د. عمرو حسين: جهود مكثفة للتوصل إلى هدنة مؤقتة في غزة قبل تنصيب ترمب.. وإسرائيل لن تقدم أي تنازلات سياسية في هذه المرحلة
نزار نزال: إسرائيل لا تسعى لوقف شامل للحرب وتعتبر الدولة الفلسطينية تهديداً وجودياً وتحاول تفتيت أي جهود لبلوغ هذا الهدف
ياسر مناع: شبه إجماع إسرائيلي على قبول صفقة جزئية ورفض أي حديث عن تفاهمات تعطي الفلسطينيين مكاسب سياسية طويلة الأمد
عماد موسى: حكومة نتنياهو ليست معنية بإقامة دولة فلسطينية بل تسعى إلى تحقيق هدوء مؤقت يسمح لها بالتركيز على قضايا أُخرى
محمد هواش: ربط محادثات بشأن الصفقة بأي خطوات نحو إقامة دولة فلسطينية أو تطبيع العلاقات مع إسرائيل أمر بعيد عن الواقع
تشهد المنطقة تحركات دبلوماسية مكثفة مع الحديث عن إمكانية التوصل إلى صفقة في قطاع غزة قريباً، فيما يجري الحديث عن صفقات متسلسلة تشمل إقامة دولة فلسطينية والتطبيع مع إسرائيل.
وتتزايد المؤشرات حول إمكانية التوصل إلى صفقة خلال الأسبوعين المقبلين، فوفقاً لوسائل إعلام إسرائيلية، يجري الحديث عن ترتيبات تتعلق بوقف إطلاق النار في غزة، تزامناً مع وصول مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) إلى الدوحة لمتابعة تطورات الصفقة. وبالتزامن، وردت تقارير تفيد بأن فريق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب تلقّى رسائل سعودية تشدد على أن التطبيع مع إسرائيل لن يتحقق إلا بعد وقف الحرب على قطاع غزة.
ويوضح كتاب ومحللون ومختصون، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، أن صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة تتضمن هدنة مرحلية ووقفاً لإطلاق النار في القطاع، وتزامناً مع ذلك وصلت جهود الولايات المتحدة إلى ذروتها، إذ تؤكد تقارير أمريكية وجود ضغوط على إسرائيل، فيما يتابع مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تحركات متعلقة بالصفقة خلال زيارته إلى الدوحة، لكن التساؤلات تبقى مفتوحة حول طبيعة هذا الاتفاق، ومدى استعداد إسرائيل للانسحاب الكامل من غزة وتحقيق وقف دائم للحرب.
من جانب آخر، يجري الحديث عن جهود إقامة دولة فلسطينية، لكنّ الكتاب والمحللين والمختصين يرون أن هناك عقبات كبيرة أمامها، إذ أصدرت إسرائيل قوانين تُجرّم أي محاولات للتوصل إلى اتفاق يُفضي إلى هذا الهدف.
ويشيرون الى أن حكومة بنيامين نتنياهو تصر على أن إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 تشكل تهديداً وجودياً، ولذا فهي لا تبدي أي استعداد لتقديم تنازلات، خاصة مع تركيز السياسات الإسرائيلية على الضم والسيطرة في الضفة الغربية.
أما على صعيد التطبيع، ووفقاً للكتاب والمحللين والمختصين، فتظهر مؤشرات بأن الموقف السعودي الرسمي يربط التطبيع مع إسرائيل بتحقيق خطوات ملموسة نحو وقف الحرب في غزة وتحقيق تقدم في المسار السياسي الفلسطيني.
وبحسب الكتاب والمختصين، فإنّ هذه التطورات تضع المنطقة أمام مفترق طرق، بين تهدئة مؤقتة قد تطول، واستمرار الغموض حول تحقيق حلول شاملة تعالج جذور الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
فجوات كبيرة تعيق الوصول إلى اتفاق
يرى الكاتب والمحلل السياسي المختص بالعلاقات الدولية والاستراتيجية د.عمرو حسين أنّ هناك جهوداً مكثفة لوقف الحرب في قطاع غزة قبل تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب في 20 كانون الثاني/يناير المقبل.
ويشير حسين إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل بجد للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، ما قد يتيح الفرصة لبدء مرحلة من التهدئة المؤقتة وإعادة ترتيب الأوراق.
