Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأربعاء 21 أغسطس 2024 9:33 صباحًا - بتوقيت القدس

ثلاث ملاحظات عن حالة إسرائيل الراهنة

يكاد أن لا يُحصى عدد القضايا الجديرة بالمعالجة والشرح والتوضيح، في قضية وتشعبات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ولكننا سنحصر الكلام حول ثلاث فقط من هذه القضايا، أعتقد أنها الأكثر جدارة بالتوقف عندها في هذه المرحلة المتفجرة، المليئة بالدم والدمار والمعاناة من جهة، وبفتح باب لتغيير إيجابي في النظام العالمي، إنطلاقا من فلسطين، ومن غزة تحديداً، من جهة ثانية.


هذه القضايا الثلاث هي: (1) اقتحام وزراء في حكومة إسرائيل، وأعضاء كنيست، وجنود ملثمين من الجيش الإسرائيليين لمعسكر/ معتقل "سديه تيمان" (حقل اليمن) في صحراء النقب، ومعسكر "بيت ليد" قرب نتانيا، (2) دلالات إرسال أمريكا، (ودول غربية أخرى) لقطع بحرية وأفواج من الطائرات والجنود إلى المنطقة في حشد عسكري هائل وغير مسبوق، (3) موضوع اختيار يحيى السنوار لرئاسة المكتب السياسي لحركة حماس، ليخلف الشهيد إسماعيل هنية في هذا المنصب.

اقتحام معسكري "سيديه تيمان" و"بيت ليد


نبدأ بالموضوع الأول، موضوع اقتحام وزراء وأعداد كبيرة من رعاع آخرين لمعسكرَين للجيش الإسرائيلي. ولهذا الحدث، غير المسبوق، أبعاد عديدة، أوّلها، بالغ الأهمية، وهو انكشاف عمق واتساع تشرذم الشارع اليهودي في إسرائيل، وثانيها، وهو أكثر أهمية، لم تتطرق له وسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية بما هو جدير به من التركيز، ولم تتطرق له الصحافة العربية، حسب ما لاحظته، (رغم متابعتي وحرصي على التدقيق فيها).


صحيح أن اقتحام وزراء وأعضاء كنيست ورعاع آخرين بينهم جنود ملثمون يحملون أسلحتهم الفردية، لما يعتبره الإسرائيليون "قدس الأقداس" وهو الجيش الإسرائيلي، الذي وصفه بن غوريون يوم إعلان تشكيله وحل جميع التنظيمات والعصابات الصهيونية، بأنه "بوتقة الصهر" التي تتولى صهر المهاجرين اليهود إلى فلسطين من دول ومجتمعات وحضارات وتقاليد ولغات مختلفة، ليتشكل منها "شعب" واحد موحّد.


كشف هذا الحدث أن "بوتقة الصهر" توقفت وعجزت عن تحقيق الهدف الموكلة به، وأن التشقق العامودي والأفقي في المجتمع اليهودي في إسرائيل، الصهيوني وغير الصهيوني، (فالحريديم، اليهود الأرثوذكس، لا يعتنقون الأفكار والعقيدة الصهيونية العنصرية، لكنهم يستفيدون ويستغلون إنجازات الحركة الصهيونية). ويضاف إلى هذا الخلافات الواضحة، حد التخوين، بين بعض القيادات السياسية، وقيادات الجيش وأجهزة الأمن بكافة تسمياتها، والفروق الهائلة بين اليهود الإشكناز الغربيين واليهود السفاراديم الشرقيين، وكل الاختلافات والخلافات الأُخرى التي يمكن تصوّرها. لكن نقطة واحدة وحيدة تلتقي عندها كل القيادات السياسية الممثلة في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، وهي العداء المَرَضي للشعب الفلسطيني، وكانت آخر تجلّيات ذلك العداء، التصويت في الكنيست على ما أُسمّيه "حق إسرائيل في تقرير مصير الشعب الفلسطيني" والذي تحدث عن رفض إسرائيل إقامة دولة فلسطينية "على أي جزء غرب نهر الأردن"، وهو "التشريع" الذي لم يعارضه إلّا أعضاء الكنيست في الأحزاب العربية فقط.


عالج كثيرون حدث اقتحام مدنيين وقيادات سياسية يمينية عنصرية معسكرَين للجيش الإسرائيلي. لكن ما لم يحظَ باهتمام هو الدلالة الأهم لهذا الحدث. دلالة أن الهدف الحقيقي لإصدار المدعية العامة العسكرية قرار اعتقال تسعة من جنود الجيش الإسرائيلي، يخدمون في معسكر/ معتقل "سديه تيمان"، للتحقيق معهم بتهمة ارتكاب مخالفات وجرائم غاية في البشاعة، في التحقيق والتعذيب غير الأخلاقي وغير الإنساني، مع معتقلين فلسطينيين في ذلك المعتقل، موجهة بالأساس، وفقط، للقضاة في محكمة الجنايات الدولية، تقول لهم، كذباً، إن أجهزة القضاء في إسرائيل، تحقق وتعاقب من يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهذا ما يعني انعدام وجود مبرِّر لتدخل تلك المحكمة، والاستجابة لطلب المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية، لاعتقال وجلب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع في حكومته، يوآف غالانت، للتحقيق والمحاكمة، حيث أن حقها في التّدخل، مقصور (حسب الأساس الذي قامت عليه، وتم تشكيلها بموجبه) على التعامل مع ما يتم ارتكابه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، في الدول التي تعاني من انعدام أو ضعف أجهزة القضاء فيها.


