Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الأحد 09 مارس 2025 9:33 صباحًا - بتوقيت القدس

الثامن من آذار.. حارسات نارنا في مطحنة الإبادة وسعير الـمجمرة

رام الله- خاص بـ"القدس" و"القدس" دوت كوم:

ريما نزال: الاحتلال استخدم المرأة الفلسطينية كأداة انتقام ممنهجة بعد شيطنتها والتحريض عليها كونها تنجب المقاومين

أمل جمعة: الحرب الحالية تركت آلاف النساء فاقدات ونازحات وزادت من معاناتهن في ظل الفقد المعقد الذي يعانين منه

د. سحر القواسمة: هناك محاربة حقيقية للمؤسسات النسوية الفلسطينية التي تتعرض للضغط من قبل الاحتلال والممولين

إلهام سامي: مسؤوليتنا أن نعيد من خلال الثامن من آذار كتابة التاريخ بما يعكس تضحياتنا ونضالنا من أجل الحرية والعدالة

آمال خريشة: "أجندة المرأة والسلام والأمن" التي تبنتها الأمم المتحدة بقيت حبراً على ورق رغم المطالبات باستخدام كافة أدوات العدالة الدولية

د. سماح جبر: النساء الفلسطينيات يعانين من صدمات نفسية مضاعفة جراء الحرب والاحتلال ما يتطلب وضع خطة ممنهجة لإسنادهن

 

يأتي يوم المرأة العالمي في الثامن من آذار، هذا العام، على وقع ما تتعرض له النساء الفلسطينيات من جرائم إسرائيلية ممنهجة تترك آثاراً عميقة على حياتهن النفسية والاجتماعية والاقتصادية، خلفتها الحرب الإسرائيلية العدوانية الأخيرة على قطاع غزة والضفة الغربية.


وبحسب ناشطات ومسؤولات نسويات في أحاديث منفصلة مع "ے"، فقد أدت تلك الحرب الوحشية إلى تفاقم معاناة النساء، حيث أصبحن يواجهن تحديات مضاعفة جراء فقدان الأحبة، والتشريد، والحرمان من الحقوق الأساسية، مثل الصحة والتعليم والعمل. 


وتؤكد الناشطات والمسؤولات النسويات أن المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي يتحملان مسؤولية قانونية وأخلاقية لحماية النساء والأطفال الفلسطينيين، إلا أن الواقع يشير إلى تقاعس كبير في هذا الدور، ورغم توثيق الانتهاكات، تظل الإدانات الدولية حبراً على ورق في ظل غياب آليات تنفيذ فعالة لمحاسبة المجرمين، ما يشجع الاحتلال على الاستمرار في جرائمه دون خوفٍ من العواقب.

 

تداعيات كارثية للحرب الحالية على النساء

 

تحذّر ريما نزال، عضو الأمانة العامة للاتحاد العام للمرأة، وعضو المجلس الوطني، من التداعيات الكارثية للحرب العدوانية الإسرائيلية على النساء الفلسطينيات واستهدافهن القصدي كما تبرهن الإحصاءات، مؤكدة أنهن يتحملن أعباء النزوح والمعاناة كسائر أفراد المجتمع، لكنهن يواجهن خصوصية مضاعفة تجعل من معاناتهن أكبر بسبب الخصوصية النسائية ومسؤولياتهن المتزايدة، حيث زادت أعباؤهن الرعائية وأصبحت أثقل، وسط انعدام الأمن والانكشاف الاجتماعي والاقتصادي.

وتشير إلى أن حرب الإبادة في قطاع غزة والتدمير الواسع والتهجير لمخيمات شمال الضفة الغربية أثّرت بشكل مباشر على النساء، حيث فقدت آلاف النساء أزواجهن وأطفالهن وأقاربهن، ما جعلهن في مواجهة تحديات كثيرة اجتماعية واقتصادية وإنسانية وصحية. 

