أقلام وأراء

الأربعاء 13 ديسمبر 2023 10:03 صباحًا - بتوقيت القدس

صور الخزي والعار في غزّة

لقد أنجز أصحاب القرار في إسرائيل صورًا كثيرة للنصر، فقد قتل عشرات آلاف الفلسطينيّين وجرحوا، وسيعيش آلاف منهم مع عاهات مستديمة، ومئات الآلاف قد هجروا من بيوتهم، ونزحوا إلى خيام جديدة، ها هي مئات آلاف المباني السكنيّة والمؤسّسات قد تحوّلت إلى أنقاض، وقد هدمت عشرات المساجد والمدارس والكلّيّات والكنوز الحضاريّة، وها هم المئات من الرجال بملابسهم الداخليّة، يقفون مستسلمين لجيش إسرائيل، ها هو أحد الجنود يهدي ابنته في يوم ميلادها الثاني قصف عمارة مأهولة، وآخر يهدي صديقه تدمير مدرسة ممتلئة بالنازحين أطلق عليها قذيفة قتلت وجرحت العشرات، وها هم الجنود يتلهّون بهدم مؤسّسات تعليميّة وقضائيّة وغيرها، وآخرون يتلهون بتحطيم السيّارات الخاصّة والمتاجر بجرّافات أميركا وألمانيا العملاقة، وها هي صور الجائعين من النازحين أمام مركز لتوزيع الحساء والأرغفة، وقد هدّهم الجوع، وها هم الغزيّون يدفنون قتلاهم في مقابر جماعيّة.

وها هو "الجيش العظيم" يستعمل الطائرات المقاتلة أيضًا ضدّ أهداف في مخيّمات الضفّة الغربيّة!

إنّها صورة، بل ألبوم من صور النصر الكبير، كلّ هذا دون أن يمسّ العلاقات مع الدول العربيّة الّتي بنت علاقات طيّبة واتّفاقات مع إسرائيل، وما زالت ثابتة على ما كانت عليه، رغم تهويش وتحذير بعضهم، فما هي سوى بضعة أشهر بعد وقف إطلاق النار، حتّى تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل الحرب وأفضل.

العالم يصدر قرارات بوقف إطلاق النار، وتتصدّى أمّنًا الرؤوم بالفيتو.

إنّه انتقام رهيب، لقد أبدنا آلافًا من الأطفال والشبّان، كان يمكن أن يصبحوا مئات الآلاف لو تركناهم يكبرون ويتكاثرون بصورة طبيعيّة بين البحر والنهر!

لقد وضع نتنياهو وحكومته هدفين لهذه الحرب، إعادة المخطوفين والأسرى من غير أيّ صفقة ورغم أنف المقاومة، إنّه يتخيّل الصورة الرائعة للجنود، وهو يسحبون الأسرى في سيّارات الصليب الأحمر، ثمّ الوصول بهم إلى داخل إسرائيل حيث يكون نتنياهو وغالانت وهارتسي رئيس الأركان ووسائل إعلام عبريّة وعربيّة وعالميّة لنقل خطاب النصر.

