أقلام وأراء
الخميس 04 يناير 2024 10:02 صباحًا - بتوقيت القدس
استشهاد العاروري الاغتيال والمرحلة الثالثة لن يغيرا من واقع الهزيمة
تعلم اسرائيل وأجهزتها وكبار مسؤوليها ومحلليها وإعلامييها أن إغتيال القائد القسامي الكبير الشيخ صالح العاروري - أبو محمد -لن يغير في واقع وضع المقاومة شيء، فهم على غباء حساباتهم في حرب الإبادة الحالية، ينجحون أحياناً في قراءة بعضٍ من دروس التاريخ ويعلمونها جيداً. لقد سبق ونجحت أجهزة الاحتلال باغتيال العشرات من القادة من حماس ومختلف الفصائل، وتاريخ الثورة الفلسطينية حافل بسجل الاغتيالات. ينجح العدو تكتيكياً بالاغتيال؟ نعم ينجح، ونجح تاريخياً. يمكنه أن يعتبر هذا (نصراً)؟ بالتأكيد يمكنه فقد حقق هدفاً وضعه لنفسه. ولكنه استراتيجياً لا ينجح، فلا المقاومة تنتهي ولا بروز القيادات الجديدة كذلك. من حماس مثلاً يكاد يكون الصف القيادي الأول برمته شهيداً، من احمد ياسين ومروراً بعبد العزيز الرنتيسي وصلاح شحادة وصولاً للجعبري، وبعدهم ظهر العديد من القيادات التي امتلكت جرأة القيام بعملية طوفان الأقصى، وقلب معالم المرحلة التاريخية هذه رأساً على عقب، والشيخ العاروري من هؤلاء، ومعه السنوار والضيف وعيسى وهنية. أما (انتصاره) هذا فيتحول لخزي، إذ يتقزم أمام هزيمته في القطاع، وعدم قدرته على التقدم متراً واحداً دون دفع ثمن باهظ، ناهيك عن البقاء فيه.
أما الحديث ومنذ اسابيع عن الترتيبات للتقدم للمرحلة الثالثة من الحرب على غزة فيجب قراءته في سياق مجريات الحرب ذاتها بكل تداخلاتها.
من الوجهة العسكرية الصرف ينبغي تأكيد الحقيقة التي يقر بها الاحتلال قبل المقاومة، وهي الفشل المدوّي في تحقيق الأهداف المعلنة للحرب. ليس من هدف قد تحقق وهذا معروف تماماً، بل على العكس تشتد عمليات المقاومة قوة واتساعاً، خاصة في شمال غزة الذي دخلوها منذ أكثر من شهرين، ولم يستطيعوا السيطرة عليه، بل يتعرضون لضربات المقاومة بمختلف أشكالها يومياً. اما الاسرى لدى المقاومة فلم تحرر (العملية العسكرية) كما يسمونها اي أسير، فيما قدرات المقاومة، وهي بالتأكيد تضررت بعض الشيء، إلا أنها لا زالت قادرة على قصف تل أبيب في اليوم 85، وتنظيم الكمائن وتفخيخ الأنفاق وقنص الجنود واقتناص الدبابات والآليات، وبالتالي عليهم إعلان الفشل رسمياً، رغم أن جنرالاتهم المتقاعدين وصحفييهم لم يبخلوا باستخدام هذا التوصيف (الفشل).
والوضع الداخلي غير المواتي نهائياً لحالة حرب يزداد تأزماً، سواء بفعل الخلافات المحتدمة داخل (فريق قرار الحرب)، أو في العلاقة مع الشارع الإسرائيلي، وخاصة مع أهالي الأسرى لدى المقاومة. لقد ازداد وضع التأزم تأزماً إضافياً في وجه نتياهو تحديداً بعد قرار المحكمة العليا بخصوص إلغاء المعقولية، بحيث بات من المنطقي تكرار السؤال، ولكن هذه المرة بقوة أكثر: هل يتجه الكيان للانفجار الداخلي غير المتوقعة مداياته؟. سؤال افتراضي منطقي.
