Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الأربعاء 13 نوفمبر 2024 9:33 صباحًا - بتوقيت القدس

التطهير العرقي في شمال غزة.. إبقاء غزة مدمرة وجائعة!

خـاص بـ"القدس" و"القدس" دوت كوم

ماجد هديب: ما يجري في شمال غزة يتصل بـ"صفقة القرن" التي تروج لإقامة معازل فلسطينية محصورة تُسهل على إسرائيل السيطرة عليها

نزار نزال: الهجمات الإسرائيلية المكثفة في شمال القطاع وقطع المساعدات عن المواطنين وتجويعهم ليست سوى وسائل لإجبارهم على الرحيل

أنطوان شلحت:  هدف إسرائيل خلق واقع جديد تكون فيه "غزة مدمرة وغير قابلة للحياة" وهي لا تُخفي رغبتها في إبقاء احتلال شمال القطاع

ياسر مناع: الخطة الإسرائيلية واضحة منذ البداية وتهدف لإنشاء منطقة عازلة في شمال غزة تكون خالية تماماً من السكان الفلسطينيين

طلال عوكل: إسرائيل تسعى إلى إنشاء منطقة عازلة في شمال القطاع تمتد بعمق يتجاوز خمسة كيلومترات وتعميم التجربة على مدينة غزة

سري سمور: إسرائيل عازمة من خلال التجويع و"خطة الجنرالات" على استكمال التهجير في الشمال ما لم تواجه ضغطاً حقيقياً وملموساً

 

عكس ما يجري في شمال غزة من تكثيف للحرب والتجويع تصعيداً إسرائيلياً متواصلاً، يهدف إلى التهجير القسري وتعميق المعاناة الإنسانية للسكان عبر أدوات ضغط قوية تخدم هدف الاحتلال بالتهجير ثم البدء بالاستيطان.


ويرى كتاب ومحللون سياسيون ومختصون، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، أن هذه السياسات الإسرائيلية تتماشى مع "صفقة القرن"، التي تسعى لإقامة محميات فلسطينية محاصرة تسهّل على إسرائيل فرض سيطرتها، مشيرين إلى غياب الردع الحقيقي تجاه إسرائيل، خاصة في ظل تغير الموازين الدولية وتنامي الانشغال العالمي بالحروب والمصالح لكثير من الدول.


ويؤكدون أن الوضع الإنساني في غزة يزداد سوءاً، فيما يبقى التحرك الفاعل الدولي غائباً، ما يجعل القضية الفلسطينية أمام تحديات تتطلب وحدة وطنية وتكثيف الجهود الدبلوماسية عربياً ودولياً.

 

ثلاثة سيناريوهات للأحداث الجارية شمال غزة

 

يرى الكاتب والمحلل السياسي ماجد هديب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يمتلك القرار الحاسم بشأن مستقبل غزة،  لأنه توجد تباينات واضحة بين أقطاب حكومته، حتى وإن كانت الأطراف الأكثر تطرفاً تبدو أشد تعنتاً منه، ما يعكس الانقسامات الداخلية في اليمين الإسرائيلي المتطرف.


ويوضح هديب أن غزة تُعد جزءاً من الدولة الفلسطينية المرتقبة، وهو أمر يحظى باعتراف ودعم غالبية دول العالم. هذا الدعم تزايد مؤخراً، خاصة مع مواقف الدول الإسكندنافية التي اعترفت بالدولة الفلسطينية، والتأكيد الدولي المتكرر على ضرورة قيامها.


ويشدد هديب على أن الأمن الإقليمي، واستمرار اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية، باتا مرتبطين بموقف إسرائيل وسياسات نتنياهو المتطرفة، التي تتجاوز حتى مواقف الحكومات الإسرائيلية السابقة، مما يعقّد الاستمرارية السلسة للمعاهدات الإبراهيمية.


ويستعرض هديب ثلاثة سيناريوهات للأحداث الجارية شمال قطاع غزة وحرب الإبادة الجارية هناك، السيناريو الأول ينبع من رؤية أيديولوجية دينية تهدف إلى إسقاط فكرة الدولة الفلسطينية، وإنهاء كافة الاتفاقات التي تؤدي إلى تحقيقها، بما في ذلك اتفاق أوسلو. 


أما السيناريو الثاني، وفق هديب، فهو استخدام العمليات العسكرية للضغط على الفلسطينيين ودفعهم للتخلي عن فكرة الدولة المستقلة بحدود الرابع من حزيران 1967، والبحث بدلاً من ذلك عن حلول أمنية ومعيشية بدون كيان سياسي مستقل.


