Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الجمعة 23 أغسطس 2024 9:12 صباحًا - بتوقيت القدس

رحل الرفاعي ولم يرحل ظله

توفي يوم 12 آب/ أغسطس الجاري زيد الرفاعي رئيس وزراء الأردن الأسبق، ورئيس الديوان الملكي الأسبق، ورئيس مجلس الأعيان الأسبق. وقد تولى الراحل زيد سمير طالب الرفاعي، خريج جامعة هارفارد، رئاسة الحكومة على فترتين متتاليتين. الأولى كانت من شهر مايو/ أيار 1973 وإلى شهر يوليو/ تموز 1976. والثانية بين شهر إبريل/ نيسان عام 1985 وحتى الشهر نفسه من العام 1989. وبلغ مجموع الحكومات التي كُلف بتشكيلها من الراحل الملك الحسين بن طلال أربعاً خلال ما يقارب سبعة وثمانين شهراً. ولكن فترات حكوماته كانت مليئة بالأحداث والتطورات.


ففي حكومته الأولى حضر بصفته وزيراً للخارجية مؤتمر جنيف للسلام في الشرق الأوسط. وقد ألقى فيه كلمة الأردن التي كانت من أكثر الكلمات شدة وضغطاً على إسرائيل. وفي مذكرة سرية عن المؤتمر نشرت حديثاً من قبل الإدارة الأميركية بيَّنتْ أن موقف الأردن رحب بالسلام، ولكن ضرورات الانتباه إلى الموقف الفلسطيني في الضفة الغربية، والموقف السوري الناقد لأطراف عربية حضرت هذا المؤتمر هو ما دفع بأن تكون الكلمة قاسية.


أما الحدث الثاني فجاء عام 1974 عندما انعقدت القمة العربية في شهر أكتوبر/ تشرين الأول برئاسة الراحل الملك الحسن الثاني ملك المغرب. وقد بذل الحضور ومنهم منظمة التحرير الفلسطينية، والرئيس أنور السادات، وغيرهما ضغوطاً على الملك الحسين لكي يقبل أن تكون منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. وقبل الملك الأردني ومعه رئيس وزرائه زيد الرفاعي بذلك الأمر على كرهٍ منهما.


في عام 1974، عانى الأردن اقتصادياً ارتفاعَ الأسعار فيه، وآثارَ تخفيض سعر الدينار مع الدولار عام 1973، وقبيل تسلم زيد الرفاعي لرئاسة الحكومة للمرة الأولى. وقد سجلت الأسعار عام 1974 ارتفاعاً ولأول مرة في تاريخ الأردن بنسبة 12%. ولذلك تقرر أن تنشأ وزارة التموين منفصلة عن وزارة الاقتصاد الوطني من أجل أن تحتكر استيراد المواد التموينية الأساسية وتراقب الأسعار، وتصر على ضرورة إعلان الأسعار على السلع المعروضة للبيع.

حكومة جديدة بعد قمة الرباط 1974

في ظل هذه الظروف قبل الأردن تحت الضغط الاقتصادي، وشبه الإجماع العربي قرار قمة الرباط 1974، ولكن بعد عودة الملك من المغرب، شكلت حكومة جديدة برئاسة الراحل زيد الرفاعي، وخرج منها ستة وزراء من أصول فلسطينية، واستبدلوا بوزراء من الضفة الشرقية، تعبيراً عن أن قرار الرباط مخالف لشروط الوحدة بين الضفتين والتي أقرها البرلمان الأردني، وصدرت بها إرادة ملكية عام 1950، والتي قضت من جملة ما قضت أن يكون عدد الوزراء متساوياً بين الضفتين.

وفي ضوء الوضع الاقتصادي، تقرر أن يقوم الأردن عام 1975، وبعد انقضاء فترة الخطة الثلاثية الأولى 1973-1975 والتي نفذ معظمها أيام حكومة زيد الرفاعي الأولى، بالتعاون مع الأمير الحسن بن طلال. وقد نجحت في خلق فرص عمل كثيرة، وفي منح الأردن الثقة بأنه قادر على الاستمرار. وقد أعددتُ بحثاً عام 1987 نشره صندوق النقد الدولي بينتُ فيه بالتفاصيل أهمية نجاح الخطة الثلاثية.


وبعدها بدأ الأردن أيام حكومة الرفاعي، بالإعداد لأهم خطة اقتصادية في الأردن خلال الفترة 1976-1980. وكنت أيامها قد عُينت مديراً لدائرة الأبحاث الاقتصادية في البنك المركزي الأردني. ولإعلان الخطة عقد في شهر فبراير/ شباط من العام 1976 مؤتمر دولي للترويج للخطة التي اعتبرت أنجح برنامج اقتصادي نفذه الأردن في تاريخه.