الحشد الأميركي الغربي في المنطقة


نصل هنا إلى الدلالات التي يكشفها حشد أمريكا لقوات عسكرية، من كل الأصناف والأنواع حول إسرائيل.


 تكشف عملية الحشد العسكري بالغة الضخامة هذه أيضاً، عن دليل واضح بالغ الأهمية، ودليل آخر أكثر أهمية. الدليل الواضح، هو أن أمريكا، (ومعها دول الغرب) حريصة على إسرائيل، ولا تسمح، مطلقاً، بهزيمة لها، يمكن أن تقود إلى زوالها بصيغتها وشكلها الحالي. ولكن الدلالة الأكثر أهمية هي أن إسرائيل غير قادرة على حماية نفسها. ويمكن لنا أن نقول ونكرر بثقة تامة: ما خسرته إسرائيل بفعل زلزال السابع من أكتوبر، غير قابل للاسترجاع، مهما عملت، ومهما ارتكبت من مجازر وجرائم.


ثم نصل نهاية، إلى الدلالات الكثيرة لاختيار يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي لحركة حماس، خلفاً للشهيد إسماعيل هنية. وهي دلالات كثيرة أيضاً، ولكن أبرزها اثنتان: واحدة بالغة الأهمية، وثانيتهما أكثر أهمية أيضاً وأيضاً.


أولاهما، إن سياسة الاغتيالات الإسرائيلية، لقيادات سياسية أو عسكرية، هي سياسة عقيمة، سياسة عاقر، غير مثمرة، إذ بعد أقل من أسبوع من اغتيال هنية، تم توافق مؤسسات حماس، ذات الصلاحية، على ملء الفراغ الذي خلّفه تغييب إسماعيل هنية، باختيار يحيى السنوار لرئاسة مكتبها السياسي.


اما الدلالة الأكثر أهمية لاختيار يحيى السنوار للموقع السياسي الأعلى في التسلسل التنظيمي لحركة حماس، فهو من شقين: الشق الأول، هو أن حركة حماس، وخاصة في ظل زلزال السابع من أكتوبر، وما ترتب عليه، تعترف بأن القيادة الميدانية للحركة، على أرض فلسطين، وفي قطاع غزة، هي المحور الجدير والأقدر على قيادة العمل.


لكن الشق الثاني لدلالة انتخاب يحيى السنوار لقيادة حماس، لا تقل أهمية، بل ربما هي أكثر أهمية، ترسل حماس من خلالها رسالة إلى الشعب الفلسطيني، وإلى شعوب ودول العالم العربي، تقول من خلالها ما معناه: إن حركة حماس هي حركة وطنية فلسطينية مناضلة، تقدّم هويّتها الوطنية الفلسطينية على كل هويّاتها القومية والدينية وغيرها، تتكامل مع هذه الهويّات، تنتمي إليها، وتتعاون معها، ولكنها تنطلق من قاعدة انطلاق: هي الهوية الوطنية.


ملاحظة أخيرة، لا بد من تسجيلها، رغم أن لا علاقة مباشرة لها بكل ما تقدّم: إقدام سلطات الاحتلال والاستعمار الإسرائيلي، على احتجاز الأخ جبريل الرجوب، القيادي الفلسطيني البارز، وصاحب الكاريزما المعروفة، أمين سر حركة فتح، ورئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية، في طريق عودته من الأردن إلى فلسطين، مؤخراً، بعد مشاركته وحضوره دورة الألعاب الأولمبية في فرنسا، تحمل معاني ومؤشرات كثيرة، تشير إلى تصعيد إسرائيلي موجه إلى كل العاملين في المجال الوطني السياسي العام، تستوجب رد فعل فلسطيني عام، قد يصل، بل يجدر به أن يصل، إلى حد تشكيل "حكومة فلسطينية في المنفى" تقود العمل الوطني، بعيداً عن قدرة أجهزة الأمن الإسرائيلية على التحكّم بتحركاتها.


ما خسرته إسرائيل بفعل زلزال السابع من أكتوبر، غير قابل للاسترجاع، مهما عملت، ومهما ارتكبت من مجازر وجرائم.

دلالات

شارك برأيك

ثلاث ملاحظات عن حالة إسرائيل الراهنة

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 85)