ويرى هديب أن هذه الاستراتيجية تهدف أيضاً إلى قطع الطريق أمام المواقف الأوروبية الداعمة لحل الدولتين، معتبراً أن الضوء الأخضر الأوروبي لنتنياهو لشن الحرب على غزة جاء بهدف تمهيد الطريق لعقد مؤتمر دولي للسلام والتسوية بعد انتهاء الحرب.


السيناريو الثالث، الذي يرجحه هديب، يتصل بخطة "صفقة القرن" التي تروج لإقامة محميات أو معازل فلسطينية محصورة، ما يسهل على إسرائيل السيطرة عليها في حال رأت تهديدات أمنية أو اقتصادية محتملة. 

 

ورقة ضغط في المفاوضات المستقبلية

 

ويشير هديب إلى أن عمليات التهجير القسري في شمال غزة تهدف إلى استخدام هذه الأحداث كورقة ضغط في المفاوضات المستقبلية، لا كمخطط استراتيجي دائم لإعادة احتلال القطاع. 


فإسرائيل، وفق هديب، لا تسعى لاحتلال غزة بشكل مستمر، بل تستخدم التهجير المؤقت كوسيلة ضغط على الفلسطينيين والعرب والدول الأوروبية.


ويؤكد هديب أن تهجير السكان في شمال قطاع غزة، بالرغم من مأساويته، لا يُعد استراتيجية دائمة لدى إسرائيل، بل هو تكتيك ضغط في إطار الترتيبات الأمنية والمفاوضات المستقبلية. 


ويرى هديب أن هذه الأحداث هي أدوات تستخدمها إسرائيل لتحقيق أهدافها السياسية والأمنية.


وعن دور المجتمع الدولي، يؤكد هديب أن الصمت الدولي الحالي مرتبط بتوازنات القوى العالمية، حيث ما تزال الولايات المتحدة تقود النظام الدولي، على رغم محاولات روسيا لاستعادة دورها كقوة عالمية. 


ويوضح هديب أن العديد من الدول الأوروبية والعربية لا تتجاوز الحدود المرسومة لها بسبب المصالح المشتركة مع الولايات المتحدة، أما كثير من الأنظمة العربية، فهي تتجنب اتخاذ خطوات جادة ضد إسرائيل، مكتفيةً بحماية مصالحها وإظهار ولائها لواشنطن، بما في ذلك حماية إسرائيل من الهجمات.


ولمواجهة عمليات التطهير العرقي في غزة، يحدد هديب ثلاثة مستويات للتحرك: فلسطينياً وعربياً ودولياً.

 فلسطينياً، يدعو هديب السلطة الوطنية ومنظمة التحرير لتشكيل حكومة وحدة وطنية مستندة إلى الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، مع تفعيل قرارات المجالس الوطنية الفلسطينية، خصوصاً إعلان الدولة الفلسطينية عام 1988 في الجزائر. 


ويشدد على ضرورة استئناف منظمة التحرير اتصالاتها الدولية، والاستفادة من شبكة العلاقات التي بناها الرئيس الراحل ياسر عرفات، لتحشيد الدعم الدولي لقيام الدولة الفلسطينية.


عربياً، يقترح هديب على الدول العربية التركيز على تعزيز صمود الفلسطينيين في غزة عبر توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة، دون الحاجة للتدخل العسكري.


ويلفت هديب إلى أن الدول العربية تمتلك وسائل ضغط فعالة، كالتلويح بوقف تصدير النفط أو قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول الداعمة لسياسات نتنياهو، ما قد يدفع إلى إيقاف عمليات القتل والتدمير.

 

دعوة حماس للاعتراف بأن غزة جزء من الدولة الفلسطينية

 

وفي ما يتعلق بحركة حماس، يدعوها هديب، خاصة قادتها في الخارج، للاعتراف بأن غزة جزء من الدولة الفلسطينية المرتقبة، وأنها تخضع للسلطة الفلسطينية بموجب اتفاقات سياسية. 


ويحمل هديب حركة حماس مسؤولية تداعيات استمرار آمالها بإعادة سيطرتها على غزة لما في تلك الآمال ومحاولات احيائها من انعكاسات خطيرة على الشعب الفلسطيني كقضية ووجود، حيث باتت حركة حماس عبئا على الشعب الفلسطيني وخطراً على قضيته في ظل ما تمارسه من فوضوية في السياسية واعتباطية في القرار.


