فلسطين
الخميس 30 يناير 2025 8:15 صباحًا - بتوقيت القدس
ترمب يعيد إحياء "صفقة القرن".. الطبع يغلب التطبّع والتطبيع؟
رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم
د. دلال عريقات: أتمنى أن يكون الموقف الفلسطيني واضحاً في رفض أي حلول اقتصادية تُطرح كبديل عن الحل السياسي
د. حسن أيوب: الضغوط تشتد حالياً لإجبار السلطة على قبول صفقة سياسية لا يمكن أن تحقق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني
عريب الرنتاوي: أي تراجع عربي سيؤدي لنقل الصراع من إطاره الفلسطيني- الإسرائيلي إلى صراعات داخلية في كل دولة عربية على حدة
رائد الدبعي: لقاء الشيخ بويتكوف يشير إلى أن واشنطن لا تتحفظ على التعامل مع منظمة التحرير والسلطة رغم ضبابية المسار الأمريكي
تشهد المنطقة تحركات دبلوماسية مكثفة في إطار محاولات الإدارة الأمريكية إعادة إحياء ما يُعرف بـ"صفقة القرن" أو دفع مسار "اتفاقيات أبراهام" بنسختيهما الجديدتين، وسط تساؤلات حول مدى نجاح هذه الجهود في تحقيق اختراق دبلوماسي على صعيد التطبيع العربي-الإسرائيلي، محاولة توظيف القضية الفلسطينية لصالح تحقيق تلك الاتفاقيات.
ويعتقد كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن المملكة العربية السعودية تبرز كعنصر محوري في هذه المساعي، حيث تحاول واشنطن إقناعها بإبرام اتفاق تطبيع مع إسرائيل، مقابل تقديم وعود تتعلق بالقضية الفلسطينية، إلا أن الموقف الرسمي السعودي لا يزال يتمسك بضرورة وجود "مسار واضح" لإقامة دولة فلسطينية.
ويرى الكتاب والمحللون والمختصون وأساتذة الجامعات أنه في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط على السلطة الفلسطينية للانخراط في هذه الجهود، فإن القيادة الفلسطينية أمامها تحديات برفض أي حلول اقتصادية تُطرح كبديل عن الحل السياسي للقضية الفلسطينية، وسط المخاوف بشأن سيناريو "دولة غزة".
سيناريوهات التهجير مرفوضة وأثبتت فشلها ميدانياً
تؤكد أستاذة الدبلوماسية وحل الصراع في الجامعة العربية الأمريكية د.دلال عريقات أن محاولات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن لم تنجح منذ بداية الحرب ولن تنجح مستقبلاً، مشددة على أن هذه السيناريوهات ليست فقط مرفوضة، بل أثبتت فشلها ميدانياً.
وتعتقد عريقات أن المقترحات التي طرحتها إدارة دونالد ترمب في هذا السياق كانت بمثابة "بالونات اختبار"، لكنها لم تجد قبولاً من جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية، اللتين رفضتا بشكل قاطع أي مشروع يهدف إلى تفريغ قطاع غزة من سكانه.
وتشير عريقات إلى أنه رغم وجود نحو 1٫9 مليون فلسطيني في مناطق جنوب قطاع غزة، خاصة في المواصي وعلى الحدود مع رفح خلال الأشهر الأولى للحرب، لم تُفتح الحدود المصرية أمام سيناريو التهجير القسري، بل على العكس، سعت مصر للحفاظ على صمود الفلسطينيين في أراضيهم خدمةً للقضية الفلسطينية.
وفي سياق الحديث عن التحركات الدبلوماسية الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية، تعتبر عريقات أنها تأتي في إطار "الموسم الثاني" لما يُعرف بـ"صفقة القرن"، أو ما يمكن تسميته بـ"اتفاقيات أبراهام المجددة"، التي تهدف الإدارة الأمريكية من خلالها إلى إتمام اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل.
وتوضح عريقات أن السعودية حافظت حتى الآن على موقفها الداعم للحقوق الفلسطينية، خاصة فيما يتعلق بإقامة دولة فلسطينية، لكن عريقات تحذر من تغيرات في الخطاب السياسي، مشيرة إلى أن اللغة المستخدمة مؤخراً باتت تركز على "خطة طريق لإقامة الدولة الفلسطينية" بدلاً من المطالبة الفورية بإقامة الدولة كشرط مسبق للتطبيع.
