عشية إعلان محكمة العدل الدولية رأيها الاستشاريّ في القضية المرفوعة أمامها حول الوضع القانونيّ للأراضي المحتلة، تأتي مصادقة الكنيست الإسرائيلي، بالأغلبية الساحقة، على مشروع قرارٍ يرفض بشدةٍ إقامة دولةٍ فلسطينية، بين النهر والبحر. القرار يُشكّل تتويجاً لسلسة إجراءاتٍ عمليةٍ خلال السنوات القليلة الماضية، وتمّ خلالها فرض وقائع على الأرض بغطرسة القوة، غيّرت معالمها، وقطّعت أوصالها. إجراءاتٌ توسّعية، وعملياتُ سيطرةٍ على الأراضي، بإطلاق الاستيطان الرعويّ، وتهجير التجمعات البدوية، وتدمير الممتلكات، ومصادرة الآليات الزراعية، وتكثيف عمليات الهدم والتجريف على نحوٍ لم يسبق له مثيل، عقب تولي سموتريتش المسؤولية عن "الإدارة المدنية" في الضفة الغربية.
لعل أبرز ردود الفعل الباعثة على السخرية، والـمُعبّرة عن سماجةٍ سياسية، الموقفُ الرخوُ للخارجية الأمريكية، حيث أعربت عن "عدم سرورها من القرار، إذا كان يتعارض مع حلّ الدولتين"!
في ضوء ما يجري من عمليات تقتيلٍ وترويعٍ وإبادةٍ جماعية، تتوالى فصولُها الدمويةُ يومياً في قطاع غزة، وما يُوازيها من تصعيدٍ استيطانيّ في الضفة الغربية، وخنقٍ اقتصاديّ، وانغلاقٍ في الأُفق السياسيّ، فإنّ سؤال "ما العمل؟" يُطرَحُ اليوم بكل نتوءاته الحادة، من القاعدة إلى رأس الهرم السياسيّ، أمام كلّ هذا الذي يجري، من تقويضٍ كاملٍ وعلنيّ للدولة الفلسطينية، وممكنات إقامتها واقعاً عملياً على الأرض.
ألا يستدعي الحال الذي يُغني عن السؤال إلى تداعٍ عاجلٍ لجميع المؤسسات القيادية العليا، للبحث في المصائر والمآلات، بعدما لم يتبقَّ من أوسلو غير العاصمة النرويجية، وبعدما أصبح كلّ شيءٍ منبثقٍ عنها كباقي الوَشمِ في ظاهر اليد؟!
شارك برأيك
لم يتبقَّ من أُوسلو سوى العاصمة النرويجية