أما على صعيد عالمي فتزداد عزلة إسرائيل، فليس سواه ومعه سيده الأمريكي يدعمون الاستمرار في الحرب، ويرفضون وقف إطلاق النار، وظهر هذا في التصويت الأخير في مجلس الأمن، فيما موقف العديد من الدول الأوروبية، تحول، ولو كموقف لا يتجاوز حدود (الكلام) بالحد الأدنى، للمطالبة بوقف إطلاق النار، وجاءت مطالبة جنوب إفريقيا الصديقة بطلب فحص قيام إسرائيل بالإبادة الجماعية لدى محكمة العدل الدولية لتزيد عزلة الاحتلال أكثر فأكثر، اما الملايين في شوارع العالم فتهتف بحرية فلسطين وسقوط الاحتلال.
ضمن هذا الوضع العسكري والسياسي، والذي هو بالأساس نتاج المقاومة وانجازاتها الميدانية، أضف له تأزم الوضع الاقتصادي، كما يعلن البنك المركزي الإسرائيلي تباعاً، يمكن فهم خطوة الشروع بالحملة الثالثة لما يسمونه (العملية العسكرية).
ماذا يعنون بالمرحلة الثالثة؟ مرة يقولون توقف القصف المكثف والتركيز على العمليات الخاصة والضربات المركزة، من نوع الاغتيالات وضرب مراكز محددة عن بعد، واجتياحات محدودة يتبعها الانسحاب، تقريباً كما يحدث في الضفة الآن. ومرة يقولون الانسحاب من داخل المدن باتجاه (منطقة عازلة)، تطوّق القطاع شمالاً وشرقاً بعرض كيلو أو أكثر، ومرة ثالثة يقولون الاستمرار بالعملية العسكرية من داخل (حدود إسرائيل) لا من داخل غزة،ـ كما اوردت وسائل الإعلام نقلاً عن الجيش.
واضح أن الإرباك سيد الموقف، وتلك ميزة المهزومين الذين يتلقون ضربات يومية ويحاولون جهدهم التخلص من ذلك الواقع، بالضبط كما يتصرفون منذ السابع من أكتوبر، يرتبكون في كل قراراتهم إلا في قرارات الإبادة والإيغال بدماء شعبنا. كل عضو في مجلس الحرب ينطق بشيء يختلف عن الآخر، وكل وزير يصرح برغباته الدموية بطريقته، ولكن الأهم في كل ذلك أنهم يعانون الهزيمة الميدانية، وما تصرفهم هكذا إلا تعبيراً عن تلك الهزيمة.
أما أن يقال ان الانتقال للمرحلة الثالثة هو استجابة لطلب أمريكي، فهذا هو بالضبط ما يمكن اعتباره تعمية على الهزيمة، وبذات الوقت آلية ما نزلت إسرائيل ومسؤوليه عن الشجرة، آلية تقدمها امريكا لانقاذ أداتهم المدللة من حماقات قراراتها.
لا استجابة للطلب الأمريكي ولا اعتبارات تكتيكية عسكرية، بل فض للاشتباك الذي يوقع الخسائر اليومية الكبيرة في صفوفهم داخل المدن والمخيمات وفي محيطهما، وانسحاب المهزوم الذي يموّه هزيمته بالحديث عن المرحلة الثالثة والاعتبارات التكتيكية العسكرية.
أما حديث نتياهو وغالانت المتكرر عن استمرار الحرب والعملية العسكرية فهو هروب للأمام لا أكثر، علماً أن العدوان بالتأكيد سيستمر ولكن سيأخذ اشكالاً جديدة تسعى للتقليل من خسائرهم الميدانية.
يمكن للمستويات السياسية والعسكرية والأمنية أن تتبجح (بالانتصار) الجديد باغتيال الشيخ العاروري، فيقدمون العملية (كصورة نصر عظيم)، فيحاولون تهدأة الشارع والمنتقدين والغاضبين لفشل حربهم وعدم تحقيق أهدافها، ولكن هذا لن ينفعهم، فمنذ شهرين وهم يقدمون صوراً عديدة لم تنقذهم من وحل رمال المقاومة في القطاع، ولم تنقذهم بالتالي من هزيمتهم في الميدان.