ويوضح حسين أن التقارير الأمريكية تُظهر وجود فجوات كبيرة بين حماس وإسرائيل تعيق الوصول إلى اتفاق نهائي، بل اتفاق جزئي.
ويعتقد حسين أن شكل التسوية حتى اللحظة غير واضح، حيث لم تُحدد بعد جميع بنود الاتفاق، ومع ذلك، فإن المفاوضات قد تؤدي إلى هدنة تمتد لمدة 60 يوماً تشمل وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. لكن الانسحاب الإسرائيلي المتوقع سيكون جزئياً، دون أي إشارات إلى انسحاب كامل من القطاع.
ويؤكد حسين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد دمر كل شيء في قطاع غزة ولم يعد لديه أهداف عسكرية جديدة، كما أن العدوان الإسرائيلي أسفر عن استشهاد 45 ألف فلسطيني وإصابة 130 ألفًا آخرين، ما يجعل قطاع غزة منطقة منكوبة بالكامل.
وفي ما يتعلق بشأن أي صفقة أو اتفاق يتضمن إقامة الدولة الفلسطينية، يشير حسين إلى أن إسرائيل لن تقدم أي تنازلات سياسية في هذه المرحلة، حيث أن الكنيست الإسرائيلي أصدر قرارًا يمنع إقامة دولة فلسطينية مستقبلية، باعتبار أن قيام دولة على حدود 1967 يشكل تهديدًا لأمن إسرائيل.
وفيما يتعلق بالدور الإقليمي، يشير حسين إلى الجهود المصرية الحثيثة لوقف الحرب، حيث تلعب القاهرة دورًا محوريًا بما يتعلق بالصفقة، كما أن زيارة مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز إلى الدوحة كلها تعزز قرب التوصل لاتفاق بشأن الصفقة، كما أن هذه الزيارات تهدف إلى تعزيز المساعي الدبلوماسية لتحقيق تهدئة في غزة.
ورغم الجهود الدولية المبذولة، يؤكد حسين أن التحدي الأكبر في المرحلة المقبلة يتمثل في إعادة إعمار قطاع غزة.
ويلفت حسين إلى أن قطاع غزة يحتاج إلى أكثر من 100 مليار دولار لإعادة الإعمار، مشدداً على أن إعادة الإعمار تتطلب تنسيقًا دوليًا وجهودًا متكاملة لإعادة الحياة إلى القطاع الذي يعاني من أزمة إنسانية كارثية.
ويشير حسين إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد اتفاقاً أولياً يخفف من حدة التوتر، لكنه لن يكون الحل النهائي للصراع.
ويؤكد حسين أن أي تهدئة ستكون مؤقتة ما لم يتم معالجة الأسباب الجذرية للأزمة، مشيرًا إلى أن إعادة الإعمار وضمان استقرار طويل الأمد يتطلبان دعمًا دوليًا كبيرًا وقرارات سياسية شجاعة.
حراك دبلوماسي مكثف وتحركات نحو صفقات إقليمية كبرى
يرى الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي وقضايا الصراع نزار نزال أن المنطقة تشهد حراكاً دبلوماسياً مكثفاً، وسط تحركات واضحة نحو صفقات إقليمية كبرى.
ويشير نزال إلى أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب بدأ عملياً العمل على أجندته السياسية قبل تسلمه رسمياً منصبه في 20 كانون الثاني/ يناير المقبل، ويبدو أن هناك ضغوطاً مكثفة ومباشرة من الولايات المتحدة على إسرائيل، وهو ما يظهر في تغيّر نبرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتصريحاته، التي أصبحت أقل حدة مقارنة بما كانت عليه خلال الأشهر الـ14 الماضية.
ويوضح أن المشهد في قطاع غزة يتجه نحو تهدئة مؤقتة على مراحل، لكنها محكومة بجدول زمني محدود.
ويعتقد نزال أن إسرائيل لا تسعى إلى وقف شامل للحرب في غزة، بل إلى وقف إطلاق النار بشكل مرحلي، ما يتيح لها إعادة ترتيب استراتيجيتها في القطاع.
ويرى نزال أن نتنياهو يعتمد على استنساخ تجربة جنوب لبنان، حيث تركز إسرائيل على الانسحاب الجزئي والتمركز في مواقع تسمح باستخدام القوة الجوية والمدفعية عند الحاجة دون الحاجة إلى وجود عسكري دائم.