ووفق نزال، فإن الإحصاءات أشارت إلى أن هناك أكثر من 20 ألف أرملة في قطاع غزة نتيجة الحرب الإسرائيلية، ما يضاعف من أعبائهن الاقتصادية والاجتماعية والنفسية.

وتؤكد نزال أن المرأة في غزة تحملت عبء توفير الغذاء والمستلزمات الأساسية لعائلاتها، في ظل سياسة الاحتلال التي تعتمد على حرب التجويع من خلال منع المساعدات الإنسانية ومنع دخول المواد الغذائية والطبية. 

وتوضح نزال أن تدمير البنية التحتية الصحية في قطاع غزة أدى إلى كارثة صحية خطيرة، حيث تعاني النساء الحوامل واللواتي يحتجن إلى عمليات ولادة آمنة من مخاطر كبيرة بسبب ولادتهن غير الآمنة بعد تدمير النظام الصحي والمستشفيات، حيث وضعت النساء مواليدهن في مراكز النزوح والمنازل، ما عرّض حياتهن وحياة أطفالهن للخطر في ظل غياب الرعاية الطبية.

وفي سياق الجرائم المرتكبة بحق النساء، توضح نزال أن الاحتلال استخدم المرأة الفلسطينية كأداة انتقام ممنهجة، حيث تعرضت للقتل والاعتقال والتعذيب الوحشي، كما تم توثيق حالات تحرش واغتصاب ارتكبها جنود الاحتلال، مؤكدة أن النساء المعتقلات من قطاع غزة تعرضن لتعذيب أشد بدافع الانتقام.

وتؤكد نزال أن هناك تحريضاً إسرائيلياً ممنهجاً ضد المرأة الفلسطينية وشيطنتها، حيث عملت شخصيات إسرائيلية على شيطنتها واعتبارها مسؤولة عن إنجاب المقاومين، ووصلت حملات التحريض حد الدعوة إلى اغتصاب النساء الفلسطينيات، في استهداف مباشر وواضح للمرأة الفلسطينية كجزء من الحرب النفسية والانتقام السياسي والعسكري.

وعن المواقف الدولية، تنتقد نزال الحياد والصمت الدولي تجاه ما تتعرض له النساء الفلسطينيات، معتبرة أن هذه المواقف تتراوح بين التذبذب والضبابية، حيث لم ترتقِ إلى مستوى المسؤولية المطلوبة لوقف الجرائم الإسرائيلية. 

وتشير نزال إلى أن المؤسسات الدولية، رغم تفاعلها النسبي، بحاجة إلى اتخاذ مواقف أكثر صرامة، والخروج من دائرة الحياد إلى مواقف حاسمة تُنصف الضحايا، وتعمل على محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين على الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبونها بشكل عام وبحق النساء الفلسطينيات بشكل خاص.

 

أكثر من 12 ألف شهيدة منذ السابع من أكتوبر

 

تؤكد الكاتبة والإعلامية المتخصصة في قضايا المرأة، أمل جمعة، أن الشعب الفلسطيني بأسره يعاني من انتهاك حقه في الحياة والبقاء، في ظل الهجمة الاستعمارية العنيفة التي يتعرض لها في الضفة الغربية وغزة والقدس. 

وتلفت جمعة إلى أن النساء الفلسطينيات يعانين بشكل مضاعف، حيث تجاوز عدد الشهيدات منذ السابع من أكتوبر 2023، أكثر من 12 ألف شهيدة، بينما يتضاعف هذا العدد بالنسبة للأطفال، ما يؤدي إلى تفكك العائلة الفلسطينية وتشتتها وفقدانها لكامل حقوقها الأساسية في الحياة والصحة والتعليم.

وتؤكد جمعة أن النساء فقدن جميع مقومات حياتهن، بما في ذلك البيت والمعيل والعائلة والغذاء، في وقت أصبحن فيه المعوَّل عليهن لصمود الأسرة وتثبيت أركان العائلة، تماماً كما حدث في نكبة 1948 وما تبعها من حروب وعدوان. 

