في التقرير الذي نشره رئيس تحرير صحيفة (هآرتس ) ألوف بِن، والذي يدعو فيه إلى عدم الاستخفاف بإيعاز وزير الجيش الإسرائيلي لجيشه بإعداد خطة لخروج طوعي للفلسطينيين من قطاع غزة، بموجب المخطط المشبوه للرئيس الأميركي ترمب، رسالة حقيقية محفوفة بالمخاطر وقد تبدو الخطة جدية بشكل كبير، حيث اعتبر المحرر أن هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها إسرائيل عن خطة فعلية لطرد عرب من مناطق تسيطر عليها، معتبراً أن الترانسفير هو سياسة الحكومة الإسرائيلية منذ الآن.
وقال بِن إن خطورة هذه الخطوة الإسرائيلية تنبع من كونها ستقوم على تكليف الجيش بتشجيع هجرة الغزيين طواعية، وذلك من خلال التجويع على سبيل المثال، أو باستئناف القتال، من أجل القضاء على حماس، وهو الهدف الذي حدده نتنياهو العائد من الولايات المتحدة، وعندها تعتقد أوساط إسرائيلية أن صراخ الغزيين سيتصاعد، وستوافق دول العالم على فتح أبوابها للاجئي خان يونس وجباليا.
ويشير المحرر إلى أن التطرف يسيطر على قادة الجيش الاسرائيلي، بعد استقدام يسرائيل كاتس لمنصب الوزير، حيث اعتبر أن إيعازه لرئيس هيئة الأركان هيرتسي هليفي بتوبيخ قائد شعبة الاستخبارات شلومي بندر لأنه حذر من تبعيات خطة ترمب هو بمثابة إعلان رسمي من قيادة الجيش أن تأييد الترانسفير سيكون شرطاً للترقية، وهذا ما يعمل عليه الجيش حالياً، كما قام بذلك الوزير المتطرف ايتمار بن غفير في سلك الشرطة.
وفي الوقت الذي ترتفع فيه وتيرة التحذيرات المصرية والأردنية من تبعيات خطة ترمب الخطيرة على المنطقة، كما ورد في "هآرتس" وإمكانية تموضع إيران في الأردن بعد خسارتها جبهتي لبنان وسوريا، وفقدان الأمن في سيناء، وتعريض اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل إلى الخطر، يذهب المحرر الرئيسي لـ"هآرتس” إلى توصيف سياسة نتنياهو، بشكل لا يقبل التأويل بحكومة يمينية ضيقة تنطوي على اتجاهٍ واضح، لتطبيق تراث الحاخام المتطرف كهانا، وفي مقدمة ذلك: قانون القومية، خطوات الضم ونهب الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وتعبئة قائمة الليكود بالكهانيين، والتحالف مع بن غفير وسموتريتش، وسياسة الطرد والدمار في غزة، ومن ثم في الضفة.
تشير هذه المعطيات إلى المخاطر والتحديات الكبيرة المحدقة بالقضية الفلسطينية، حيث إن تصريحات ترمب، أسالت لعاب الإسرائيليين، وحررت من القمقم الرغبات الخفية لدى كثير منهم، ليشجعوا طرد الفلسطينيين، وعدم الإيمان بحياة مشتركة معهم على نفس الأرض ورفع شعار: "نحن هنا وهم هناك"، في إشارة إلى ضرورة طرد الفلسطينيين، ويعترف المحرر بِن بأن أحد قادة اليسار الصهيوني قال له إن كهانا موجود في قلب الجميع، مشيراً بذلك إلى الحاخام الفاشي الذي يصفه محرر هآرتس بأزعر وهامشي طردته الكنيست، ووريثه في الدفع بفكر الترانسفير رحبعام زئيفي الذي أدين كمغتصب ومجرم، ولكن أفكارهما لم تختف، فبعد جيل ونصف الجيل ها هي تصريحات سموتريتش وبن غفير ونتنياهو نفسه تؤكد أن نهج العقلية الصهيونية، التي يمثلها كهانا، هي السائدة في الشارع الإسرائيلي اليوم.
تحمس نتنياهو للقضاء على "حماس" وعدم استئناف مفاوضات المرحلة الثانية إلا بعد تحقيق هذه الغاية، وتصريحات ومخططات ترمب، وتعليمات كاتس، وتأجيل التصويت على مشروع قانون قدمه الوزير المستقيل بن غفير ينص على طرد الفلسطينيين من غزة، للأسبوع المقبل حتى يتم اتخاذ القرار في جلسة الكابينيت، ومطالبة عدد من الوزراء نتنياهو بفرض السيادة على الضفة الغربية، كلها مؤشرات خطيرة لا يستهان بها، ويجب التصدي لها برؤية ومسؤولية فلسطينية وعربية موحدة وثاقبة، من أجل مواجهة الفكر الكهاني المتغلغل كالسرطان في عقول الإسرائيليين.
شارك برأيك
الترانسفير سياسة إسرائيلية بعقلية كهانية