أقلام وأراء
الجمعة 09 يونيو 2023 10:14 صباحًا - بتوقيت القدس
بلا رتوش الاسير وليد دقة وعيٌ عصيٌ على الصهر
في خاتمة دراسته الاستثنائية حول (صهر الوعي أو إعادة تعريف التعذيب) كما اسماها يثبت دقة ما يؤشر لطموح الصهاينة في السيطرة على الأسرى عبر صياغة/صهر وعيهم، إذ ينقل عن يعقوب جنوت مدير مصلحة السجون آنذاك، ما يقوله لجدعون عزرا وزير الأمن الداخلي في العام 2006 وعلى مسمع الأسرى عندما زار سجن جلبوع: (إطمئن...عليك أن تكون واثقاً بأنني سأجعلهم (الأسرى) يرفعون العلم الإسرائيلي وينشدون التكفا).
ربما يكون جنوت أو ضباط الاستخبارات في السجون قد قرأوا ميشيل فوكو أو زيجمونت باومن وغيرهما من المنظرين الاجتماعيين، وتعرفوا على منهجيات السيطرة والهيمنة والتحكم بالأفراد والجماعات، ربما قرأوا وربما لا، ولكن الأكيد أن حسابات الصهاينة على مختلف مستويات الأجهزة المتحكمة بالقرار بشأن الأسرى الفلسطينيين قد جاءت النتائج بالاجمال عكس حساباتهم، فالأسرى لم ينشدوا التكفا (النشيد الصهيوني)، ولم يرفعوا علم الصهاينة، بل على العكس، منذ العام 2006 تصاعدت نضالاتهم الجماعية والفردية لمستويات قياسية.
كالعادة، الحياة لا تسير وفق مسطرة الأكاديميين الباحثين وتحليلات العاملين لدى أجهزة الاستخبارات، فما يعجزون عن إدراكه، وما تعجز عن قياسه (أدوات القياس المنهجية) المقدسة لديهم، هو الإرادة المتسلحة بوعي عقائدي وطني متجذر. ومع ذلك فالمصداقية تقتضي الاعتراف بتحقيقهم لنجاحات معينة وجدية، خاصة بتغذية ظاهرة التراجع في النضال الموحد في الحركة الأسيرة، ما أدى لتفكك بعض مفاصلها، عبر خلق وتطوير نظام الكابو، وهو ما تناوله دقة في دراسته ولم يهمله. ومع ذلك فنضالاتهم الجماعية والفردية متواصلة وتتعمق وتتزايد. ذلك هو المظهر الإيجابي الطاغي.
وليد دقة في صموده على مدار 37 عاماً في الأسر، ونشاطه الفكري، الرصين علمياً، الفاضح لسياسات مديرية السجون، وكتاباته الأدبية الهادفة الموجهة لليافعين، وتحديه لمرضه القاتل بصلابة وروح إنسانية تعانق إنسانية زوجته سناء وابنته ميلاد، شكّل نموذجاً لذاك الوعي العقائدي الوطني المتجذر. حتى زواجه في ألاسر وولادة ميلاد بتلك الطريقه فيه من الرمزية ما فيه. مَنْ راهن على أن الأسير سينشد (التكفا) ويرفع علم الصهاينة ها هو يرتبط برفيقة شبك الزيارة عبر سنوات طويلة وهو أسير، وينجب بنطفة مهربة في إصرار، شأن غيره، على عيش إنسانية الإنجاب ومداعبة الطفل رغم أنف الصهاينة ورغماً عن تقييدات الزيارة.
لا يحتاج الاسير المناضل لاثبات إنسانيته فتلك تحصيل حاصل، بل هو مَنْ يستحق أن يعيشها، السجان الصهيوني هو مَنْ يفتقد لإنسانيته مقابل إنسانية المناضل الأسير. وليد لم يؤكد إنسانيته فحسب بل أكد ان وعيه لم ينصهر، كما لم ينصهر وعي الآلاف من المناضلين الأسرى، بل فضح سياسة صهر الوعي التي تستهدف الأسرى.
في كل مراحل حياة وليد في الأسر لم يتوقف عن لعب دوره القيادي في الحركة الأسيرة، وقد تشرفت وعايشت دوره هذا في سجن عسقلان في العام 97، ومن موقع المناضل الواعي لدوره الوطني داخل الاسر، مفترقاً بسلوكه هذا عن حفنة ( قيادات) اختارت لعب دور الكابو. لم يتوقف وليد عن الانتاج المعرفي الرصين، عن الكتابة الأدبية لليافعين، عن بناء علاقات أخوية ورفاقية يشهد لها جموع مَنْ عايشه في الأسر.
ذلك هو الوعي العصيّ على الصهر، ذلكم، إن شئتم، هو ايضاَ الوعي حد الخرافة على حد التعبير الشعري لمظفر النواب. وليد في مواجهته لسياسة القتل اليومي، كما واجهها الشهداء ناصر أبو حميد وخضر عدنان ومن سبقهما، و (القتل اليومي) تعبير حقيقي لا مجازي، يؤكد أن طموحات السجان الصهيوني بصهر وعي الأسرى بالعموم أضغاث أحلام، وما وليد دقة إلا نموذجاً للوعي العصيّ على الصهر.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
واشنطن ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض على نتنياهو وغالانت
الأكثر قراءة
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 80)
شارك برأيك
بلا رتوش الاسير وليد دقة وعيٌ عصيٌ على الصهر