أقلام وأراء
الأربعاء 28 أغسطس 2024 10:44 صباحًا - بتوقيت القدس
لعبة كسينجر بالمفاوضات لم تتغير ومنهج جرائمهم مستمر
هناك خطأ شائع يقع فيه ليس فقط هواة السياسة، بل وبعض المحترفين عند تناول السياسات الأميركية في الشرق الأوسط وعلاقاتها مع إسرائيل.
الولايات المتحدة سياسياً، ثقافيا، تاريخياً، وحتى دينياً تشبه إسرائيل إلى حد بعيد، سواء من حيث النشأة، والتطور التاريخي أو بتفسيرات الدين وفق أساطيرهم.
هذا ينسحب أيضاً على المناهج السياسية الحاكمة بالولايات المتحدة. في أمريكا توجد نسخ من تيارات مختلفة كما هو الحال في دولة الاحتلال.
وإن كان معظم هؤلاء جميعاً ينتمون لنفس الفكر الصهيوني، إلا أن لديهم رؤى مختلفة للطريقة الأفضل للحفاظ على المشروع الصهيوني وتمكينه، والذي بات يتحول في نظر العالم الى مشروع ابرتهايد عنصري إلى جانب مضمونه الاستعماري.
منذ انطلاقة المفاوضات فعلاً قبل نحو أسبوع، بغياب حماس، بدأت واشنطن والمتعاونون معها يسربون الأخبار، عن أن المفاوضات جادّة وبنّاءة وتجري في أجواء إيجابية، قبل الإعلان عن أن "الفرق الفنية ستواصل المحادثات خلال الأيام المقبلة والعمل على تفاصيل التنفيذ، بما في ذلك الترتيبات لتنفيذ الجزئيات الإنسانية الشاملة للاتفاق، بالإضافة إلى الجزئيات المتعلقة بالرهائن والمحتجزين ...إلخ ".
من المؤكد أنهم سيمددونها الأسبوع القادم إلى أسبوع آخر، وهكذا دواليك، من أجل تحقيق أكثر من هدف واحد في آن، منع الإيرانيين وحلفاءهم من الرد على ما تعرضوا له من استباحة لسيادة أراضيهم، أو على الأقل تأجيل ذلك حتى تحقيق حشد أكبر عدد ممكن من الأساطيل والقوات الأطلسية في المنطقة، ومحاولات تنفيس قوة الرد وفق معلومات استخباراتية كما حدث بالأيام الماضية قبل اطلاق صواريخ الكاتيوشا وبعض المسيرات، رغم إصابتها بعض الاهداف العسكرية كما أعلنه حزب الله واعترفت به إسرائيل، مما حقق إلى حد ما إحباط قوة الردع الاسرائيلية وتعميق الأزمة الاسرائيلية القائمة والمتدحرجة.
وبالتالي فان الولايات المتحدة ومن خلال وجود رئيس آركان الجيوش الأمريكية في المنطقة، تسعى الى عدم توسع الحرب عشية الانتخابات الأميركية، ومنح نتنياهو أطول وقت ممكن لإكمال مذبحته وإنجاز ما لم يتمكن جيشه من إنجازه حتى الآن بتقديم كل مساعدة ممكنة له او حتى بشراكتة.
اللعبة الأميركية التي اتقنها ثعلب الدبلوماسية الأمريكية هنري كسينجر، هي نفسها ولم تتبدل أو تتغير قاعدة واحدة من قواعدها منذ سبعين عاماً حين دخلت واشنطن إلى عالم الصراع العربي- الإسرائيلي ، حيث يمكن لأي مهتم بالشأن السياسي، إن لم يكن أعمى أو جاهلاً ، ان يكتشف في الحال أنهم يكررون لعبة تمرير الوقت نفسها، دون أي تغيير أو تعديل في أي من قواعدها، بينما يكون الإسرائيليون أنجزوا ما يريدون إنجازه وحولوا الإنجازات إلى أمر واقع على الأرض لا مجال لتغييره أو التراجع عنه الا في حال تحقيق مصالحهم، حتى يصبح ما لنا لهم لوحدهم أو لنا ولهم في أحسن الأحوال.
