Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

كرم خليل: جدلية الهوية والتحول بين التجربة الفردية والسياق الثوري

الجمعة 21 مارس 2025 12:16 صباحًا - بتوقيت القدس

نورما قوتلي

ولد كرم خليل في المملكة العربية السعودية في 1 مايو 1987، في بيئة تُجسد التنوع الثقافي بين تقاليد سوريا المحافظة وتطلعات الخليج نحو التنمية والتحديث. هذه الثنائية جعلت طفولته وشبابه تجربة استثنائية تتقاطع فيها الأبعاد الفردية والاجتماعية. وكما قال أمارتيا سين: "الهوية ليست سجنًا، بل هي أفق تتعدد فيه الخيارات"، فإن تجربة كرم مع الهويات المختلفة لم تكن عائقًا، بل كانت نافذة لفهم الديناميكيات الاجتماعية والسياسية بين بيئات متباينة.
وجوده بين هاتين الثقافتين جعله يدرك أن المجتمعات تحتاج إلى صياغة هوية تعترف بتقاليد الماضي دون أن تُعطل إمكانيات المستقبل. في هذا الإطار، أصبح كرم قادرًا على التفاعل مع تحديات التنوع الثقافي بمرونة، مما مهد لتوجهه السياسي والاجتماعي لاحقًا.
 البعد الفلسفي: الهوية كعملية ديناميكية
بالنسبة لكرم خليل، الهوية ليست حالة ثابتة تُحدد بالولادة أو البيئة فقط، بل هي عملية مستمرة، كما أشار الفيلسوف هيراقليطس بقوله: "لا يمكنك أن تخطو في النهر نفسه مرتين". الحياة بالنسبة له هي تدفق مستمر من التجارب التي تعيد تشكيل الذات، حيث لا يمكن فصل الفرد عن مجتمعه ولا عن تيارات التاريخ التي تجرّنا إلى التحولات.
في بيئته متعددة الثقافات، لم يكن التنوع مجرد واقع يُفرض عليه، بل كان تحديًا فكريًا يحفزه لإعادة التفكير في معنى الهوية. وكما قال المفكر إدوارد سعيد: "الثقافة هي ساحة صراع دائم"، فإن كرم تعامل مع الهوية على أنها مساحة مفتوحة للنقاش وإعادة التفسير، بدلًا من أن تكون إطارًا جامدًا يُفرض عليه.
 التعليم الأكاديمي وتأثيره على القيادة والتوازن
تعليمه الأكاديمي في إدارة الأعمال كان بمثابة مختبر لفهم العلاقة بين المبادئ الأخلاقية والواقع العملي. ومن هذا المنطلق، نجد صدى لفكر جون رولز حين قال: "العدالة هي أولى فضائل المؤسسات"، حيث سعى كرم لتجسيد هذا المبدأ في قيادته، سواء في النضال السياسي أو في تنظيم المبادرات المجتمعية.
كان لديه قناعة بأن القيادة ليست مجرد إدارة للموارد أو الأفراد، بل هي القدرة على استثمار المبادئ في توجيه العمل. وهنا يظهر تأثير الفلسفة البراغماتية لجون ديوي، التي ترى أن "القيمة الحقيقية لأي فكرة تكمن في نتائجها". في انتقاله من الحراك المدني إلى العمل العسكري، حاول كرم تطبيق هذه الفكرة، حيث لم تكن قراراته مجرد انعكاس للمبادئ، بل كانت نابعة من قراءة متأنية للواقع الذي يفرض خياراته.
 التحول من الحراك المدني إلى العمل العسكري
تحول كرم خليل من النشاط السلمي إلى العمل العسكري لم يكن خيارًا سهلاً، بل كان نتيجة مواجهة مباشرة مع فكرة القوة والحق. وكما يقول نيتشه: "الحياة ذاتها إرادة قوة"، فإن هذا التحول جسّد صراعًا بين القيم المثالية التي آمن بها والإكراهات الواقعية التي فرضها النظام القمعي.
