بقلم: عيسى قراقع
عشية الذكرى الرابعة والسبعين للنكبة الفلسطينية وبتاريخ 11/5/2022 تم إعدام الشهيدة الصحفية مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة على يد جنود الاحتلال الاسرائيلي خلال تغطيتها لاقتحامات ومداهمات مخيم جنين، رصاصة قناص اسرائيلي اصابتها في رأسها ، أصابت رأس الذاكرة وأطفأت عين الكاميرا وصوت الغائبين الحاضرين وأحلامهم الباقية .
رصاصة متفجرة متعمدة دمدمها لم يتوقف منذ النكبة حتى الان ، رصاصة لا زالت تحصد الناس وتواصل فعل النكبة وسياسة التطهير العرقي والجرائم المستمرة المنظمة .
رصاصة في رأس الصحفية شيرين أبو عاقلة ، أيقونة الصحافة الفلسطينية ، وهناك في أزقة مخيم جنين تستيقظ المذبحة ، يسنيقظ أبو جندل،الشهداء يخرجون من تحت الركام والانقاض،الشهداء تلتف حول أعناقهم الكوفيات والبنادق، الجدران خطت عليها عبارات عائدون عائدون .
رصاصة في رأس الذاكرة ، لأن الاسرائيليين أصبحوا غير قادرين على مواجهة ماضيهم الدموي ، النهب والسلب والطرد والهدم والاغتصاب واستبدال شعب بشعب وثقافة بثقافة ، حاصرهم أولاد المخيمات في تل أبيب واللد والناصرة .
رصاصة في رأس الصحفية شيرين أبو عاقلة ، رصاصة في الوعي الفلسطيني الذي لم تحسمه دولة الاحتلال ولم تصهره في حروبها المتتالية ، ظل هذا الوعي صاحيا متمردا متوالدا متجددا لا يفنى ولا ينسى .
رصاصة تقول أن حرب النكبة عام 1948 لم تنتهِ ، لم ينتصر الاسرائيليون في معارك الحرب والابادة ، لم تنفع ازاحة الخط الاخضر بالمستوطنات والشوارع الالتفافية وخلق زمنين متباعدين ولغتين مختلفتين ، لم ينفع قانون القومية والدولة اليهودية النقية ، لم ينفع استبدال حياة بحياة .
رصاصة في رأس الصحفية شيرين أبو عاقلة ، رصاص يأس محتل لم تحقق طموحاته الاستعمارية تلك الاجتياحات والمذابح ومحاولات اخفاء وجه المخيم ، اخيرا عاد فوق دباباته الى مخيم جنين ، لم يجد أن اللاجئين تحولت وجوههم الى مجرد ظلال بعيدة ، وجد أمامه حنظلة الفلسطيني ، بندقية ومفتاح وحجر ، ذاكرة تشتعل بماء الكبريت وحجارة الفقراء ، لم يندثر اللاجئون ويذوبوا في الشتات ، كل الانتفاضات انطلقت من المخيمات .
رصاصة في رأس الذاكرة لان كل مخططات الاستعمار لمحو وشطب المكان والزمان اللفلسطينيين قد فشلت ، الابرتهايد والحواجز والمستوطنات والجدران والمعازل ، القمع والسجون والاعتقالات والاعدامات الميدانية ، صافرات الانذار الاسرائيلية لا زالت تدوي منذ 74 عاما ، الخوف والهلع والهوس وحالة الطوارئ الدائمة .
الشهيدة المقدسية شيرين ابو عاقلة اطلقت صافرتها في ذكرى النكبة ، صافرة من صوت وصورة ، شهادة عالمية وتاريخية عن شعب انتكب في المذابح والموانئ وقيعان البحار ومعسكرات الاعتقال وفي النوم واليقظة ، اطلقت شيرين صافرتها ، فاض دمها ،دم القدس والهبات والانتفاضات ، دم الصلوات المقدسة في باحات المساجد والكنائس .
كاميرا الصحفية شيرين ابو عاقلة أوصلت الحقائق : القتل الجماعي ، جثث الاطفال المعلقة على الاسلاك الشائكة في قطاع غزة ، العنف المنظم والقتل المتعمد على الحواجز وفي الشوارع وعلى الارصفة ، صراخ البيوت المدمرة والينابيع المسروقة ، صراخ اسماء الفلسطينيين المشطوبة ، صراخ الاسرى المقيدين في مؤبداتهم وزنازينهم المظلمة .