وتشير جمعة إلى أن الحرب الحالية قد تركت آلاف النساء فاقدات ونازحات بلا مأوى، وهو ما يزيد من معاناتهن بشكل كبير، خاصة في ظل الفقد المعقد الذي يعانين منه.

وتوضح جمعة أن أبرز معاناة النساء تمثلت في ظروف الولادة الصعبة في قطاع غزة، حيث لا توجد مقومات للرعاية الصحية اللازمة، بل في كثير من الأحيان يتم غيابها تماماً، إضافة إلى تعرض النساء لأمراض متعددة، وعلى رأسها سوء التغذية. 

وتشدد على أن الفقد الذي أصاب الأمهات هو الانتهاك الأصعب، حيث أصيب أكثر من 17 ألف طفل باليتم جراء فقدان ذويهم.

وتشير جمعة إلى أن الاستجابة المحلية في غزة لا تلبي احتياجات النساء والأطفال إلا بشكل محدود جداً، في وقت يصمت فيه المجتمع الدولي تجاه ما يحدث. 

وتلفت جمعة إلى أنه رغم المواقف غير الرسمية التي تصدر عن بعض المنظمات الدولية غير الحكومية، فإن هذه المواقف تظل قاصرة عن تقديم الحماية الفعالة والإغاثة للشعب الفلسطيني، وهو ما يعمق معاناة النساء في الأراضي الفلسطينية.

وتنتقد جمعة تراجع مواقف المؤسسات الدولية المعنية بحقوق المرأة، مشيرة إلى أن القرار الدولي 1325، الذي يطالب بحماية النساء في حالات النزاع، لم يُترجم بشكل عملي في الحالة الفلسطينية. 

وتؤكد أن هذا القرار، الذي يجب أن يكون ملزماً ويطبق من قبل مجلس الأمن، بقي طي الأدراج ولم يُترجم إلى خطوات ملموسة لحماية النساء الفلسطينيات، ما يعكس فشلاً في تطبيق المعايير الدولية لحماية حقوق المرأة في فلسطين.

وتحذر جمعة من أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى انهيار فكرة المنظومة الدولية للحقوق كجهة فاعلة في حماية حقوق النساء، ما يعزز العلاقة المضطربة بين الفلسطينيين والمجتمع الدولي.

 

انتهاكات جسيمة وواقع مرير يتجدد مع كل يوم

 

تؤكد المديرة العامة لمؤسسة أدوار للتغيير الاجتماعي، د.سحر القواسمة، أن الثامن من آذار هذا العام يأتي في سياق مؤلم تشهده الأراضي الفلسطينية، حيث تستمر جرائم الاحتلال الإسرائيلي في التأثير على حياة النساء الفلسطينيات بشكل متزايد. 

وتوضح أن النساء في مختلف الأراضي الفلسطينية، من شمال الضفة الغربية إلى قطاع غزة، يعانين من انتهاكات جسيمة وواقع مرير يتجدد مع كل يوم.

وتشير القواسمة إلى أن النساء في شمال الضفة الغربية يعانين من آثار النزوح القسري بسبب ممارسات الاحتلال، حيث تم هدم المنازل وتشريد العائلات، كما أن أكبر معاناة تكمن في فقدان الأمهات منازلهن، وهو المكان الذي يحمل ذكرياتهن، إضافة إلى المعاناة الناتجة عن انعدام الخصوصية والنظافة، وحرمانهن من النوم، علاوة على معاناة النساء والفتيات بشكل خاص من ذوي الإعاقة.

وتلفت القواسمة إلى أن النساء في شمال الضفة، وتحديداً النازحات من المخيمات، يواجهن صعوبات جمة في الوصول إلى التعليم والخدمات الصحية، وهو ما يزيد من تعقيد وضعهن.

أما في قطاع غزة، فتوضح القواسمة أن النساء يعانين من فقدان الأحباء، ومنهم من لم يتم العثور على جثامينهم أو جثامينهن بعد، وهو ما يزيد من مرارة العيش، كما أن النساء في غزة يعانين من صعوبات في الحصول على المأوى والخدمات الأساسية نتيجة الحصار الإسرائيلي، ما يعمق من معاناتهن.

