Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الأحد 04 يونيو 2023 6:13 مساءً - بتوقيت القدس

مدرسة اليتيم العربي.. مؤسسة تعليمية مقدسية عريقة تهددها رياح التهويد

القدس - "القدس" دوت كوم- محمد أبو خضير

تحولت قضية مدرسة اليتيم العربي في القدس إلى قضية رأي عام مؤخراً تشغل عقول المقدسيين وكل المهتمين، فهذه المدرسة التي تقوم على 42 دونماً في بيت حنينا شمال القدس الشرقية المحتلة، تشكل ثاني أكبر قطعة من أرض القدس بعد المسجد الأقصى المبارك، وهي مدرسة متكاملة بمبانيها وتجهيزاتها ومنشآتها التي بُنيت وجهزت من خبرات ألمانية على مدى سنوات ما بين 1964-1965، ولطالما كانت المدرسة الصناعية المركزية التي أسهمت في رفد فلسطين بالأيدي الماهرة والعقول الهندسية على مدى عقودٍ من الزمن، كان الطلاب يفدون خلالها من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب القدس، قبل أن يحاصرها جدار الفصل العنصري وأن تسبقها رياح التغيير التي أدت إلى انحسار الإقبال على التعليم الصناعي التقليدي.

التأسيس ..
أسست هذه المدرسة وأشرفَت على تسييرها حتى الآن لجنة اليتيم العربي، وهي لجنة فلسطينية تأسست في حيفا في 1940 لإيواء أيتام الثورة الفلسطينية الكبرى (1936-1939)، لكنها سرعان ما فقدت منشأة الإيواء الأولى التي كانت قد أسستها وشغلتها قبل نكبة عام 1948 بعامين فقط. بعد النكبة واللجوء، ارتأت النخبة الفلسطينية المهاجرة من القائمين على اللجنة إعادة تأسيسها في عمان في عام 1949، فالنكبة بما خلفته من مآسٍ ضاعفت الحاجة لإيواء الأيتام ورعايتهم، وتمكنت بالفعل من جمع تمويل ووقفيات اشترت من خلالها قطعة أرض كبيرة في القدس في عام 1959 لتحويلها إلى مدرسة صناعية داخلية، تضم سكناً للطلاب إلى جانب المدرسة التي تم بناؤها وتجهيزها على أحدث مقاييس عصرها بشراكة مع حكومة ألمانيا الاتحادية (الغربية في ذلك الوقت)، افتتحها الملك الراحل الحسين بن طلال عام 1965 لتبدأ بالتدريس في حرمٍ يضم 11 مشغلاً ومبنىً مدرسياً وسكناً داخلياً ومجموعة من الملاعب إلى جانب أربع منشآت سكنية.

بعد النكسة ..
مع احتلال القدس عام 1967 تجددت مأساة منشآت جمعية اليتيم مع الاحتلال الذي حاول وضع يده عليها، بعد عامين بالضبط من تأسيسها وتشغيلها. وبالفعل صدرت الأوامر العسكرية الإسرائيلية الشفوية بوضع اليد على المدرسة وأرضها، فما كان من مديرها وأحد الرجالات التاريخيين للتربية والتعليم في القدس، المهندس حسن القيق، رحمه الله، إلا أن رفض الأمر العسكري ودعا الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور إلى الاعتصام في المدرسة على مدى أسابيع، قرر الاحتلال عقبها التراجع عن قرار وضع اليد وترك المدرسة التي واصلت مهمتها وسط التحديات. في عام 2006، حيث تزامن اكتمال الجدار حول القدس مع وفاة ربان هذه السفينة ومديرها منذ تأسيسها وعلى مدى 42 عاماً الأستاذ حسن القيق، ليبدأ تأثرها بعزلها بالجدار واتجاه انحسار الإقبال على التعليم المهني متزامناً مع هذا الفقد.

