
أقلام وأراء
الأربعاء 15 مارس 2023 10:14 صباحًا - بتوقيت القدس
حدود الإفادة الفلسطينية من الاضطراب الإسرائيلي
بقلم:مالك ونوس
بالتزامن مع الأذى والألم اللذين يمكن أن يلحقهما بالفلسطينيين المستوطنون الإسرائيليون، وغيرهم من المتطرّفين الذين زاد تطرّفهم جرّاء وجود حكومة فاشية في قيادة دولة الاحتلال، يعد وجود الحكومة هذه فرصة لإبراز قضية الشعب الفلسطيني، وإظهار أن نضاله لم يعد سوى دفاع عن الوجود في وجه سياسة الاستيطان والتطهير العرقي والمحو الإسرائيلية. ولكن عقباتٍ كثيرة تقف في وجه تحقيق هذا الأمر، ليس بسبب التطرّف الإسرائيلي فحسب، بل بسبب العجز الفلسطيني القائم، غير أن فهماً جديداً وتكتيكاً ناجحاً للقوى الفلسطينية الصاعدة من خارج أطر الفصائل يمكنه تجيير هذا التطرّف لصالحه، عبر الكشف عن الوجه الهمجي الحقيقي "البغيض والمقزّز" خلف قناع ما يسمّونها "الديمقراطية الإسرائيلية".
بعد المجزرة التي اقترفها المستوطنون الإسرائيليون في بلدة حوّارة الفلسطينية، في ليلة الـ26 من الشهر الماضي (فبراير/ شباط)، ردّاً على مقتل مستوطنَيْن فيها، كان التعليق الوحيد من رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، أنه ليس على المستوطنين القيام بالانتقام بأيديهم، ملمِّحاً إلى أن الجيش الإسرائيلي هو من سينتقم لهم. ولأنه لم يكتفِ من مظاهر التدمير في حوّارة وحرق المنازل والسيارات وقتل فلسطيني وجرح آخرين، ولم تخفت شهوة القتل لديه، أرسل نتنياهو جنوده، عصر يوم 7 مارس/ آذار الجاري، إلى نابلس ومخيم جنين لاعتقال منفّذ عملية حوّارة، ولاستكمال ما فعله القتلة في حوّارة تلك الليلة، منفّذاً وعده بالانتقام، فأوقعوا ستة ضحايا إضافيين، لينضمّوا إلى ضحايا المجازر التي ارتكبها الإسرائيليون في نابلس وجنين وغيرهما في الشهرين الأخيرين.
لا تُستغرَب هذه الممارسات عن المستوطنين، ولا عن أكثر حكومة يمينية عرفتها دولة الاحتلال في تاريخها القصير، والتي شكّلها نتنياهو من أقطاب الحركات الدينية العنصرية المتطرّفة، من أجل زيادة التجييش والعداء للعرب، وتمرير كل المشاريع الاستيطانية ومصادرة الأراضي وهدم منازل الفلسطينيين، والحصول على الموافقات لشن الحرب أو الاقتحامات الدموية للأحياء العربية من دون أي اعتراض داخلي. وكانت النتيجة عدة مجازر في أقل من شهرين، راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى، علاوة على هدم المنازل الفلسطينية. أما حين قرّر أحد الفلسطينيين الثأر لشهداء نابلس وغيرهم قرب بلدة حوّارة، فهاجمت قطعان المستوطنين البلدة، وأحرقت المنازل والسيارات، وقتلت وجرحت ناسا آمنين، ثم خرج واحدٌ من أشدّ وزراء نتنياهو تطرّفاً، وهو وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ليدعو إلى "محو حوّارة من الوجود"، وليؤكّد على الوجه الحقيقي للحكومة الإسرائيلية، حكومة الفصل العنصري الديني الفاشية.
لقد أزعج هجوم المستوطنين على حوّارة دول الغرب الأوروبي والأميركي، وشبّهه كثيرون بـ"ليلة البلور" (أو الكريستال) التي حدثت أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، حين هاجم النازيون الألمان منازل اليهود وكسروا زجاج نوافذها. ولم تكد نيران حوّارة تخمَد، حتى خرج سموتريتش بدعوته إلى محوها، مثيراً الاشمئزاز لدى هؤلاء المسؤولين، ومُجبراً الناطق باسم الخارجية الأميركية على التصريح غير المسبوق بأن تلك الدعوة "بغيضة وغير مسؤولة ومثيرة للاشمئزاز"، ثم ورد أن المسؤولين الأميركيين سيقاطعون سموتريتش لدى زيارته الولايات المتحدة. كما أُجبِر الأوروبيون على الخروج ببيانٍ مشترك، فرنسي ألماني إيطالي بولندي إسباني بريطاني، دانوا فيه "عنف المستوطنين العشوائي ضد الفلسطينيين وتدمير ممتلكاتهم".
