Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الخميس 18 يناير 2024 5:21 مساءً - بتوقيت القدس

"مثول إسرائيل أمام المحكمة الدولية يساهم في شفاء الصدمة التاريخية للفلسطينيين"

 يعتبر مثول إسرائيل أمام المحكمة الدولية خطوةً هامةً في طريق العدالة ومساهمة ضرورية في سبيل تشافي الفلسطينيين من صدمتهم التاريخية المستمرة منذ وعد بلفور مرورا بالنكبة وما تبعها من حروب واعتداءات وانتهاء بالإبادة التي نعيشها الآن والتي عمّقت ووسّعت جراحنا التاريخية إلى حدٍّ لا يلتئم دون تطهير وتطبيب.

 

 لطالما تجاوزت اسرائيل القانون الدولي وتواطأ معها الغرب وفشلت المنظومة الأممية في ردعها ومحاسبتها على الانتهاكات، ولطالما شعر الفلسطيني بالظلم والخيانة والخذلان. إن فلتان إسرائيل على مدى التاريخ من العقاب شكّل شعورا بالعزلة للفلسطينيين وأضعف إيمانهم بالأخوّة الإنسانية وبالعدالة، لذا جاءت المرافعة التي قامت بها جنوب افريقيا – وبغض النظر عن نتائجها- لتصحّح ولو جزئيا ذلك الخلل في منظور الفلسطيني للعالم وذلك لما فيها من تضامن واعتراف وتأييد الذين كانوا بمثابة ترياقٍ للمرارة التي تجرّعناها عبر التاريخ.

 

هناك رمزية إنسانية هامّة لكون المحرّك الرئيسي للمحاكمة الدولية هو دولة جنوب افريقيا، أيقونة التصدي والانتصار على التمييز العنصري والاضطهاد العرقي، حيث أظهرت مرافعتها ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة الفلسطينيين تماهيا مع الحق الفلسطيني واستكمالا لنضالها الإنساني وصرخة في وجه الحكومات الغربية والمنظومة الدولية التي سمحت بالاستبداد العرقي وتلطخت أيديها بدماء الفلسطينيين. فتضامن الإنسان الإفريقي ضحية الماضي، مع الإنسان العربي الفلسطيني ضحية الحاضر، يحرر الفلسطيني من شعوره بالهوان والغياب عن ضمير الانسانية ويبشّرنا  بأنه لا يزال في هذا العالم شيء من الخير ويعزز ثقة الفلسطيني المغدور بأخيه الإنسان ويحافظ على بصيص أملٍ في شيء من الإنصاف والعدالة في هذه الدنيا التي ظلمتنا وأظلمت علينا منذ قرن.

 

يؤمن معظم الفلسطينيين بالعدالة الإلهية ومحكمة السماء، ولكننا ندرك أيضا أن هذا الإيمان يجب أن لا يكون عائقًا أمام السعي الحثيث لتحقيق العدالة على وجه الأرض، ففي هذا السعي ما يحررنا من العجز والذنب والقهر.

 

 تكمن أهمية المحاكمات الدولية في إعلاء صوت الضحايا مما يرمم أشلاءهم النفسية ويجعلهم ناجين فاعلين، وفي تقديم المسؤولين عن الجرائم ليدفعوا ثمن صنيعهم، فلا تمرّ جرائمهم دون عواقب، مما يشكّل رادعا لهم ولغيرهم عن اقتراف المزيد منها.

 

 بالأمس القريب خرج المصريون إلى الشارع يهتفون "عملوها أحفاد مانديلا، واحنا في عار وفي خوف ومذلة..." ربما ردا على تبجّح فريق الدفاع الاسرائيلي في ادعائه براءة بلاده وأن مصر هي من يغلق حدود غزة ويمنع المساعدات عنها. وكذلك تشجعت ناميبيا لتضم صوتها مؤيدة لجنوب افريقيا ومناوئة لألمانيا التي أيدت اسرائيل في إبادتها للفلسطينيين، وكأن في فعلها ذاك ما يكفّر عن ذنبها في إبادة اليهود وغيرهم من البشر. فما كان من ناميبيا إلا أن ذكّرتها بالذي كان من جرائمها بحق الشعب الناميبي، فشكرا لجنوب أفريقيا وللمحكمة التي تكشف كواليسُها ومداولتُها العدوَّ من الصديق.

 

كما أن تضامن دولة جنوب افريقيا مع فلسطين بهذه المحكمة يؤمّلنا بتضامن واسع شبيه بالحركة العالمية لمقاومة التمييز العنصري، لذا يجب على الفلسطينيين والداعمين لهم استغلال هذه اللحظة التاريخية والاستمرار بالعمل في كل الأطر المختلفة وبكل الوسائل المتاحة، سواء كانت مهنية دبلوماسية نقابية أو قانونية، أو من خلال ضغط الشارع، للتأكيد على حقوق الفلسطينيين والتبليغ عن معاناتهم والتصدي لمضطهديهم. آخذين بعين الاعتبار أن ذلك يتطلب تضافرا للجهود وثباتا في مواجهة التحديات وصبرا جميلا حتى ولو طالت الطريق. يمكن أيضا أن تكون هذه المحاكمات محفزًا للتحول نحو السلام الحقيقي المبني على العدالة، ومساهمة في تهيئة الظروف للتسوية الدائمة وإقامة حقوق الفلسطينيين. إنها لحظة ملهِمة لتفعيل حركة دولية قوية تدعو إلى نهاية الاحتلال التاريخي لفلسطين، فقد حان الوقت لرفع الظلم عن الفلسطينيين وتسليط الضوء على الأذى الذي تعرضوا له والمسكوت عنه لعشرات السنين. واجبنا الآن أن لا نتراجع ولا نعتاد الاضطهاد ولا ندخر جهدا -على المستويين الشعبي والسياسي- في الدفع باتجاه تفعيل ذلك الدور لتكون هذه المحكمة التاريخية نهاية للصدمة التاريخية لشعب فلسطين.

دلالات

شارك برأيك

"مثول إسرائيل أمام المحكمة الدولية يساهم في شفاء الصدمة التاريخية للفلسطينيين"

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 82)