في الآونة الأخيرة، توجهت أنظار العالم إلى التوسع السريع في جبهة الحرب بين إسرائيل ولبنان، بالتزامن مع مرور عام على الحرب الإسرائيلية على غزة. في ظل هذه التطورات، يستعد العالم لاستقبال فصل الشتاء البارد والممطر. تشهد الأسواق ازدحامًا بالمشترين الذين يسعون لشراء الملابس الدافئة والأحذية المقاومة للماء، بالإضافة إلى تحضير وسائل التدفئة لمنازلهم. من جانبها، تعمل البلديات على صيانة شبكات تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي لتجنب انقطاع الطرق أو انتشار الأوبئة الناتجة عن تجمع المياه الضحلة.

ومع ذلك، في غزة، تبدو الظروف مغايرة تمامًا. سكان القطاع، الذين أغلبهم نازحون، يعيشون في خيام مهترئة غير صالحة للسكن أو في ملاجئ مكتظة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة. في هذه الظروف القاسية، أصبحت الكهرباء والمياه رفاهية لا يستطيعون الحصول عليها، بينما بات الطهي باستخدام الغاز أو توفر وسائل التدفئة حلمًا بعيد المنال. يبحث النازحون في غزة عن خيام صالحة تقيهم من حرارة الصيف وبرودة الشتاء، وعن موارد أساسية من الغذاء والماء تضمن لهم البقاء على قيد الحياة.

في هذا الإطار، أطلق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة نداء استغاثة إنسانيًا عاجلًا لإنقاذ أكثر من مليوني نازح من مخاطر الشتاء. وأشار إلى أن 100 ألف خيمة من أصل 135 ألفًا أصبحت غير صالحة للاستخدام بسبب تدهورها. كما حذرت وزارة التنمية الاجتماعية من خطر وفاة الآلاف من الأطفال وكبار السن والمرضى نتيجة البرد القارس وغياب وسائل التدفئة والأدوية الأساسية. كما يتزايد القلق من انتشار الأوبئة بسبب تراكم النفايات والمياه العادمة والأمطار.

منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023، دمرت القوات الإسرائيلية حوالي 165,000 متر من شبكات الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار، بالإضافة إلى تدمير شبه كامل لشبكات الطرق وجميع آليات البلدية. ونتيجة لذلك، تجد البلديات والجهات الحكومية نفسها عاجزة عن تلبية احتياجات السكان، خاصة في ظل الحصار المستمر.

ورغم هذه التحديات، يواصل العاملون في بلدية غزة، بالتعاون مع المواطنين والمنظمات الدولية، جهودهم لتنظيف ما تبقى من شبكات الصرف الصحي للحد من الكارثة المتوقعة مع اشتداد الأمطار وانخفاض درجات الحرارة في الأيام القادمة. ويبقى المواطن الغزي على أمل التوصل إلى اتفاق ينصف قضيتهم ويعيدهم إلى حياة خالية من رائحة الموت والدمار.