Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 21 نوفمبر 2022 10:37 صباحًا - بتوقيت القدس

مدى قوة قرارات الأمم المتحدة في النزاع الفلسطيني ‏الإسرائيلي؟!‏

بقلم:المحامي إبراهيم شعبان


عجبتُ أشد العجب، حينما تابعت سلسلة المقالات والتصريحات والبيانات التي أشادت وكالت المديح إلى ‏قرار اللجنة الرابعة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بتوجيه طلب لمحكمة العدل الدولية لإبداء رأي إفتائي ‏في حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير، وبيان صفة الإحتلال الإسرائيلي الطويل الأجل وآثاره بالنسبة ‏للدول الأخرى وكأنه المنقذ. وكأن هذا الرأي الإفتائي لمحكمة العدل الدولية التي اختلطت ماهيتها على ‏بعض المراقبين والكتاب وخلطوا ما بينها وبين المحكمة الجنائية الدولية، ستحرر الأرض الفلسطينية، من ‏ربقة الإحتلال الإسرائيلي الجاثم على الأرض الفلسطينية لأكثر من خمسة عقود. لذا طالبوا بالتحضيرات ‏والدراسات واستقدام الخبراء ليقدموا جهدهم في هذا المجال ونسوا أو تناسوا رأيها في موضوع الجدار عام ‏‏2004، وتجاهلوا في ذات الوقت تقرير القاضي جولد ستون لعام 2011. ‏
ليت كل من أشاد بمشروع القرار الذي من المتوقع أن يكتسي الصفة الرسمية في نهاية العام حينما توافق ‏عليه الجمعية العامة ، وجعل منه فوزا عظيما، راجع تاريخ القضية الفلسطينية الحديث وتحديدا بعد إنشاء ‏الأمم المتحدة عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية. وتبين مدى الإخفاق الأممي في التصدي للقضية ‏الفلسطينية خلال نصف قرن ونيف لأن السلطة الإسرائيلية ترفض القانون الدولي ومقررات هيئاته ‏ومنظماته كالأمم المتحدة.‏
وحتى لا نقول كلاما أدبيا عدميا في الهواء، ونثرثر على ضفاف النيل بمعسول الكلام، وننظم شعرا تفريغيا، ‏نبادر إلى استعراض أهم القرارات الأممية، التي صدرت عن الجمعية العامة، أو عن مجلس الأمن ‏بخصوص القضية الفلسطينية، وكلاهما يشكلان أهم آليات الأمم المتحدة لحل النزاعات الدولية لتحقيق ‏الأمن والسلم الدوليين. مع ملاحظة أن هناك فرقا جوهريا بين توصية الجمعية العامة وقرار مجلس الأمن ‏من حيث الإلزام على الأقل، من حيث نصوص ميثاق الأمم المتحدة. ونتساءل بعد ذلك، هل تم تنفيذ أي ‏قرار من مجلس الأمن أو أي توصية من الجمعية العامة تجاه إسرائيل، في تاريخ النزاع الفلسطيني ‏الإسرائيلي.‏
لنبتعد عن التنظير، ونعطي أمثلة عملية، لنبدأ بقرار التقسيم رقم 181 في عام 1947، وقرارالعودة رقم ‏‏194 في عام 1948، ونسأل عن مصيرهما وأين هما الآن من الأمم المتحدة. هذان قراران صدرا عن ‏الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأول يتعلق بتقسيم فلسطين لدولتين : واحدة إسرائيلية وأخرى عربية وفقا ‏للحق في تقرير المصير. أما القرار الثاني فيتعلق بعودة اللاجئين الفلسطينيين وتعويضهم .ولن ندخل هنا ‏في عدم شرعية قرار التقسيم الذي تبنته الجمعية العامة من أساسه، أي أن الجمعية العامة حينما اتخذت هذا ‏القرار ارتكبت خطئا جسيما واتخذت قرارا مناقضا للقانون الدولي ويهدم الأمن والسلم الدوليين. لنلاحظ إن ‏قرار التقسيم غير الشرعي، قد تم خرقه إسرائيليا بعد عام 1947 بحيث تجاوز مداه نسبة 78% من ‏الأراضي الفلسطينية بينما كان مقدرا له فقط 54% . وللجدلية أين إسرائيل من قرار التقسيم وهل احترمته، ‏وأين الجمعية العامة من قرار التقسيم وهل نفذته. مهما قيل في تبرير واختلاق الأعذار لعدم تنفيذ قرار ‏التقسيم واحترامه، فكلها تتهاوى بعد مرور هذه السنوات الطوال على صدور قرار التقسيم. فهل ما ‏زلنا ننتظر أو نحلم أو نخدع أنفسنا بقابلية تنفيذ قرار التقسيم الذي أصدرته الجمعية العامة من قبل ‏إسرائيل؟!‏