هذه الصورة لم تحدث بعد، ولكن ممّا لا شكّ فيه، أنّ نتنياهو وغالانت يتخيّلانها في معظم ساعات النهار والليل، وبيبي ينتظر الهاتف الخاصّ من وزير الدفاع ليبشّره بالصورة المشتهاة، يحيى السنوار ومحمّد ضيف والملثّم في إحدى غرف الأنفاق وهم راكعون على ركبهم، وفوقهم رؤوسهم عدد من رجال المهمّات الخاصّة بأسلحتهم، ثمّ الخروج من الأنفاق مع الصيد الثمين ليكون تتويجًا لحرب لم تعرف إسرائيل مثيلة لها منذ تأسيسها، طبعًا كلّ هذه أحلام، فالأسرى لن يحرّروا إلّا بصفقة وكما تقضي سنّة الحروب، الجميع مقابل الجميع، ولا أحد أفضل من أحد، أمّا السنوار أو الملثّم والضيف، فإنّهم بلا شكّ سيختارون الشهادة على أن يستسلموا، وما يجري هو المزيد من الوقت، والمزيد من الدماء وإزهاق الأرواح والمزيد من الخراب فوق الخراب ومزيد من المعاناة في هذا الجحيم، والأهمّ هو كما قال وزير الخارجيّة الأردنيّ إنّ ما تصنعه إسرائيل في هذه الحرب سيخلف حقدًا وكراهية لعدّة أجيال، وهذا صحيح، ومهما بدا أنّ العرب مسالمون ومستعدّون للتسامح والنسيان، إلّا أنّ حجم المجازر الّتي ارتكبت وترتكب ضدّ المدنيّين مع سبق الإصرار والترصّد وبأبشع صورها، من تخريب للمؤسّسات الصحّيّة وغارات على سيّارات الإسعاف وقنص للصحفيّين والمؤسّسات العامّة وقتل للنازحين والتخريب المنهجيّ للأملاك الخاصّة وإذلال الناس وتعرية غير المحاربين الّذين لا همّ نخبة ولا يحزنون، إنّها صور خزي وعار، أيّ مقاتل نخبويّ هذا الستّينيّ المترهّل الجسد!

يجب وقف هذه المحرقة الآن وقبل الآن، فما ألقته هذه العصابة الحاكمة من قنابل على قطاع غزّة يكفي لتدمير قارّة. وعلى هذه العصابة أن تستيقظ من أوهام إنهاء القضيّة الفلسطينيّة، فقد عادت وبقوّة غير مسبوقة منذ بدأ الصراع، ورغم هذا البلاء وهذا الألم، لن يرحل شعب فلسطين، ومن يرفع شعارات "إمّا نحن أو هم"، فهو يعني تأبيد الصراع والقتل، أمّا من يرفعون شعار "نحن وهم" ويعملون لأجل هذا، وإن كانوا قلّة، فقد اختاروا الطريق القويم الّذي لا طريق للشعبين سواه، ومن يحاول تجاهل الآخرين أو التخلّص منهم، فإنّما يكون مجرمًا سفّاحًا ومصيره مثل أمثاله ممّن سبقوه إلى القائمة السوداء من تاريخ البشريّة. عن "عرب ٤٨"

دلالات

شارك برأيك

صور الخزي والعار في غزّة

المزيد في أقلام وأراء

ما أفهمه

غيرشون باسكن

من الاخر ...ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!

د.أحمد رفيق عوض.. رئيس مركز الدراسات المستقبلية جامعة القدس

لم ينته المشوار والقرار بيد السنوار

حديث القدس

الانعكاسات السيكولوجية للحد من حرية الحركة والتنقل

غسان عبد الله

مفاوضات صفقة التبادل إلى أين؟

عقل صلاح

الحرب مستمرة ومرشحة للتصاعد على جبهتي الشمال والضفة

راسم عبيدات

السعودية وولي العهد الشاب: ما بين الرؤية والثوابت

د. دلال صائب عريقات

ملامح ما بعد العدوان... سيناريوهات وتحديات

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

طوفان الجامعات الأمريكية وتشظي دور الجامعات العربية

فتحي أحمد

السردية الاسرائيلية ومظلوميتها المصطنعة

محمد رفيق ابو عليا

التضليل والمرونة في عمليات المواجهة

حمادة فراعنة

المسيحيون باقون رغم التحديات .. وكل عام والجميع بخير

ابراهيم دعيبس

الشيخ الشهيد يوسف سلامة إمام أولى القبلتين وثالث الحرمين

أحمد يوسف

نعم ( ولكن) !!!!

حديث القدس

أسرار الذكاء الاصطناعي: هل يمكن للآلات التي صنعها الإنسان أن تتجاوز معرفة صانعها؟

صدقي أبو ضهير

من بوابة رفح الى بوابة كولومبيا.. لا هنود حمر ولا زريبة غنم

حمدي فراج

تفاعلات المجتمع الإسرائيلي دون المستوى

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الإثنين 06 مايو 2024 10:33 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%21

%5

(مجموع المصوتين 221)

القدس حالة الطقس