مخاطر وتهديدات ..
خلال العام الدراسي 2022/2023 ، تصدرت قضية المدرسة الصناعية واجهة الاهتمام بعد أن بدأت جمعية اليتيم العربي في عمان جملة تغييرات في المدرسة، فأعلنت عن إغلاق ثمانية من اختصاصاتها الأحد عشر، وأعلنت تسريح المعلمين الذين يعلّمون في تلك الاختصاصات، وأعلنت عن توجه نحو إعادة هيكلة شاملة تحت ضغط تراجع الموارد المالية، والحاجة إلى تفعيل المدرسة وتحديث برامجها وزيادة عدد طلابها. لكن ذلك تزامن في الوقت عينه مع حديث عن توجهات استثمارية تشارك فيها عدة جهاتٍ مهتمة، وقد أدى تزامن إغلاق المشاغل وتسريح المعلمين مع هذه التوجهات الاستثمارية التي عبرت عنها بعض الأسماء التي تولت مباشرة إغلاق التخصصات، أدى كل هذا إلى إثارة مخاوف في الشارع المقدسي من أن تتوقف المدرسة، لا سمح الله، أو أن تؤول إلى شكل استثماري يفتح الباب واسعاً أمام الاستيلاء الإسرائيلي، خصوصاً وأن الاحتلال يضع المدرسة تحت مجهره الاستيطاني، وهي المحاطة من حولها ببؤر الاستهداف. فالمنطقة الصناعية "عطاروت" تطوقها من الغرب والشمال الغربي، ومطار/ القدس/ قلنديا إلى الشمال منها ومقر للشرطة وحرس الحدود اسفل المدرسة، ويعمل الاحتلال على تحويله إلى خزان استيطاني، فيما يقع إلى جنوبها مدخل مغارة وعر أبو هرماس، كبرى المغارات الطبيعية في فلسطين، والتي يتطلع الاحتلال إلى تحويلها إلى "متنزه قومي" لكن وجود المدرسة الصناعية هو ما يمنعه من ذلك حتى الآن، كما ينص مشروع الاحتلال تجاه المغارة.

وبحثاً عن إجابة لهذه التساؤلات والمخاوف الجوهرية توجهت صحيفتا "ے" المقدسية، والرأي الأردنية بمبادرة مشتركة إلى المهندس خالد كنعان رئيس جمعية اليتيم العربي في عمان بهذه المقابلة:

ے والرأي: نشكركم على تجاوبكم مع هذه المبادرة المشتركة بين جريدتي ے الفلسطينية والرأي الأردنية، التي تأتي وسط اهتمام غير مسبوق بمدرسة اليتيم العربي الصناعية وما يجري فيها، فما هي نظرتكم لهذا النقاش؟

م. خالد كنعان: هذه المرة الأولى لنا في جمعية لجنة اليتيم العربي التي نتحدث فيها مع الإعلام بشكل مباشر عبر صحيفة ے الفلسطينية وصحيفة الرأي الأردنية، وذلك لقناعتنا بجماهيرية الصحيفتين العريقتين، وانطباعنا عن الحس المسؤول عند الصحيفتين لمناقشة مواضيع ذات حساسية خاصة مثل موضوع "لجنة اليتيم العربي" وتشعباته المختلفة؛ والتي كنا نأمل أن تتم مناقشتها بهدوء وموضوعية خلف الأبواب المغلقة، ولكن للأسف لم يحدث ذلك. وكنا دائماً نرفض الانجرار وراء حملات الشتم والقدح والتخوين المنظمة وغير المنقطعة. تقديرنا أن جزئية "الوضع القانوني" لأرض وعقار الجمعية مسألة في غاية الحساسية وطنياً وأصولياً، وينبغي أن تكون مقاربته بعيداً عن التفاصيل وعن أي نقاشات خارج إمكانية المساس بها ونقصد الأرض.


نريد بوضوح تأكيد حرصنا التام على تجنب أي "إخلال" بالوضع القانوني للأرض حتى لا نجازف باستحواذ الاحتلال على ملكية العقار. هذا موضوع بالغ الحساسية، وتكرار الإشارة له في الفترة السابقة من قبل الآخرين والمعترضين على تطوير المدرسة هو لفت للانتباه وبمثابة دعوة للاحتلال للتدخل. على الأقل نحن نؤمن بأن أي تجاذبات ونقاشات عليها أن تكون معزولة عن الإطار القانوني لملكية العقار والأرض، حتى لا نسمح بغفلة تؤدي إلى تسلل الاحتلال وإضعاف المرجعية القانونية للملكية وللجمعية، ولاحقاً طبعاً للمؤسسات والمدرسة والمرافق؛ وعلينا أن نتذكر جميعاً أنه ثمة احتلال يتربص خصوصاً بالقدس.

