برعاية معالي وزير الثقافة الأسبق الأستاذ الدكتور والشاعر صلاح جرار، أُقيم مساء أمس في المكتبة الوطنية الأردنية حفل إشهار كتاب "المسجد الإبراهيمي بين عراقة التاريخ وتحديات التهويد"، للباحثة الدكتورة سارة محمد الشماس، والذي يُعد توثيقًا علميًا دقيقًا لواقع المسجد الإبراهيمي، بعيدًا عن السرد التاريخي التقليدي، كاشفًا حجم الاعتداءات والانتهاكات التي يتعرض لها، ومواجهًا محاولات الطمس والتهويد بحقائق موثقة.

في كلمته خلال الحفل، أشاد معالي الدكتور صلاح جرار بالجهد الذي بذلته الدكتورة سارة، مثمنًا تميزها في مقاومة محاولات تغييب الذاكرة الوطنية بالكلمة الصادقة والتوثيق العلمي الرصين، مؤكدًا أن عملها يشكل إسهامًا مهمًا في حماية الهوية الوطنية الفلسطينية وصون الإرث الحضاري للأمة.

وقدّم العالم الجليل وأستاذ الآثار المعروف الدكتور معاوية إبراهيم قراءة نقدية ثرية للكتاب، أبرز فيها أهم محاوره ومضامينه، مشيدًا بالدقة المنهجية التي التزمت بها الكاتبة وسلاسة عرضها العلمي، ومثمنًا الجهد الكبير الذي بذلته في التوثيق والتدقيق. وأكد الدكتور معاوية أن هذا الكتاب يمثل إضافة نوعية للمكتبة العربية، لما يحمله من قيمة علمية ووطنية عالية في الدفاع عن المقدسات الفلسطينية.

وأدار الحفل الدكتور رياض، الذي أضفى بحسن تنظيمه روحًا أكاديمية وثقافية راقية على الأمسية.

وقد شهد الحفل حضورًا رسميًا وثقافيًا مميزًا، تقدمه وفد جمعية خليل الرحمن في المملكة الأردنية الهاشمية برئاسة الدكتور محمد الجعبري، الذين أكدوا دعمهم الكامل لكل جهد علمي وثقافي يسهم في حماية الهوية الفلسطينية والدفاع عن الإرث الحضاري.

وفي كلمتها خلال الحفل، عبرت الدكتورة سارة عن شكرها العميق للمملكة الأردنية الهاشمية، قيادةً وشعبًا، مثمنةً الدور الريادي للوصاية الهاشمية في حماية المقدسات في فلسطين، ومؤكدةً على متانة العلاقة الأخوية والتاريخية بين فلسطين والأردن. كما شكرت الحضور الكريم وكافة المؤسسات الثقافية والعلمية التي ساندتها خلال رحلتها البحثية.

وتحدثت الدكتورة سارة عن أبرز التحديات التي واجهتها أثناء إعداد هذا الكتاب، وسط محاولات تغييب الحقائق، مؤكدةً أن هذا العمل لم يأتِ فقط كتوثيق علمي للاعتداءات والانتهاكات بحق المسجد الإبراهيمي، بل جاء ليكون صوتًا وطنيًا ينبه الأجيال إلى أهمية هذا المعلم الديني والتاريخي.

وخلال الحفل، وجهت الدكتورة سارة تحية تقدير للفنان العالمي الدكتور جمال بدوان، سفير الفن الفلسطيني في العالم، صاحب اللوحة البصرية المعبرة التي تصدرت غلاف الكتاب، حيث جسدت بريشته المبدعة معاناة المسجد الإبراهيمي وحكاية صموده.

وفي لفتة وفاء عميقة، أهدت الدكتورة سارة هذا العمل العلمي إلى والديها العزيزين، تقديرًا لعطائهما اللامحدود، ودعائهما الذي كان السند الحقيقي في مسيرتها، وإلى زوجها الداعم وشريك الدرب، وإلى أبنائها الأحبة: سلمى وسامي وسيما، الذين كانوا مصدر الإلهام والقوة في رحلتها العلمية والوطنية.

كما أهدت هذا العمل إلى كل فلسطيني مؤمن بحقه وهويته، مؤكدةً أن "هذا الجهد هو رسالة لكل قلب ينبض بحب فلسطين، ولكل ضمير حي يقف مدافعًا عن تاريخها ومقدساتها".

واختُتم الحفل بتوقيع الكتاب وسط أجواء من الفخر والاعتزاز بهذا الإنجاز العلمي الوطني، الذي يسهم في ترسيخ الوعي بقضية المسجد الإبراهيمي الشريف، والدفاع عن هويته الحضارية والروحية في وجه محاولات الطمس والتهويد.