لغة جسده باحت بأكثر مما تقيّأ به فمُه من أكاذيب، ونطق به لسانُه من ادّعاءات، وما رسمه على وجهه البلاستيكيّ من مشاعر حزنٍ على المحتجَزين الستة، الذين قتلهم بمراوغاته، واستدراكاته، وارتداداته، وألاعيبه المكشوفة، حتى جنرالاته فضحوا سياساته التي لا توصل إلا لمزيدٍ من القتل والتدمير، ما دام مطمئناً بأنه سيُفلت من الحساب.

لن يحصل شيء، ولن تتوقّف الحرب، ولن يعود المحتجَزون، طالما بقي نتنياهو في الحكم.. هذا ما همس به رئيس الموساد لعائلات المحتجَزين، كاشفاً ما يدور في عقل "الحاوي" الذي يضع على صدره شارة الحزن، ويرسم على وجهه مشاعر الفقد، قبل أن تطلب منه العائلات إزالة تلك الشارة المخادعة.

مثلما لا يتوقف اللص عن السرقة إلا إذا سُجن وعوقب، فإنّ نتنياهو لن يتوقف عن أكاذيبه، وارتكاب جرائمه، طالما بقي مطمئناً إلى أنه سيظل بمنأى عن العقاب وسط بيئةٍ دوليةٍ تُشكل دفيئةً له، تُشجعه على الإمعان في ارتكاباته، حتى يبلغ غاياته بتحقيق "النصر المطلق" على الناس، لا على حماس، بما يقوم به من مجازر يومية، ضحاياها من الأطفال والنساء، وتدمير كل عناصر الحياة في القطاع، متخذاً من المحتحزبن ذريعةً لمواصلة خططه وحربه، بينما لا يعبأ بهم، ولا بعائلاتهم، ولا يهمّه مصيرهم.

في جميع الحروب السابقة، كانت الاحتجاجات الداخلية، لا الضغوط الخارجية، منذ حملة "نساء بالسواد" في ثمانينيات القرن الماضي، هي القادرة على وقف الحروب، ووضع حد لاندفاع الجنرالات والسياسيين المتمسكين بتلابيب السلطة.

يعرف نتنياهو أن بايدن لا يملك في ما تبقى من ولايته غير الكلام المكرور، الذي يفتقد لأي تأثير، وأن ما لم يأخذه منه في ربيع قوته، لن يهديه إياه في خريف حكمه، ما يشي بأنّ أي اتفاق على صفقة  تبادل لن يكون قبل نهاية العام، وبعد مجيء الساكن الجديد للبيت الأبيض.

إلى ذلك الحين، فإن أعداد الضحايا ستتزايد بمتواليةٍ هندسيةٍ لا عددية.. والمزيد قادمٌ من "مكرمات" الثعلب، الذي قال له جنرالاته ليس هناك أي مدني قُتل، ولم يُقتل سوى ٢٤ شخصاً...! وفق ما جاء في مؤتمره أمس. نسي الثعلب ما قاله في اليوم الأول من حرب الإبادة أن لا أبرياء في غزة!