أقلام وأراء
الأحد 28 أبريل 2024 9:11 صباحًا - بتوقيت القدس
الهجوم الإسرائيلي على رفح محكومٌ بالفشل
تلخيص
منذ أكثر من ثلاثة أشهر والاحتلال الإسرائيلي يتوعد باجتياح رفح، في الوقت الذي يُقدِّم فيه رِجلاً ويؤخّر أخرى، ليس لعدم رغبته بالاجتياح، وإنما لتردّده الكبير، وارتباك حساباته، وخشيته الحقيقية من الفشل، بالإضافة إلى ضغوط الولايات المتحدة وباقي حلفائه التي تُنذره من عواقب كبيرة ومن حصاد مُرٍّ.
لماذا الإصرار على الهجوم؟
أَمَا وقد دخلت الحرب على غزة “وقتها الضائع”، بعد أن استنفذت مبرراتها وجدواها، وفشلت في تحقيق أهدافها، في سحق حماس وتحرير المحتجزين الإسرائيليين، وتوفير الأمن، فإنه يجري تقديم فكرة اجتياح رفح كوصفة لتحقيق الأهداف والخروج من المأزق، ومحاولة كسب المزيد من الوقت لإقناع المجتمع الإسرائيلي بجدوى استمرار الحرب. وهذا يعطي أيضاً فرصة لنتنياهو للقفز إلى الأمام، وإطالة عُمر رئاسته للوزراء؛ والتهرّب من الاستحقاقات التي تنتظره في سقوطه وحزبه في الانتخابات القادمة، وفي احتمال سجنه وإنهاء حياته السياسية.
وبالنسبة لنتنياهو وتحالفه ولقطاع عريض من المجتمع الإسرائيلي، فإن التوقف عن الحرب قبل محاولة اجتياح رفح، وقبل تحقيق الحد الأدنى من الأهداف (على الأقل تحرير المحتجزين وتوفير الأمن لغلاف غزة) سيعني كارثة إسرائيلية كبيرة. إذ يعني أن حماس خرجت مُنتصرة، وأن المشروع الصهيوني فَقَدَ ملاذه الآمن في فلسطين، وفَقَدَ قدرته على الردع، كما فَقَدَ صورته المهيمنة الطاغية في المنطقة، وهذا سيعني أيضاً مزيداً من الالتفاف الشعبي الفلسطيني والعربي والإسلامي والعالمي حول المقاومة وحول قضية فلسطين. ولذلك، فإن الهجوم على رفح ما زال الخيار الأقرب للاحتلال الإسرائيلي.
ثمانية أسباب تدفع للفشل:
في المقابل، يدرك الاحتلال الإسرائيلي أن احتمالات الفشل عالية جداً. فمن ناحية أولى، أثبتت حملات الاجتياح والتدمير الوحشية في شمال قطاع غزة ووسطها عدم جدواها. ولم تخسر المقاومة بعد أكثر من 200 يوم من الحرب إلاّ جزءاً محدوداً من إمكاناتها، وما زالت قوية وفعالة وقادرة على إلحاق خسائر يومية كبيرة بقوات الاحتلال، وسرعان ما تقوم المقاومة وأجهزتها بملء الفراغ واستعادة السيطرة فوق الأرض، فور أي انسحاب إسرائيلي، وما زالت المقاومة تدير حياة الناس، ولا يرضون عنها بديلاً.
ومن ناحية ثانية، فإن شبكة الأنفاق ما تزال تحتفظ بفعاليتها في أرجاء القطاع، بما في ذلك منطقة رفح، وقوات الاحتلال عندما تهاجم رفح فهي لن تجد جيشاً نظامياً يقاتلها بأساليب تقليدية، وإنما ستواجه مقاومة عنيفة بديناميات حركية عالية، غير قابلة للحصار والاستئصال، وستتمكن المقاومة من استخدام الأنفاق بفعالية والانتقال إلى مناطق الوسط والشمال، وستكون قادرة على نقل الأسرى من مكان لآخر، كما فعلت من قبل. وبالتالي، تصبح الآمال في القضاء على حماس والمقاومة نوعاً من العبث وإضاعة الوقت، ومجرد تأخير لإعلان الفشل.
