أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ) (IAEA تقريرها ربع السنوي عن البرنامج النووي المدني الإيراني، الأربعاء (26/2)، واستجابت وسائل الإعلام كالعادة بتكهنات هستيرية حول الأسلحة النووية الإيرانية على الرغم من أن هذا التقرير لا يختلف جوهريًا عن التقارير الفصلية الأخيرة.

وكان آخر تقرير في تشرين الثاني الماضي أن إيران لديها 182.3 كجم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60٪، في حين أن التقرير الجديد يضع هذا المخزون عند 274.8 كجم. وبحسب الخبراء، فإن زيادة الرقم ليست مفاجئة، وذلك لأن إيران لا تستخدم اليورانيوم المخصب بنسبة 60٪ لأي شيء ولأن إيران أضافت إلى عدد أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم في نوفمبر بعد أن صوتت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لصالح إدانة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإيران.

وكان الاتفاق النووي الأولي مع إيران (تموز 2015) يهدف إلى منع نمو هذه المخزونات من خلال قيام إيران بتصدير اليورانيوم المخصب لمزيد من المعالجة إلى وقود للمفاعلات المدنية، ولكن الولايات المتحدة انسحبت من "خطة العمل الشاملة المشتركة GCPOA " عام 2018، خلال فترة ولاية الرئيس ترامب الأولى.

ولا يزال اليورانيوم المخصب بنسبة 60٪ أقل بكثير من اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة، والذي يعتبر 90٪ -95٪. على الرغم من أن وسائل الإعلام تؤكد أن المزيد من التخصيب هو مسألة "فنية"، تجدر الإشارة إلى أن إيران لم تحاول أبدًا التخصيب بأكثر من 60٪ فحسب، بل وعدت في نوفمبر بأنها ستبقي التخصيب بالكامل عند 60٪ أو أقل.

وتقوم إيران بالتخصيب عند مستوى 60٪ منذ نيسان 2021، تماشيا مع الدعوات لإسرائيلية لمهاجمة إيران بسبب قدراتها على التخصيب منذ ذلك الحين. ودعا رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو إلى شن هجمات على إيران بسبب برنامجها النووي منذ ولايته الأولى في التسعينيات، لذلك إذا لم تكن ذريعة مخزون 60٪ موجودة، فمن المحتمل أن يكون هناك شيء آخر.

وأشارت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ( CIA ) في كانون الثاني الماضي إلى عدم وجود أي دليل على أن إيران قررت حتى محاولة بناء سلاح نووي. وعلاوة على ذلك، قبل بضعة أسابيع فقط رفض الرئيس ترمب فكرة مهاجمة إيران، قائلاً إنه لا يعتقد أن إيران تريد سلاحاً نووياً. والواقع أن الغالبية العظمى من التغطية الإعلامية لتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الجديد لا تذكر أي شيء من هذا، وتكتفي بالتكهن بما قد تفعله إيران.

وكما كان متوقعاً، ذهبت قناة فوكس نيوز إلى أبعد من وسائل الإعلام الأخرى في هذا الشأن، ونقلت عن جنرال إيراني دعوة إلى "عملية الوعد الحقيقي 3" التي من شأنها أن تدمر تل أبيب، بقصد التلميح إلى أن هذا كان تهديدا إيرانيا لضرب إسرائيل بسلاح نووي.

وفي الواقع، كانت عملية "الوعد الحقيقي 2" هي الاسم الذي أُطلق على هجوم الصواريخ التقليدية على إسرائيل في تشرين الأول رداً على الهجمات الإسرائيلية السابقة، مما تسبب في أضرار طفيفة. ولا يوجد ما يشير إلى أن هذه التعليقات الجديدة كانت أي شيء سوى تهديد بشن المزيد من الضربات الصاروخية التقليدية.

وبما أن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي أصدر فتوى دينية في عام 2003 تحرم إنتاج الأسلحة النووية، فمن غير المعقول أن يهدد مسؤول إيراني بشن هجوم باستخدام سلاح لا يملكونه، ومن الواضح أنهم لا يحاولون حتى الحصول عليه.