أقلام وأراء

السّبت 14 أكتوبر 2023 9:24 صباحًا - بتوقيت القدس

النفاق الأوروبي الرسمي: المستعمِرون المسلحون مدنيون، الأطفال الشهداء إرهابيون

لمن كان يتوهم ساذجاً بان الدول الامبريالية، الدول الغربية كمصطلح صحفي ملتبس، يمكن أن تلعب دور الوسيط النزيه، فبنى كل منهجه السياسي على ذلك، لمن كان يقتات من فتات الليبرالية الرأسمالية فينتفخ بريش (ديموقراطيتها) ويحتقر شرقيتنا (المتخلفة)، لمن كان يتقن التسول على أبواب المؤسسات الأوروبية طلباً (لدعم شعبنا) ونفخ جيوبه في الواقع، لكل هؤلاء جاءت حاملات الطائرات الأميركية والبريطانية، ومواقف أميركا وفرنسا وكندا وبريطانيا وألمانيا، لتُظهر حقيقة هذا الغرب الإمبريالي، لمن لم يلتقط سابقاً هذه الحقيقة، وليس كاتب المقالة منهم.
تكشفت حقيقة ديموقراطيتهم لمن خفيت عليه في السابق. يتخذون موقف الداعم والمساند، بل والمشارك في البربرية الصهيونية ضد قطاع غزة، حتى وصل الحد منع اية مظاهر للتضامن مع أطفال غزة. يروجون الأكاذيب الحقيرة عن سلوك المقاتلين الفلسطينيين دون إثبات واحد، فيما كل صور مجازرهم ضد عائلات بأكملها، وضد الأطفال يغض النظر إعلامهم عنها. يشيعون تشويهاً مقصوداً لحقيقة الصراع بأنه حملة من "حماس" ضد المدنيين، لا صراعاً بين شعب مستَعمَر واستعمار صهيوني إحلالي. مستوطنو مستعمرات الكيان، كتجمعات عسكرية منذ نشأتها مطلع القرن العشرين لليوم، هم (مدنيون)، رغم ان كلهم مسلحون من رؤوسهم لأخامص اقدامهم، فيفقدون صفة المدنيين، فيما اكثر من 100 طفل شهيد و30 عائلة مُسحت بالكامل لا يحوزون حسب إعلامهم تصنيف (مدنيين).
لم يتوقفوا عند هذا الحد، بل سارعوا لنجدة كيانهم الاستعماري، أداتهم في المنطقة منذ نشأته، بإرسال حاملات الطائرات والمشاركة الفعلية، عبر التنسيق العسكري والاستخباري، في العدوان على شعبنا. لتسمى الأمور بمسمياتها دون رتوش، وعلى الأقل احتراماً للدم المسفوح: إنه عدوان متعدد الأطراف، تشارك فيه الإمبرياليات الفرنسية والكندية والأميركية والبريطانية والألمانية، ويتسع ليتجاوز تلك الدول، ليضم بين صفوفه أنظمة الرجعية العربية، أنظمة التتبيع التي سعت في اجتماع وزراء الخارجية العرب لإدانه مقاومة شعبنا متجندة للدفاع عن الصهاينة حين أعلنت رفض (المس بالمدنيين من الجانبين)! اية وقاحة هذه تساوي بين مستعمِر مسلح وطفل شهيد؟ لا عذر لمن تفاجأ.
الصراع الدموي بين شعبنا وحركة تحرره من أجل التحرير والعودة، أعادت ذلك الصراع لحقيقته، وحددّت أطرافه من جديد لمن كان يعاني من غباش الرؤية. الإمبريالية الأوروبية والأميركية، والرجعية العربية هم معسكر الأعداء، وبعض من العرب الرجعيين لا تتفاجأوا في لحظة إن اكتشفتم مشاركتهم الفعلية في العدوان، ألم ينظم هذا البعض مناورات عسكرية مشتركة مع جيش الاحتلال، وكذلك تعاون استخباري معلن، وما فائدة كل هذا التعاون العسكري والاستخباري إن لم يكن للحظة السعي للإجهاز على المقاومة، العدو المشترك، وحاضنتها الشعبية كهذه اللحظة؟
إن العداء الإمبريالي الغربي لشعبنا كان وما يزال ركنا رئيسيا في تاريخ الصراع، وقد أعلنها بلينكن صراحة، الذي جاءهم كيهودي لا كوزير خارجية: ندعم إسرائيل أمس واليوم وللأبد! إنه واثق من بقائها للابد فيما الصهاينة أنفسهم غير واثقين بذلك,
ويستمرون في حملة الأكاذيب، وماذا يملكون غير الأكاذيب وحمام الدم؟ ذلك تاريخهم منذ ما قبل العام 48 حتى آخر صاروخ سقط ويسقط على منزل عائلة في غزة، حتى أن رئيسهم استمر في كذبة قطع الرؤوس وحرق الأطفال، كانت كذبة وقحة وغبية معاً لدرجة ان البيت الأبيض نفسه لم يستطع "جمطها" فأعلن اننا لم نر صوراً لذلك، رغم أن بعض الصحافة الامبريالية كررتها كالواشنطن بوست. ومع ذلك، فلا يهم البيت الأبيض وساكنه العجوز ان الصهاينة يكذبون بلا حياء، فهو يعلن صهيونيته، فتلك الأكاذيب تفصيلية صغيرة، فالمهم دعم شرطيهم في المنطقة.
ومع أن الرهان والدور التاريخي هو لعب الكيان دور الشرطي في خدمة أسياده الامبرياليين وضد شعوب المنطقة ونزوعها للتحرر الوطني من الاستعمار والهيمنة، ولعب هذا الدور مراراً، إلا أنه اثبت عجزاً عسكرياً واستخبارياً مفضوحاً يوم 7 اكتوبر الماضي بحيث بات يحتاج لمن يحميه باستدعاء البوارج البريطانية والأميركية، وتجنيد كل الصحافة الامبريالية لنشر الأكاذيب والتشويهات، ولم يجد هذا الكيان المهزوم من وسيلة لرد اجتياح المقاومين العبقري سوى بنك اهداف عنوانه منازل العائلات والاطفال والمؤسسات على مختلف أنواعها. إنه يسعى لاستعادة هيبته بقتل أكبر قدر ممكن وليرفع معنويات مستعمريه. ليس هذا بجيش مَنْ عمله العسكري ضمن هذا التوجه، فأي (عمل عسكري) هذا ان تجوّع 2 مليون وتقطع عنهم المياه والكهرباء والدواء، قبل وبعد مسح عائلات بأكملها. إنه سلوك الفاشيين العنصريين دون رتوش.
الامبريالية الأوروبية والأميركية هي هي، فقط اليوم تظهر بكامل وقاحتها العنصرية المعادية، والرجعية العربية ايضاً هي هي، لا تخجل من عدائها للمقاومة، فقط على المراهنين على كل هؤلاء أن ينفضوا ايديهم، وعلى شعبنا ان يرفض التعاطي معهم وكأن شيئاً لم يكن، ورفض التعاطي يعني رفض التعامل مع مؤسساتهم و(تمويلهم) التخريبي، لا بل محاصرتهم وطردهم من وطننا.