س: هناك مخاوف مقدسية حقيقية على استمرارية المدرسة، خصوصاً وأن المحافظة على الأرض مرهونة بهذه الاستمرارية، فما هو موقف جمعية لجنة اليتيم العربي في الأردن من ذلك؟


م. خالد كنعان: موقفنا واضح، من يوم تأسيس لجنة اليتيم العربي في مدينة حيفا في العام 1940، (عمر الجمعية اليوم 83 سنة)، ولا زلنا ملتزمين بذات الرسالة التي قامت من أجلها الجمعية عبر الآباء المؤسسين. وهو تعليم الأيتام العرب في فلسطين بعد الحروب التي شهدتها المنطقة العربية في الحرب العالمية الثانية وتفكك الدولة العثمانية، وكانت الجمعية تتبنى الأيتام العرب من فلسطين والأردن وسوريا والعراق والسعودية وغيرها.


نحن نعتبر المدرسة الصناعية في القدس أولوية مطلقة من باب وعي الجمعية التي لنا شرف تمثيلها بأن تلك المدرسة "منتج ومنجز" وطني وإنساني مهم جداً واجبنا الاهتمام به انسجاماً مع فهم لجنة اليتيم العربي لدورها وواجبها، مع إدراكنا وحرصنا على "التحديث والتطوير". طوال العقود التي مضت تشكلت الهيئة العامة للجمعية في عضويتها من شخصيات فلسطينية وأردنية وعربية معروفة يشهد لها تاريخها الطويل في العمل العام، ويشهد لهم الجميع بالحس الوطني العالي وبالحكمة.

أرض المدرسة ..

س: لو تطلعنا أكثر على تاريخ جمعية لجنة اليتيم العربي وانتقالها إلى عمان؟


م.خالد كنعان: كما أسلفنا تأسست جمعية لجنة اليتيم العربي في حيفا سنة 1940م، ومع اندلاع النكبة الفلسطينية سنة 1948 خسرت الجمعية مبنى المدرسة الصناعية الحديث وقتها في حيفا. في حينها ارتأى المؤسسون نقل مركز الجمعية للعاصمة الأردنية عمّان، ثم في العام 1959 اشترت الجمعية قطعة أرض في بيت حنينا– شمال القدس الشرقية المحتلة مساحتها حوالي 42 دونماً، وذلك من تمويل ذاتي من قبل المؤسسين. في العام 1965 تم افتتاح المدرسة الصناعية الثانوية الواقعة على حرم أرض الجمعية بتمويل مشترك من الجمعية والحكومة الأردنية بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتنمية، وقد قام جلالة المغفور له الملك الحسين بنفسه بافتتاح مباني المدرسة في العام 1965. مع نكسة حزيران عام 1967 واحتلال القدس أصبح الحفاظ أرض الجمعية وحمايتها والمنشآت المقامة عليها من المهام الأساسية للجمعية ومجالسها المتعاقبة حتى يومنا هذا. وكانت هذه المهمة صعبة بسبب الكيفية التي تم بها تسجيل الأرض عند شرائها بسبب خصوصية وضعها القانوني كما ذكرنا سابقاً.

س: هناك تساؤل يتردد دوماً، هو لماذا لا يتم وقف هذه الأرض لتعزيز موقفكم القانوني؟


م.خالد كنعان: قامت هناك دراسات مستفيضة خلال العقدين السابقين لمعالجة موضوع الوضع القانوني للأرض وإمكانية تحويلها إلى وقف لصالح الأوقاف الأردنية. والتوصية دائما كانت تجنب أي "إخلال" بالوضع القانوني للأرض حتى لا نجازف باستحواذ الاحتلال على ملكية العقار هنا. وهذا موضوع في بالغ الحساسية والاشارة له في الفترة السابقة من قبل الآخرين والمعترضين على تطوير المدرسة هو لفت الانتباه وبمثابة دعوة للاحتلال للتدخل.