ويطالب هديب حركة حماس بالاتجاه نحو دعوة السلطة لإعادة توليها زمام الأمور في غزة مع مطالبة منظمة التحرير بتولي ملف المفاوضات مع اسرائيل، مع التعهد بالالتزام بكافة ما يصدر عن تلك المفاوضات من مخرجات، وخاصة ما يتعلق منها بملف تبادل الأسرى، والانسحاب من قطاع غزة، فهي الخطوة الحقيقية نحو إعادة الاعتبار للشعب الفلسطيني وقضيته بعدم تمييع وتغييب بحجج وذرائع واهية وفرتها حركة حماس لإسرائيل بفعل ما كانت تمارسه من تناقض مع استراتيجيتها وبرامجها.

 

الهدف الإسرائيلي يتجاوز تدمير البنية التحتية

 

يوضح الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي وقضايا الصراع، نزار نزال، أن ما يحدث في شمال قطاع غزة يدخل بشكل مباشر ضمن ما يسميه الإسرائيليون "خطة الجنرالات". 


ووفقاً لنزال، تعتمد هذه الخطة على تجويع السكان وترحيلهم، حيث تستهدف تهجير كل سكان شمال قطاع غزة باتجاه وسطه أو جنوبه، وتحديداً نحو مناطق مثل نتساريم أو جنوب القطاع بأكمله. 


ويشير نزال إلى أن استهداف البنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس وحتى مخيمات النازحين، يهدف إلى جعل المنطقة غير قابلة للعيش، ما يعزز من فرص تهجير سكانها.


ويشرح نزال أن الهدف الإسرائيلي يتجاوز مجرد تدمير البنية التحتية، بل يصل إلى إعادة الاستيطان في غزة، مع التركيز على شمال القطاع كخطوة أولى. 


ويشير نزال إلى أن الهجمات الإسرائيلية في شمال قطاع غزة المكثفة وقطع المساعدات وتجويع السكان ليست سوى وسائل لإجبار الأهالي على الرحيل، مؤكداً أن هذا المشروع الاستيطاني كان ضمن الأهداف المعلنة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ بدء الحرب. 


ويلفت نزال الانتباه إلى ما حدث في 26 أكتوبر 2023، عندما بدأ الإسرائيليون بالتحرك باتجاه محور نتساريم، ما يعكس النية المبيتة لإفراغ شمال قطاع غزة من سكانه وتهيئة الظروف الملائمة للاستيطان.


من ناحية أخرى، يرى نزال أن الاعتماد على المجتمع الدولي لإيقاف الجنون الإسرائيلي هو رهان خاسر. 


ويشير نزال إلى أن العالم أصبح معتاداً على رؤية أعداد كبيرة من الشهداء وتدمير كامل للبنى التحتية في غزة دون تحرك جدي، لافتاً إلى أن المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والنظام العالمي والنظام الأوروبي الرسمي، يتبع الولايات المتحدة في سياساتها، في حين أن الدول العربية الرسمية عاجزة عن اتخاذ مواقف حاسمة أو استخدام أوراق ضغط فعالة على إسرائيل أو حلفائها.


ويؤكد نزال أن إسرائيل، بدعم من القوى الكبرى، لا تجد أي معارضة دولية فعلية لتنفيذ مخططها، مشيراً إلى أن فوز دونالد ترامب وحضور الجمهوريين في المشهد السياسي الأمريكي يعززان البيئة السياسية التي تسمح لإسرائيل بالاستمرار في سياساتها. 


ويؤكد نزال أن الوضع الراهن في العالم، حيث تنشغل دول مثل روسيا والصين بمصالحها الخاصة، يساهم في ترك غزة وحيدة أمام آلة الحرب الإسرائيلية.


وبحسب نزال، فإن المطلوب الآن هو تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية كخطوة أولى لمواجهة ما يحدث في غزة، فيما يشير نزال إلى إمكانية أن تلعب الدول العربية الكبرى دوراً من خلال استخدام أوراق ضغط سياسية واقتصادية مع الولايات المتحدة، وكذلك من خلال تفعيل الدبلوماسية مع دول كبرى أخرى مثل روسيا والصين. 


ويحذر نزال من أن إسرائيل، التي تأخرت في تنفيذ هذا المخطط لمدة 13 شهراً، باتت الآن مستعدة لتنفيذه، مستغلة الظروف المواتية الحالية وموافقة دولية ضمنية على ما تسميه حرباً وجودية. 

