أن تكتب عن قامة اعلامية وطنية، عايشت فترات تاريخية مختلفة، مليئة بالتحديات الجمّة، ليس بالأمر السهل، وذلك من باب اعطائه حقه التاريخي وتسليط الضوء على مسيرته الحافلة ، كي تتعرف الأجيال اليافعة واللاحقة على شخصيّة نوعية، تركت رسالة اعلامية لا زالت تخترق الظلام ويجد فيها المواطن الفلسطيني متنفسا للتعبير عن أفراحه وأتراحه .

كثيرة هي سمات ونجاحات المرحوم أبو مروان، محمود أبو الزلف مؤسس صحيفة "ے" التي كما قلت أعلاه ولدت من رحم المعاناة، ولا زالت تشق طريقها رغم كل الصعاب والتحديات .

من أهم هذه الانجازات قدرة فارس الاعلام الذي ترجل وهو على رأس عمله، على بلورة رؤية اعلامية ثاقبة في استقلاليتها وشموليتها، ورضا الغالبية العظمى من الجماهير عنها عبر حقباتها التاريخية المتلاحقة .

سمة نجاح ثانية اتسم بها هذا الاعلامي الكبير، قدرته على نقل رسالته ورؤيته الى خلفه، اناثا وذكورا، وشريكة حياته الساهرة ليلا ونهارا وبكل حرص على استمرارية النهج الوطني المستقل الذي تبناه. وكأنه كان يستقرئ مستقبل شعبنا، وحالة الارباك والتناحر التي يعيشها هذا الشعب الذي ينتمي اليه فارس الاعلام أبو مروان. نعم ابتعد كليا عن الفئوية والحزبيّة الضيّقة ورهن ذاته ومؤسسته الاعلامية لخدمة شعبه وقضيته العادلة، دون أن يتنازل عن مبادئه المهنية والانسانية، وكم نحن بحاجة الى مثل هذه الرؤية والبصيرة النافذة .

ايمانا بالدور الهام الذي يتبوأه الاعلام في تعزيز السلم الأهلي والدفاع عن حقوق الانسان وخدمة المجتمع بكل أطيافه، حبذا لو يتم اطلاق مبادرة أكاديمية، أبو الزلف للاعلام ، يتم من خلالها تدريب الاعلاميين الشباب على كيفية توظيف الاعلام لمجابه خطاب الكراهية، وتعزيز ولم شمل كل الجهود خدمة للبشرية جمعاء ، ونحن على يقين تام بأن عائلته وأصدقاءه الكثر، لديهم القدرة وحب الوفاء لرد بعض من الجميل لهذه القامة الاعلامية التي تفتقدها ليس فقط الأسرة الاعلامية الفلسطينية ، بل والعربية وحتى العالمية .
ستبقى جهودك وماّثرك خالدة بين الأجيال التي تتلمذت في مدرستك أو ممن يودون السير على خطاك. نم قرير العين، فهاهم الابناء يحملون الراية بكل أمانة وحرص واستقامة، لمواصلة انجاز المزيد مما كنت تصبوا اليه حين بدأت المشوار.