أقلام وأراء
الخميس 23 يونيو 2022 9:41 صباحًا - بتوقيت القدس
هل تحارب أمريكا الصين لأجل تايوان؟
بقلم: د. منار الشوربجي
الضجة التي أثارها تصريح الرئيس الأمريكي بخصوص تايوان، أثناء زيارته مؤخراً، ليست في محلها. فهي مبنية على مجموعة من الافتراضات لا يوجد دليل على صحتها.
فخلال توقفه في اليابان خلال جولته الآسيوية، سئل بايدن عما إذا كانت بلاده ستتدخل عسكرياً في حال تعرّضت الجزيرة لهجوم صيني، فرد بالإيجاب، مضيفاً إن «هذا هو ما التزمنا به». وسرعان ما أعلن البيت الأبيض أن سياسة الولايات المتحدة تجاه تايوان لم يطرأ عليها أي تغيير. لكن المراقبين فسروا تصريح بايدن باعتباره تراجعاً عن سياسة أمريكا التقليدية. وقد بنوا تفسيرهم على أساس أن الولايات المتحدة ألزمت نفسها منذ السبعينيات، بمبدأ «الصين الواحدة»، الذي نص عليه إعلان شنغهاي، كما التزمت هي والصين معاً، في الإعلان نفسه، بعدم قيام أي منهما بالهيمنة على إقليم آسيا والمحيط الهادي.
كما رأى المراقبون أن تصريح بايدن معناه أن الولايات المتحدة تخلت عما صار يعرف بسياسة «الغموض الاستراتيجي»، أي عدم الإفصاح عن رد الفعل الذي تتخذه حال تعرّضت تايوان لهجوم صيني. وربما بنى هؤلاء رأيهم أيضاً على أساس أن بايدن، منذ كان عضواً بمجلس الشيوخ، عرف بأنه كثيراً ما كان يفصح عن المسكوت عنه ثم يسرع مساعدوه بإعادة تفسير ما قاله، بالضبط كما فعل البيت الأبيض.
لكن هذا التحليل لا يأخذ في اعتباره اعتبارات عدة، أولها أن الولايات المتحدة لم تلتزم، يوماً، بمبدأ الصين الواحدة التزاماً مطلقاً. فليس سراً أن الولايات المتحدة لها علاقات وثيقة بتايوان، بما في ذلك العلاقات العسكرية، وهى تمد الجزيرة بشتى أنواع الأسلحة. وثاني تلك الاعتبارات أن أياً من الصين والولايات المتحدة لم تلتزما بمبدأ عدم الهيمنة في آسيا، كل على طريقتها. فأمريكا، منذ أن اعتبرت الصين «التهديد الأول لأمنها القومي» حولت انتباهها من الشرق الأوسط لما صارت تطلق عليه إقليم «المحيطين الهندي والهادي»، ساعية لتطويق الصين عبر وجود عسكري قوي في المنطقة.
وهي في هذا الصدد تعمل من خلال منظمة دول جنوب شرق آسيا، «الآسيان»، والرباعية المعروفة باسم «الكواد»، والمكونة من الهند وأمريكا واستراليا واليابان. ثم شكلت مؤخراً ما صار يعرف بـ«الأوكوس»، وهو التحالف الذي تمد بموجبه أمريكا وبريطانيا المظلة النووية لأستراليا. وتلك الاستراتيجية الأمريكية تواجهها الصين عبر مد نفوذها الاقتصادي بقوة في أنحاء المعمورة وخصوصاً في آسيا. فمبادرة الحزام والطريق مشروع عملاق تقوم من خلاله الصين، بالمساهمة المالية والتقنية لتشييد البنية التحتية في الدول التي يمر عبرها.
وقد صارت الصين لاعباً اقتصادياً عملاقاً في أفريقيا على وجه الخصوص، ولكنها مدت نفوذها حول العالم، بل وصلت إلى أمريكا اللاتينية، المجال الحيوي لأمريكا ذاتها. والولايات المتحدة صارت تخشى ذلك النفوذ الاقتصادي الصيني نفسه باعتباره مرشحاً لطرد استثمارات شركاتها الكبرى، الاقتصادية والعسكرية. كما تخشى التطور التكنولوجي الصيني وما يصاحبه من تطور عسكري هائل. وهو ما كان واضحاً من الاستراتيجية الأمريكية تجاه الصين والتي أعلنها وزير الخارجية بلينكن بعد تصريح بايدن بأيام.