ويعتقد نزال أن استراتيجية "الهدن المتقطعة" تعكس رغبة إسرائيل في تحقيق أهدافها دون التزام رسمي أو مكتوب مع الفصائل الفلسطينية، وهو ما يُظهر رفض نتنياهو توقيع أي اتفاق شامل لوقف إطلاق النار أو الانسحاب الكامل من غزة، وبدلاً من ذلك، يهدف إلى إدارة الصراع بشكل متقطع لتحقيق أهداف مرحلية، خاصة في ما يتعلق بالإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين مقابل تهدئة مؤقتة.
وفي ما يتعلق بإقامة دولة فلسطينية، يشدد نزال على أن إسرائيل ترفض هذا الخيار بشكل قاطع، موضحاً أن الكنيست الإسرائيلي مرر قراءات متعددة لقرارات تجرّم أي محاولات أو توقيع على اتفاقيات تؤدي إلى إقامة كيان فلسطيني مستقل.
ويرى نزال أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تعتبر إقامة دولة فلسطينية تهديداً وجودياً، وتتبنى سياسات تستهدف تفتيت أي محاولات للوصول إلى هذا الهدف.
ويشير إلى أن المرحلة المقبلة ستكون مليئة بالحراك الدبلوماسي، لكن هذه التحركات لن تصل إلى تحقيق أي اختراق سياسي حقيقي.
تهدئة الجبهات دون إطفائها
ويصف نزال هذه التحركات الدبلوماسية بأنها "مراوغة سياسية"، وتهدف إلى تهدئة الجبهات دون إطفائها.
ويرى نزال أن السيناريو المقبل سيكون عبارة عن تبريد للصراعات مع استمرار "الصراع المتقطع" القائم على الضربات الجوية والمواجهات المحدودة عندما ترى إسرائيل أن هناك تهديداً معيناً.
ويشير نزال إلى أن إسرائيل باتت تنتقل من مواجهة الحركات والفصائل الفلسطينية إلى مواجهة دول إقليمية، متحدثاً عن احتمالية توجيه ضربات إسرائيلية إلى اليمن والعراق في المستقبل القريب، ضمن مساعيها للحد من نفوذ إيران في المنطقة، لافتاً إلى أن إسرائيل قد تستهدف المنشآت النووية الإيرانية كجزء من استراتيجيتها لمواجهة التهديد الإيراني.
ويعتقد نزال أن هذه الخطوات قد تخلط الأوراق السياسية في المنطقة، لكنها لن تحقق استقراراً طويل الأمد.
ويلفت إلى أن الولايات المتحدة وبعض الدول العربية والخليجية تمارس ضغوطاً كبيرة على إسرائيل لإنهاء التصعيد في غزة.
وحسب رأيه، فإن هذه الضغوط تأتي نتيجة غياب أهداف عسكرية واضحة لإسرائيل داخل القطاع بعد الأشهر الأخيرة من العمليات العسكرية، ومع ذلك فإن إسرائيل تفضل إدارة الصراع بدلاً من حله جذرياً، ما يُفسر تبنيها استراتيجية الهدن المتقطعة.
ويعتقد نزال أن المرحلة المقبلة ستكون حساسة للغاية، حيث ستتجه إسرائيل إلى إدارة الصراع بأسلوب "الصراع الرأسي"، الذي يعتمد على جمع المعلومات الاستخبارية وتوجيه ضربات مركزة عند الحاجة، مع الحفاظ على حالة من التهدئة النسبية، لكن نزال يحذر من أن هذه الاستراتيجية قد تؤدي إلى استمرار حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
ويشير نزال إلى أن الهدن المتقطعة التي تسعى إسرائيل لفرضها ليست سوى محاولات لتبريد الجبهات دون حل جذري للصراع.
ويؤكد نزال أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى منع تصعيد شامل مع إبقاء الفلسطينيين تحت الضغط المستمر.
ويرى نزال أن هذه السياسة تعكس رؤية إسرائيلية طويلة الأمد لاحتواء الصراع دون تقديم تنازلات حقيقية، ما يجعل الاستقرار الإقليمي هدفاً بعيد المنال في ظل هذه الأوضاع.
احتمال تحقيق اتفاق مرحلي قد يبدأ بوقف النار
يرى الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي ياسر مناع أن المحادثات المتعلقة بإبرام صفقة تبادل بين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل تشير إلى احتمالية تحقيق اتفاق مرحلي قد يبدأ بوقف إطلاق النار، ثم يتم تنفيذه على مراحل حتى تنتهي الحرب بشكل كامل.
