Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الثّلاثاء 09 يوليو 2024 9:31 صباحًا - بتوقيت القدس

(زاوية مع الحياة) ممارسة شكر الذات

تلخيص

يكدح الإنسان في هذه الحياة الأرضية، ويرهق نفسه وجسده وأعصابه وفكره، ويقدم ما يقارب نصف عمره هدية لأبنائه، من خلال تربيتهم وتعليمهم ومتابعة شؤونهم، وقد ينسى الإنسان أو يتناسى في غمار هذه الرحلة من الكدح والعطاء المتواصل، أن عليه الالتفات إلى ذاته ولو قليلا ليبرّها، ويسندها، ويشعرها بالحب، وليربت عليها، ويقول لها شكرا !


في جميع مراحل عمره، يحتاج الإنسان إلى من يقول له: شكراً على جهودك، وعلى عطائك، وعلى تضحياتك.. من قبل كل من حوله، ومن قبل مجتمعه.


ولكن اللافت أن كلمات الشكر والامتنان في بيئتنا العربية والفلسطينية، لا تقال للإنسان كثيراً بشكل منتظم، وممنهج، ومؤسس له ثقافياً واجتماعياً، وإن قيلت، فلا تقال بعرفان حقيقي.


من هنا، يحس الإنسان المعطاء أنه غريبٌ عن ذاته، وعمن حوله، وعن مجتمعه، وأنه مقصّر وما هو بمقصّر، وأنه يعطي كما لو أنه ماكينة صمّاء، فلا يُؤخذ عطاؤه بعين الاعتبار، ولا يكافأ حتى معنوياً.


ويرى علم البرمجة اللغوية العصبية، وهو من أهم العلوم الإنسانية الحديثة، أن أهم إنسان يجب أن يقول لك شكراً، هو أنت لا غيرك !


لأن هذا الشكر الصادر من الذات إلى الذات، يصدر من أعماق أحاسيسك المرهفة التي رافقتك في رحلة التعب والعطاء، وعاشت معك أدق التفاصيل التي أتعبتك، وأحزنتك، وأثّرت فيك. ولأنه صادر من معرفتك الكبيرة والواسعة بما قدمت، وفكرت، واجتهدت، وهو ما لا يمكن لأحد غيرك معرفته وتقديره. لذلك سيكون تأثير شكرك أنت لذاتك على كل عطائها، شكراً ذا فاعلية غير عادية، في إسنادها ومدها بطاقة معنوية ومادية مذهلة.

ولا يكتفي علم البرمجة بالتنظير، بل إنه يقدم لك خطوات عملية سهلة تقوم بها، وتحصل على نتيجتها دون تأخير. فهو يقول: قل لنفسك شكراً يا فلان (مهم أن تذكر اسمك) على ما قدمت من أعمال وجهود طيلة الأعوام العشرين، أو العشرة.. الماضية، ومهم أن تذكرها بالتفصيل. كذلك من المفيد جداً أن تقدم الشكر اليومي لنفسك على أفعالها البسيطة، وغير البسيطة، فتقول: شكراً لك يا فلان، لأنك أوصلت أبناءك اليوم إلى المدرسة، وشكرا لك يا فلان، لأنك تسوّقت احتياجات البيت، ولأنك قدت سيارتك باتزان، ولأنك اخترت ملابسك بعناية، ولأنك لم تبادل قلة تهذيب معك من غريب عابر في الشارع بقلة تهذيب مماثلة، ولأنك اخترت الحب بدل الكره والعنف في ذلك الموقف.. إلخ.


يجب التنويه إلى أهمية أن تكون وحدك، عندما تقدم الشكر لذاتك، وأن تكون في جو هادىء، وأن تكون نفسيتك مرتاحة، وأن تردّد الشكر بلسانك، أي بصوت مسموع.


والحق أنّي جرّبت تلك الممارسة كثيراً، ولا أزال أمارسها كل يوم. أختلي بنفسي ليلاً، وأراجع يومي، فأشكر ذاتي على ما أحسنتْ، وأقوّمها كذلك إن وقعتْ في أخطاءٍ، بالتنويه لها ألا تعيد ذلك الخطأ، وبتصحيحه إن أمكن، وبمسامحتها كخطوة أخيرة. كل هذا نقوم به في خلوة قصيرة، نتحكم نحن في مدتها حسب أهمية أحداث يومنا، ومدى تأثرنا بها. ولا أزال أعلّمها لغيري، فأحصل ويحصلون منها على نتائج فورية مدهشة، تعينني وتعين كل من أعلمهم تقنية "شكر الذات" على مواصلة رحلة الحياة بتقبّل واسترخاء، وبقدرة أعلى مما لدى كثير من الناس على احتمال أعبائها وصدماتها التي لا تنتهي !


إن قناعتي تتعمق كل يوم أن هذا المخلوق المسمى "إنسان" هو مخلوق عظيم، مكافح وصابر، فحتى ينتصب هذا المخلوق قامة وقيمة وطاقة، فيصبح "جاهزاً" لمواجهة الناس والحياة والعمل، كل يوم، بمظهر سويّ لائق مقبول، فإنه يكون قد مرّ بعشرات أو مئات الصراعات داخله وتغلّب عليها !


الله وحده.. يعلم كمّ الآلام والأحزان في قلوب الناس التي لا يمكنكم رؤيتها أبداً (لو فتحتم قلوبهم لأشفقتم عليهم)، وأثر الصراعات المضنية التي يخوضونها كل يوم، في غمار رحلة الحياة الأرضية.


أفلا تستحق ذواتنا الشكر والدعم والإسناد كل يوم، وكل ساعة، إن شئتم، على صمودها الأسطوري في رحلة الحياة العجيبة ؟!


مهما قال لك الآخرون: شكراً.. فلن تكون مثل كلمة شكراً التي تنطقها بفمك أنت، وتوجهها بوعي وبقناعة لنفسك!

الله وحده.. يعلم كمّ الآلام والأحزان في قلوب الناس التي لا يمكنكم رؤيتها أبداً (لو فتحتم قلوبهم لأشفقتم عليهم)، وأثر الصراعات المضنية التي يخوضونها كل يوم، في غمار رحلة الحياة الأرضية.

دلالات

شارك برأيك

(زاوية مع الحياة) ممارسة شكر الذات

نابلس - فلسطين 🇵🇸

محمد قبل 5 شهر

نعم ممارسة الشكر للذات مهمة لكنني والله اعيش تأنيب الضمير اذا اسأت لانسان اوقصرت تجاه انسان ولا اقول لنفسي شكرا اذا احسنت

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 89)