 

 إسرائيل تستخدم "المداورة" في الإفصاح عن نواياها

 

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن إسرائيل لا تخفي رغبتها في الإبقاء على احتلال عسكري في شمال قطاع غزة، حتى وإن كانت تدعي أنه سيكون مؤقتاً إلى حين القضاء على المقاومة. 


ويوضح شلحت أن إسرائيل تستخدم أسلوب المداورة في الإفصاح عن نواياها، لكنها تستمر في سياسة الإبادة والتدمير الممنهج، في محاولة لتهجير السكان عبر مزيج من القتل والتجويع. 


ويشدد شلحت على أن سياسة التجويع المطبقة ليست محصورة في شمال قطاع غزة فحسب، بل تشمل كافة مناطق غزة، حيث تعمد السلطات الإسرائيلية إلى منع وصول الإغاثة والمساعدات الإنسانية، ما يعمّق معاناة المدنيين ويزيد من وطأة الأزمة.


ويشير شلحت إلى تقارير تفيد بأن إسرائيل تسعى للتوصل إلى تهدئة في لبنان، بهدف توجيه كل مواردها وإمكاناتها لتحقيق أهدافها في غزة من دون تشويش أو عوائق، وفي حال لم تُجدِ سياسة التجويع نفعاً، فإن إسرائيل لا تتردد في استخدام أدوات أخرى لمنع عمليات الإنقاذ والإسعاف، ما يزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية ويضع المدنيين في مأزق خطير للغاية.


ويعتقد شلحت أن الهدف النهائي لإسرائيل هو خلق واقع جديد في قطاع غزة، يتمثل في "غزة مدمرة" تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، بحيث يصبح العيش فيها شبه مستحيل، فيما يشير شلحت إلى أنه بعض الأبواق الإعلامية بدأت تتكلم عن "غزة مدمرة" ولكن تحت عبارة تمويهية هي "غزة جديدة".


ويعبر شلحت عن خيبة أمله من ضعف التدخل الدولي الفاعل، مؤكداً أنه لو كانت هناك تدخلات دولية جادة وفعالة، لما وصلت الأوضاع في غزة إلى هذا المستوى الكارثي. 


ويعتقد شلحت أن المجتمع الدولي أثبت عجزه عن مواجهة الإبادة والتشريد والتجويع الذي تمارسه إسرائيل، ما يعكس هوية العالم المعاصر الذي يتسم بعدم قدرته على لجم السياسات الإسرائيلية، خاصة وأن إسرائيل تتمتع بدعم مستمر من الولايات المتحدة.

 

مفتاح وقف هذه المأساة بيد الولايات المتحدة

 

ويشير شلحت إلى أن مفتاح وقف هذه المأساة بيد الولايات المتحدة، التي أصبحت متحررة حالياً من حسابات الانتخابات ومصالحها الحزبية والسياسية. 


ومع ذلك، يتساءل شلحت: ما هو الدور الذي يجب أن يلعبه العرب للدفاع عن الشعب الفلسطيني؟ 


ويؤكد شلحت أن غياب موقف عربي موحد وضاغط يتيح لإسرائيل الاستمرار في تنفيذ عملياتها الإجرامية من دون رادع، بل يدفعها إلى المضي قدماً في مخططها لاحتلال شمال غزة.


ويحذر شلحت من أن إسرائيل ماضية في تنفيذ مخططها بلا تردد، إذ لم تجد حتى الآن ما يقف في وجهها أو يحد من سياساتها. 


ويصف شلحت الحرب الجارية بأنها تحولت إلى إبادة جماعية وتدمير شامل تحت غطاء القضاء على المقاومة، فيما يكتفي العالم بإصدار بيانات الشجب والإدانة الكلامية التي لا تترك أثراً حقيقياً على أرض الواقع.

 

فتح المجال أمام إمكانية إعادة توطين المستوطنين

 

يوضح الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي ياسر مناع، انه منذ البداية، بدت الخطة الإسرائيلية واضحة الأهداف، حيث تهدف إلى إنشاء منطقة عازلة في شمال قطاع غزة خالية تماماً من السكان الفلسطينيين، مما يفتح المجال أمام إمكانية إعادة توطين المستوطنين الإسرائيليين ضمن استراتيجية بعيدة المدى لإعادة رسم المشهد الديموغرافي في القطاع. 