رصاصة في رأس الصحفية شيرين ابو عاقلة ، رصاصة في رأس هذا المجتمع الدولي الذي لا زال عاجزا عن انهاء اطول استعمار في التاريخ المعاصر ، رصاصة في اكوام القرارات الدولية المتراكمة ، لم تكن شيرين على منصة الامم المتحدة تطالب وتندد ، كانت في المكان الذي يصنع الكرامة ، كانت في وسط أجيال تحولت الى كتائب متمردة ، حررت الشارع والحارة والعقل والارادة .
كاميرا شيرين أبو عاقلة كانت ترى من خلال اشلاء الضحايا ، تتنفس من رئة الفقراء والمقهورين ، الصور تجمع الاجساد المدفونة ، الصور تقول : الاحياء يعمدون حياتهم بغبار الموتى ويعيشون ، يحيكون ثوبا جديدا لنهار اخر ، يرددون اسماء المواليد على بوابات المقابر ويحتشدون ، رماد الضحية يشعل لهيب الكلام .
كاميرا شيرين ابو عاقلة وصلت الى كل مكان ، حاصرت الاساطير الصهيونية والخرافة ، هتكت الرواية الاسرائيلية وما يسمى طهارة السلاح والدولة الديمقراطية ، كشفت ما تفعله الجرافة والرصاصة والمعاول التوراتية ، كاميرا شيرين أبو عاقلة شوشت أكاذيبهم وذاكرتهم الجماعية ، اثارت اسئلة الهوية ، الكاميرا سجلت تقارير عن وحوش امية منفلتة في الحقول والساحات والبيوت والاماكن المقدسة ، كشفت عن دولة فاشية عنصرية بوليسية اصبحت خطرا على الحضارة الانسانية .
اغتالت دولة الاحتلال الاسرائيلي الصحفية المقدسية شيرين ابو عاقلة لانها رأت : من يكتب برماد جسده حلما في قصيدة
من يوقظ البحر بعملية فدائية
رأت شعبا يقاوم النسيان والحديد
شهيدا يصافح شهيد
اغانٍ في الشيخ جراح وباب العامود
أهازيج للحرية في زنازين المسكوبية
رأت شعبا يحمل أرضه فوق رفاته ويصعد للأعلى
ما أكبر الزفة
طير فلسطيني في منقاره حبة قمح وسنبلة
يمر من فوق جنين ونابلس ورام الله
يصل القدس العاصمة .
OPINIONS
Fri 13 May 2022 10:40 am - Jerusalem Time
The martyr of the Nakba, journalist Sherine Abu Aqelah, a bullet in the head of memory

MORE FROM OPINIONS
Pens down!
Ibrahim Melhem
Rabbis: How Do They Control Israel's Fate?
Translation for "Alquds" dot com
No to a renewed authority in the Israeli-American sense...and for the Palestinian people it means...
Fawzi Ali Al-Samhouri
When the world promotes hope for Mars and ignores the genocide of Palestine
Fadi Abu Bakr
Where are the morals of the world? A year and a half of hunger and...
Ismail Muslimmani
Destroy the destroyer and bomb the bombed
Baha Rahal
The battle of Gaza was not decided by victory or defeat.
Hamada Faraana
Trump is heading toward a national disaster.
Alon Ben-Meir
Palestinian camps and the Israeli-American war on UNRWA
Dr. Hassan Brijia
The U.S. tariff tantrum: A self-defeating trade war
CGTN - "Al Quds dot com)
Negotiations in Muscat… Calculations in Tel Aviv
Al Sharq Al Awsat- "Al Quds" dot com
The Psychology of Gates: The Engineering of Oppression in the Palestinian Geography
Amin Al-Hajj
PLO: Protection Before Reform
Issam Bakr
In the name of the Father, Gaza, and the six murdered brothers
New poem: Al-Mutawakkil Taha
"So Trump Doesn't Make Obama's Mistakes"
Maariv
Why I don’t cheer for Israel’s ‘pro-democracy’ movement
Al Jazeera
A Majority of Americans Views Israel Negatively in wake of Gaza Genocide
juancole.com
Zeev Sternhell: "In Israel, a racism close to early Nazism is growing"
From Le Monde- Translation by "Al Quds.com"
The theory of Israeli illusory security
Dr. Ahmed Rafiq Awad
When officials spread frustration instead of hope!
Baha Rahal
Share your opinion
The martyr of the Nakba, journalist Sherine Abu Aqelah, a bullet in the head of memory