أنه فرعون عصره، وذلك من خلال إعادة التأكيد على تهجير الشعب الفلسطيني من غزة، وتهديد مصر والأردن بحجب المساعدات عنهما إذا رفضتا استقبال الفلسطينيين، كما أنه حدد موعداً خيالياً بإعادة كافة المحتجزين الإسرائيليين حتى ظهر يوم السبت المقبل، وهو أمر أسال لعاب الإسرائيليين الذين رحبوا بهذا المطلب وبرؤية ترمب لمستقبل غزة، خصوصاً الوزير المتطرف سموتريتش الذي حدد أيضاً السبت المقبل موعداً لنسف صفقة التبادل.

مع إصرار حماس على أنها ملتزمة بالاتفاق، ما دام الاحتلال ملتزماً به أيضاً، وأنه جرى برعاية وضمانة من الوسطاء (مصر وقطر والولايات المتحدة)، وأن إسرائيل هي التي لم تلتزم بالتعهدات، ومع بيان الرفض القاطع لتصريحات ترمب حول تهجير السكان واعتبارها عنصرية ودعوة للتطهير العرقي وتهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية والتنكر للحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، فإن الكرة ستنتقل إلى ملاعب الوسطاء في الأيام القليلة المقبلة قبل حلول السبت، من أجل محاولة إنقاذ صفقة التبادل، حيث يتوقع أن تبذل قطر جهوداً كبيرة في هذا الاتجاه، كما يتوقع وصول مبعوث ترمب ستيف ويتكوف إلى المنطقة، فهل تنجح جهود الوسطاء برأب الصدع، أم أن المؤامرات ستكون أقوى من نافذة المفاوضات؟