وهنا لم يكن بإمكان الإيرانيين وحزب الله، من حيث المبدأ، وبغض النظر عن الخلاف او الإتفاق مع مواقفهم ، سوى التجاوب مع مبدأ المفاوضات، وفي نفس الوقت استمرار عمليات الاستنزاف والمقاومة في جنوبي لبنان وايقاع الخسائر بالاحتلال في شتى القطاعات ، كي لا يتم اتهامهم بإحباط ونسف المفاوضات قبل انطلاقها، وبالتالي من أجل عدم اتهامهم بتفويت فرصة لوقف المذبحة التي يتعرض لها شعبنا.
التقدير بأن كل الجهات الأمريكية في كل الأوقات متفقة على نفس التكتيكات لإدارة الصراع، وبالموقف من حماية اسرائيل بجوهرها ودورها، هو خطأ شائع، كما هو أيضا خطأ شائع الاعتقاد بان هناك تفاوتا كبيراً قائما بين الحزبين في الولايات المتحدة بشان حقوق شعبنا الوطنية.
قد يكون هناك تفاوت بتكتيك الإدارة، إلا أن الهدف الاستراتيجي لهم واحد، بغض النظر عن تبدل الرؤساء الذين لا يرسمون سياسات جوهرية لبلدهم أو الحكومات الإسرائيلية التي قد يختلفون مع بعضها في هوامش السياسات لا في جوهرها بشأن المنطقة.
الفارق الوحيد هو أن الجيل الشاب في أميركا ينزع للخلاص من هذه العقيدة، فيما يزداد الأرتباط المتطرف بها لدى الجيل الجديد في إسرائيل الذي يجنح نحو التطرف وممارسة الإرهاب بحق شعبنا وإنكار وجوده.
لا يتعلق الأمر هنا فقط بالمواقف من قضية شعبنا الفلسطيني على مدار القرن الماضي من التاريخ، لكن من معظم قضايا الشعوب التي تعاملت معها الإدارات الامريكية المتعاقبة وتنفيذ الجرائم بحقها منذ نهايات الحرب العالمية الثانية تحديدا.
لذا هناك جهود أمريكية اسرائيلية من أجل إبقاء الوضع كما هو عليه من وضع قائم بوقائعه الجديدة الناشئة، فغزة لم يعد لديها ما تخسره بعد جعلها مكانا غير قابل للحياة، بل قابلا للاحتلال، ولكن إسرائيل لديها أشياء كثيرة تخسرها، وأول هذه الأشياء هي ازمة الفكر الصهيوني الذي يثبت فشله كل يوم ويتحول إلى نظام ابارتهايد عنصري منبوذ من كل العالم ومن بعض يهود العالم أيضا، إضافة إلى تفاقم أزماتها المختلفة، إلى جانب هيبة أمريكا التي فقدتها بهذا الشكل لأول مرة منذ انهيار الاتحاد السوفييتي وهيمنتها الآخذه بالأفول.
من الآن إلى موعد انتخابات الرئاسة الامريكية، لا مكان لأي وقف حقيقي ودائم للنار في غزّة، بل مزيداً من التصعيد الإجرامي هناك وبشراكة أمريكية، وتصعيدا بحق مخيمات الضفة الغربية وباقي مناطقها بما فيها القدس، وهي المساحة المفترضة لمملكة يهودا المزعومة، التي يسعون لإقامتها وتنفيذ رؤيتهم فيها من خلال ما أعلنه الاحتلال أمس الاول من نيته القيام بحملة أمنية واسعة، يبدو انه ابتدأها بمجزرة طولكرم في ذات اليوم.
في هذا الخصوص وفي حال لم نسع إلى تقيم ما جرى وما يجري، ولم نرتق إلى مستوى الاحداث والمسوؤلية الوطنية العليا بكافة متطلباتها التي تحدثت عنها بمقالات سابقة، فإني أجد نفسي متفقاً مع ما كتبه الصديق نبيل عمرو من أن "ذلك سوف يوصلنا أن نقول لقد اُكلنا يوم تمكن المحتل من الاستفراد ببلدنا قطعة قطعة، فلماذا لا نعيد المطالبة بكل قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها قرار ١٨١" ، مضيفا : "إنها فكرة برسم النقاش، لعلنا نَخلص إلى آليات تُخلصنا من سرطان الأحتلال ".