س: ما هي قصة الشركات التي تمثل جمعية لجنة اليتيم العربي في القدس؟ ولماذا جرى تأسيس مثل هذه الشركات؟


م. خالد كنعان: لغرض تنظيم عمل المدرسة الصناعية الثانوية، والتزاماً بالقوانين العاملة في القدس المحتلة، تم في عام 2006 تأسيس شركة اليتيم العربي "شركة غير ربحية" في القدس يتكون مساهموها من شخصيات مقدسية معروفة وكانوا هم أعضاء في الهيئة العامة للجمعية في الأردن حينها. حصلت هذه الشركة على رخصة إدارة المدرسة من وزارة المعارف الإسرائيلية، ومنذ ذلك الوقت هذه الشركة هي الجهة المسؤولة أمام القانون والجهات الرسمية عن إدارة عمل المدرسة وما يترتب عن ذلك من عقود موظفين وحقوقهم وغيرها من أمور. كذلك قامت جمعية لجنة اليتيم العربي في عمان بإعطاء الشركة حق انتفاع بالمنشآت المقامة على أرض الجمعية بموجب عقد إيجار محدد المدة تم تنظيمه بين الطرفين مقابل مبلغ رمزي تدفعه الشركة للجمعية سنوياً.

الأزمة المالية للجمعية ..


س: ما هي مصادر دخل المدرسة الأساسية؟ وما سبب الأزمة المالية للجمعية التي يجري الحديث عنها، وما هي دوافعكم لتغيير الوضع الحالي للمدرسة؟


كنعان: يأتي دخل المدرسة من مصدرين: أولاً: المساعدات التي تقدمها لجنة اليتيم العربي في عمان بشكل منح، وهي تشكل النسبة الأعظم. قيمة هذا الدعم المالي من لجنة اليتيم العربي للمدرسة وصلت في السنوات الاخيرة الى مبلغ مليون و200 ألف دينار سنوياً. وثانياً: الأقساط السنوية للطلاب مقابل الدراسة؛ وهنا لا بد من لفت النظر إلى أنه، وللأسف لسنوات طويلة، هناك امتناع من أولياء الأمور على دفع هذه الأقساط حتى تراكمت وتجاوزت الملايين، وكل محاولات المدرسة في تحصيل هذه الذمم باءت بالفشل حتى يومنا هذا، ما نتج عنه أعباء مالية تراكمت بصورة قد تهدد الاستمرار في العمل.


علاوة على ذلك، ففي السنوات التي مرت تدنى عدد الطلاب في المدرسة حتى وصل في نهاية الفصل من العام الدراسي الحالي عدد الطلاب 162 طالبا يدرسون مساقات صناعية مختلفة. أما نسبة الناجحين من بينهم فقد تدنت إلى حالة غير مقبولة مهنياً وإدارياً، وهذا يدلل على "مشكلة متراكمة"؛ كما أن هذا العدد الضئيل من الخريجين والناجحين يخفض مستوى وتصنيف المدرسة ويضعفها، بينما يقابله عدد ضخم من الموظفين من معلمين وإداريين. والواقع أن المدرسة لم تتمكن في السنوات الطويلة الماضية من تأمين أي دعم من مانحين لقناعة الأطراف الأخرى بسبب عدم جدوى البرنامج التعليمي وتدني مستواه وتدني عدد الطلاب فيها.

عوامل ساهمت في تفاقم الأزمة ..

س: هل تراجع عدد الطلاب وتدني التحصيل الدراسي هو السبب الوحيد لأزمة المدرسة؟ هذا التراجع الذي نتحدث عنه تدريجي، بينما يبدو أن أزمة المدرسة انفجرت اليوم بشكل غير مسبوق؟


كنعان: إلى جانب هذا التراجع في أعداد الطلبة وتدني مستوى التحصيل، واجهنا في السنوات الأخيرة تحديات ضخمة لاستمرار تمويل المصاريف التشغيلية للمدرسة الصناعية، يمكن تلخيصها كما يلي:


1. جائحة كورونا، وما نتج عنها عن توقف توزيع الأرباح من الشركات التي تساهم فيها الجمعية عبر وقفيتها، ما اضطر الجمعية إلى بيع أصول وموجودات لتغطية العجز في المصاريف التشغيلية للمدرسة.


2. تضخم المصاريف التشغيلية للمدرسة بطريقة غير مبررة خلال السنوات الماضية، وهو تضخم أدى إلى زيادة بأكثر من الضعف منذ العام 2016.