ويوضح مناع أن هناك مؤشرات تفاؤل تصدر عن الإعلام الإسرائيلي وتصريحات الفصائل الفلسطينية، ما يعزز احتمالية التوصل إلى تفاهمات جزئية، ومع ذلك، يظل السؤال الأهم بالنسبة للفصائل الفلسطينية: هل إسرائيل مستعدة لانسحاب كامل من القطاع ووقف دائم للحرب؟
ويشير مناع إلى أن أحد أبرز التساؤلات الإسرائيلية في هذه المرحلة يتعلق بكيفية إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
وتساءل: "هل تريد إسرائيل وجود إدارة خدماتية فقط في غزة، بينما تبقي الأمن بيدها؟" ويوضح أن إسرائيل قد تكون مستعدة لإنهاء الحرب في حال تم التوافق على هذا الشكل من الإدارة، لكنه يشكك في إمكانية تحقيق اتفاق شامل يضمن سيادة فلسطينية كاملة على القطاع.
وفي ما يتعلق بإقامة دولة فلسطينية، يرى مناع أن هذا الخيار بعيد المنال، خاصة في ظل السياسات الإسرائيلية التي تركز على الضم والسيطرة على الضفة الغربية.
ويؤكد مناع أن إسرائيل تعتبر الضم ضرورياً ليس فقط لأسباب سياسية، ولكن أيضاً لأسباب أمنية، خصوصاً بعد أحداث السابع من أكتوبر.
ويلفت مناع إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد محاولات إسرائيلية مكثفة لتثبيت سيطرتها على مناطق "ج" في الضفة الغربية، مع تهميش أي فكرة لإقامة كيان سياسي فلسطيني مستقبلي.
وعلى صعيد المحادثات الجارية بشأن الصفقة، يشير مناع إلى أن الصفقة المرتقبة في غزة قد تكون جزئية وليست شاملة، حيث تنظر إسرائيل إلى الصفقة من زاوية الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين فقط، دون تقديم تنازلات كبيرة.
ويبيّن أن النظرة الفلسطينية للصفقة تختلف بشكل جذري، حيث ترى الفصائل الفلسطينية أن الصفقة يجب أن تشمل انسحاباً إسرائيلياً كاملاً وإنهاءً للحرب.
ويوضح مناع أن إسرائيل حتى اللحظة لا تُظهر أي جدية في مناقشة قضايا سياسية أوسع تتعلق بإنهاء الحرب بشكل شامل أو تقديم ثمن سياسي في مقابل الصفقة.
ويشير مناع إلى وجود شبه إجماع داخل إسرائيل على قبول صفقة جزئية، مع رفض أي حديث عن تفاهمات سياسية شاملة قد تعطي الفلسطينيين مكاسب طويلة الأمد.
ويلفت مناع إلى وجود مخاوف فلسطينية واضحة من احتمال أن تنكث إسرائيل الاتفاقيات بعد التوصل إليها.
وفي السياق، يوضح مناع أن حركة حماس تطالب بتعهدات خطية ومكتوبة لضمان التزام إسرائيل بالاتفاق.
ويشير مناع إلى أن إسرائيل تسعى من خلال هذه التفاهمات إلى إنهاء الحرب في غزة للتفرغ لمخططات الضم والسيطرة في الضفة الغربية.
ويؤكد أن الهدف الاستراتيجي لإسرائيل هو فصل الفلسطينيين بعضهم عن بعض جغرافياً وسياسياً، ما يُعرقل أي إمكانية لتحقيق وحدة وطنية أو إقامة كيان سياسي فلسطيني مستقبلي.
ويرى مناع أن إسرائيل تسعى لتحقيق هذا الهدف من خلال فرض واقع جديد على الأرض في الضفة الغربية، بعد أن تضمن تهدئة الأوضاع في غزة.
ويعتقد مناع أن الصفقة المحتملة في غزة، بالرغم من التفاؤل النسبي الذي يحيط بها، قد لا تكون سوى مرحلة أولى في خطة إسرائيلية أكبر تهدف إلى إعادة ترتيب أولوياتها الاستيطانية في الضفة الغربية.
المنطقة مقبلة على مرحلة من إعادة التشكيل الجيوسياسي
يعتقد الكاتب والمحلل السياسي عماد موسى أن المنطقة مقبلة على مرحلة حساسة من إعادة التشكيل الجيوسياسي، حيث لا تظهر أي نوايا حقيقية للتهدئة أو السلام.