وتؤكد القواسمة أن النساء في البلد القديمة في الخليل يعشن في ظروف قاسية، حيث تتعرض حياتهن للمخاطر نتيجة ممارسات الاحتلال والمستوطنين، بما في ذلك الاعتداءات والتهديدات المتواصلة، كما أن النساء في مناطق "ج" والمضارب البدوية يتعرضن للاعتداءات المستمرة من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين، فضلاً عن سرقة الأغنام والمحاصيل الزراعية التي تشكل مصدر رزقهن الأساسي.

وتشير إلى أن النساء في القدس يعانين من التضييق المستمر، حيث يُجبرن على أن يكنّ "سجّانات" لأبنائهن، وكذلك المعاناة من سياسات الاحتلال في هدم المنازل وحرمانهن من الوصول إلى الأماكن المقدسة والمسجد الأقصى المبارك.

وتؤكد القواسمة أنه في ظل هذه الظروف، تشهد فلسطين ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الفقر والبطالة بعد الحرب الأخيرة في السابع من أكتوبر 2023، حيث فقدت النساء العديد من مشاريعهن وأعمالهن بسبب الإجراءات الإسرائيلية التي تمنع الوصول إلى أماكن العمل او وجود معيقات للوصول إلى مشاريعهن أو تسويق منتجاتهن.

وعلى الرغم من وجود تقارير دورية من المؤسسات النسوية إلى المؤسسات الحقوقية الدولية، فإن القواسمة تؤكد أن هذه التقارير لم تؤدِ إلى أي استجابة فعالة من المجتمع الدولي أو محاسبة حقيقية للاحتلال على جرائمه، مشددة على أن الحراك الشعبي العالمي المناصر للقضية الفلسطينية يجب أن يتم استثماره لوقف ممارسات الاحتلال.

من جانب آخر، تشير القواسمة إلى ضعف تمويل المؤسسات النسوية الفلسطينية في هذه الفترة الحرجة، ما يعيق تقديم الدعم اللازم للنساء الفلسطينيات. 

وتؤكد القواسمة أن هناك محاربة حقيقية للمؤسسات النسوية الفلسطينية التي تتعرض للضغط من قبل الاحتلال والممولين، ما يحد من قدرة النساء على تعزيز صمودهن ومواصلة نضالهن في مواجهة الاحتلال.

 

زيف الشعارات العالمية حول حقوق الإنسان والمساواة

 

تؤكد عضوة جمعية النجدة الاجتماعية، إلهام سامي أن الثامن من آذار، اليوم العالمي للمرأة، يأتي هذا العام ليكشف زيف الشعارات العالمية التي تتغنى بحقوق الإنسان والمساواة، بينما تقف عاجزة أمام الجرائم والانتهاكات المستمرة بحق النساء الفلسطينيات.

وتشدد سامي أن "اليوم العالمي للمرأة يضع الحركة النسوية العالمية على المحك، خاصة في ظل التخاذل الدولي أمام ما تتعرض له النساء الفلسطينيات من قتل واعتقال وتهجير بفعل سياسات الاحتلال الإسرائيلي".

وتشير إلى أن ما يحدث في فلسطين يكشف النظرة الاستعمارية لدول الشمال تجاه نساء الجنوب، حيث لم تحرك هذه الدول ساكناً أمام المجازر والانتهاكات الممنهجة التي تمارسها إسرائيل بدعم من القوى الإمبريالية.

وتوضح سامي أن النساء والأطفال يشكلون نحو 70% من الشهداء في قطاع غزة، في ظل حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل، والتي لم تقتصر على القتل العمد، بل شملت أيضاً الاعتقال التعسفي بحق النساء، حيث تعاني الأسيرات من ظروف احتجاز غير إنسانية، تشمل العزل، والحبس الانفرادي، والحرمان من الطعام والعلاج، والتنكيل النفسي والجسدي، وصولاً إلى الاعتداءات الجنسية التي بلغت حد الاغتصاب، وفق تقارير حقوقية.