3. تراكم أقساط ورسوم سنوية على الطلاب بما يزيد عن 2 مليون شيكل (حوالي 550 ألف دولار أمريكي)، فقط للأعوام الخمسة التي سبقت، مع العلم أن هناك أقساطا تزيد عن ذلك بكثير مستحقة عن السنوات التي سبقت تلك الفترة، مما فاقم من مشكلة العجز المالي، كما أن انخفاض أعداد الطلاب المسجلين ساهم كذلك في ضعف الإيرادات أكثر، مع بقاء المسار التصاعدي للنفقات التشغيلية.


أمام هذا الوضع المعقد فإن استمرار الوضع كما هو من عجوزات مالية سيؤدي إلى إفلاس جمعية لجنة اليتيم العربي في عمان خلال 7-8 سنوات، كما أن استمرار الأداء الأكاديمي الضعيف قد يؤدي إلى سحب رخصة المعارف وبالتالي إغلاق المدرسة؛ وفي كلتا الحالتين، ستصبح الأرض أمام خطر الضياع الحقيقي وسيطرة الاحتلال عليها.

رفض الدعم من المعارف الإسرائيلية ..
س: هل توجهت مدرسة اليتيم العربي الصناعية إلى معارف الاحتلال لطلب التمويل؟ وما هو موقفكم من هذا التمويل؟


كنعان: رفضت الجمعية عبر العقود الماضية الحصول على دعم مالي من وزارة المعارف الإسرائيلية، وآثرت الصرف على المدرسة من مواردها الذاتية لعدم تعريض المدرسة الى أي مخاطر غير ضرورية، وهي سياسة متبعة إلى اليوم ولن نغيرها بالرغم من الدعوات الصريحة لاستغلال دعم المعارف الإسرائيلية لخفض العجز المالي من كثير من الأطراف. هناك قرار صادر في عام 2022 عن هيئة الإدارة للجنة اليتيم العربي في عمان تم تعزيزه بقرار هيئة عامة على الرفض القاطع لأي مساعدة أو انتفاع مالي من وزارة المعارف وتم تأكيده بعدة مناسبات لإدارة المدرسة.

خطة التطوير ..
س: ما هي الخطوات التي اتخذتها جمعية لجنة اليتيم العربي في مواجهة هذه التحديات إذن؟


م. خالد كنعان: استدراكاً لهذه المخاطر المحدقة، أعلمت لجنة اليتيم العربي في عمان الإخوة في إدارة المدرسة بضرورة المعالجة السريعة لهذه المخاطر، والاستعجال في مشروع "إعادة هيكلة" للمدرسة لمعالجة العجوزات المالية. تم الاستعانة بخبراء متخصصين في دراسة واقع الحال لوضع وصفات تساعد الهيكلة الجديدة المقترحة في تحسين الكفاءة ورفع مستوى الأداء التعليمي الذي تدنى بوضوح مؤخراً كما تقول الأرقام والبيانات.


تقرر بالنتيجة، معالجة البرامج التعليمية التي لا تخدم المجتمع لا تنموياً ولا تربوياً، وفي الأثناء تطوير البرامج التعليمية التقنية التي تواكب العصر حتى يستفيد منها الطلاب في تطوير مهارات ومراكمة معارف يستفيدون منها وممكن أن تؤمن لهم وظائف مستقلة ومهنية بدخل معقول بعيدة عن التحول إلى عمال في أسواق الاحتلال. المضمون التأهيلي والتدريبي التنموي المؤسس على دراسة الاحتياجات والسوق والفرص ببرامج عصرية هو الفيصل والمعيار في تلك التوصيات؛ لذلك نستغرب أن تثير هذه المقترحات النبيلة المنهجية بعض الاعتراضات غير المبررة بصراحة.

س: "معالجة البرامج التعليمية" أدت إلى إغلاق 8 من أصل 11 اختصاصاً في المدرسة، وهذا أحد مصادر القلق الأساسية لدى المجتمع المقدسي، فما ردكم؟


كنعان: نتيجة التفحص والدراسات تشكلت "وقائع" من بينها الحاجة الملحة لتطوير البرامج التقنية الجيدة واستحداث الجديد منها؛ والأهم إدارياً معالجة النزيف المالي بإغلاق برامج تدريبية كلاسيكية قديمة والتركيز على برامج تطبيقية عصرية جديدة.


