فلسطين

السّبت 23 أبريل 2022 10:48 صباحًا - بتوقيت القدس

حكاية "ثائر".. قتل الاحتلال طفله ولم يكتفي باستهدافه

بيت لحم – "القدس" دوت كوم - نجيب فراج – "كان أول يوم بعد اعتقال والدي من قبل قوات الاحتلال صعبًا للغاية، حينما تحلقنا على مائدة الافطار بدونه فافتقدناه"، هذا ما قالته الشابة كيان ثائر مزهر بعد اعتقال والدها.


وكانت قوة عسكرية اسرائيلية قد أغارت على منزل ثائر مزهر يوم الأربعاء الماضي في مخيم الدهيشة وفجرت مدخله الرئيس وأطلقت قنابل الصوت لإرهاب العائلة، معظمهم من الأطفال، ومن ثم جرى اعتقال الأب البالغ من العمر 48 عامًا لتحوله إلى سجن عوفر، حيث اتصل بعائلته وأبلغهم أن قوات الاحتلال سوف تعقد له محكمة للنظر في توقيفه يوم الأحد (غدًا) القادم رغم أن ضابط المخابرات أبلغه نيته بتحويله إلى الاعتقال الإداري.


حكاية معاناة لا تنتهي


ولثائر حكاية طويلة مع الاحتلال، حيث اعتقل والده المناضل حلمي مزهر في بداية السبعينات من القرن الماضي، ولم يكن حينها قد جاء إلى الحياة بعد، ومن ثم جرى إبعاده إلى المنفى ومكث في الأردن لأكثر من ثلاثة عقود، إلى أن عاد مع أفواج العائدين مع بداية مجيء السلطة الفلسطينية في منتصف تسعينيات القرن الماضي، وقد حملت والدته به وبشقيقه الأصغر ياسر عندما كانت تزور والده في منفاه بالأردن، وترعرع ثائر بعيدًا عن والده، إلى أن عاد إلى ارض الوطن، وكان حينها قد تجاوز الثلاثين عامًا من عمره.


وتعرض ثائر وبقية أشقائه الأربعة إلى اعتقالات متلاحقة من قبل قوات الاحتلال، وكانت والدتهم تقسم وقتها ما بين زيارة المعتقلات والذهاب إلى الأردن، لزوجها حلمي الذي توفي قبل نحو العامين في أرض الوطن.


استشهاد النجل والحفيد


وشكلت حادثة استشهاد نجل ثائر، الشهيد الطفل أركان البالغ من العمر "15 عامًا" فجر الثالث والعشرين من تموز/ يوليو 2018، مفصلاً في حياته التي قلبتها رأسًا على عقب، فقد تلقى نبأ استشهاده وهو في مكان عمله بمدينة بئر السبع، حيث كان يبيت هناك من أجل أن يوفر لقمة عيش كريمة لبناته الست ونجليه أركان وغسان الذي لم يكن ليتجاوز عمره العامين في تلك اللحظة، فتلقى نبأ أن يعود إلى المنزل وقيل له عبر الهاتف أن اركان أصيب برصاصة، ووضعه جيد ولا تخشى عليه ليصل إلى البيت في ساعات الصباح الأولى ويجد حشودًا من المواطنين قد تجمعوا حول منزله المتواضع، ليدرك حينها أ أركان قد ارتقى شهيدًا بعد إصابته برصاصة قاتلة في صدره.


في مقابلة سابقة، قال ثائر إن استشهاد نجله أركان قد قصم ظهره، فهو صحيح طفل ولكنه بصفات رجولية، وكان لي السند في كل شيء، ورغم أنه في مرحلة الدراسة الإعدادية، كان يعاونني في ما أطلبه، وكان يشعر بعبء المهمة في تربية أشقائه وشقيقاته فكان حريصًا على كل شيء وعلى أن يكون معينًا لي ولوالدته، وكان بالمرصاد في معاونة الناس بالشارع فحينما يشاهد كهلاً أو امرأة يسارع في مساعدتهما سواءا بقطعه للشارع أو بحمل الأغراض ولهذا كان طفلاً بعقلية رجل بكل ما تحمله الكلمة من معنى.


الاستشهاد ما قبله ليس كما بعده


وبعد استشهاد أركان ليس كما قبله، كما قال ثائر الذي لم يعد يذهب إلى الورش الإسرائيلية للعمل فيها وفضل العمل محليًا أولاً لأنه لم يحصل على تصريح، كما كان مرفوضًا أمنيًا وثانيًا، "لا أريد عملهم" فارتفع صوته أضعافًا ضد الاحتلال سواءا من خلال مشاركته بكل المناسبات الوطنية وحرصه على المشاركة في جنازة الشهداء، كما كان يتدخل حتى في ترتيب مسيرات تشييعهم، ويتدخل لحل المشاكل المجتمعية، كما أنه يحمل مواقف واضحة لمقاومة الاحتلال ورفض الاتفاقيات معه.


 وظل يقول حتى قبيل اعتقاله: "هذا الاحتلال لا يريد السلام ولا ينفع معه المفاوضات وتجاربنا في ذلك واضحة".


استشهاد ابن شقيقه


وما زاد من مواقفه الوطنية، أنه فقد ابن شقيقه الشهيد ساجد عبد الحكيم بعد استشهاد نجله بعدة أشهر، وهو مسعف متطوع سقط برصاص الاحتلال في المخيم أثناء تقديمه الإسعاف للجرحى.


وبعد استشهاد نجله اقتحمت قوة عسكرية منزله، وتم اعتقاله ومكث قيد الاعتقال ثلاثة أيام، وهدده الضابط تهديدًا مباشرًا بضرورة "أن يخفض صوته"، فيما رد ثائر حينها عليه "عليكم أن تخفضوا صوت الحراب وأزيز الرصاص ووقف قتل أبنائنا .. إنكم تريدون قتلنا ومن ثم لا نسكت وحسب بل ننصاع لحرابكم القاتلة".


ملاحقة أهالي الشهداء


وفجر الأربعاء الماضي، اقتحمت قوات الاحتلال المنزل مرة أخرى واعتقلت ثائر بهذه الطريقة كونه والد شهيد يتألم على فراق ابنه حيث يذكر العديد من النشطاء عبر التواصل الاجتماعي بأن قوات لاتكتفي بقتل الفتية والأطفال بل تستهدف آبائهم أيضًا، مستذكرين والد الشهيد رعد خازم من جنين الذين تلاحقه قوات الاحتلال لاعتقاله، وما اعتقال ثائر والعديد من آباء الشهداء وفرض عقوبات عليهم كمنعهم من دخول مناطق الـ48 واحتجاز جثامين الشهداء إلا دليل على ملاحقتهم.


وتقول الشابة كيان الطالبة الجامعية، إن جلوسنا على مائدة الإفطار بدون والدنا أمر مؤلم للغاية، فالمائدة التي ينقصها أركان أصبحت اليوم ينقصها والدنا أيضًا، وأن البيت إذا قلت إنه يتألم، فإنني لا أبالغ، ولكن كل أملنا أن تكون فترة الغياب قصيرة وأن ممارسات الاحتلال لن تخيفنا رغم إنها تؤلمنا.

شارك برأيك

حكاية "ثائر".. قتل الاحتلال طفله ولم يكتفي باستهدافه

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

السّبت 02 نوفمبر 2024 12:08 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.75

شراء 3.73

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 4.05

دينار / شيكل

بيع 5.29

شراء 5.27

من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟

%47

%53

(مجموع المصوتين 17)