دلالات

شارك برأيك

النفاق الأوروبي الرسمي: المستعمِرون المسلحون مدنيون، الأطفال الشهداء إرهابيون

المزيد في أقلام وأراء

ما أفهمه

غيرشون باسكن

من الاخر ...ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!

د.أحمد رفيق عوض.. رئيس مركز الدراسات المستقبلية جامعة القدس

لم ينته المشوار والقرار بيد السنوار

حديث القدس

الانعكاسات السيكولوجية للحد من حرية الحركة والتنقل

غسان عبد الله

مفاوضات صفقة التبادل إلى أين؟

عقل صلاح

الحرب مستمرة ومرشحة للتصاعد على جبهتي الشمال والضفة

راسم عبيدات

السعودية وولي العهد الشاب: ما بين الرؤية والثوابت

د. دلال صائب عريقات

ملامح ما بعد العدوان... سيناريوهات وتحديات

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

طوفان الجامعات الأمريكية وتشظي دور الجامعات العربية

فتحي أحمد

السردية الاسرائيلية ومظلوميتها المصطنعة

محمد رفيق ابو عليا

التضليل والمرونة في عمليات المواجهة

حمادة فراعنة

المسيحيون باقون رغم التحديات .. وكل عام والجميع بخير

ابراهيم دعيبس

الشيخ الشهيد يوسف سلامة إمام أولى القبلتين وثالث الحرمين

أحمد يوسف

نعم ( ولكن) !!!!

حديث القدس

أسرار الذكاء الاصطناعي: هل يمكن للآلات التي صنعها الإنسان أن تتجاوز معرفة صانعها؟

صدقي أبو ضهير

من بوابة رفح الى بوابة كولومبيا.. لا هنود حمر ولا زريبة غنم

حمدي فراج

تفاعلات المجتمع الإسرائيلي دون المستوى

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الإثنين 06 مايو 2024 10:33 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%75

%20

%5

(مجموع المصوتين 220)

القدس حالة الطقس