كانت هذه اللحظة تعبيرًا عن الفلسفة السياسية التي ترى أن التغيير أحيانًا يتطلب المواجهة. بالنسبة له، لم يكن العمل العسكري نهاية الطريق، بل أداة مؤقتة لتحقيق هدف أسمى هو الحرية. وهنا، يمكن أن نرى تأثرًا بفكر ماكس فيبر حول "أخلاقيات المسؤولية"، حيث اعتبر أن الفعل السياسي ليس مجرد تحقيق للغايات، بل يتطلب مراعاة للوسائل وظروفها.
 الاعتقال: تجربة وجودية وإعادة تشكيل المفاهيم
لم يكن اعتقال كرم خليل مجرد حدث في مسيرته، بل كان نقطة تحول وجودية جعلته يعيد التفكير في النضال كفعل داخلي وخارجي. وكما قال الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر: "الحرية هي ما تفعله بما تمليه عليك ظروفك"، فإن تجربة السجن كانت بالنسبة له إثباتًا لهذه الفكرة، حيث لم يمنعه القيد الجسدي من أن يظل حرًا في رؤيته وإيمانه.
الاعتقال جعله أكثر إدراكًا لمعنى التضحية ودور الألم في صياغة القيم. في لحظات الوحدة والعزلة، تأمل كرم في التناقض بين القمع الذي يفرضه النظام والحرية التي يعيشها داخليًا. لقد كانت تلك التجربة تعبيرًا عن المقاومة ليس فقط كسلوك سياسي، بل كحالة ذهنية وروحية.
 التنوع اللغوي والثقافي وأثره في التواصل السياسي
إتقان كرم خليل للغات العربية، الألمانية، والتركية، كان أكثر من مهارة؛ فقد مثل وسيلة للتفاعل مع الآخر والاندماج في سياقات اجتماعية وسياسية مختلفة. وهنا نتذكر قول غاندي: "التنوع هو جوهر الحياة"، حيث استطاع كرم بفضل تعدديته اللغوية أن يجسر الهوة بين الهويات المختلفة، مما جعله شخصية قادرة على التفاوض والتواصل.
بالنسبة لكرم، كانت اللغة أكثر من أداة، بل كانت وسيلة لفهم السياقات الثقافية واستيعاب الأبعاد الإنسانية للصراعات. هذه القدرة أتاحت له أن يكون مشاركًا فاعلًا في حوارات متعددة المستويات، داخل الثورة السورية وخارجها.
 جدلية الأهداف الشخصية والطموحات الجماعية
مسيرة كرم خليل تعكس جدلية عميقة بين الفرد والمجتمع، بين الذات والطموح الجماعي. وكما قال هيغل: "الحرية الحقيقية لا تتجسد إلا في العمل من أجل الآخر"، فإن خيارات كرم كانت دائمًا في إطار التفاعل بين طموحاته الشخصية ورغبته في تحقيق تغيير اجتماعي.
النضال بالنسبة له لم يكن مجرد وسيلة لتحقيق أهداف شخصية، بل كان حالة مستمرة من التفاوض بين الذات والتاريخ. في هذا السياق، يمكننا أن نرى تأثير الفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي، الذي أكد أن "كل إنسان مثقف بقدر ما يساهم في التغيير". كرم جسّد هذه الفكرة من خلال تعامله مع النضال كحالة من الالتزام المستمر تجاه المجتمع.

إقرأ المزيد لـ نورما قوتلي ...

شارك برأيك

كرم خليل: جدلية الهوية والتحول بين التجربة الفردية والسياق الثوري

أسعار العملات

الخميس 17 أبريل 2025 1:14 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.69

شراء 3.68

دينار / شيكل

بيع 5.2

شراء 5.19

يورو / شيكل

بيع 4.19

شراء 4.18

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 1078)