ليس غريباً أن يُهاجمَ المجرمُ العدالة، ويتهمَ القُضاةَ والمحكمةَ باللاسامية والفاقدة للأهلية، بيد أنّ الغريب والعجيب أن يتحدث الفاجرُ عن الفضيلة، والسارقُ عن الأمانة، والباطلُ عن الحق. ولعلّ الأكثرَ دهشةً وغرابةً أن يجدَ الـمُهرّجُ القاتلُ مَن يُصفّق وقوفاً لأكاذيبه ويحتفي بجرائمه في دولةٍ أُقيم فيها تمثالٌ للحرية، ونصّبت نفسها معياراً ومسطرةً تقيس بها القيم والأخلاق والعدالة والإنصاف والشفافية.
مُخجلٌ ومُشينٌ مشهد النواب الأمريكيين الـمُحتَفين بمن جاءهم بيدَين مُلطخّتين بدماء الأطفال والنساء والشيوخ في قطاع غزة. «لا قتلى ولا جرحى ولا بنايات مُهدّمة، فالمقتلة مُعقّمةٌ من كل إثم»، كما يصفها القاتل دون أن يرفّ له جفن.
أحسنَت صنعاً كامالا هاريس، المرشحة الرئاسية عن الحزب الديمقراطي، لرفضها حضور حلقة التهريج، مثلما النائب المحترم المرشح الرئاسي السابق بيرني ساندرز، وغيره من النواب الأمريكيين الذين قاطعوا الخطاب، ووصفوا نتنياهو بـ«مجرم الحرب».
إذا كان من خيطٍ يلظم ما يُمارسه نتنياهو في قطاع غزة من جرائم مُروّعة، وتصفيق النواب في الكونغرس للمقتلة، فهو خيط الدم الـمُمتدّ من الشابورة إلى واشنطن، وهو الخيط الذي يجعل النواب الـمُصفّقين الصفيقين شركاءَ في الجريمة وفي العقوبة.
شارك برأيك
الكذاب الأشِر!