تشمل الخطة إغلاق العديد من التخصصات والاستغناء عن عدد من الموظفين مع الإبقاء على التخصصات المنوي التركيز والبناء عليها، والتي تلبي حاجة سوق العمل. كما ستشمل عملية إعادة الهيكلة مراجعة عملية قبول الطلبة بوضع أسس علمية لقبول الطلاب المؤهلين والتأكد من التزام الطلاب بدفع الأقساط المدرسية في مواعيدها.

س: خطة التطوير التي تتحدثون عنها كانت مقترنة بطابع استثماري وبشخصيات ومؤسسات استثمارية كبرى دخلت على خطها، وهو ما يعزز مخاوف المجتمع المقدسي من احتمال إغلاق المدرسة، أو تحول وجهة استخدام الأرض بما يفتح الباب أمام الاحتلال لمصادرتها، أو حتى تحويلها إلى مساحة استثمارية بتصرف شركات إسرائيلية كبرى وهي الملاصقة لمنطقة عطاروت الصناعية التابعة للاحتلال؟.


كنعان: مساحة وموقع المدرسة اليوم يسمح بتطوير العملية التعليمية في القدس بشكل ملحوظ بسبب مساحة الأرض الكبيرة والموجودات القائمة (من مبانٍ وغيرها) عبر عقد شراكات مع مؤسسات وطنية لتطوير المنتج الأكاديمي ومخرجات التعليم.


كل ما يقال عن استثمارات وعمليات بيع وتسريب لقطعة الأرض هو كلام فارغ وليس له أساس، وبالذات بسبب حساسية وضع الأرض القانوني والذي لا يسمح بالتصرف بأي شكل من الأشكال، كما أنه بصفتنا جمعية خيرية، نحن محكومون بشروط نظام أساسي للجمعية معتمد لدى الجهات الرسمية الأردنية. وكل هذه الاتهامات التي نُعتنا بها ما هي الا حملة ممنهجة تهدف إلى قلب الحقائق عبر التخوين والافتراء والتشكيك؛ والتي قد تؤدي إلى نتائج عكسية على أرض المدرسة، ما سيسبب خسارة كبيرة للقدس أولاً وللجمعية ثانياً ولفلسطين والأمة العربية أخيراً.

في الخلاصة، فإن الجمعية تعمل في ظروف صعبة جداً، وتحافظ على الوضع القانوني بكل حذافيره وعلى تنسيق كامل مع كل الأطراف العربية المعنية في القدس، ونضيف هنا بأن الوزارة المختصة في الحكومة الأردنية قد شكلت لجنة تدقيق على السجلات الإدارية والمالية للجمعية، وقد صدر تقرير لجنة التدقيق في 21-5-2023 بتوصيات أهمها: دعم الجمعية في إجراءاتها في "الحد من المصاريف غير الضرورية للمدرسة الصناعية، وعدم إهدار أموال الجمعية دون وجه حق"، وكذلك "ضرورة تفعيل الجمعية لنشاطات في فرع القدس وذلك حسب الأهداف في النظام الأساسي".


وأخيراً "إعادة النظر في العلاقة ما بين الجمعية والشركة المقدسية المشرفة على أعمال المدرسة والمعروفة بـ (شركة 25) والرقابة على أعمالها"، ونؤكد هنا أن هذه النتائج تدعم إجراءات الجمعية، وبأن الجمعية ستدافع بكل ما أوتيت من قوة عن هذا الصرح التاريخي والتعليمي المهم.

س: هل من كلمة أخيرة توجهونها للقراء؟


م. خالد كنعان: في الختام نؤكد أنه ستتم المحافظة على المدرسة بعد إعادة الهيكلة الى شكل رشيق قابل للاستدامة لكي تستمر في خدمة المجتمع المحلي الفلسطيني، وتطوير التعليم بما يتناسب روح العصر بدل المهن الكلاسيكية واستبدالها بمجالات تتناسب مع روح العصر.

المهندس فؤاد الدقاق ..


عقب هذه المقابلة، توجهت ے والرأي معاً إلى المهندس فؤاد الدقاق عضو لجنة القدس السابقة التابعة لجمعية لجنة اليتيم العربي، والتي حلتها إدارة الجمعية في عمان مؤخراً بموجب تعديلات في نظامها الداخلي، وهو أحد المواكبين لعمل المدرسة على مدى فترة من الزمن:

وقد أكد الدقاق في مداخلته على المعلومات التاريخية للجنة اليتيم العربي مؤكداً أن: "المدرسة الصناعية الثانوية في القدس استطاعت وعلى مدار حوالي 50 عاماً تخريج مئات الطلبة، من المشاغل المتعددة التي كانت تحظى بالإقبال عليها، وخلال هذه السنوات كانت الجمعية الأم في الأردن تغطي كامل الرواتب والمصاريف السنوية معتمدة على الدخل السنوي من أرباح أسهم وقفيتها".