قد يكون هناك تفاوت بتكتيك الإدارة، إلا أن الهدف الاستراتيجي لهم واحد، بغض النظر عن تبدل الرؤساء الذين لا يرسمون سياسات جوهرية لبلدهم أو الحكومات الإسرائيلية التي قد يختلفون مع بعضها في هوامش السياسات لا في جوهرها بشأن المنطقة.
دلالات
تحليل زي ط*** قبل 5 شهر
تحليل سطحي اجوف سيداتي سادتي، هادا كان سفيرنا باليونان..
المزيد في أقلام وأراء
بعد وقف اطلاق النار: المعركة النفسية لا تنتهي
السلطات المتجددة ، أدوات جديدة للهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط .
مروان أميل طوباسي
الوطن العربي بين جحيم ترامب والنهوض؟
د. فوزي علي السمهوري
أهوال جحيم الإبادة
بهاء رحال
صوت الكفاح الفلسطيني العاقل
حمادة فراعنة
ظروف مثالية نحو صفقة التبادل.. وماذا عن الضمانات؟
حديث القدس
الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو
هاني المصري
المقاومة أمر ما حتمي .. ودمشق تعطي للعروبة شكلها
حمدي فراج
ترامب وسموتريتش.. تقاطع أيديولوجي مسيحي أنجليكاني ويهودي تلمودي توراتي
راسم عبيدات
سوريا إلى أين؟
حمادة فراعنة
المغطس مكان عماد السيد المسيح يتوج بتدشين كنيسة كاثوليكية جديدة
كريستين حنا نصر
أسرى فلسطين في معسكرات الموت
حديث القدس
الفلسطينيون بين وعيد ترمب بالجحيم وسعي نتنياهو لـ"النصر المطلق"
اللواء المتقاعد أحمد عيسى
البدائل الوطنية الديمقراطية.. مفتاح التغيير الحقيقي بالمنطقة ولمواجهة الاحتلال
مروان اميل طوباسي
قد تتوقف الإبادة ولكن !
بهاء رحال
رحيل عيسى الشعيبي
حمادة فراعنة
أمريكا تؤسس لعالم جديد وعنيف
د. أحمد رفيق عوض
آفاقُ التربية: نحوَ سُمُوٍّ إنسانيٍّ مُلْهِمٍ
ثروت زيد الكيلاني
حلحلة الانسداد السياسي في لبنان و سوريا، مؤشر لشرق عربي مشرق
كريستين حنا نصر
بوادر اتفاق تلوح بالأفق!
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
ارتفاع حصيلة قتلى حرائق لوس أنجلوس إلى 11 شخصا
غضب واسع من فشل احتواء حرائق لوس أنجليس
الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو
مقتل 4 جنود إسرائيليين جراء تفجير لغم شمال قطاع غزة
أبو ردينة: القيادة سعت منذ اليوم الأول لبدء العدوان على قطاع غزة
قلقيلية: الاحتلال يهدم منزلاً ومحلاً تجارياً ومنشأة زراعية ويجرف أراضي
حماس: قيادة الحركة بحثت مع وزير المخابرات التركي تطورات المفاوضات
الأكثر قراءة
حماس: قيادة الحركة بحثت مع وزير المخابرات التركي تطورات المفاوضات
أوسلو تستضيف اجتماعا دوليا لدعم حل الدولتين
مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.. اتفاق يلوح في الأفق وهذه تفاصيله!
الاحتلال سيستخدم عوائد الضرائب الفلسطينية لسداد ديون شركة الكهرباء
أسر رهائن إسرائيليين في غزة يوجهون انتقادات حادة لوزير المالية
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية (الحلقة الثالثة والأخيرة)
مصادر منخرطة في المفاوضات تكشف لـ"القدس" تفاصيل الاتفاق الذي سيعلن اليوم
أسعار العملات
الأربعاء 15 يناير 2025 8:59 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.63
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.12
شراء 5.1
يورو / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 416)
شارك برأيك
لعبة كسينجر بالمفاوضات لم تتغير ومنهج جرائمهم مستمر