أما الاعتبار الثالث، والأكثر أهمية، هو أن الولايات المتحدة تدرك جيداً أن المواجهة العسكرية مع الصين ليست في مصلحتها، حتى لو كانت بخصوص تايوان. فللصين مزية لا تملكها أمريكا في آسيا، وهي القرب الجغرافي الذي يجعل لها اليد الطولى حال خوض المواجهة العسكرية. ولماذا نذهب بعيداً، فالولايات المتحدة لم تغامر بالتدخل بقوات عسكرية في أوكرانيا ضد روسيا التي تظل أضعف بكثير من الصين عسكرياً واقتصادياً وتكنولوجياً، واكتفت بدلاً من ذلك بالمساعدات العسكرية لأوكرانيا، فضلاً عن استخدام سلاح العقوبات، وهو سلاح يصعب استخدامه ضد ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أي الصين، دون دفع ثمن باهظ.
من هنا، فإن التحليل الأقرب للدقة، هو أن تصريح بايدن لا يمكن فهمه إلا في سياق ما يجري في أوكرانيا. فأمريكا تخشى أن تفعل الصين مثل روسيا وتضم تايوان. وهو ما قاله بايدن بنفسه بالتصريح ذاته، فتدخل الصين في تايوان، عنده، يقوض المنطقة كلها ويكون «مثلما حدث في أوكرانيا، بل يمثل عبئاً أكثر وطأة». بعبارة أخرى، فإن تصريح بايدن تجسيد للقلق الأمريكي، لا لتغيير سياستها تجاه الصين، وهي التي ستكون على الأرجح حرباً باردة ممتدة لا ساخنة.
عن "البيان الاماراتية"
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
إقرار إسرائيلي بتجويع مواطني القطاع
حديث القدس
اتفاق المعارضة على إلغاء "الأونروا" ماذا يعني؟
سماح خليفة
حرب الإبادة الجماعية وواقع الدولة المأزومة
سري القدوة
لا وقف قريباً لإطلاق النار على جبهتي لبنان وقطاع غزة
راسم عبيدات
حماس بعد السنوار.. هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟
علاء كنعان
ماذا -حقا- يريد نتنياهو..؟
د. أسعد عبد الرحمن
التحول الخليجي والعلاقات مع الأردن
جواد العناني
متى يرضخ نتنياهو؟
حديث القدس
سياسات الاحتلال وقراراته تجاه الأونروا .. جنون وحماقة
بهاء رحال
السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024
كريستين حنا نصر
الحرب على الأونروا وشطب حقوق اللاجئين
سري القدوة
المجازر والتهجير غطاء (لأوكازيون) المفاوضات
وسام رفيدي
مبادرة مروان المعشر
حمادة فراعنة
سجل الإبادة الجماعية
ترجمة بواسطة القدس دوت كوم
هيجان إسرائيلي ومجازر إبادة متواصلة
حديث القدس
المُثَقَّفُ والمُقَاوَمَة
المتوكل طه
عواقب خيارات نوفمبر
جيمس زغبي
النكبة الثانية والتوطين المقبل
سامى مشعشع
They will massacre you
ابراهيم ملحم
شطب الأونروا لشطب قضية اللاجئين
حمادة فراعنة
الأكثر تعليقاً
الأردن تدعوا إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
نتنياهو: نريد أن تدفع إيران الثمن وأن نمنعها من التحول لقوة نووية
الشيخ: قرارات الكنيسيت لن تغير من حقيقة أن القدس عاصمة أبدية للفلسطينيين
مازن غنيم يؤدي اليمين القانونية أمام الرئيس سفيرا لدولة فلسطين لدى السعودية
حزب الله يعلن انتخاب نعيم قاسم أمينا عاما خلفا لنصر الله
الشرطة: مقتل مواطن بإطلاق نار جنوب الخليل
غزة والانتخابات الأمريكية
الأكثر قراءة
وزارة العمل وجمعية قدسنا توقعان اتفاقيتي تعاون لتعزيز فرص العمل في القدس
مصطفى: الاقتصاد الوطني انكمش بمقدار 35٪ بفعل استمرار عدوان الاحتلال
الأردن تدعوا إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
عملية دعس وإطلاق نار في القدس المحتلة
السعودية تستضيف أول اجتماع رفيع المستوى لـ"تحالف حل الدولتين" الأربعاء المقبل
إسرائيل تتحدى الكون.. اغتيال حاملة الأختام
صمدت في جباليا.. استشهاد الفنانة التشكيلية الفلسطينية محاسن الخطيب
أسعار العملات
الجمعة 01 نوفمبر 2024 7:22 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 4.06
شراء 4.04
هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟
%20
%80
(مجموع المصوتين 523)
شارك برأيك
هل تحارب أمريكا الصين لأجل تايوان؟