وتلفت سامي إلى أن الاحتلال مارس عمليات تهجير ممنهجة بحق سكان شمال غزة، ودمر منازل النساء ومشاريعهن الاقتصادية، مما أفقدهن مصادر الدخل والأمان الاجتماعي، ناهيك عن تدمير الأراضي الزراعية وسرقة الموارد، ما أدى إلى انعدام الأمن الغذائي.

أما في شمال الضفة الغربية، فتشير سامي إلى التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر ضد مخيمات جنين، نور شمس، وطولكرم، والفارعة، وطمون، وطوباس، والمناطق البدوية في الأغوار، حيث تتعرض هذه المناطق لهجمات يومية من قوات الاحتلال والمستوطنين الذين يمارسون جرائمهم ضد البشر والشجر والحيوان، وسط حماية ودعم من الجيش الإسرائيلي.

وتؤكد سامي أن أكثر من 40 ألف فلسطيني تم تهجيرهم قسراً من شمال الضفة، ما أدى إلى تشتت النساء عن منازلهن، وأزواجهن، وأطفالهن، إضافة إلى انهيار مقومات الحياة، نتيجة للدمار الشامل والحصار المشدد الذي يفرضه الاحتلال. 

وتلفت سامي إلى أن المستشفيات في طولكرم وجنين تعرضت للاستهداف المباشر، ما أدى إلى حرمان النساء من الرعاية الصحية والخدمات الطبية الأساسية.

وتنتقد سامي صمت المجتمع الدولي، قائلة: "ما يجري في فلسطين من جرائم لم يرتقِ إلى مستوى التحرك الجاد من قبل الهيئات والحكومات والمنظمات الأممية لوقف الاحتلال وإنهاء معاناة الفلسطينيين، بل على العكس، هناك من يسعى لتبرير انتهاكات الاحتلال من خلال قلب الحقائق وإصدار بيانات مشينة تدين الشعب الفلسطيني بدلاً من الدفاع عن حقوقه".

وتشير إلى أن بعض المنظمات الأممية اقتصرت أدوارها على تقديم الإغاثة الإنسانية، متجاهلة حقيقة أن الاحتلال هو السبب الجذري لكل هذه الأزمات.

ورغم هذا التخاذل، تؤكد سامي أن الشعوب الحرة لعبت دوراً محورياً في رفع الوعي حول القضية الفلسطينية، حيث ساهمت الحركات الطلابية في دول عدة بتعزيز المقاطعة ضد إسرائيل، والضغط على الحكومات لاتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه الاحتلال.

وتدعو سامي الحركات النسوية العالمية إلى دعم النساء الفلسطينيات والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وحق اللاجئين في العودة، مشددة على ضرورة إعادة صياغة مفهوم الثامن من آذار ليكون منصة نضالية تساهم في إشعال ثورة حقيقية ضد الاستعمار والظلم، وإعلاء صوت النساء الفلسطينيات في المحافل الدولية.

وتقول سامي: "إن مسؤوليتنا كنساء فلسطينيات أن نجعل من الثامن من آذار منبراً لصوتنا، نعيد من خلاله كتابة التاريخ بما يعكس تضحياتنا ونضالنا المستمر من أجل الحرية والعدالة".

 

فشل دولي في توفير الحماية للنساء الفلسطينيات

 

تؤكد المديرة العامة لجمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، آمال خريشة أنه مع حلول اليوم العالمي للمرأة، تواجه النساء الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس انتهاكات جسيمة بفعل الاحتلال الإسرائيلي، وسط فشل المنظومة الدولية في توفير الحماية لهن.

وتوضح خريشة أن حرب الإبادة التي شهدها قطاع غزة راح ضحيتها آلاف النساء والأطفال، كما أن الحصار المفروض على غزة، وإغلاق المعابر، ومنع دخول المساعدات بعد وقف إطلاق النار، فاقم معاناة النساء الغزيات اللواتي يواجهن جرائم حرب وانتهاكات خطيرة مست بحقوقهن الصحية والنفسية والاقتصادية والسياسية.

