عربي ودولي
الأحد 24 أبريل 2022 2:12 مساءً - بتوقيت القدس
إيمانويل ماكرون وريث التقليد المندفع نحو التطويع والتغيير
باريس- (أ ف ب)- صدم إيمانويل ماكرون بمواقفه المسببة للانقسام وأسلوبه في ممارسة الحكم، الكثير من الفرنسيين الذين اعتبروه منفصلا عن واقعهم، لكنه سجّل نقاطا على الصعيد الدولي في تحديات أوروبية وقضايا مرتبطة بالذاكرة.
أمضى ماكرون الذي يتهمه فرنسيون بالعجرفة، خمسة أعوام في الرئاسة طبعتها قدرته على تغيير سياساته وتطويعها حسب الحاجة، في أسلوب دفع صحيفة لوموند لتشبيهه بـ"الحرباء".
ومن شخصية مغمورة لم يسبق لها أن انتخبت إلى أي منصب عام، أصبح وزيرا للاقتصاد في حكومة الرئيس الاشتراكي السابق فرانسوا هولاند، ثم أصغر رئيس سنّا يدخل قصر الإليزيه في 2017، وهو لم يزل في التاسعة والثلاثين من العمر.
عرف الشاب الطموح كيف يرسم لنفسه صورة الآتي من خارج الحلبة التقليدية لليسار واليمين، والقادر على اللعب بحنكة على وتر تشتت الأحزاب التقليدية في الجمهورية الخامسة.
وأحاط نفسه بفريق وفي يرتكز على شبان في الثلاثينات من العمر بنوا خبراتهم في مجالات الإعلان والاستشارات والمناصب الإدارية.
وأبدى المصرفي السابق خرّيج "المدرسة الوطنية للإدارة" (إينا) الممر شبه الإلزامي لكل طامح لتولي مسؤولية عامة عليا في فرنسا، باستمرار رغبته بأن يثير مفاجأة وحتى صدمة.
في وقت مبكر، التصقت به صفة "رئيس الأثرياء" ونخب المدن لا سيما بعد قرارين اتخذهما في بداية ولايته الرئاسية ولم يقبل بهما اليسار على الاطلاق: إلغاء الضريبة على الثروة، وخفض الإعانات للإسكان.
في نظر قسم من الفرنسيين، تؤشّر مواقف علنية وتصريحات أدلى بها على انفصاله عن حياتهم اليومية، مثل حديثه عن أناس "لا يساوون شيئا"، أو اعتباره أن العاطلين عن العمل قد يجدون وظيفة بمجرد "أن يعبروا الشارع".
أثار ماكرون بذلك نفورا لا عودة عنه لدى بعض اليسار والأوساط الشعبية.
وهو شدّد خلال حوار تلفزيوني في كانون الأول/ديسمبر، على أنه اكتسب "الكثير من الاحترام للجميع"، مقرا بأنه في غياب ذلك "لا يمكننا تحريك شيء".
لم تقتصر الملاحظات التي طالته على الطبقات الاجتماعية أو التيارات السياسية المخالفة لتوجهاته.
ففي 2020، وفي خضّم التحذيرات والمخاوف من التغيّر المناخي، أثار انتقادات الخبراء البيئيين بعدما سخر من الذين يفضّلون "العودة إلى مصباح الكاز".
أضرّت علاقته الوثيقة بالمكاتب الاستشارية التي اعتمد عليها بشكل كبير، بصورته في نهاية ولاية رئاسية طبعتها بشكل لا لبس فيه تحركات "السترات الصفر" الاحتجاجية على سياساته الاجتماعية في 2018 و2019.
وأثارت أعمال العنف التي تخللت هذه الاحتجاجات، لا سيما عدد الأشخاص الذين أصيبوا بالعور في أعينهم بسبب نيران قوات الأمن، صدمة لدى قسم من الفرنسيين.