لماذا يُجبَر الغرب على إطلاق هذه الإدانات غير المسبوقة؟ ممارسات الحكومة الإسرائيلية العدوانية واستهدافها كل فئات الشعب الفلسطيني على أرضه المحتلة، وتدمير قراه ومنازل أبنائه وممتلكاتهم أمام عدسات مصوري وكالات الأنباء العالمية، في ما يرقى لأن يكون جريمة حرب وسياسة تطهير عرقي فاشي تحرج مسؤولي الغرب وتجعلهم غير قادرين على التغاضي عنها، انطلاقاً من الموقف الأخلاقي الذي يُجبرون على الظهور به أمام جمهور ناخبيهم. كما لا يمكنهم السكوت عنها في وقتٍ قال فيه رئيس "الشاباك" (المخابرات الداخلية) السابق، يوفال ديسكين، إنها "إرهاب يهودي"، وشبّهها نشطاء سلام إسرائيليون بالـ"بوغروم" اليهودي ضد الفلسطينيين، أي الهجمات الجماعية التي تجرى بموافقة السلطات أو تغاضيها ضد أقلية قومية أو عرقية أو دينية وإلحاق التدمير واقتراف المذابح بحقها، وقد جرى مرّة ضد بعض اليهود في روسيا القيصرية.
في غياب المشروع الوطني الفلسطيني الجامع، تبرُز الحاجة إلى البحث عن سبلٍ جديدة، أو تفعيل سبل قائمة، سلمية أو حتى عسكرية يجرى إبرازها على أنها رد فعلٍ على وحشية المحتلين. وإذ ترافقت الجرائم الإسرائيلية مع تظاهرات المعارضين الإسرائيليين جهود نتنياهو في الحدّ من صلاحيات القضاء، ما يعتبره المحتجّون هجوماً على الديمقراطية الداخلية، ومزعزعاً للاستقرار، ودافعاً إلى إيجاد بيئةٍ نابذةٍ لرؤوس الأموال لاحتمال تغيير تصنيف الكيان الائتماني، فإن هذا الواقع سيؤكّد دعوات حركة المقاطعة وفرض العقوبات وسحب الاستثمارات (BDS) التي درجت على إطلاقها سنواتٍ عديدة، والتي تدعو إلى فهم حقيقة هذا الكيان العنصري ووجوب مقاطعته. وهي فرصةٌ لهذه الحركة لإعادة طرح أهدافها، خصوصاً بعد استهدافها في أميركا، وبعد أن صنّفتها حكومة الاحتلال أكبر تهديدٍ يواجه دولة الاحتلال بسبب فضحها التعامل الإسرائيلي الوحشي مع أبناء الشعب الفلسطيني. ومع ظهور الوحشية الإسرائيلية جلية أمام أعين الجميع، سيكون سهلاً على الحركة إسماع صوتها لجميع المسؤولين وأصحاب الشركات، وإفهامهم أن استمرار دعمهم الكيان وبقاء استثماراتهم فيه سيزيدان من إجرام الإسرائيليين، وسيحملانهم المسؤولية الأخلاقية، لأن هذا سيكون بمثابة تغاضٍ عن جرائم الإسرائيليين البينة.