وتشير خريشة إلى أن التقارير الحقوقية الصادرة عن جهات وطنية ودولية وثّقت استشهاد 12,316 امرأة من أصل 48,346 شهيداً حتى تاريخه، فيما تشكل النساء والأطفال 70% من الضحايا، وهو ما يكشف حجم الاستهداف الممنهج للفئات الأكثر ضعفاً، كما أن 70% من المفقودين في قطاع غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي هم من النساء والأطفال، حيث بلغ عدد المفقودين 14,222.

وتلفت خريشة إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت 450 امرأة منذ بدء الحرب حتى 25 شباط 2025، بينما لا تزال 18 أسيرة تقبع في سجون الاحتلال، حيث يتعرضن للتعذيب الجسدي والنفسي، وصولاً إلى العنف الجنسي، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.

ومنذ تاريخ السابع من أكتوبر 2023، وثقت المؤسسات المختصة (490) حالة اعتقال بين صفوف النساء في مختلف الأراضي الفلسطينية، بقي منهن في سجون الاحتلال الإسرائيلي حالياً 21 أسيرة.

أما على صعيد الأثر الاجتماعي للحرب، فقد استشهد 17,861 طفلاً، ما تسبب في مأساة إنسانية غير مسبوقة، حيث تواجه 13,901 امرأة واقعاً صعباً بعد فقدان أزواجهن، ليصبحن المعيلات الوحيدات لأسرهن، ما يفرض عليهن تحمل أعباء اقتصادية وتربوية ثقيلة في ظل غياب أي دعم دولي فعّال.

وتطرقت إلى تصاعد الجرائم الإسرائيلية في الضفة الغربية، حيث كثّفت قوات الاحتلال عمليات الاقتحام والاعتقال وهدم المنازل والتهجير القسري للسكان، إضافة إلى انتشار 898 حاجزاً عسكرياً وبوابة تعيق حركة الفلسطينيين، ما أثّر بشكل خاص على النساء والفتيات، سواء في الوصول إلى الخدمات الأساسية أو فرص العمل.

وتؤكد خريشة أن الاحتلال استخدم العنف الجنسي كأداة للقمع، حيث وثّقت حالات تعرية فتيات فلسطينيات على حاجزي شعفاط والكنتينر، إضافة إلى تفتيش أجساد الفتيات بشكل مهين من قبل الجنود الإسرائيليين، في انتهاك خطير لحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية.

وتنتقد فشل المجتمع الدولي في تأمين الحماية للنساء والأطفال الفلسطينيين، مشيرة إلى أن "أجندة المرأة والسلام والأمن" التي تبنتها الأمم المتحدة بقيت حبراً على ورق، رغم المطالبات المتكررة للحركة النسوية باستخدام كافة أدوات العدالة الدولية، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الدولي، لمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين.

وتوضح خريشة أن الجهود الحقوقية تركزت على توثيق الانتهاكات الإسرائيلية، ورفع الصوت الفلسطيني في المحافل الدولية، حيث تم تكثيف حملات المناصرة والضغط في اجتماعات مع الممثليات الدبلوماسية، والاتحاد الأوروبي في بروكسل وستراسبورغ، للتصدي للرواية الإسرائيلية الملفقة حول أحداث 7 أكتوبر.

وتشير خريشة إلى الدور الذي تلعبه النساء الفلسطينيات في العمل الإغاثي، وبلورة مبادرات اقتصادية، وتقديم الدعم النفسي والصحي والقانوني للمتضررات، إضافة إلى الجهود النسوية في الضغط لإنجاز الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، باعتبار ذلك شرطاً أساسياً لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية كحركة تحرر وطني جامعة.