يرتبط بقرار التقسيم قرار التدويل لمدينة القدس بشقيها الغربي والشرقي وأكنافها. لقد قامت السلطة ‏الإسرائيلية بخرق هذا القرار ولم تحترمه، وأعلنت القدس عاصمة لها من عام 1949. وقامت تأكيدا على ‏هذه الخطوة بضم القدس العربية في 28/ حزيران/ يونية / 1967 عبر تعديل لنظام البلديات، وما لبثت أن ‏شرعت ذلك الضم بتشريع في الكنيست الإسرائيلي (البرلمان الإسرائيلي ) في عام 1980.وبنت أكثر من ‏25 مستعمرة وحيا استيطانيا في القدس الشرقية رغم أن الضم باطل ولاغ في قرارات الأمم ‏المتحدة. وبعد كل هذا نثق بقرارات الأمم المتحدة التي يتم خرقها يوميا من قبل السلطة الإسرائيلية. أما قرار ‏التدويل من الناحية الفعلية فهو حبرعلى ورق رغم التزام السلطة الإسرائيلية به، ومادة دسمة للندوات ‏والأبحاث والدراسات.‏
وكم من لاجىء فلسطيني، صلى وصام وابتهل، علّه يعود إلى بيته أو وطنه أو منزله أو قريته أو محله أو ‏مزرعته طبقا لقرار العودة رقم 194. لكن هذا اللاجىء مات قبل أن يطبق قرار 194 بحقه، وبقي هذا ‏القرار مركونا على رفوف الأمم المتحدة. ولم تستطع الأخيرة إعادة لاجىء فلسطيني واحد إلى فلسطين رغم ‏المؤتمرات والمباحثات، بل حرم اللاجىء الفلسطيني من مركزه القانوني كلاجىء وفقا لإتفاقية اللاجئين ‏الدولية لعام 1951. فشل آخر للأمم المتحدة على أرض الواقع المرير، ونجاح نظري في اجترار هذا القرار ‏عاما بعد عام. ‏
ورُبّ قائل، هذه القرارات التي سيقت، كلها صادرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهناك فارق جوهري ‏بينها وبين قرارات مجلس الأمن من حيث الإلزام، لنصطدم بهذا التبرير المقبول شكليا المرفوض ‏موضوعيا. وللتوضيح والتاكيد لتناول قرارين هما قرار مجلس الأمن 242 الصادر في 22/ تشرين الثاني/ ‏نوفمبر من عام 1967، وقرار مجلس الأمن رقم 2334 الصادر في 23/ ديسمبر/ كانون الأول من عام ‏‏2016 ، وبينهما خمسة عقود زمنية تقريبا، فماذا سنجد، وهل هناك فرق في التنفيذ رغم أنهما ملزمين.‏
قراران لمجلس الأمن، الأول يتناول آثار عدوان 1967، والثاني يتناول المستعمرات الإسرائيلية على ‏الأراضي الفلسطينية المحتلة وبينها القدس المحتلة. قراران لم يطبقا إلى يومنا هذا، بحجة أنهما لم يصدرا ‏بموجب الفصل السابع الخاص بالجزاءات الدولية من ميثاق الأمم المتحدة، وتتبجح وزارة الخارجية ‏الإسرائيلية والدوائر القانونية الإسرائيلية أن هذه القرارات، مثيلة لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ‏لأنها صدرت بموجب الفصل السادس من الميثاق. وكلا القرارين لم تنقضه الولايات المتحدة الأمريكية التي ‏تعودت أن تنقض القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية موالاة للوبي الصهيوني في أمريكا والسلطة ‏الإسرائيلية.والأمم المتحدة لم تستطع ولم تجرؤ تنفيذ هاذين القرارين وغيرهما كثير.‏