ويشير مناع إلى أن إسرائيل لا تتوانى عن استخدام أقصى أدوات القوة والعنف لتحقيق هذا الهدف، عبر تهجير السكان قسريًا وفرض واقع جديد على الأرض يؤدي إلى تفريغها من الوجود الفلسطيني.


ويلفت مناع إلى أن تنفيذ هذا المخطط يتم وسط تواطؤ دولي وصمت عالمي، حيث تستند إسرائيل إلى الدعم غير المحدود الذي تتلقاه من الولايات المتحدة، سواء على المستوى السياسي أو العسكري أو الاستخباري. 


ويوضح مناع أن الدعم الأمريكي يوفر غطاءً لإسرائيل لمواصلة حربها على غزة دون رقابة دولية مؤثرة، مستفيدة أيضاً من انشغال المجتمع الدولي بأزمات أُخرى، مثل التوترات المتصاعدة في لبنان والجدل حول الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة. 


هذه العوامل، بحسب مناع، تسهم في توفير بيئة مناسبة لإسرائيل لتنفيذ تصعيدها العسكري على قطاع غزة، الذي يأخذ طابع حرب إبادة تتجلى في الاستهداف المكثف للمدنيين والمناطق السكنية.


في ظل هذا الواقع المعقد، يؤكد مناع أن الفلسطينيين مطالبون بالتمسك بأرضهم ومقاومة محاولات اقتلاعهم، مشدداً على أهمية تضافر الجهود بين الفصائل الفلسطينية والقيادة الرسمية لتحقيق وحدة وطنية حقيقية، وهذه الوحدة، وفقاً لمناع، هي مفتاح الصمود الفلسطيني وإفشال المخططات الإسرائيلية. 


إلى جانب ذلك، يشير مناع إلى ضرورة تحرك دولي واسع النطاق، وحشد الجهود الدبلوماسية لفضح الجرائم الإسرائيلية، والعمل على إبرام صفقة تبادل أسرى يمكن أن تساهم في كبح التصعيد وفتح آفاق جديدة أمام إنهاء العدوان.


ويؤكد مناع أن نجاح إسرائيل في تحقيق مخططها يعتمد على مدى صلابة الفلسطينيين وصمودهم في قطاع غزة، فيما تُسخر تل أبيب كامل إمكاناتها العسكرية والسياسية والاستخبارية لضمان نجاح الخطة. 


ومع ذلك، يرى مناع أن الصمود الفلسطيني يبقى العامل الأكثر حسماً في معركة الوجود، رغم كل محاولات التهجير والقمع التي تمارسها إسرائيل.

 

تحويل حياة السكان إلى جحيم

 

يوضح الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن ما يجري حالياً في شمال قطاع غزة هو تنفيذ دقيق لمخطط وضعه الجنرالات الإسرائيليون، يستهدف تحويل حياة السكان إلى جحيم لا يترك أمامهم سوى خيارات صعبة، إما الموت تحت القصف الكثيف أو الموت البطيء من الجوع والعطش، أو إجبارهم على النزوح تحت وابل القصف مع ما يرافق ذلك من مخاطر الاعتقال والإذلال عند نقاط التفتيش والمعابر المعروفة باسم "الحلابات".


ويشير عوكل إلى أن الجيش الإسرائيلي يعمل بشكل متعمد على تعطيل كل مقومات البقاء والإنقاذ، إذ لا يسمح بوصول المساعدات أو عمل المستشفيات أو البلديات أو حتى الدفاع المدني. 


الهدف، بحسب عوكل، هو الاستفراد بالمقاومين من خلال عزلهم عن حاضنتهم الشعبية، وتركهم يواجهون مصيرهم ما بين الموت بالقصف أو الاستسلام نتيجة التجويع.


ويوضح عوكل أن إسرائيل تسعى لإنشاء منطقة عازلة في شمال القطاع، تمتد بعمق يتجاوز خمسة كيلومترات، وأنه إذا نجحت هذه التجربة، فإن الجيش الإسرائيلي سيعمل على نقل هذا النموذج إلى مدينة غزة نفسها، بهدف دفع سكانها نحو جنوب منطقة نتساريم. 


ويشدد عوكل على أن هذه الخطوات تجري بدعم كامل وتغطية من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي منحت تل أبيب مهلة شهر لإكمال مهمتها، وبعد انقضاء هذه المدة، تسعى إسرائيل للحصول على موافقة أمريكية لتمديد العمليات.