وتوضح أن الأمم المتحدة ستعقد جلستها السنوية الـ69 للجنة مكانة المرأة خلال الفترة من 8 إلى 21 آذار، بمشاركة منظمات نسوية فلسطينية ووزارة شؤون المرأة، حيث سيتم المطالبة بإنهاء الاحتلال عبر تطبيق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في أيلول الماضي، والذي أقر بإنهاء الاحتلال خلال عام وفق الفتوى الاستشارية لمحكمة العدل الدولية، وصوّت لصالحه 124 دولة.

وتؤكد خريشة أن الوفد الفلسطيني سيعمل على إيصال صوت النساء في قطاع غزة، من خلال شهادات حية ومسجلة تبرز معاناتهن جراء الحرب والحصار والاحتلال. 

وتشير إلى أن الحراك النسوي العالمي بدأ يتخذ منحى أكثر تضامناً مع القضية الفلسطينية، حيث تشهد الجلسة أجواء دعم شعبية، إلى جانب تأييد بعض الحكومات، ما يؤسس لعمل نسوي مشترك يسعى لتفكيك الأسس المستندة للقوة وللفكر البطريركي لا للعدالة التي تحكم مجلس الأمن، وتجلى ذلك بالفيتو الأمريكي في تهديد السلام والأمن في فلسطين والمنطقة والعالم.

وتؤكد خريشة أن الحركة النسوية الفلسطينية ستواصل نضالها من أجل إنهاء الاحتلال، وتحقيق العدالة والمحاسبة، مطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه النساء الفلسطينيات، ووقف التواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل انتهاكاته دون رادع.

 

آثار نفسية واجتماعية واقتصادية عميقة وطويلة الأمد

 

تؤكد استشارية الطب النفسي د.سماح جبر أن حقوق النساء والأطفال لا يمكن الحديث عنها بمعزل عن الحروب، خاصة في فلسطين، حيث يتفاقم وقع الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال ضد النساء الفلسطينيات، ما يؤدي إلى آثار نفسية واجتماعية واقتصادية عميقة وطويلة الأمد.

وتوضح جبر أن الحروب تترك ندوباً نفسية عميقة على جميع من يعيشون في ظلها، لكن النساء يختبرن تأثيرات مضاعفة بسبب الأدوار الاجتماعية والمسؤوليات الإضافية التي يتحملنها خلال النزاعات. 

وتؤكد أن النساء الفلسطينيات يعانين من صدمات نفسية مضاعفة جراء الحرب والاحتلال، ما يتطلب وضع خطة ممنهجة لإسنادهن.

وتشير جبر إلى أن النساء اللواتي يتعرضن للصدمة النفسية الحادة نتيجة الخسارات الكبيرة والفقدان، غالباً ما يواجهن اضطرابات طويلة الأمد مثل الاكتئاب والقلق والهلع والفقدان المعقد، وتنعكس هذه الاضطرابات على حياتهن بأكملها، وعلى دورهن الأمومي، حيث قد تعاني الأم من مشاعر القلق والعجز عن حماية أطفالها وتوفير الأمان اللازم لهم، مما يقوض قدرتها على أداء دورها المجتمعي.

وتؤكد جبر أن الحروب تزيد من خطر تعرض النساء للعنف الجسدي والنفسي المبني على النوع الاجتماعي، مشيرة إلى أن المجتمعات المضطهدة التي لا تستطيع مواجهة القوة المحتلة، قد تقوم بتفريغ غضبها على الفئات الأضعف داخلها، مثل النساء والأطفال والفئات المستضعفة الأخرى. 

وتوضح جبر أن العديد من النساء يترددن في الإفصاح عن العنف الذي يتعرضن له خلال الحروب، بسبب الخوف من الوصمة الاجتماعية أو الشعور بعدم وجود شرعية للحديث عن معاناتهن في ظل الدمار العام الذي يواجهه المجتمع.

وتشير جبر إلى أن النساء الفلسطينيات لسن مجرد ضحايا، بل هن صانعات للحياة وسط الدمار، حيث يقمن بأدوار رئيسية في رعاية الأسرة وإعادة بناء النسيج الاجتماعي، رغم الانتهاكات الممنهجة التي يتعرضن لها. 

