أقلام وأراء
الإثنين 27 مايو 2024 10:30 صباحًا - بتوقيت القدس
مطلوب زعيم
تلخيص
حيث ان الساحة الفلسطينية تعيش واحدة من فصول المجابهة والمواجهة مع الاحتلال على مختلف النواحي والصعيد، وحيث ان الواقع الفلسطيني قد اضحى اكثر تعقيدا، وحيث ان السؤال الكبير حول الواقع الزعاماتي الراهن ، يجيء في ظل معطيات تجبرنا ارغاما على الوقوف والتوقف امام الظاهرة العرفاتية باميتاز. وكنت قد أنهيت لتوي قراءة مؤلفة أمنون كابليوك ( عرفات الذي لا يُقهر) واعترف أنني قد توقفت كثيرا أمام ما راح يسرده الكاتب لمحطات مفصلية في مسيرة الزعيم الراحل ياسر عرفات وكيفية أدرته للشأن الفلسطيني المعقد بكافة تفاصيله وتعقيداته بمختلف المراحل وعلى كافة المستويات وفي كل مرة كنت أحاول استعادة تفاصيل تلك المرحلة وحقيقة الآراء التي كانت تتبلور هنا أو هناك حول الخطوات والتحركات العرفاتية إذا ما جاز التعبير آنذاك وكنت أجد أن إدارة الشأن السياسي الفلسطيني بكافة تشابكاته وخيوطها كان يتطلب ابتداع معادلات دقيقة كالسير وسط حقل الألغام وهذا بالضبط ما استطاع عرفات ببراعته أن يبتدعه...
ومن خلال التشخيص الواقعي البعيد عن المزايدات ورفع الشعارات البراقة والطنانة نلحظ أن ثمة خلل كبير في إدارة الشأن الفلسطيني عموما وعلى مختلف الصُعد واقصد هنا بالشأن الفلسطيني هو حقائق إدارة الجبهة الداخلية والإمساك بكل خيوط اللعبة الداخلية على أساس الشراكة في الوطن وان الوطن للجميع ولا مكان لمن يحاول أن يستأثر به دون الأخر وعلى الأقل هذا ما يحدث على الساحة الداخلية حيث الاعتقاد المطلق لكل جهة أو طرف أو صاحب وجهة نظر انه الوحيد الذي يملك الحقيقة ولا احد دونه يملك الحق حتى في إبداء الرأي أو النقاش وإذا كان عرفات قد أدار الشأن الداخلي ببراعته المعهودة والمعلومة ومن خلال حضور شخصيته وسيطرته على كل تناقضات الداخل وتجاذباتها بالشكل الفردي أو التفرد بالقرار فأنه بذات الوقت كان يعي متى وكيف يوظف كل هذه التناقضات خدمة للمسالة الفلسطينية وكيف كان يستفيد حتى من هذه التجاذبات في مواجهة الخصوم العرب وحتى الأعداء من خلال تناقضات الساحة الفلسطينية التي لم يسمح يوما أن تتفجر وتصبح أزمة متدحرجة على الشكل التي نشهده هذه الأيام .
في ظل وجود ما يسمى بالمؤسسة القيادية التي عجزت وحتى تاريخه على إدارة الشأن الفلسطيني الداخلي بل إن هذا الواقع الداخلي قد تدهورت أوضاعه إلى الدرجات الدنيا غير المسبوقة بالتاريخ الفلسطيني حيث العجز الواضح والفاضح لكل المؤسسات الوطنية الفلسطينية سواء أكانت تلك المنضوية في إطار السلطة الوطنية أو تلك منضوية تحت راية م. ت. ف أو حتى مؤسسات التنظيمات والأحزاب اليمينية منها وتلك اليسارية فكل هذه المؤسسات عاجزة وعاجزة جدا عن مواجهة تداعيات سياسات حرب الإبادة الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني بل إن هذه المؤسسات التي من المفروض أنها الأقوى والأقدر على مواجهة الوقائع الداخلية من سطوة الزعيم أو القائد قد أظهرت إفلاسها ولا تستطيع أن تعالج أيا من القضايا المطروحة اليوم وبقوة على طاولة البحث الفلسطيني والمتمثلة بشكل أساسي بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية للداخل الفلسطيني التي بلا أدنى شك أنها مرتبطة بجملة من التطورات السياسية الإقليمية والدولية ومن هنا كانت براعة الزعيم وابتداعاته فيما يخص الرؤية الثاقبة والفعلية في المزاوجة ما بين احتياجات الشعب وقدرته وما بين الفعل السياسي ودهاليزه وخباياه والتمسك بذات الوقت بالثوابت والحقوق وفتح الهوامش للتعاطي الفلسطيني السياسي على مختلف الجبهات والساحات وإبقاء الرقم الفلسطيني فارضا نفسه في المعادلة المحلية وتلك الإقليمية وحتى الدولية الأمر الذي نفتقده جدا هذه الأيام حيث العزل والخنق والحصار بل والتهميش للرقم الفلسطيني الذي من المفروض أن يكون المركزي على المستوى الإقليمي على الأقل... وهو الأمر الغائب بامتياز بالظرف الراهن...