ويعبّر عوكل عن أسفه لما وصفه بالصمت الدولي، مشيراً إلى أن العالم يقف متفرجاً على ما يعتبره عملية إبادة مستمرة، بينما الطرف الوحيد القادر على وقف هذه الكارثة الإنسانية هي الولايات المتحدة، التي لا يبدو أن هناك أملاً في تغيير موقفها. 


ويؤكد عوكل أن الميدان في غزة ولبنان يفرض خيار الصمود الإجباري، خاصة في ظل استمرار الصمت العربي والإسلامي المطبق.

 

فصل الشمال عن غزة تحت ذرائع أمنية مزعومة

 

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي سري سمور أن ما تقوم به إسرائيل هو تنفيذ خطة واضحة ومعتمدة تستند إلى سياسات التجويع وخطة الجنرالات، وهي تهدف بشكل أساسي إلى تفريغ شمال قطاع غزة من سكانه، وفصل هذه المنطقة عن مدينة غزة تحت ذرائع أمنية مزعومة. 


ويستشهد سمور بالتقارير الصادرة عن الإعلام الإسرائيلي، والتي تؤكد نية قوات الاحتلال الإسرائيلي تحويل شمال القطاع إلى منطقة خالية من المدنيين بذريعة تأمين الحدود وتعزيز الأمن، في محاولة لفرض واقع جديد في المنطقة.


وفي ما يتعلق بالتدخل الدولي، يلفت سمور إلى أن العالم يعجز عن فرض أي إجراءات ملموسة توقف العدوان الإسرائيلي. 


ويشير إلى أن إسرائيل لم تلتزم بقرارات مجلس الأمن الدولي، وأن الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة، تدعم إسرائيل بشكل علني وصريح.


ويوضح سمور أن روسيا، التي كانت سابقاً تملك نفوذاً مؤثراً، منشغلة الآن بالحرب في أوكرانيا، في حين أن الصين تواجه مشكلاتها الخاصة، والهند تربطها علاقات وثيقة بإسرائيل، أما الدول التي تتخذ موقفاً محايداً، فهي إما غير مؤثرة أو لا تتدخل. 


وفي ما يتعلق بالعالم العربي والإسلامي، يصف سمور الحالة بأنها حالة انقسام شديدة، حيث لم يتمكن العرب والمسلمون من تشكيل جبهة موحدة قادرة على ممارسة الضغط على إسرائيل لوقف العمليات العسكرية.


ويؤكد سمور أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الطرف الوحيد القادر على وقف الحرب، لأنها، بحسب رأيه، هي من تقود هذه الحرب وتتحمل مسؤولية إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لارتكاب هذه الأعمال.

 

ويشير سمور إلى أن إسرائيل ما كانت لتقدم على تنفيذ هذه السياسات لولا الدعم الأمريكي الصريح.


ويعبر سمور عن تشاؤمه حيال إمكانية وقف التطهير العرقي في غزة، لا سيما في شمال القطاع، إلا إذا حدث تغيير جذري في موقف الدول العربية المحيطة تجاه علاقتها بإسرائيل. 


ويرى سمور أن مصر، على وجه التحديد، تملك دوراً مهماً يمكن أن تلعبه، فهي تستطيع، على سبيل المثال، المطالبة بإدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري، والضغط على إسرائيل للانسحاب من محور فيلادلفيا، وتهديدها بإجراءات صارمة إذا استمرت في سياسات التطهير العرقي.


ويحذر سمور من خطورة الوضع، مشيراً إلى أن إسرائيل قد لا تتردد في تنفيذ مخطط التهجير القسري حتى لو تطلب ذلك قتل أعداد كبيرة من السكان أو جميعهم.


ويؤكد سمور أن إسرائيل عازمة على استكمال مشروعها بالتهجير القسري في شمال غزة ما لم تواجه ضغطاً حقيقياً وملموساً من المجتمع الدولي أو تغيراً حاسماً في مواقف الدول العربية الفاعلة

دلالات

شارك برأيك

التطهير العرقي في شمال غزة.. إبقاء غزة مدمرة وجائعة!

نابلس - فلسطين 🇵🇸

فلسطيني قبل يوم واحد

اللهم دمر بيوت من يدمرون غزة وجوع اطفالهم

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 13 نوفمبر 2024 9:48 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.76

شراء 3.75

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.98

دينار / شيكل

بيع 5.3

شراء 5.29

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%56

%44

(مجموع المصوتين 16)