أقلام وأراء

السّبت 01 أكتوبر 2022 11:11 صباحًا - بتوقيت القدس

لابيد .. دولة اللادولة !‏

بقلم: الدكتور ناجى صادق شراب


التصريح الأخير لرئيس وزراء إسرائيل في الحكومة الإنتقالية المؤقتة يائير لابيد عن 

تأييده لحل الدولتين ‏وأن قيام دولة فلسطينية مسالمة مصلحة للشعبين وأمن إسرائيل، هذا التصريح والذي سبقه له ‏نتنياهو قبل ذلك والمفارقة أيضا أن نفتالي بينيت في خطابه أمام الجمعية العامة في دورتها ‏السابقة "السادسة والسبعون" لم يأت على ذكر القضية الفلسطينية إطلاقا وكأنها غير موجوده في ‏الفكر الصهيوني وهي فعلا غير موجودة.


تصريح لابيد لا يعني أولا إيمانه بالدولة الفلسطينية، ‏وإنما كان هدفه تحقيق بعض الأهداف الإنتخابية منها تأييده أولا إدارة الرئيس بايدن الذي فعلا ‏إمتدحه، وكسب تأييد عرب الداخل في الانتخابات القادمة وإمتصاص حالة العنف المتصاعدة في ‏الاراضى الفلسطينية . هذه الدولة ليست كما يعتقد البعض، فهي تخضع للمعايير الإسرائيلية ‏والصهيونية. ولا تخضع لمعايير الدولة في المفهوم التقليدي في أدبيات السياسة عن الدولة ‏بأركانها الثلاثة او الاربعة :الإقليم الجغرافي المتواصل والمعروف بحدوده، وتحديد الحدود أمرا ‏مهما لتوفر الركن الثاني السيادة ، بدون هذه الحدود لا معنى للسيادة. العنصر الثالث الشعب ‏بهويتيه الوطنية والقومية والرابع الحكومة والسلطة.


العنصران المهمان الإقليم والسيادة ‏بالمعنى الهوبزي: مطلقة كاملة وغير قابلة للتجزأة وكلية شاملة ، هذان العنصران غير متوفران ‏في الفكر الصهيوني ولا في رؤية لابيد نفسه. أما عنصر الشعب وهو الذي فرض ويفرض على ‏قادة إسرائيل مقاربة الدولة أو الحديث عن حل الدولتين في حل للتعامل مع العنصر الذي يشكل ‏قوة كبيرة ، فلدينا ما يعادل نفس السكان مع إسرائيل من النهر إلى البحر. اليوم يبلغ الفلسطينيون ‏في الضفة وغزة ما يقارب الستة ملايين. إسرائيل من ناحيتها لا تريد العودة لخيار تحمل ‏مسؤوليتهم. وأما خيار السلطة فايضا لم يحقق الهدف منه، من ثم لا خيار امام إسرائيل إلا ‏التلويح بخيار وحل الدولتين من فترة لأخرى.‏


