أقلام وأراء
الإثنين 29 أغسطس 2022 10:52 صباحًا - بتوقيت القدس
الشرعية الدولية: ما لها وما عليها
بقلم:إبراهيم أبراش
بات من الواضح أن تداعيات الحرب بين روسيا والغرب لن تقتصر على المجالات الجيواستراتيجية والاقتصادية بل ستمس أيضاً الأسس والمرتكزات والمفاهيم والمصطلحات التي قام عليها النظام الدولي الناتج عن توازنات ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى عن النظام الدولي الملتبس بعد انهيار المعسكر الاشتراكي ونهاية الحرب الباردة.
وحيث إن لكل نظام دولي منظومته القانونية من قوانين وأحكام وبروتوكولات واتفاقات وقرارات تراكمت عبر عقود أو ما يُصطلح على تسميتها (الشرعية الدولية) فإن حرب أوكرانيا أخلَّت بأغلب مرتكزات النظام الدولي (نظام يالطا) وبالشرعية الدولية المنبثقة عنه، وفي هذا السياق نتساءل عن مصير مواقف وقرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية وهي القضية التي ارتبطت بالشرعية الدولية أكثر من غيرها وخصوصاً بعد التحول في موقف قيادة منظمة التحرير عام 1988 من الشرعية التاريخية إلى الشرعية الدولية.
إن كان من السابق لأوانه الحديث عن نهاية حقبة الأمم المتحدة وتأسيس هيئة دولية جديدة إلا أنه يجب التفكير بهذا الأمر فيما يخص القضية الفلسطينية التي ارتبطت بالشرعية الدولية وقراراتها منذ عام 1947 بل وقبل ذلك منذ الانتداب البريطاني بعد الحرب العالمية الأولى 1920، ولأن هناك عشرات القرارات الدولية لصالح الشعب الفلسطيني بالإضافة إلى عضوية فلسطين في كثير من المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، كما أن التسوية السياسية على أساس حل الدولتين التي تراهن عليها القيادة الفلسطينية معتمدة كلياً على الشرعية الدولية وقراراتها.
قد يقول قائل ما قيمة هكذا مواقف وقرارات أممية ما دامت لا تجد طريقاً لها للتنفيذ وما دامت القضية الفلسطينية دون حل والكيان الصهيوني يواصل احتلاله لكل فلسطين كما يواصل ممارساته الاستيطانية والعنصرية؟ ولماذا التمسك بالشرعية الدولية التي انكشف عجزها في كل الحروب والصراعات الدولية وآخرها الدائرة في أوكرانيا وحروب الشرق الأوسط حيث يتم حل الصراعات بالقوة المسلحة وليس بقرارات الشرعية الدولية؟ وماذا نفعت الشرعية الدولية الفلسطينيين طوال أكثر من 74 سنة حيث لم تستطع أن تلزم الكيان الصهيوني بتنفيذ ولو قرار دولي واحد؟
هذه تساؤلات مشروعة ولكن، الشرعية الدولية وقراراتها ومواقف الدعم والتأييد من شعوب ودول العالم لا تنوب ولا هي بديل عن النضال الفعلي والواقعي للشعب الفلسطيني ولكل الشعوب التي تناضل من أجل الحرية والاستقلال، إنها تُشهِر الحق وتعترف به وتروجه عبر العالم وتمنح لأصحابه منصة للتعبير عنه والتواصل مع العالم كما تضفي شرعية على نضال الشعوب الخاضعة للاحتلال من خلال قرارات وتوصيات وهناك قرارات دولية عديدة تضفي شرعية على مقاومة الاحتلال، وسلبية أو تقصير الشرعية الدولية أو الطابع المعنوي لمواقف الدعم والتأييد يجب ألا يدفعنا لطي صفحة الأمم المتحدة وأي نشاط سياسي ودبلوماسي دولي.
حتى لو كانت الأمم المتحدة شبه مشلولة وفيها ازدواجية في التصرف، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني، إلا أن قرارات وتوصيات الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى لا تسقط تلقائيا بالتقادم أو بتغير موازين القوى الإقليمية والدولية ووجودها يشكل أرضية ومرجعية يمكن للشعب الفلسطيني ودول وشعوب العالم المناصرة لعدالة القضية الفلسطينية البناء عليها والانطلاق منها لمواجهة عدوانية دولة الكيان الصهيوني التي هي عضو في الأمم المتحدة، وعلى الأقل فإن هذه القرارات كالاعتراف بالدولة الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره الوطني ووسم إسرائيل بالعنصرية... الخ تضع في يد الدبلوماسية الفلسطينية وكل المساندين لعدالة القضية الفلسطينية ورقة قوية وأساساً لفضح إسرائيل وممارساتها وزيف روايتها في المحافل الدولية وعند الرأي العام العالمي.
ومن جهة أخرى يجب الحذر من التقليل من شأن الأمم المتحدة وقراراتها، فبالرغم من ضعفها الظاهر إلا أنها ومن خلال تأثير الدول الكبرى عليها تستطيع أن تتدخل في حياة الدول والشعوب سلباً أو إيجاباً ليس فقط في الشأن السياسي بل أيضا الاقتصادي والاجتماعي، ونُذكِر هنا كيف احتلت أمريكا العراق من خلال قرار مُبهم انتزعته من مجلس الأمن، وكيف أرسلت الأمم المتحدة قواتها إلى لبنان للمرابطة على الحدود مع إسرائيل وتحييد قوة حزب الله الخ.
نعم، هناك خلل في تعامل الشرعية الدولية وخصوصاً هيئة الأمم المتحدة مع القضية الفلسطينية من جهة عدم تنفيذ القرارات وازدواجية التعامل ولكن أيضا السياسة الفلسطينية الرسمية وخصوصا في عهد الرئيس أبو مازن تتحمل جزءاً من المسؤولية لأنها رهنت مصير القضية الوطنية بالشرعية الدولية وقراراتها دون محاولة جادة لشق طريق آخر لتعزيز المطالب الشرعية بتقرير المصير والحرية والاستقلال وتفعيل قرارات الشرعية الدولية، مثلا حق الدفاع عن النفس والمقاومة جزء منه وهو حق لا يتعارض مع الشرعية الدولية ولا مع السعي للسلام والتسوية السياسية بل منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، ولحق الدفاع عن النفس ومقاومة الاحتلال طرق متعددة وليس بالضرورة المواجهة العسكرية المباشرة .
وأخيرا، هل فكرت القيادة الفلسطينية في مستقبل ومصير القضية الوطنية في حالة تغيير مرتكزات وأولويات الشرعية الدولية وربما انهيار الأمم المتحدة؟
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
أطفال فلسطينيون تعرضوا للإعدام الميداني
الأكثر قراءة
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
الشرعية الدولية: ما لها وما عليها