أما بخصوص التطوير فقد أكد الدقاق بأن المدرسة قد سبق لها بالفعل أن طورت تدريجياً من برامجها: "مع التغير العالمي التقني لوحظ قلة الإقبال على تعلم بعض المهارات التقليدية، وكان لا بد من تحسين وتطوير مناهج التعليم وإنشاء برامج حديثة للتدريب التقني في مجالات التكنولوجيا المتطورة المطلوبة في سوق العمل المحلي والعالمي، فتم افتتاح مشاغل جديدة مثل الميكاترونكس والحاسوب وشبكات الكهرباء، بالإضافة إلى قسم للفندقة".


ورداً على تأكيد المهندس خالد كنعان الحاجة إلى خطة تطوير شاملة فأكد الدقاق بأن "هذه المسيرة الحافلة بالعطاء لم تكن لتدوم لولا وجود نخبة من رجالات العالم العربي، الذين ساهموا على الدوام بدعمهم ووقتهم وخبراتهم في الإدارات المتعاقبة للحفاظ على هذه الجمعية الخيرية بكل مكوناتها وعقاراتها، حتى جاءت هذه الإدارة الجديدة في عمان "بأفكار خلاقة""، ويطرح مجموعة من التساؤلات الجوهرية التي يرى أنها مفتاحية في فهم الأزمة الحالية في مدرسة اليتيم العربي الصناعية، وهذه الأسئلة هي:

"أولاً: لماذا تم تغيير النظام لإلغاء فرع القدس وفلسطين من النظام الداخلي؟ ولماذا جرى استبدال أعضاء لجنة القدس بأعضاء مجالس إدارة جدد معظمهم موظفون سابقون أو مرتبطون ببنك فلسطين؟ وما الهدف من قيام الجمعية الأردنية بالتسجيل في مسجل الشركات الإسرائيلية؟ هذا التسجيل الذي تم دون إذن وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية كانت له تداعيات غير محمودة تواجهها المدرسة اليوم.


ثانياً: لماذا لا يرغب مجلس إدارة الجمعية في عمان في وقف الأرض؟ ولماذا لم يعين مجلس الإدارة في عمان مديراً تنفيذياً بعد رحيل المدير التنفيذي الذي لم يكن قد مضى خمسة أشهر على تعيينه، فتُركت المدرسة الصناعية بالقدس فارغة بدون إدارة؟ ولماذا لم تستمر الاستشارية التي تم استقطابها لوضع الرؤية الأكاديمية؟

ثالثاً: لماذا لم نلمس استحداث أي برنامج تقني جديد حتى الآن؟ ولماذا لم يفتح باب التسجيل للطلبة الجدد ضمن ترتيب جديد مع اقترابنا من نهاية العام الدراسي؟ وماذا عن الفراغ الذي سينشأ بعد إنهاء عقود مجموعة من الأساتذة، وما سينجم عنه من تضاؤل عدد الطلاب الذي لن يصل إلى 70 طالبا؟"

وأوضح الدقاق: "لا أحد ينكر وجود ضائقة مالية ستتعرض لها الجمعية في عمان إذا استمرت كالسابق، لكن عدم وجود بدائل ملموسة على أرض الواقع يخلق مشكلة أكبر، فهذه الإخفاقات إن ظهرت سيدفع ثمنها المجتمع المقدسي أولاً"، أخيراً ختم الدقاق مداخلته بنداء وجهه إلى جمعية لجنة اليتيم العربي في عمان: "نأمل أن نرى أعضاء مجلس الإدارة في عمان أكثر فعالية، فما نلمسه اليوم هي إدارة شخص واحد، وسنحافظ على الأمل دوماً بغدٍ أفضل".

دلالات

شارك برأيك

مدرسة اليتيم العربي.. مؤسسة تعليمية مقدسية عريقة تهددها رياح التهويد

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 81)