وتشير عريقات إلى أن هذا التغيير قد يحمل دلالات سياسية تحتاج إلى قراءة دقيقة من الجانب الفلسطيني، لا سيما أن أي اتفاق مستقبلي قد يكون مرهوناً بتحولات في الأولويات والمطالب.
وفي هذا الإطار، تشدد عريقات على أهمية الدور الفلسطيني في هذه التحركات، مؤكدة أن القضية الفلسطينية لا يمكن أن تُختزل في أبعاد اقتصادية أو أمنية، بل يجب أن تبقى قضية سياسية في جوهرها.
وتقول عريقات: "أتمنى أن يكون المسؤولون الفلسطينيون الذين يلتقون بمسؤولين أمريكيين أو عرب يعبرون عن الموقف الفلسطيني الحقيقي، القائم على الحقوق السياسية المتجذرة، وليس فقط الحقوق الاقتصادية أو تحسين الظروف المعيشية".
وتشدد عريقات على أن أي مسار سياسي يُناقش مع الجانب الأمريكي أو الإقليمي يجب أن يركز أولاً على إنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي، وتحديد حدود دولة إسرائيل، والتأكيد على مفهوم السيادة الفلسطينية، مشددة على أن الأمن والاستقرار في المنطقة لن يتحققا دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
التحذير من خطورة سيناريو إقامة "دولة غزة"
أما بشأن الحديث عن سيناريو إقامة "دولة غزة"، تحذر عريقات من خطورة هذا الطرح، مشيرة إلى أنه "يجب رفضه بالكامل"، لأنه يتناقض مع وحدة الأرض الفلسطينية، التي تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس.
وتؤكد أن أي محاولات لفصل غزة عن الضفة تهدد المشروع الوطني الفلسطيني وتخدم الرؤية الإسرائيلية الهادفة إلى تقويض حل الدولتين.
وتعرب عريقات عن مخاوفها من محاولات إضعاف الضفة الغربية عبر تعزيز الوضع الاقتصادي بشكل منفصل عن الحلول السياسية، موضحة أن هناك توجهاً لضخ المزيد من الأموال في مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية تحت عناوين مثل دعم المجتمع المدني أو تحسين الظروف الاقتصادية، ما قد يعيد إنتاج سيناريوهات سابقة لم تحقق أي تقدم سياسي حقيقي خلال العقود الماضية.
وتتمنى أن يكون الموقف الفلسطيني واضحاً في رفض أي حلول اقتصادية تُطرح كبديل عن الحل السياسي.
وتقول عريقات: "القضية الفلسطينية ليست ملفاً إنسانياً فقط، رغم الأولوية التي يجب أن تُمنح للمساعدات الإنسانية، بل هي قضية سياسية بامتياز، ولا يمكن لأي مبادرات اقتصادية أن تعوض عن الحقوق الوطنية الفلسطينية".
وتؤكد أهمية تبني موقف فلسطيني وطني راسخ في أي مفاوضات مستقبلية، بحيث لا يُختزل النقاش في قضايا مثل أموال المقاصة أو الرواتب، بل يُركز على تحقيق الحقوق السياسية المشروعة للفلسطينيين كجزء لا يتجزأ من أي اتفاق مستقبلي، كما أن "أي حل لا يضمن العدالة للفلسطينيين سيظل مؤقتاً وعرضة للانهيار".
الإبادة مستمرة بوسائل أخرى
يعتبر د. حسن أيوب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية والمختص بالشأن الأمريكي، أن الموقف العربي الرافض لما يجري في قطاع غزة هو موقف "كلاسيكي" منذ بداية العدوان الإسرائيلي، موضحاً أن الهدف الإسرائيلي الأساسي لا يزال يتمثل في تهجير سكان غزة، وأن الخطر ما بعد الهدنة لا يزال قائماً، لافتاً إلى أن "الإبادة مستمرة بوسائل أخرى"، مشيراً إلى أن هذا السياق يجب أن يكون الإطار الذي تفهم من خلاله التصريحات الأمريكية المتكررة بشأن مستقبل القطاع.