وتشدد على أن الحرب تلقي بظلالها القاتمة على حياتهن، إذ يتعرضن لفقدان الأحبة، والتشريد، والتعذيب، والحرمان من الحق في الصحة والتعليم والعمل.

وتحدثت جبر عن أبرز الانتهاكات التي تتعرض لها النساء الفلسطينيات، ومنها القتل المباشر نتيجة القصف، والاعتقال التعسفي الذي يُرافقه التعذيب وسوء المعاملة، والانتهاكات الجنسية أو التهديد بها كوسيلة لإذلال الأسر والمجتمع. 

وتلفت جبر إلى تدمير المنازل، الذي يترك النساء والأطفال بلا مأوى في ظل ظروف معيشية قاسية. 

أما الأطفال، فتؤكد جبر أنهم الضحايا الأكثر هشاشة، إذ يُحرمون من طفولتهم ويعيشون في بيئة مشبعة بالخوف وانعدام الأمان. 

وتشير إلى أن القصف والدمار يجعل الأطفال يشهدون مشاهد صادمة مثل جثث أقاربهم تحت الأنقاض، أو اعتقال والديهم أمام أعينهم، مما يترك آثاراً نفسية عميقة قد تستمر معهم طوال حياتهم، كما أن تدمير المدارس والبنية التحتية يحرمهم من حقهم في التعليم، مما يزيد من احتمالات تعرضهم للفقر والاستغلال مستقبلاً.

وتنتقد جبر تقاعس المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية عن اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية النساء والأطفال الفلسطينيين، مؤكدة أن تقارير الانتهاكات موثقة، ولكن الإدانات الدولية تظل "حبراً على ورق" في ظل غياب آليات تنفيذ فعالة، ما يشجع الاحتلال على الاستمرار في جرائمه دون رادع، مشيرة إلى أن هناك ازدواجية واضحة في المعايير الدولية لإنصاف الضحايا.

وتشدد على أن المنظمات الإنسانية تواجه تحديات كبرى في تقديم المساعدات للنساء والأطفال الفلسطينيين، حيث تمنع إسرائيل دخول فرق الإغاثة الطبية والمساعدات الغذائية، ما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية.

وتؤكد جبر أن حماية النساء والأطفال الفلسطينيين تتطلب تغييراً جذرياً في أسلوب التعامل مع هذه القضية، مشددة على أنه لا يكفي تقديم المساعدات المؤقتة أو إطلاق حملات التضامن، بل يجب أن تكون هناك محاسبة فعلية لمجرمي الحرب عبر محاكم دولية، وفرض عقوبات ملزمة على الاحتلال، تماماً كما يحدث في انتهاكات حقوق الإنسان في أماكن أخرى من العالم.

وتشير إلى أن تمكين النساء الفلسطينيات يحتاج إلى برامج طويلة الأمد لتعزيز صمودهن، سواء في المجال الصحي أو النفسي أو الاقتصادي، داعية إلى ضغط شعبي ومؤسسي عالمي مستمر، مؤكدة أن التغيير لا يأتي فقط من القرارات الرسمية، بل من قوة الشارع وحركات التضامن التي تفرض أجندتها على صناع القرار.

وتقول جبر: "النساء الفلسطينيات أثبتن أنهن قادرات على الصمود والمقاومة، ولكن مسؤولية حمايتهن تقع على عاتق الجميع، لأن القضية ليست فقط قضية الفلسطينيين، بل قضية كل من يؤمن بالعدالة والكرامة الإنسانية".

دلالات

شارك برأيك

الثامن من آذار.. حارسات نارنا في مطحنة الإبادة وسعير الـمجمرة

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

السّبت 08 مارس 2025 11:42 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.63

شراء 3.62

يورو / شيكل

بيع 3.94

شراء 3.93

دينار / شيكل

بيع 5.11

شراء 5.1

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 796)