أكد العديد من الموطنين الذين يقطنون بجوار مستوطتنتين مقامتين شرق من بيت لحم، وخاصة قرى كيسان والرشايدة وجب الذيب وبيت تعمر، أن العديد من قطعان المستوطنين قد شكلوا وبطريقة تلقائية ميليشيات منظمة تابعة للمتطرف الفاشي ايتمار بن غفير وزير ما يسمى بالأمن القومي.

والمقصود بهاتين المستوطتنيتن هما مستوطنة "ابي ناحال" المقامة على أراضي قرية كيسان، والتي لا تبعد سوى كيلو واحد عن مساكن المواطنين في القرية، وقد أقيمت في العام 1999، أما المستوطنة الثانية فهي مستوطنة "معالي عاموس" المقامة على أراضي قرية الرشايدة المجاورة، والتي أقيمت في العام 1980، وكلتاهما لا تبعدان عن بعضهما مسافات كبيرة ويقيم السكان فيهما علاقات وثيقة وينسقون اعتداءاتهم على المواطنين وممتلكاتهم، ويقدر عدد المستوطنين في المستوطتنتين نحو ألف مستوطن.

ميليشيات مسلحة
وحسب العديد من النشطاء، فإن المستوطنين في هاتين المستوطتنتين يشنون هجمات مكثفة بحق الأهالي منذ سنين عديدة، ولكن في السنة الأخيرة وتحديداً في الأشهر التي أعقبت تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو الفاشية بائتلاف مع حزبي سومتريتش، وبن غفير، أصبحت هذه المجموعات منظمة تتخذ شكل الميليشيا المسلحة، وتجلى ذلك بقيام هؤلاء بحمل السلاح والتجرؤ على مهاجمة منازل المواطنين داخل القرية، واقتحام بعضها وتخريب ممتلكاتها، وكذلك شن هجمات واعتداءات خطيرة على المزارعين، ورعاة المشاة في مراعيهم، لإجبارهم على تركها، بل يبادر عدد من هؤلاء الذين يربون الماشية بإنزال مواشيهم في حقول المواطنين، ولوحظ أن هؤلاء كانوا وخلال هجماتهم يحملون صور بن غفير بل بعضهم يلبسون قمصاناً عليها صوره وكتبت أسفلها بالعبرية"الجيفر" يعني البطل.

إصابات المواطنين
وأوضح موسى عبيات رئيس بلدية كيسان، أن أعضاء هذه المليشيات قد اعتدوا قبل عدة أشهر على عدد من المزارعين والمتضامنين الأجانب وطعنوا إحدى المتضامنات بآلة حادة، وكسروا ساقها بعد أن ضربوها بالعصي على مرأى ومسمع جنود الاحتلال، ومع بداية العام الجديد اعتدى هؤلاء على رعاة الأغنام في منطقة وادي الغار التابعة لقرية كيسان، ورشقوهم بالحجارة وهاجموا المزارع مصطفى عبيات، وقد أصيب برضوض في أنحاء جسده، وفي الأول من آذار الماضي اعتدوا على المزارع مسلم إبراهيم وعمره "30 عاماً"، وفي التاسع والعشرين من ذات الشهر هاجم هؤلاء مساكن المواطنين ورعاة الأغنام في برية كيسان، وأصابوا المواطن علي يوسف عبيات "70 سنة" ونجله جهاد ونقلا إلى المستشفى لتلقي العلاج.

اعتداءات مستمرة
ولم تسلم مركبات المواطنين من الاعتداء والرشق بالحجارة، كما لم تسلم أشجارهم حيث يقدم المستوطنون على إحراق بعضها بالمبيدات الحشرية واقتلاع البعض الآخر، ولم تتوقف هذه الاعتداءات عند هذا الحدث بل يشارك الجنود المستوطنين الاعتداء على الموطنين سواءً من خلال توفير الحماية لهم أو من خلال المشاركة في قمعهم واعتقالهم، خاصةً عندما يقوم المستوطنين بتقديم شكاوي كيدية ضد المواطنين.

ولم تسلم مدرسة تحدي "5" الواقعة في قرية جب الذيب من اعتداءات هؤلاء المستوطنين، سواء بمهاجمة الطلبة أو بتنظيم اعتصامات أمامها للمطالبة بهدمها، ويؤكد العديد من النشطاء أن أحد أسباب قيام قوات الاحتلال بالإعلان عن هدم المدرسة إلا استجابة لهؤلاء وبتشجيع من بن غفير الذي يزور المستوطنتين بين الحين والآخر، ويلتقي بمؤيديه الذين يخطون في بعض الأحياء شعارات استفزازية على جدران بعض المنازل، ومن بينها بالعبرية "بن غفير مر من هنا"، و"بن غفير رئيس الوزراء القادم".

ممارسات ليست بالصدفة
وبهذا الصدد، يقول حسن بريجية مدير هيئة الجدار والاستيطان في محافظة بيت لحم، "إن تصاعد اعتداءات أنصار الفاشي بن غفير لم تكن بالصدفة، بل هم جماعة منظمة ويتمتعون بإمكانيات مالية عالية، وأغلبهم من العناصر الشبابية، ولا يمكن أن تكون خطواتهم في محيط قرى شرق بيت لحم إلا مخطط لها على مستوى عالي وليس ببعيد أن يشارك بن غفير في ذلك، لاسيما وأنه يزور المستوطنتين باستمرار والهدف من ذلك هو الاستيلاء على مراعي هذه القرى الواسعة، والتي تمتد أراضيها حتى ضفاف البحر الميت ومن بين هذه الأراضي موقعي صهبة في قرية الرشايدة ووادي الغار في برية كيسان، وضمها لهاتين المستوطنتين.

وشدد بريجية أنه لا يمكن السكوت عن هذا الواقع، محذراً في الوقت نفسه أن يرتكب هؤلاء مجازر فعلية بحق المواطنين فالمؤشر واضح وبدون أي لبس.