وبمقارنة بسيطة مع ما حدث في عام 1990 حينما غزت العراق الكويت، نجد فارقا مذهلا في القوة ‏القانونية لقرارات الأمم المتحدة وازدواجية في المعايير فاضحة. فبينما استغرق قرار 242 عام 1967 ‏خمسة اشهر ونصف ، استغرق قرار مجلس الأمن رقم 660 سويعات لصدوره، حيث كان الغزو العراقي ‏يوم الأول من أغسطس/ آب من عام 1990، في حين صدر القرار 660 في الثاني من شهر آب/ أغسطس ‏من عام 1990. وبعدها انهالت قرارات مجلس الأمن وكلها كانت بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم ‏المتحدة. بل تشكل الجيش الذي ضم في صفوفه 32 دولة من دول الأمم المتحدة بقيادة أمريكا لتحرير ‏الكويت، وهكذا كان. فهل سمعتم أو قرأتم عن قرار للأمم المتحدة سواء صادر عن الجمعية العامة أو مجلس ‏الأمن، نفذته الأمم المتحدة أو السلطة الإسرائيلية طوعا أو كرها؟! ‏
قطعا، لن يتسع هذا المقال لإيراد عشرات القرارت الصادرة عن الجمعية العامة أو من مجلس الأمن التي ‏صدرت عن الأمم المتحدة بخصوص القضية الفلسطينية، خلال العقود السبعة السابقة. ونضيف إليها الرأي ‏الإفتائي لمحكمة العدل الدولية في موضوع الجدار عام 2004. وتقرير غولد ستون . بعد كل ذلك يبقى ‏السؤال الحائر لماذا لم تطبق إسرائيل أي قرار من هذه القرارات الأممية ليومنا هذا؟ ولماذا لم تلزم الأمم ‏المتحدة ولديها الأدوات الكافية في الفصل السابع من ميثاقها السلطة الإسرائيلية بتنفيذ هذه القرارات عنوة؟ ‏وما قيمة هذه القرارات العملية على الرغم من أهميتها القانونية بعد أن عجز مصدرها عن تنفيذها؟ وماذا ‏يفيد استصدار المزيد من القرارات الأممية؟ ألا يعتبر السعي فيما لا ينفذ إضاعة للوقت والجهد وتضليلا ‏للجمهور وسرابا خادعا؟ هل يفيد نشر الوهم والتعلل بقرارات الأمم المتحدة الشعب الفلسطيني من ناحية ‏عملية؟! هل الذهاب لمحكمة العدل الدولية تخليا أو تكاسلا عن وسائل أخرى لإخراج المحتل؟
حينما استعادت الأرجنتين جزر الفوكلاند عام 1982، رأت بريطانيا في ذلك غزوا لجزر تحت سيطرتها. ‏وحينما علمت المرأة الحديدية مارغريت تاتشر بالغزو الأرجنتيني، أشار عليها بعض مستشاريها ان تتوجه ‏أولا للأمم المتحدة، إلا أنها رفضت وقالت " هل تعتقد أنني سأتصرف كالعرب ". وكانت الحرب، رغم أن ‏الفوكلاند تبعد آلاف الأميال عن الجزر البريطانية حيث استرجعتها من الأرجنتين. لنتعظ ونتعلم من دروس ‏الغير.‏
أعود واقول وأكرر أن الذهاب لمحكمة العدل الدولية لطلب رأي إفتائي في موضوعي حق تقرير المصير ‏للشعب الفلسطيني والإحتلال الإسرائيلي للأرضي الفلسطينية أمر جيد أدبيا ومفيد سياسيا وملاقيا للرأي ‏العام وسندا قانونيا، لكنه ضعيف الآليات، فالبعد القانوني الدولي بطيء وهو بغير مخالب. ويجب أن نعلم ‏أنه ليس الطريق الوحيد لتحرير فلسطين من الإحتلال الإسرائيلي، بل هو وسيلة من عشرات الوسائل، ‏وهو وحده غير كافٍ فلا تعولوا عليه كثيرا، فالعمل خير من الكلام، والأعمال لا الأقوال هي شعاري!!! ‏

دلالات

شارك برأيك

مدى قوة قرارات الأمم المتحدة في النزاع الفلسطيني ‏الإسرائيلي؟!‏

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 82)