ويرى أيوب أن الأنظمة العربية تعاني من "الهشاشة والضعف أمام الهيمنة الأمريكية"، خصوصاً بعد ثورات الربيع العربي وما أعقبها من تغيرات سياسية في المنطقة.
ويشير أيوب إلى أن انهيار نظام الأسد في سوريا والاحتمالات المفتوحة للتغيير في المنطقة دفعت هذه الأنظمة إلى التمسك أكثر بتحالفها مع الولايات المتحدة، سعياً وراء الدعم المالي والسياسي والدبلوماسي.
ويلفت أيوب إلى أن الموقف العربي الحالي "لم يرتقِ بعد إلى مستوى التصدي الفعلي لمواقف واشنطن"، بل لا يزال في إطار التصريحات والمواقف الشكلية.
وحول التطورات السياسية الأخيرة، يسلط أيوب الضوء على اللقاء الذي جمع أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ بمبعوث الرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف في الرياض، مشيراً إلى أن هذا اللقاء يتزامن مع تصريحات متواترة من السفير الإسرائيلي الجديد في واشنطن، واتصال الرئيس الأمريكي الجديد مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وجميعها تصب في اتجاه إعادة إحياء مسار التطبيع العربي- الإسرائيلي.
ويتساءل: "ما معنى تبرير استمرار التطبيع بوجود مسار موثوق - حسب التعبير الأمريكي والسعودي- نحو دولة فلسطينية؟ هذا مجرد كلام ليس له رصيد فعلي، والدول إما أن تقوم أو لا تقوم، وبالتالي فإن الضغوط تشتد حالياً لإجبار السلطة الفلسطينية على قبول صفقة سياسية لا يمكن أن تحقق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، سواء في إقامة دولة مستقلة أو في تقرير المصير والخلاص من الاحتلال".
ويلفت أيوب إلى أن الإدارة الأمريكية قد تحاول الدفع بهذا الاتجاه، رغم أنه سيكون أقل بكثير من التفاهمات التي عرضت في "صفقة القرن"، موضحاً أن هذا السيناريو يتطلب "عملية تطهير عرقي في قطاع غزة"، حيث تبقى المسألة الديموغرافية هي "حجر الزاوية" في الصراع.
وعن الموقف الأردني، يوضح أيوب أن المملكة الأردنية دفعت "ثمناً باهظاً" خلال فترة رئاسة دونالد ترمب الأولى، بسبب عدم حماسها لاتفاقيات التطبيع، حيث لم تشارك في مراسم توقيع "اتفاقيات إبراهيم"، وهو ما دفع إدارة ترمب إلى تجاهل الأردن وممارسة ضغوط اقتصادية عليه، بما في ذلك تقليص المساعدات الأمريكية له.
ويشير أيوب إلى أن هناك اليوم أصواتاً أردنية تقول إن المملكة "لن تعود لدفع هذا الثمن مرة أخرى"، ولذلك لم تبدِ اعتراضاً على استمرار اتفاقيات التطبيع، ما دام ذلك يضمن استمرار علاقتها مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
ويؤكد أيوب أن الأردن، شأنه شأن مصر، يعاني من أزمات اقتصادية وضغوط متزايدة، ما قد يجعله أكثر ميلاً لتقديم تنازلات في سبيل الحفاظ على استقراره الداخلي واستمرار الدعم الأمريكي.
ويوضح أيوب أن القادة العرب لم يدركوا بعد أن واشنطن "مستعدة للمقامرة باستقرار بلدانهم وأنظمتهم السياسية إذا كان ذلك يصب في مصلحة إسرائيل أو يخدم أجندة المسيحيين الصهاينة في أمريكا، الذين يتبنون رؤية توراتية للصراع".
ويشير أيوب إلى أن الحديث المتداول حالياً عن "دولة فلسطينية مصغرة" هو أمر لم يكن مطروحاً بشكل رسمي، موضحاً أن الحديث عن إقامة "دولة مصغرة في غزة" تمتد إلى الضفة الغربية هو فكرة قديمة طُرحت منذ الحقبة التي رافقت إنشاء السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات، لكن ذلك كان مرفوضاً تماماً، لأنه يعني تكريس "دولة مؤقتة في غزة إلى الأبد".