ربما يكون عرفات قد تفرد بالقرار الفلسطيني وربما يكون قد هيمن على المؤسسة الرسمية الفلسطينية ولكنه يوما لم بغفل وقائع القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها حتى أنه كان يلقب بملك التفاصيل كونه يدرك أن الشيطان يسكن بالتفاصيل وتحديدا تلك التفاصيل المتعلقة بالداخل والعمق الفلسطيني، كان يعي كيف ينسج تحالفاته مع الخصوم الفلسطينيون وكيف من الممكن أن يتحاور وإياهم دون أن يقطع شعرة معاوية إلا إذا أنفرض قطعها رغما عنه... وكان يبحث عن التلاقي وسط الاختلافات وان كانت هذه الاختلافات جوهرية يحاول أن يوسع من مساحات التلاقي وان كانت على قضايا بديهية... ناضل كثير في سبيل استقلالية القرار وعدم زجه بسياسات المحاور الإقليمية... وهذا ما تحاول المؤسسة الفلسطينية بالظرف الراهن أن تتعاطى معه دون تحقيق الحد الأدنى من النجاحات المطلوبة...
إن ياسر عرفات كان يعي هموم شعبه ويعلم قدراته ومقدراته بكل المراحل وعرف كيف يوظف طاقات شعبه الفلسطيني في الأزمات ولم يكن ليحمله ما لا طاقة لها به... حيث انه وفي هذا السياق خبر التعامل مع شجون وغضب الشعب وعرف كيف يمتص نقمته بكل المراحل والمفاصل... راهن على الشعب كثيرا ووقف إلى جانبه بكل المحطات التي كانت تستهدف القرار الفلسطيني والمسألة الوطنية... محافظا بذات الوقت على أبجديات استمرار الشعب بالحياة والعوامل الأولية لمعادلة الصمود... وهاهي المؤسسة الفلسطينية البديلة عن (عرفات المهيمن والديكتاتور...) في واد وجماهير الشعب الفلسطيني في واد أخر... وهاهي هموم الشعب في ظل هبة الغضب بوجه الاحتلال، وهمومه غير المسبوقة ايضا مع لقمة العيش تشكل العنصر الضاغط على صانعي القرار السياسي الفلسطيني الرسمي... دون أن تستجيب لمتطلباته تلك المؤسسات الكثيرة التي أصبحت من المفروض أنها قادة وقيادة هذا الشعب بل أثبتت عجزها وفشلها في تنظيم ذاتها والكل برأيي يتحمل المسؤولية لسبب بسيط أن أحدا لم يريد ولم يسعى ويعمل في سبيل أن يقف عند مسؤولياته.... فقد سيطر الشد التنظيمي والمصلحة الحزبية على مصالح الناس والشعب وجماهير هذه التنظيمات... وكانت سياسة تصفية الحسابات في الشارع ومن الشارع منطلقة وأدخلت جماهير هذا الشعب في دوامة الاستقطاب الثنائي والثلاثي في ظل ضياع بوصلة الوطن والتي اعتقد أن عرفات كان قد امتلكها بمراحله المختلفة مع الاختلافات والتجاذبات الكبيرة والكثيرة عليه وعلى سياساته ومع ذلك كان الضمانة الوطنية الكبرى عند الاختلاف أو حتى الاقتتال الداخلي إن حدث.... والسؤال الذي اطرحه بالنهاية وبصراحة لا أجد الإجابة عليه.... هل نحن بحاجة إلى عرفات من جديد... بعد أن فشلت مؤسساتنا الوطنية بالقيادة...؟؟
في واقع الأمر المطلوب زعيم ، يعرف لغة الريح ، ويعي خبايا كواليس الفهم والفهم المضاد ، ويدرك حقيقة ادراك اللحظة ..
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
أطفال فلسطينيون تعرضوا للإعدام الميداني
واشنطن ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض على نتنياهو وغالانت
السيسي: السلام العادل والمستدام هو خيار استراتيجي لمصر
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%52
%48
(مجموع المصوتين 92)
شارك برأيك
مطلوب زعيم