من ناحية ثالثة، يعاني الجيش الإسرائيلي من حالة من الإنهاك والاستنزاف، بعد أكثر من 200 يوم من الحرب، ويعاني من خسائر مادية وبشرية غير مسبوقة، مما اضطر الحكومة لإعادة النظر في قانون التجنيد الإجباري ليستوعب المزيد من المجنَّدين، كما يعاني من مشاعر الإحباط وهبوط المعنويات وتراجع “إرادة القتال”، مع تزايد الإدراك بأن الحملة القادمة على رفح لن تكون أفضل من سابقاتها، وأن أي “إنجاز” متوقع لا يتجاوز قتل مزيد من الأطفال والنساء وتدمير المزيد من المدارس والمستشفيات، وأنهم لن يخرجوا بغير الخزي والعار.
من جهة رابعة، يواجه العدوان الإسرائيلي معضلة تكدس نحو مليون و400 ألف فلسطيني في منطقة رفح، والصعوبة البالغة في القيام بأي مهمة عسكرية فعالة في مثل هذه الحالة من الاكتظاظ البشري، وهو ما قد يؤدي إلى أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى المدنيين، مع تزايد حالة الغضب والسخط العالمي على إسرائيل، وزيادة عزلتها.
وفي ضوء ذلك نلاحظ، من ناحية خامسة، اعتراضات حلفاء الاحتلال الإسرائيلي الغربيين على اجتياح رفح، بمن فيهم الولايات المتحدة، حيث يرون أن ضرر هذه العملية أكبر من نفعها، وأنها ليست ذات جدوى حقيقية، مع ضعف فرصها في النجاح. وحتى الولايات المتحدة حاولت أن تدعم الهجوم على رفح ضمن معايير معينة، ومع ذلك فإن نتنياهو وحكومته يرون أن الضوابط الأمريكية ستُضعف من إمكانية نجاح هجومهم، ولذلك فهم يطالبون بغطاء أمريكي كامل.
من ناحية سادسة، فإن الموقف المصري ما زال ضدّ اجتياح رفح، ويرفض أن يفتح الأبواب لتهجير أبناء غزة إلى سيناء. وما زال الطرف الإسرائيلي يحاول الوصول إلى صيغة توافق عليها الحكومة المصرية أو تسكت عنها، وهو ما لم يُنجز حتى الآن، وفق المعطيات المتوفرة.
من ناحية سابعة، فبالرغم من وحشية العدوان الإسرائيلي إلا أنه لم يعد قادراً على ممارسة درجة الوحشية ذاتها التي مارسها في بدايات الحرب، بعد أن سُلِّطت الأضواء على جرائمه، وبعد حالة الاستعداء والعزل التي جلبها لنفسه، وبعد دخوله في محكمة العدل الدولية، بالإضافة إلى أنه قد ثبت له أن المذابح الوحشية كان أثرها عكسياً، فزادت من التفاف الحاضنة الشعبية حول المقاومة.
وبالرغم من حاجة الاحتلال الإسرائيلي إلى عامل “الوقت” لتنفيذ هجومه، واستكمال تغطية كل قطاع غزة في عدوانه، إلا أن عامل الوقت، من ناحية ثامنة، لا يلعب بالضرورة لصالحه. فالبيئة الداخلية الإسرائيلية ضاقت من طول الحرب، ومن الخسائر الاقتصادية الكبيرة، ومن تعطل السياحة، وفقدان الأمن، وأمست بشكل متزايد لا ترى أفقاً إيجابياً لاستمرار الحرب، كما أن الاحتلال الإسرائيلي تتراجع فرصه في استئناف التطبيع مع البيئة العربية، بينما تزداد صورته سوءاً ووحشية في البيئة الدولية، وبالتالي، تزداد العوامل الضاغطة لإنهاء الحرب داخلياً وخارجياً. وهذا يجعل اجتياح رفح عمليةً مسكونة بالمخاوف من الغرق أكثر في المستنقع، وحصاد مزيد من الخسائر والنتائج السلبية، ودفع أثمان أكبر بحصيلةٍ أقل.
وفي الخلاصة، فإن الهجوم الإسرائيلي على رفح وإن بدا مساراً إسرائيلياً إجبارياً، فإنه محكومٌ بالفشل، وسوء الخاتمة.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
مستعمرون بينهم بن غفير يقتحمون الحرم الإبراهيمي
الأكثر قراءة
"حماس" تنفي انتقال قياداتها من قطر إلى تركيا: أنباء غير حقيقية
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%52
%48
(مجموع المصوتين 92)
شارك برأيك
الهجوم الإسرائيلي على رفح محكومٌ بالفشل