ويلفت أيوب إلى أن السيناريو الحالي هو "أسوأ من ذلك"، حيث لم تعد هناك أي فكرة مطروحة عن دولة فلسطينية في غزة أو الضفة، لأن إسرائيل والولايات المتحدة "لا تريدان أي كيان سياسي للفلسطينيين"، بل تركزان على "محاربة الهوية الوطنية الفلسطينية ونزع أي فرصة لبقاء الفلسطينيين متمسكين بحقوقهم المشروعة".
ويقول أيوب: "في ظل هذه المعطيات، فإن استمرار الحديث عن دولة فلسطينية أو حل الدولتين أو مقايضة التطبيع بمسار سياسي هو مجرد ذرّ للرماد في العيون، إذ لا يوجد على الطاولة أي مشروع جاد يحقق الحقوق الفلسطينية، وعلى رأسها إنهاء الاحتلال".
إدارة ترمب تتجه نحو نسخة جديدة من "صفقة القرن"
يرى مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لم تُنجز بعد تصوّراً واضحاً لما يسمى بـ"صفقة شاملة" للشرق الأوسط، لكنها حددت ملامحها الأساسية، وفي مقدمتها تثبيت مسار التطبيع بين إسرائيل ودول عربية، ولا سيما السعودية.
ويوضح الرنتاوي أن الرياض تشترط تقدّماً في المسار الفلسطيني كجزء من هذه الصفقة، لضمان تسويق أي خطوات تطبيعية أمام الرأي العام السعودي والعربي، مع الحفاظ على موقعها الإقليمي والدولي، خاصة مع تنامي دورها في الساحتين السورية واللبنانية.
ويشير الرنتاوي إلى أن المشاورات الجارية بقيادة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف تهدف إلى استكشاف الممكن والمتعذر في الملف الفلسطيني، موضحاً أن زيارته إلى السعودية، إضافة إلى اللقاءات المكوكية بين القاهرة والدوحة تلعب دوراً حاسماً في تشكيل الرؤية الأمريكية للصفقة المقبلة.
ويلفت إلى أن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المرتقبة إلى واشنطن ستساهم في بلورة التصور النهائي لهذه الخطة.
ويؤكد الرنتاوي أن إدارة ترمب لا تسعى إلى مشروع طموح لحل الصراع، بل تتجه نحو نسخة جديدة من "صفقة القرن"، تكون أكثر سخاءً لصالح إسرائيل.
ويوضح الرنتاوي أن سلسلة الخطوات التي اتخذها ترمب منذ توليه منصبه تُظهر انحيازه الكامل لليمين الإسرائيلي المتطرف، حيث يرى أن فريقه في البيت الأبيض يتشارك مع نظيره في "الكرياه" (مقر وزارة الحرب الإسرائيلية) الرؤى والتصورات نفسها حول الصراع.
ويشير الرنتاوي إلى أن ترمب تبنى منذ اليوم الأول لمهامه سياسات تتماهى مع الطرح الإسرائيلي المتطرف، ومن بينها رفع المستوطنين من قوائم العقوبات الأمريكية، واستئناف تزويد إسرائيل بالقنابل الثقيلة، واستثناؤها من قرار تجميد المساعدات الخارجية، معتبراً أن هذه الخطوات تدل على توجه الإدارة الأمريكية نحو التصعيد بدلاً من الحلول السياسية.
ويلفت الرنتاوي إلى أن ترمب ينظر إلى غزة باعتبارها محوراً رئيسياً في هذه الصفقة، لكنه لا يسعى إلى إنشاء "إمارة" هناك، بل إلى حل يتناسب مع ما تسميه الإدارة الأمريكية "أسئلة اليوم التالي".
ويعتقد أن خطة ترمب تقوم على محاولة تفريغ غزة من سكانها، في ظل تصاعد الحديث عن مشاريع استثمارية كبرى تقودها الولايات المتحدة وإسرائيل بالتعاون مع دول خليجية، تستهدف المنطقة بعد تهجير جزء كبير من سكانها، والإبقاء فقط على من تحتاجهم كعمالة رخيصة لخدمة هذه المشاريع.
