البيرة- خاص بـ"القدس" دوت كوم- أراد الأسير حسن سلامة القيادي في كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة "حماس"، من كتابه "خمسة آلاف يوم في عالم البرزخ"، والذي تم إشهاره اليوم الأحد، في مدينة البيرة، أن يكون وثيقة أمام الجميع ويضعهم بمسؤولياتهم لما يعانيه الأسرى المعزولون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، حيث يوثق الكتاب تجربة سلامة طيلة 14 عامًا من العزل الانفرادي.

وتم إشهار الكتاب الذي أصدرته مؤسسة الزيتونة في بيروت، بحفل أقامه مركز بيت المقدس للأدب وبلدية البيرة، في مركز بلدية البيرة لتنمية الشباب والطفولة، بمشاركة عدد من الشخيات والكتاب وأهالي الأسرى، حيث يتحدث الكتاب عن تجربة حسن سلامة في العزل الانفرادي طيلة 14 عامًا، علمًا بأن سلامة محكوم بالسجن ثمانية وأربعين مؤبداً.

تقول خطيبة سلامة، غفران زامل، في كلمة لها خلال الحفل، "إن الكتاب خرج من عتمة زنازين العزل الانفرادي، حيث كانت رسائل حسن تستمر أشهر لتضمين نصوصها في الكتاب"، مشيرةً إلى أن حسن عاش تجربة العزل الانفرادي مرتين، إحداهما واقعًا داخل العزل، والأخرى حين كتابته لتجربته في هذا الكتاب، حتى رأى الكتاب النور ليروي ما يعيشه الأسرى داخل السجون.

وأكدت زامل أن حسن سلامة أراد من الكتاب أن يكون وثيقة تاريخية تستخدم بالانتصار للأسرى، وأن تقع المسؤولية بذلك على عاتق المؤسسات التي تعنى بشؤون الأسرى، فيما تمنت زامل أن تتبنى إحدى المؤسسات ترجمة الكتاب إلى اللغة الإنجليزية ليكون وثيقة لتفضح الاحتلال.

ويعتبر الكاتب والأديب عيسى قراقع في كلمته خلال الحفل، أن ما كتبه حسن سلامة يستوجب من الجميع الاعتذار له، كونه مر بتجربة 14 عامًا في العزل الانفرادي، فيما تطرق قراقع إلى معاناة الأسير سلامة داخل العزل الانفرادي وأمنيته بالنوم فقط! وكيف نجا سلامة على مدار 14 سنة حيث كان الاحتلال يستهدف نفسيته، إيصاله إلى حالة الاستسلام والانهيار ويفقد الذاكرة.

ويشدد قراقع على أن فلسفة الكتاب تتحدث عن تعزيز فكرة أن لا يخشى الفلسطيني الموت، وأن لا ينكسر وأن يبقى قويًا ويصمد وأن لا يخسر أمام الاحتلال في مقاومته داخل السجن والتي لا تنتهي في السجن بالتحدي والصبر والإيمان بعدالة القضية الفلسطينية، كما أن سلامة حلق بأحلامه خارج أسوار السجن فتحرر من هذه الزنازين.

ويتحدث الكاتب والمؤرخ عوني فارس في كلمته خلال الاحتفال، عن البعد التوثيقي للكتاب ومحتواه، واجتراح سلامة وسائل وإرادة فولاذية للصمود، بينما تحدث الكاتب د.أسامة الأشقر عبر الاتصال المرئي، عن تجربته في تحرير الكتاب، حيث أكد أنه حافظ على النص الأصلي بالمحافظة على لغة الكاتب نفسه وأن تدخلاته هو كانت معالجة تحريرية فقط.

يقول الأشقر: "يكفي حسن سلامة أن يسرد الوقائع، وليس ضرورياً أن يكون السرد بلغة الأدباء، حيث أراد أن يوثق تجربته"، مشيرًا إلى أن الكتاب كتب على فترات متقطة وصلت لأعوام.

بدوره، يقول رئيس بلدية البيرة إسلام الطويل في كلمته، "إن أهم ما يميز الكتاب هو عظمة الأسير بالصبر، والكتاب خرج من بين الجدران ليخبرنا أنه رغم الحياة الصعبة إلا أن هنالك فرج، وهو ما يتطلب منا العمل على تفعيل قضية الأسرى".

ويوضح الكاتب والروائي وليد الهودلي في حديث لـ"القدس" دوت كوم، أن حسن سلامة يرصد أشكالاً كثيرة من التوحّش وصبّ أسواط العذاب بأسوأ طرقها وألوانها على هذا المعتقل الذي يستفردون به في زنازينهم، ويرصدون كل ثانية ودقيقة وساعة ويخرجون له بكل ما يجعله في حالة من الألم الدائم على مدار الأربع وعشرين ساعة! وعن العلاج لمرض ويعتبرونها فرصة ذهبية لهم، إذ "يتمزمزون" على صوت آلامه!

ويتابع الهودلي، إن الكتاب ثريّ جداً، ويحمل تجربة عظيمة تستحق أن تُقرأ وتدرّس لطلاب العزّة والتمكين والتحرير وكل من رام شجاعة الرجال وصمود الأبطال.

ووفق الهودلي، فإن الكتاب الذي يأخذ أنفاسك ويقلّب كل المواجع التي عرفتها البشرية تجد الصورة التي يتحلّى بها هذا المحتلّ على صورته الحقيقية، لا يمكن أن تتسلل لهذه الشخصية أية مشاعر إنسانيّة أو مشاعر تقول لك أن من يملكها له علاقة بالبشرية، إنهم من جنس آخر لا يعرف قيمة ولا عرفاً ولا قانوناً قرّرته البشرية حول الأسير وحقوقه والاعتبارات التي يجب أن تؤخذ، ولا همّ لهم إلا فنون التنكيل والتعذيب.

ويشدد الهودلي على أن خروج سلامة من ماكينة العذاب هذه سالماً ويكتب لنا عن تجربة الخمسة آلاف يوم فهذا شيء عظيم يدلّ على طبيعة شخصيّة الكاتب، شخصية فذّة قويّة في إيمانها بربّها وعدالة قضيتها، متماسكة ببنيانها القويم، فريدة في عنفوانها ورسوخها في مبادئها التي تؤمن بها.