استشهاد العاروري مؤلم لشعبنا وخبر أليم بالتأكيد، ولكن سبقه مئات القادة ومئات الألوف من الشهداء، ومسيرة شعبنا لم تتوقف والمقاومة لم تُهزم، والطريق الذي اختطه الشهيد هو ما يتجسد يومياً في القطاع من مقاومة وصمود، وبالتالي لا دخولهم المرحلة الثالثة من حربهم، ولا اغتيالهم الشيخ العاروري سينفعانهم وينقذانهم من هزيمتهم.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
حرب بلا نهاية على غزة
حديث القدس
المبادرة السعودية الجديدة وإيران وحرب غزة
إبراهيم أبراش
404
بهاء رحال
لماذا سيواصل ترامب سياسته في ولايته الأولى ؟
نبهان خريشة
مستقبل السلام في الشرق العربي أرض السلام والأنبياء
كريستين حنا نصر
"الدولة" التي تعبث بالعالم
د. إياد البرغوثي
حرب التجويع متواصلة في غزة
حديث القدس
المجاعة المجاعة!
ابراهيم ملحم
قمة الرياض.. الإرادة السياسية واستقلالية آليات التنفيذ هما الأهم
مروان إميل طوباسي
آليات للانتقال من حالة الهشاشة إلى حالة المناعة النفسيّة
د. غسان عبد الله / القدس
نتائج القمة المشتركة
حمادة فراعنة
عامٌ من طوفان المجازر ولا تزال حرب الإبادة مستعرة
د. رياض العيلة
غزة والإبادة.. الضفة والسيادة
حديث القدس
القمة العربية والإسلامية في الرياض
بهاء رحال
حرب الانبعاث الإسرائيلية
حمادة فراعنة
عودة ترامب والمصير الفلسطيني
جمال زقوت
فرصة قد لا تسنح في خمسين سنة
حمدي فراج
جرائم القتل والفوضى والانهيار مستمرة.. أين الخلل؟!
راسم عبيدات
ترامب والقضية الفلسطينية وإمكانية تحويل الأزمة إلى فرصة
هاني المصري
المؤامرة الإسرائيلية على الدور القطري مرفوضة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
"الدولة" التي تعبث بالعالم
الرئيس عباس: نعمل على وضع آليات لإدارة قطاع غزة تحت ولاية دولة فلسطين ومنظمة التحرير
إحياء الذكرى الـ 20 لاستشهاد الرئيس ياسر عرفات في عدد من المحافظات
مقتل 4 جنود إسرائيليين في معارك شمال قطاع غزة
نتنياهو: حين يصل ترمب سنضم الضفة
القمة العربية الإسلامية المشتركة تدين جرائم الاحتلال المروعة والصادمة في قطاع غزة
"ے" ترصد آلام النازحين وكيف ينام أطفالهم جائعين.. المجاعة تنهش الأجساد الـمُنهكة
الأكثر قراءة
عشرون عاماً في حضرة الغياب.. دماءٌ غزيرةٌ جرت في نهر الحريّة
تداعيات تخلّي قطر عن دور الوساطة على جهود إتمام الصفقة
مقتل 4 جنود إسرائيليين في معارك شمال قطاع غزة
حملة مقاطعة غير مسبوقة للأكاديميين والجامعات الإسرائيلية
وزير الاقتصاد الإسرائيلي: فليذهب القطريون للجحيم
نتنياهو: حين يصل ترمب سنضم الضفة
"الدولة" التي تعبث بالعالم
أسعار العملات
الأربعاء 13 نوفمبر 2024 9:48 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.76
شراء 3.75
يورو / شيكل
بيع 3.99
شراء 3.98
دينار / شيكل
بيع 5.3
شراء 5.29
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%56
%44
(مجموع المصوتين 16)
شارك برأيك
استشهاد العاروري الاغتيال والمرحلة الثالثة لن يغيرا من واقع الهزيمة