ويرى موسى أن الهدف الأساسي لهذه التحركات هو إعادة رسم الخارطة الإقليمية مع إقصاء مزدوج لكل من روسيا وإيران، بما يمهد الطريق لإحلال إسرائيل كلاعب إقليمي مهيمن، في الوقت الذي تتراجع فيه أدوار قوى إقليمية أخرى مثل مصر.
ويشير موسى إلى أن إسرائيل تسعى بكل ما أوتيت من قوة لتدمير أي فرصة لقيام دولة فلسطينية مستقلة. ويستشهد موسى بالإجراءات الإسرائيلية التي تهدف إلى إبقاء فكرة الدولة الفلسطينية مجرد "حبر على ورق" محصورة في ملفات الأمم المتحدة.
ويشير موسى إلى أن المؤسسة الأممية، التي اعترفت بإسرائيل كدولة كاملة العضوية، تواجه اليوم هجمات إسرائيلية متواصلة لإضعاف دورها في حفظ الأمن والسلام العالميين.
من بين هذه الهجمات، يشير موسى إلى استهداف إسرائيل لموظفي وكالة الغوث (الأونروا)، والهجمات الممنهجة على المدارس التابعة لها في قطاع غزة، إضافة إلى الاستهداف المباشر لقوات حفظ السلام الدولية (اليونيفيل) في جنوب لبنان، كما تتعرض المحكمة الجنائية الدولية لهجوم إسرائيلي ممنهج، يتزامن مع تحركات أمريكية لتفعيل قانون "غزو لاهاي"، ما يعكس تناغماً بين واشنطن وتل أبيب في تعطيل المؤسسات الدولية التي قد تعيق سياساتهما.
ويوضح موسى أن حكومة بنيامين نتنياهو ليست معنية بأي شكل بإقامة دولة فلسطينية، بل تسعى إلى تحقيق هدوء مؤقت يسمح لها بالتركيز على قضايا أُخرى.
ووفقاً لموسى، فإن أولى هذه القضايا هي سوريا، حيث تحرص إسرائيل على تأمين حصتها من المكاسب هناك، بما في ذلك حرية التحرك العسكري داخل الأراضي السورية لملاحقة من تصفهم بـ"التنظيمات الإرهابية". ويشير موسى إلى أن إسرائيل تواصل استهداف مواقع داخل سوريا، ليس فقط عبر القصف الجوي، بل أيضًا من خلال استراتيجيات تهدف إلى تأكيد هيمنتها الإقليمية.
أما القضية الثانية، بحسب موسى، فهي التصعيد المحتمل ضد اليمن وإيران.
ويرى موسى أن إسرائيل، بالتعاون مع الولايات المتحدة وبعض الحلفاء العرب، قد توجه ضربات عسكرية مزدوجة تستهدف مواقع حيوية في العراق واليمن، ما يخلق حالة من الارتباك الإقليمي، حيث أن هذه العمليات تهدف إلى إظهار التفوق العسكري الإسرائيلي وتعزيز قدرتها الردعية.
على صعيد آخر، يرى موسى أن تركيا تلعب دوراً إقليمياً متنامياً، حيث تفوقت على مصر كقوة إقليمية مؤثرة، حيث إن تركيا تسعى إلى اقتسام سوريا عبر تفريغ حلب، القاعدة الاقتصادية الكبرى لسوريا، من سكانها، الذين تم تهجيرهم إلى الأراضي التركية.
ويعتبر موسى أن هذه التحركات تهدف إلى توسيع نفوذ تركيا على حساب القوى التقليدية في المنطقة.
ويشير موسى إلى أن إسرائيل تسعى لتكريس نفسها كالدولة المهيمنة على المنطقة العربية من خلال تحركات عسكرية ودبلوماسية واقتصادية منسقة، بهدف إعادة رسم المنطقة بما يتماشى مع المصالح الإسرائيلية والغربية، مع تهميش القضايا العربية الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
اليمين الإسرائيلي ما زال متمسكاً برفض إقامة دولة فلسطينية
يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد هواش أن التطورات الأخيرة المتعلقة بصفقة تبادل الأسرى والمحادثات حول وقف إطلاق النار المؤقت في غزة، رغم وصولها إلى مراحل متقدمة، لا تعكس تغيراً جوهرياً في مواقف إسرائيل تجاه القضية الفلسطينية.