وحول الموقف العربي، يشير الرنتاوي إلى أن ترمب يبدو واثقاً من تجاوب الدول العربية مع رؤيته تجاه تهجير أهالي غزة، وهو أمر يثير التساؤل حول مصدر هذه الثقة.
ويشير الرنتاوي إلى أن المسألة لم تعد تتعلق فقط بالدعم التقليدي للقضية الفلسطينية، بل تمتد إلى تأثيرات هذه الصفقة على الأمن والاستقرار في مصر والأردن، فضلاً عن المخاطر التي تهدد الهوية الوطنية والسياسية للدولتين.
ويؤكد الرنتاوي أن أي قبول عربي بمشاريع التهجير والتسويات المطروحة سيُلحق ضرراً بالغاً بمصالح الدول المعنية، مشيراً إلى أن الأردن، على سبيل المثال، مرّ في مراحل سابقة بحصار خانق خلال حرب الخليج الثانية، لكنه تمكن من تجاوزه دون تقديم تنازلات استراتيجية.
ويشدد الرنتاوي على أن الدول العربية يجب ألا تخضع لمنطق المقايضة، حيث إن هناك قضايا سيادية وتتعلق بالهوية الوطنية والقومية لا يمكن ربطها بصفقات مالية أو مساعدات اقتصادية.
ويحذّر من أن أي تراجع عربي سيؤدي إلى نقل الصراع من إطاره الفلسطيني-الإسرائيلي إلى صراعات داخلية في كل دولة عربية على حدة، وهو ما تسعى إليه واشنطن وتل أبيب.
وعلى المستوى الداخلي الفلسطيني، يؤكد الرنتاوي أن الفشل في بناء توافق وطني حول حكومة وحدة فلسطينية أو مرجعية قيادية جامعة في إطار منظمة التحرير أدى إلى بقاء مبادرة "الإسناد المجتمعي" المصرية كخيار وحيد.
ويشير الرنتاوي إلى أن هذه المبادرة، بالرغم من تأكيدها على وحدة الضفة وغزة، ستؤدي في الواقع إلى تكريس انفصال فعلي، حيث ستُدار كل منهما على نحو منفصل.
ويؤكد الرنتاوي أن ترمب وكوشنر ينظران إلى غزة كمشروع عقاري، وليس ككيان سياسي مستقل، حيث يسعيان إلى تنفيذ مشاريع اقتصادية ضخمة في المنطقة بالتعاون مع إسرائيل ودول خليجية، مع التركيز على تهجير عدد كبير من سكان القطاع، والإبقاء على من يمكن توظيفهم في هذه المشاريع.
وبالرغم من التحديات التي تواجه الفلسطينيين، يؤكد الرنتاوي أن غزة والمقاومة الفلسطينية أثبتتا تمسكهما بوحدة الأرض الفلسطينية والشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن موجات النزوح الجماعي التي شهدها القطاع مؤخراً كانت بمثابة استفتاء شعبي على رفض التهجير والانفصال عن الضفة الغربية.
ويعتقد الرنتاوي أن الحرب على قطاع غزة لم تنتهِ بعد، حيث تمكّنت المقاومة من إدارة المعركة العسكرية بكفاءة، بالرغم من الخسائر الجسيمة، لكن المعركة السياسية لا تزال مستمرة، وهي تتطلب دعماً شعبياً وقيادة فلسطينية قوية قادرة على مواجهة التحديات.
ويؤكد الرنتاوي أن الأولوية الآن يجب أن تكون لإعادة بناء منظمة التحرير، واستعادة دورها القيادي، من خلال إصلاحات جذرية في البنية المؤسسية، لتمكين القيادة الفلسطينية من التعامل بفعالية مع التحديات الاستراتيجية المقبلة، مؤكداً أن المرحلة تتطلب وفاقاً فلسطينياً حقيقياً، وليس مجرد تفاهمات شكلية.
لقاء الشيخ- ويتكوف.. دلالات سياسية
يرى رائد الدبعي، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، أن اختيار الرياض لاستضافة اللقاء الذي جمع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف بأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ يحمل دلالات سياسية واضحة، إذ يعكس رغبة أمريكية في منح السعودية دوراً قيادياً متزايداً في المنطقة، لا سيما في ظل انخراطها المحتمل في المشروع الأمريكي القائم على التطبيع مع إسرائيل.