أقدم ماكرون أيضا خلال ولايته على رهانات تنطوي على مخاطرة، مثل رفضه في كانون الثاني/يناير 2021 فرض إغلاق شامل جديد نادى به وزراء وعلماء في خضم تفشي جائحة كوفيد-19. إلا أن هذا القرار صبّ في نهاية المطاف في مصلحته.
على الرغم من ذلك، ينهي ماكرون ولايته وهو يتمتع بشعبية أكبر من تلك التي حظي بها -في الفترة ذاتها- سلفاه فرانسوا هولاند ونيكولا ساركوزي.
وسعى ماكرون إلى توسيع قاعدة شعبيته خصوصا في المراحل الأخيرة.
فقد ابتعد عن ميله الإصلاحي الليبرالي واختار توفير مساعدات اجتماعية واقتصادية هائلة خلال الجائحة ووضعها في إطار معادلة مساعدة الفرنسيين "مهما كلّف الأمر".
وفي الآونة الأخيرة، عاد إلى تكرار عبارة "في الوقت عينه" التي ردّدها مرارا خلال حملته الانتخابية في 2017، ودفع بالإجراءات الاجتماعية في برنامجه إلى الواجهة، في وقت يبدو أن وجهة أصوات اليسار قد تكون فاصلة في تحديد الفائز في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية بينه وبين منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبن.
ووصل به الأمر إلى التأكيد خلال تجمع انتخابي في مدينة نانت بغرب فرنسا، أن "حيواتنا أغلى من أرباحهم"، وهو شعار يرفعه اليسار المتطرف.
أبقى ماكرون على هوامش في بعض القضايا العقائدية، إلا أنه لم يحد مطلقا عن تلك المؤيدة لأوروبا. وقد جعل من القارة الركن الأساسي لدبلوماسيته على مدى خمسة أعوام، ويدفع باتجاه تعزيز الدفاع الأوروبي.
منذ بدء غزو موسكو لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير، بقي ماكرون أكثر القادة تواصلا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويؤدي دور وسيطا بين الكرملين من جهة وقادة الغرب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من جهة أخرى.
ودفع الرئيس المنتهية ولايته المجتمع الفرنسي نحو خطوات تصالحية مع تاريخه في قضايا بقيت عصيّة لعقود.
فقد شهدت ولايته تقاربا لافتا بين باريس وكيغالي بعدما نشر في 2021 تقرير للجنة مؤرخين أعدّ بطلب منه، يقرّ بأن فرنسا تتحمل "مسؤولية كبيرة وجسيمة" في الإبادة الجماعية لأقلية التوتسي في رواندا عام 1994.
كما قام بمبادرات للتصالح مع ذاكرة حرب الجزائر، فأقرّ بأن عالم الرياضيات موريس أودان قتل تحت التعذيب، وبأن المحامي القومي علي بومنجل "تعرض للتعذيب والقتل" على يد الجيش الفرنسي، مناقضا الرواية الرسمية بانتحاره.
وطلب العام الماضي "الصفح" من الحركيين الجزائريين الذين قاتلوا في صفوف الجيش الفرنسي خلال حرب الجزائر، والذين "تخلت عنهم" فرنسا.
وفي شباط/فبراير 2017، أثار إيمانويل ماكرون الذي كان حينها مرشحا للانتخابات الرئاسية استنكار اليمين والفرنسيين العائدين من الجزائر بعد إعلانه أن الاستعمار "جريمة ضد الإنسانية".
وأعرب مطلع 2022 عن "عرفان" بلاده للفرنسيين الذي عادوا من الجزائر، ودعا إلى الاعتراف بـ"مجزرتي" إطلاق النار حصلتا في شارع إيسلي في الجزائر في 1962، وفي وهران في 1962، بعد توقيع اتفاقيات "إيفيان".
كما عمل ماكرون، وهو أول رئيس فرنسي يولد بعد انتهاء حقبة الاستعمار، على تحسين العلاقات مع دول أفريقية.
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
7 مجازر و120 شهيدًا بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%52
%48
(مجموع المصوتين 96)
شارك برأيك
إيمانويل ماكرون وريث التقليد المندفع نحو التطويع والتغيير