تقارب أردني خليجي

ولكن لما حان موعد البدء بتنفيذها، أصبح واضحاً أن علاقات الأردن أصبحت أكثر ارتباطاً بدول الخليج، وأقل ارتباطاً بنظم الحكم في سورية والعراق. ولذلك تطلب الأمر تغييراً في الحكومة الأردنية، خاصة أن الرفاعي كان قد مضى على حكومته أكثر من ثلاث سنوات شهدت أحداثاً كثيرة. ومنها بداية الحرب الأهلية في لبنان. ولذلك استقالت الحكومة، وعُين مضر بدران رئيس وزراء جديداً للأردن.


وقد كلَّف الملكُ الحسين زيد الرفاعي بتشكيل الحكومة في شهر إبريل/ نيسان 1985. وكان قد مضى في ذلك العام خمس سنوات ونيِّف على الحرب بين العراق وإيران. وقد قام الأردن بناء على طلب من دول الغرب الكبرى، وإلحاح من دول الخليج، أن يقدم الأردن طُرُقَه، وميناءه الوحيد في العقبة ومرافق أخرى لخدمة العراق. وقد شهد الأردن حالة ازدهار نسبي، ولكن حاجاته العسكرية بدأت تتنامى. وقد تلقى الأردن وعوداً من دول كثيرة بسداد ثمن المعدات والأسلحة التي اشتريت بفوائد تجارية قارب بعضها من نسبة 15% على الدولار. وعليه، ارتفع الدين العام الخارجي من 3.4 مليارات دولار عام 1984 إلى 8.2 مليارات دولار نهاية عام 1988.

النفط العراقي مقابل السلع والخدمات

ومع نهاية الحرب صار الأردن يقايض حاجاته النفطية المستوردة من العراق مقابل السلع والخدمات إليه. وقد أثار الأردن القضية في مؤتمر القمة العربية التي عقدت في الأردن في نهايات عام 1987، إلا أن الاستجابة لحاجات الأردن كانت ضعيفة، خاصة أن أسعار النفط خلال العامين 1986، 1987 قد تهاوت من حوالي 45 دولاراً للبرميل حدّاً أقصى إلى 8 دولارات فقط في منتصف العام 1986.


وبعد مؤتمر القمة العربية، بدأت الانتفاضة الأولى في فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي. وعليها، فقد رأى الملك الحسين أن الوقت قد حان لفك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية إبان حكومة زيد الرفاعي. وقد أثار هذا القرار نقاشاً حامي الوطيس في الأردن، ولكنه لم يَعْنِ ما فهمه كثيرون ومنهم منظمة التحرير الفلسطينية- أنه تنازل أردني عن أراضي الضفة الغربية. ولو كان كذلك لكان مخالفة دستورية واضحة.


وفي شهر أغسطس عام 1988 وأثناء عملي رئيساً للجمعية العلمية الملكية كتبت مذكرة بقلم الرصاص إلى الأمير الحسن بن طلال- ولي العهد آنذاك- أحذر فيها من أن سعر صرف الدينار معرض للانهيار خلال أشهر معدودة.


 وقد قوبلت مذكرتي بفتور عندما استدعيت إلى الديوان الملكي العام للقاء الراحل الملك الحسين والأمير الحسن ورئيس الوزراء زيد الرفاعي على مبالغتي في التشاؤم. ولكن مع الأسف جاء عام 1989 ليحمل أنباء انهيار الدينار، وارتفاع الأسعار ثانية بنسبة 25%، ومن ثم حصلت هبة معان حين انقطعت أرزاق كثير من أهلها بعد توقف الحرب العراقية الإيرانية، ومقاطعة الأردن من قبل دول الغرب ودول الخليج، ومحاصرته في ضوء قرارات الغذاء والدواء التي أخذت ضد العراق بعد احتلال الكويت عام 1990. وقد استقالت حكومة الرفاعي بعد أربع سنوات من الحكم.

رجل دولة بكل معنى الكلمة

كان زيد الرفاعي الذي رحل يوم الثاني عشر من هذا الشهر رجل دولة بكل معنى الكلمة. وهو يأتي من عائلة خَدَمَ أربعةٌ منهم رؤساء للوزراء وهم سمير الرفاعي الجد، وابنه زيد الرفاعي، والراحل الشاعر والدبلوماسي عبد المنعم الرفاعي وأخيراً سمير الرفاعي الحفيد (ابن زيد).


عائلة الرفاعي تتمتع بذكاء سياسي خارق، إذ إن أيام حكمهم تكثر الأحداث الإقليمية وتتسارع ما يجعل الأردن في حالة تقلب كبيرة. وهم في غاية الأدب والذوق في التعامل، وهم سادة سياسة الأمر الواقع. وولاؤهم لأصدقائهم كبير وسبّب لهم مشكلات أحياناً، ولكنهم أصحاب أثر كبير على تاريخ الأردن وأهدافه الكبار ومن أشد الموالين للحكم الهاشمي.


كلَّف الملكُ الحسين زيد الرفاعي بتشكيل الحكومة في شهر إبريل/ نيسان 1985. وكان قد مضى في ذلك العام خمس سنوات ونيِّف على الحرب بين العراق وإيران.

دلالات

شارك برأيك

رحل الرفاعي ولم يرحل ظله

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 85)