ويوضح الدبعي أن عقد هذا اللقاء بحد ذاته يشير إلى أن الولايات المتحدة لا تتحفظ على التعامل مع منظمة التحرير والسلطة الوطنية، بالرغم من أن المسار الأمريكي تجاه السلطة الفلسطينية لا يزال ضبابياً.
ويقول الدبعي: "في الوقت الذي يعلن فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رفضه عودة حركة حماس إلى إدارة قطاع غزة، تشير تقارير إلى أن ويتكوف التقى وزيراً من قيادة حماس بوساطة قطرية، ما يعكس توجهاً أمريكياً جديداً قائماً على المصالح المباشرة أكثر من كونه مبنياً على حلول سياسية شاملة".
ويشير الدبعي إلى أن غياب رام الله عن أجندة زيارة ويتكوف، التي بدأت اليوم، في مقابل زيارته إلى غزة ولقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزيارته السابقة إلى معسكر "أوشفيتز" في بولندا، حيث التقى بعائلات المعتقلين الإسرائيليين لدى حماس، يعكس أولوية الملف الأمني في السياسة الأمريكية، خاصة في ما يتعلق بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، دون وجود رؤية واضحة لحل الدولتين.
ويؤكد الدبعي أن "هذا النهج يشير إلى تحول في الأولويات الأمريكية، حيث يبدو أن واشنطن تركز على القضايا الأمنية العاجلة بدلاً من طرح مبادرات سياسية كبرى"، مشيراً إلى أن ما يرشح من مقترحات أمريكية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يبدو كارثياً ولا يمكن قبوله فلسطينياً.
ويوضح الدبعي أن الموقف العربي يواجه ضغوطاً متزايدة، خصوصاً بعد دعوة ترمب لمصر والأردن لاستقبال سكان قطاع غزة، في خطوة من شأنها أن تضع البلدين أمام تحديات سياسية وأمنية كبيرة.
ويقول الدبعي: "قبول هذه الخطوة قد يعني تحميل مصر والأردن مسؤولية غزة نيابة عن إسرائيل، وهو ما يحمل تداعيات خطيرة على استقرارهما الداخلي".
ويشير الدبعي إلى أن هذه الضغوط تأتي في سياق استخدام الإدارة الأمريكية لسلاح الابتزاز المالي والسياسي لفرض رؤيتها على المنطقة، وهو ما يزيد من صعوبة الحفاظ على موقف عربي موحد تجاه القضية الفلسطينية.
ويرى الدبعي أن التحولات الإقليمية والانقسام الفلسطيني ونتائج الحرب الأخيرة على غزة جعلت السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة حماس في موقف تفاوضي ضعيف.
ويقول الدبعي: "لم يعد بالإمكان إدارة الانقسام الفلسطيني بنفس الآليات السابقة، فالإدارة الأمريكية تسعى لإعادة تشكيل مراكز السلطة في الشرق الأوسط عبر ضغوط سياسية واقتصادية مكثفة، ولا تتردد في استخدام التهديد بالعقوبات الاقتصادية، ما يقلص خيارات الفلسطينيين في مواجهة هذا الواقع الجديد".
ويؤكد الدبعي أن الحديث عن إقامة دولة فلسطينية أصبح أقرب إلى الخيال، نظراً للواقع السياسي القائم على المستويين الإسرائيلي والأمريكي.
ويقول الدبعي: "الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو تضم مكونات يمينية متطرفة لا تؤمن بحل الدولتين، وتسعى إلى تكريس الاحتلال وتعزيز الاستيطان، ما يجعل أي طرح لإقامة دولة فلسطينية غير واقعي".
ويوضح الدبعي أن تشكيل الإدارة الأمريكية الحالية يعكس توجهاً غير داعم لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، بل يبدو أن السياسة الأمريكية تتجه نحو حسم الصراع وفقاً للرؤية الإسرائيلية القائمة على ضمان أغلبية يهودية وتقليل عدد العرب في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.
