Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

السّبت 13 أغسطس 2022 11:02 صباحًا - بتوقيت القدس

"حماس" والمقاربة السياسية ... واقعية سياسية أم تحولات دراماتيكية!‏

بقلم: د. منصور أبو كريم


لم يكن عدم رغبة حركة "حماس" وجهازها العسكري الدخول على خط المواجهة مع الاحتلال ‏الإسرائيلي خلال جولة التصعيد الأخيرة التي قادتها حركة الجهاد الإسلامي وجهازها العسكري ‏"سرايا القدس" بمفردها بمساندة بعض الفصائل الأخرى؛ إلا تعبيرًا عن تقديم الحركة المقاربة ‏السياسية على المقاربة العسكرية في مسعى منها للتجاوب مع تطورات الأوضاع الدولية ‏والإقليمية، وإكراهات الواقع المتردي في قطاع غزة بعد سنوات من الحصار والحروب التي ‏أنهكت الحجر والبشر.‏


منذ اللحظة الأولى لاندلاع المواجهة لم ترغب حركة "حماس" في الدخول على خط المواجهة لأسباب ‏تتعلق بسوء الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والانسانية في غزة وعدم رغبة الحركة في تكرار ‏سيناريو حرب ايار 2021، فهل هذا الأمر يمثل عقلانية سياسية جاءت متأخرة؟ أم يعبر عن ‏تحولات جذرية في سلوك الحركة السياسي تجاه آليات التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي الذي ‏يستخدم مع الحركة سياسة (العصا والجزرة).‏


لقد كشفت جولة التصعيد الاخيرة عن مدى التحولات التي طرأت على سلوك حركة "حماس" ‏السياسي بعد سنوات من دخولها النظام السياسي الفلسطيني وسيطرتها المنفردة على قطاع غزة، ‏فالحركة التي كانت تصنف على أنها رأس الحربة في مشروع المقاومة المسلحة باتت تفضل ‏العمل السياسي على العمل المسلح، هذا التحول ترافق مع رغبة الحركة في الحصول على ‏الشرعية الدولية والاقليمية في إطار صراعها الداخلي مع حركة "فتح" ومنظمة التحرير على زعامة ‏الشعب الفلسطيني، عبر الجنوح أكثر إلى التعاطي الإيجابي مع متطلبات المجتمع الدولي عبر ‏ضبط استخدام السلاح في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وتقديم المقاربة السياسية على المقاربة ‏العسكرية مع الاحتفاظ بورقة "القسام" كضمانة لاستقرار حكمها في غزة.‏


هناك مؤشرات كثيرة على قياس درجة ومدى هذا التحول، منها وثيقة المبادئ والسياسات العامة ‏التي شكلت نقلة نوعية في فكر الحركة تجاه التسوية السياسية، وتصريحات قيادة الحركة في ‏الداخل والخارج، التي باتت أقرب إلى برنامج منظمة التحرير الفلسطينية عبر القبول بدولة ‏فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967.‏


"حماس" لم تكن الاستثناء الوحيد في الحالة الفلسطينية؛ فهذا المسار سلكته من قبلها حركة "فتح" ‏ومنظمة التحرير عقب الخروج من بيروت عام 1982، عبر تقديم المقاربة السياسية والعمل ‏السياسي على الكفاح المسلح، وهو الأمر الذي ساهم في دخول المنظمة على خط التسوية ‏والتوقيع على اتفاق أوسلو عام 1993، وما يحدث بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة "حماس" من ‏تفاهمات برعاية دولية وإقليمية يمثل تمهيدًا لدخول الحركة على خط التسوية السياسية المباشرة ‏مع الاحتلال إن توفرت المعطيات الدولية والإقليمية والفلسطينية التي تساند ذلك.‏


ربما هذا التطور في سلوك الحركة تجاه تقديم المقاربة السياسية على المقاربة العسكرية ناتج عن ‏مأزق حكم الحركة في غزة، بعد سنوات من الحصار والحروب؛ مما أدى لتردي الوضع الإنساني ‏في غزة في ظل ارتفاع معدلات البطالة والفقر وسوء التغذية، مما دفع الحركة لعدم الدخول على ‏خط المواجهة مع الاحتلال خلال جولة التصعيد الأخيرة، خشية منها من تكرار سيناريو حرب ايار 2021 التي أدت لتدمير البنية التحتية في غزة بشكل كامل.‏


ثمة مؤشرات كثيرة تؤكد أن حركة "حماس" تقف الآن على مفترق طرق جوهري ومصيري، بين ‏كونها جزء من محور مقاومة يقدم العمل العسكري على العمل السياسي في التعاطي مع ‏الاحتلال الإسرائيلي في إطار برنامج المقاومة الذي نجحت من خلاله الحركة في كسب تأييد ‏الشارع الفلسطيني، عبر رفضها لخيار مفاوضات التسوية السياسية، وبين كونها سلطة حكم ‏تدير الأوضاع في قطاع غزة، ومسؤولة عن تدبير شؤون السكان في ظل تحديات وإكراهات ‏الواقع المتردي، وبين متطلبات المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية التي تصنف الحركة ‏ضمن قوائم "الإرهاب".‏


هذا المسار الصعب والمتعثر الذي تمر فيه الحركة يجعلها تميل أحيانًا للعمل العسكري من ‏خلال المواجهات العسكرية المتكررة مع الاحتلال، بينما تقدم الخيار السياسي الأقل كلفة في ‏كثير من الأوقات، لضمان التوازن بين المسارات، بما يضمن من جانب البقاء في محور ‏المقاومة كتموضع استراتيجي، ومن جانب آخر التعاطي الإيجابي من متطلبات المجتمع، ‏فحركة"حماس" عقب دخولها النظام الفلسطيني وسيطرتها على غزة تحولت من حركة مقاومة ‏عسكرية بشكل صرف، لحزب سياسي يقود سلطة؛ كما فعلت "فتح" عقب اوسلو.


عدم دخول "حماس" على خط المواجهة مع الاحتلال خلال التصعيد الاخير لم يترك حركة الجهاد ‏الإسلامي بمفردها في المعركة فحسب، بل جاء تأكيدا لعمق التحولات التي ضربت فكر وسلوك ‏الحركة تجاه تقديم المقاربة السياسية على المقاربة العسكرية، والتجاوب مع متطلبات المجتمع ‏الدولي، بهدف البحث لها عن مكانة في عالم متغير.‏


*كاتب وباحث سياسي

دلالات

شارك برأيك

"حماس" والمقاربة السياسية ... واقعية سياسية أم تحولات دراماتيكية!‏

المزيد في أقلام وأراء

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 81)