ويؤكد هواش أن اليمين الإسرائيلي الحاكم ما زال متمسكًا بمبادئه التي ترفض إقامة دولة فلسطينية وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن هذه المواقف تستند إلى خطط توسعية على حساب الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويوضح هواش أن المحادثات الحالية المتعلقة بصفقة تبادل الأسرى تتضمن تفاصيل محدودة، مثل إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في غزة، لا سيما من يحملون جنسيات مزدوجة.
ويشير هواش إلى أن هذه القضية تهم الولايات المتحدة والدول الغربية بشكل خاص، مشيراً إلى أن الصفقة تشمل أيضاً انسحابات جزئية من محاور مثل نتساريم وفيلادلفيا.
مع ذلك، يشدد هواش على أن هذه الخطوات ليست مرتبطة بأي انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة أو وقف إطلاق نار دائم.
ويوضح هواش أن المفاوضات تدور الآن حول التفاصيل الدقيقة المتعلقة بصفقة التبادل، بما في ذلك عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم وتصنيفاتهم، دون أي إطار سياسي واضح لهذه المحادثات.
ويشير هواش إلى أن حركة حماس، التي كانت تطالب سابقًا بانسحاب كامل من القطاع، وافقت الآن على انسحابات جزئية، مما يعكس تغييراً في مواقفها نتيجة الضغوط الميدانية والسياسية.
ويلفت هواش إلى أن فكرة استمرار وقف إطلاق النار لمدة شهرين قابلة للتمديد بناءً على نجاح الصفقة يمكن أن تخلق تغيرات إقليمية ودولية مهمة، ومع ذلك، فإن تحقيق وقف إطلاق نار دائم يعتمد على التطورات التي قد تحدث لاحقًا وليس على أي اتفاقيات موقعة مسبقاً.
ويؤكد هواش أن المحادثات تجري في سياق الرغبات الدولية والإقليمية، خاصة من الولايات المتحدة والدول العربية والإسلامية، التي تسعى إلى إنهاء الحرب وتثبيت وقف إطلاق نار شامل.
ويؤكد هواش أن هناك رغبة داخل المجتمع الإسرائيلي بوقف الحرب، خاصة بعد تحقيق الأهداف العسكرية الرئيسية ونفاد الأهداف العسكرية الإسرائيلية في غزة.
ومع ذلك، يشير هواش إلى أن هناك مخاوف من استئناف الاستيطان في غزة، ما قد يؤدي إلى تفاقم الصراع ليصبح طويل الأمد مع الفلسطينيين.
ومع ذلك، يحذر هواش من أن إسرائيل قد تعيد استخدام سيناريوهات المماطلة وإفشال الاتفاقيات كما حدث سابقاً، خاصة في ظل وجود اتساع بالمعارضة الداخلية في إسرائيل لأي صفقة قد تعتبرها تنازلات.
ويشير هواش إلى أن الإدارة الأمريكية تتعامل بحذر مع هذه التطورات المتعلقة بالصفقة، خشية عدم التزام إسرائيل بالصفقة، ما يُعقد الأمور أكثر.
ويشدد هواش على أن نجاح صفقة التبادل واستمرار وقف إطلاق النار يتطلب التزاماً دولياً وإقليمياً قوياً، وسط الشكوك المستمرة حول نوايا إسرائيل.
ويؤكد هواش أن المشهد الحالي يشير إلى تقدم محدود لكنه محفوف بالمخاطر، ما يجعل جميع الاحتمالات مفتوحة في ظل الأوضاع السياسية والعسكرية المتقلبة.
ويعتقد هواش أن ربط المحادثات الحالية بشأن الصفقة بأي خطوات نحو إقامة دولة فلسطينية أو تطبيع العلاقات مع إسرائيل أمر بعيد عن الواقع.
ويؤكد هواش أن الموقف السعودي الرسمي يرفض التطبيع دون تحقيق مسار موثوق غير قابل للتراجع عنه نحو إقامة دولة فلسطينية، مشيراً إلى أن تجاوز إسرائيل القضية الفلسطينية عبر توسيع نطاق التطبيع مع الدول العربية يمثل أمنيات إسرائيلية لا تعكس الواقع.
شارك برأيك
جهود مكثفة لإتمامها قبل نهاية العام.. صفقة جزئية بلا مكاسب سياسية