بات واضحاً أن المجتمع الإسرائيلي في اضطرابٍ كبير، سيستمر، وقد يتفاعل أكثر، لأن استمرار وجود نتنياهو في الحكومة أصبح بالنسبة له قضية مصير، ولا يمكن أن يتحدّد مستقبله سوى بتنفيذه التغييرات في القضاء التي يحتاجها لمنع محاكمته. كما أن وجوده في الحكومة مشروطٌ بوجود غلاة اليمين الفاشي إلى جانبه في وزاراتها. لذلك من الممكن أن نشهد تصعيداً أمنياً كبيراً، سيترافق مع تصعيد إعلامي وكلامي مشابهٍ لكلام سموتريتش، فاضحاً طبيعة هذا الكيان، وموفّراً فرصة للفلسطينيين وأنصارهم في العالم لتكريس صورته الحقيقة أمام قادة العالم وشعوبه، لإبراز الوجه الوحشي للمحتلين وظلمهم الواقع على الفلسطينيين. وهي فرصةٌ إن كانت الإفادة منها قليلة هذه الأوقات، فلن تستمر كذلك مع المقبل من الأيام.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
أطول ثلاثة أشهر في إسرائيل ماذا بعد؟؟
إحراق الفلسطينيين داخل بيوتهم.. ثقافة استيطانية لها جذورها التاريخية
إسرائيل تنفجر .. حفظت شيئا وغابت عنك اشياء
أبعاد القمة الروسية - الصينية
لا يصح إلا الصحيح
نحو دمقرطة الاتحادات الشعبية الفلسطينية
المسجد الاقصى يناشد الجميع لحمايته
إضرابات النقابات في معادلة الصراع مع الاحتلال
طفلة فلسطينية تدافع عن والدتها بعد ان اعتدت عليها قوات الاحتلال في المسجد الاقصى
شاهد عيان على اعدام قوات الاحتلال للشاب محمد العصيبي في باحات المسجد الاقصى
لحظة اطلاق قوات الاحتلال النار في باحات المسجد الأقصى
هتافات الشبان بالمسجد الأقصى المبارك قبل أذان فجر اليوم
الاعتداء على المتواجدين في باحات المسجد الأقصى
أكثر من ٢٥ ألفاً أدوا صلاة التراويح هذه الليلة في المسجد الأقصى المبارك
مشاهد للاحتجاجات المناهضة للتعديلات القضائية في تل ابيب
كتائب الشهيد أبو علي مصطفى تعلن مسؤوليتها عن عملية حوارة
اللحظات الاولى لعملية اطلاق النار في حوارة
تجمع لقوات الاحتلال في حوارة بعد العملية
إصابة جنديين إسرائيليين في عملية إطلاق نار في حوارة جنوب نابلس
لحظة تنفيذ عملية حوارة مساء اليوم
استنفار لقوات الاحتلال في مكان عــمــلــية إطلاق النار على الشارع الرئيسي في حوارة جنوب نابلس.
استنفار كبير لقوات الاحتلال في حوارة جنوب نابلس بعد عــمــلــية إطلاق النار
من مكان إصابة منفذ عـــمــلــية حوارة برصاص الاحتلال بعد مطاردة قوات الاحتلال له
انتشار جيش الاحتلال في حوارة بعد عملية اطلاق النار
سيارة المستوطنين التي تعرضت لاطلاق نار في حوارة
اعتقال ثلاث فتية فلسطينيين بالقرب من باب الناظر "المجلس" المؤدي للمسجد الاقصى
اسماعيل هنية يتحدث من الجزائر عن الاولويات التي تقوم عليها استراتيجية حركة حماس
“صهيب حسن يوسف” يعتذر للشعب الفلسطيني ويكشف تفاصيل ما جرى معه
القاء زجاجات حارقة على جيبات اسرائيلية في رام الله
استمرار الاعتقالات والاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين ضد نتنياهو
مجزرة في وضح النهار في قلب جنين... ثلاثة شهداء تم اغتيالهم في جريمة مروعة وسط السوق العام
محاصرة مركبة القوات الخاصة في وسط جنين وإطلاق نار عشوائي كاد أن يتسبب بمجزرة حقيقية
فيديو متداول للشهيد نضال خازم
وداع الشهداء في جنين
لحظة اغتيال قوات الاحتلال الخاصة للمقاومين نضال خازم ويوسف شريم في جنين.
افراد القوات الخاصة الاسرائيلية اثناء فرارهم بعد تصفية المقاومين في وسط جنين
غداً الإثنين
23:13°
بعد غد الثلاثاء
27:15°
أسعار العملات
الأحد 02 أبريل 2023 5:56 صباحًا
دولار / شيكل
شراء 3.59
بيع 3.61
دينار / شيكل
شراء 5.06
بيع 5.08
يورو / شيكل
شراء 3.89
بيع 3.91
شارك برأيك
حدود الإفادة الفلسطينية من الاضطراب الإسرائيلي