والتساؤلات حول الدولة الفلسطينية كثيرة أهمها لماذا لم تقم دولة تاريخيا ووفقا لنظام ‏الإنتداب؟ بالعودة للمؤتمر الصهيوني الأول والذي نص على قيام وطن قومي لليهود ووعد بلفور، ‏هل معنى ذلك الحيلولة دون قيام الدولة الفلسطينية ؟ وما الهدف من قانون القومية اليهودية ؟ ‏وماذا تعني الأرض في الفكر الصهيوني؟ الإجابة على التساؤلات مجتمعة توضح لنا تاريخيا أن ‏الهدف، هو منع قيام دولة فلسطينية كان مقصودا ومخططا له، منذ وعد بلفور، حيث ليس من حق ‏بريطانيا ولا وزير خارجيتها أن يمنحا الصهيونية أرضا ليست لهم وتحت الاحتلال ، وأخطر ما في ‏الوعد النص الصريح على قيام الوطن اليهودي. والوطن يحمل معنى دولة ولم يحدد هذا الوطن. وتم التعامل مع الشعب الفلسطيني المتجذر تاريخيا والذي لم يأت من الخارج، على أنه مجرد ‏أقليات لهم بعض الحقوق. ووضعت فلسطين قصدا تحت الإنتداب البريطاني لتنفيذ الوعد وترجمته ‏على الأرض تارة بتشجيع الهجرات اليهودية وتارة أخرى بتسهيل نقل الأرض وملكيتها لليهود ‏وتارة ثالثة بتشجيع تسليح الجماعات اليهودية وبناء المؤسسات وصولا للقرار الأممي الذي قدمته ‏بريطانيا بعدما تأكدت من صدوره . ولا ننسى أن الأمم المتحده كانت أوروبية التكوين والتأثير. ولم ‏يتم تحديد حدود هذه الدولة التي اعتبرها بن غوريون خطوة في احتلال كل الأرض وهذا ما ‏تحقق في حرب 1948 التي أضافت بها إسرائيل أكثر من 25 في المائة من مساحتها وفقا لقررا ‏‏181 ولتكتمل هذه المساحة مع حرب 1967 لتبدأ عملية الإستيطان والتهويد وكل هذا برعاية ‏أممية ورعاية الولايات المتحدة وتوظيف "الفيتو" في مجلس الأمن للحيلولة دون فرض أية ‏عقوبات على إسرائيل، لتبقى الشرعية بدون قوة ويبقى مفهوم الدولة الفلسطيمنية فارغا من كل ‏مضامينه السيادية وأقصى ما وصلنا إليه دولة مراقب بدون حق التصويت او العضوية. والنقطة ‏المهمة في هذا التفكير الصهيوني إرتباط فلسطين بسرديات صهوينية مثل أرض بلا شعب لشعب ‏بلا أرض . والأرض الموعودة كلها ترتبط بحق اليهودي أن يستوطن كل فلسطين. وهذا ما ‏تؤكده الخارطة الإستيطانية اليوم وأبتلعت كل الأرض المخصصة للدولة الفلسطينية على حدود ‏‏1967 وهو ما يعتبر تنازلا تاريخيا لم يقنع إسرائيل أنها دولة إحتلال، وهذه هي الإشكالية ‏الكبرى رفض الإعتراف انها دولة إحتلال.


الإشكالية التي واجهت هذا الفكر، هي محافظة الشعب ‏الفلسطيني على وجوده على أرضه حتى في داخل إسرائيل وحفاظه على هويته ونجاحه في بناء ‏مؤسساته الوطنية وقيمه ورموزه الوطنية ونجاحه في إنتزاع إعتراف اكثر من 120 دولة ‏بالدولة الفلسطينية.


هذه الحقائق ‏على الأرض فرضت على لابيد ومن قبله نتنياهو وغيره أنه لا بديل عن قيام الدولة، لكنها دولة ‏بمقاييس إسرائيل، دولة بلا حدود وبلا جيش وبلا نوافذ برية وبحرية وجوية ودولة بلا سيادة،هي دولة بروتوكولية أعلى من سلطة حكم ذاتي واقل من دولة، ودولة لا يحق لمواطنيها ‏العودة لها،ودولة بلا عاصمة وبلا عودة اللاجئين ... دولة تحمل الإسم فقط ، دولة في قلب دولة ‏لها السيطرة الكاملة على الأرض وألأمن. هذا ما يقصده لابيد وغيره.‏
drnagishurrab@gmail.com‏ 

دلالات

شارك برأيك على لابيد .. دولة اللادولة !‏

شارك دون الحاجة الى التسجيل.

يرجى التعليق باللغة العربية.

فريق عمل القدس دوت كوم

مشاركات القراء

إشترك الآن النشرة البريدية آخر الأخبار من القدس دوت كوم
By signing up, you agree to our Privacy Policy

لمحات من الأحداث

طقس القدس

الجمعة

10- 20

السّبت

8- 15

الأحد

8- 14
أسعار العملات
  • دولار أمريكي / شيكل شراء 3.59 بيع 3.61
  • دينار أردني / شيكل شراء 5.06 بيع 5.08
  • يورو / شيكل شراء 3.89 بيع 3.91

الجمعة 24 مارس 2023 5:03 صباحًا

الأكثر قراءة

الأكثر تعليقاً