ويشير الدبعي إلى أن أحد المؤشرات الدالة على هذا التوجه هو أن وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث سبق أن اقتحم المسجد الأقصى برفقة مجموعة من المستوطنين المتطرفين، في خطوة تعكس تأييده للمواقف اليمينية المتشددة التي تتماشى مع الرؤية الإسرائيلية القائمة على تهويد القدس وتعزيز السيطرة على الأراضي الفلسطينية.
ويشير إلى أن مواقف السفير الأمريكي الجديد لدى إسرائيل ووزير الخارجية تعكس أيضاً هذا التوجه، ما يؤكد أن إدارة الصراع تسير وفق أجندة إسرائيلية بحتة.
ويؤكد الدبعي أن إسرائيل لا تسعى بأي شكل من الأشكال إلى إقامة دولة فلسطينية، سواء في الضفة الغربية أو غزة، بل تعمل على إدامة الانقسام الفلسطيني وضرب أي مقومات للوحدة الوطنية.
ويقول الدبعي: "الاستراتيجية الإسرائيلية ترتكز على إبقاء الفلسطينيين في حالة انقسام جغرافي وسياسي بين الضفة وغزة، حيث يتم إبقاء السلطة الفلسطينية تحت ضغوط اقتصادية وأمنية مستمرة، فيما يجري العمل على حسم مستقبل قطاع غزة بترتيبات تضمن عدم توحيد النظام السياسي الفلسطيني".
ويلفت إلى أن إسرائيل قد تدعم مقترحات مثل تشكيل لجنة إدارية أو أي سيناريو آخر يضمن استمرار الانقسام، حتى لو كان ذلك عبر عودة حماس لحكم غزة ضمن تفاهمات مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
ويوضح الدبعي أن هذه السياسة تهدف إلى إضعاف أي إمكانية لظهور قيادة فلسطينية موحدة قادرة على فرض شروط تفاوضية أو تشكيل كيان سياسي متماسك.
ويعتقد الدبعي أن "السيناريو الأكثر ترجيحاً في المستقبل القريب ليس إقامة دولة فلسطينية مستقلة، بل تعزيز واقع الفصل بين غزة والضفة الغربية، بما يكرس الانقسام الفلسطيني، ويمنح إسرائيل مزيداً من الوقت لترسيخ سيطرتها على الأراضي الفلسطينية
دلالات
فلسطيني قبل حوالي 12 ساعة
فلسطين مش للبيع اولا ياترمب ثم إن هذا الشعب متجذر في هذه الأرض أما إن كان هناك قطعة أمريكية زائدة معروضة للبيع فلا مانع لعمليات التطبيع التي تروج لها
الأكثر تعليقاً
بين يدَي الذكرى العطرة
إنه الفلسطيني يا غبي!
نتنياهو: حماس هم النازيون الجدد ونحن ملتزمون بهزيمتهم نهائيا
إخوته هم قاتلوه!
أبو عبيدة يعلن رسمياً استشهاد محمد الضيف ومروان عيسى
آلاف النازحين يبدأون بالعودة إلى شمال قطاع غزة عبر شارع الرشيد
الصين ترد على تقرير الاستخبارات الأميركية بشأن مصدر فيروس كورونا
الأكثر قراءة
خلافات حادة بين عائلات المحتجزين بغزة وبن غفير خلال جلسة بالكنيست
تعهدات أميركية لإسرائيل بتعطيل إعادة الإعمار وإدخال "الكرفانات" شمالي غزة
سويسرا ترحل الصحفي الأميركي الفلسطيني علي أبو نعمة بعد اعتقال جائر
أنتوني بلينكن يوقع عقدا لكتاب عن سنواته كوزير خارجية جو بايدن
وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوافقون على تفعيل مهمة المراقبة في معبر رفح
إعلان أسماء الأسرى المحررين من سجون الاحتلال ضمن الدفعة الثالثة من التبادل
"أنا بخير في غزة".. سرايا القدس تبث مقطعًا مسجلًا للمحتجزة أربيل يهود
أسعار العملات
الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.61
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.09
شراء 5.08
يورو / شيكل
بيع 3.77
شراء 3.76
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%55
%45
(مجموع المصوتين 529)
شارك برأيك
ترمب يعيد إحياء "صفقة القرن".. الطبع يغلب التطبّع والتطبيع؟