أقلام وأراء
الخميس 08 فبراير 2024 9:44 صباحًا - بتوقيت القدس
استهداف الأونروا… لمصلحة من؟!
حتى كتابة هذا المقال، علَّقت 17 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، مساعداتها لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وهذه الدول تغطي 78.4% من الإيرادات السنوية للأونروا، بحسب آخر ميزانية معلنة للأنروا (الإنفاق الحقيقي لسنة 2022)؛ أي نحو 921 مليون دولار مما مجموعه 1,175 مليون دولار. وقد تم ذلك تحت ذريعة الادعاء الإسرائيلي بأن 12 موظفاً في الأونروا في قطاع غزة قد شاركوا في هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 (طوفان الأقصى) على غلاف غزة. وبحسب الادعاء الإسرائيلي فإن عشرةً منهم ينتمون إلى حماس، وواحد إلى الجهاد الإسلامي. وثمة تقارير بأن اثنين منهم قد توفيا.
اين الدليل ؟ هل قدمت إسرائيل اي ادلة او اثباتات طبعاً لا.
استعجالٌ مُستَهجن:
اللافت للنظر أن هذه الدول الـ 17 قد تجاوبت بسرعة استثنائية مع الادعاء الإسرائيلي، قبل التأكد من جهة محايدة من صحة “الاتهامات”، خصوصاً وأن الطرف الإسرائيلي هو في موقع العدو والخصم الذي من مصلحته الإضرار بالأونروا. كما أن هذا الادعاء حتى لو كان صحيحاً، فلا يمكن أن يكون مُبَرَراً، إذ إن أي إجراء عقابي (إن كان مستَحقاً) فيجب أن يؤخذ بحق من “أخطأ”، وليس بحق مؤسسة عالمية ضخمة كالأونروا، تقوم بخدمة نحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني؛ من بينهم أكثر من مليون ونصف لاجىء يقيمون في قطاع غزة، ولديها في قطاع غزة وحده نحو 13 ألف موظف. ومن المستحيل لأي دولة أو مؤسسة في العالم أن تتأكد تماماً من خلوها من موظفين قد يخفون قناعات أو التزامات مخالفة لسياستها؛ ولن تقبل أي منها أن تقع تحت عقوبات عالمية، لمجرد أن جهة معارضة أو عدوة قدمت ادعاءات ضد موظفين في وزاراتها أو في شركات وهيئات في بلدها.
أما الدول الـ 17 التي قررت تعليق دعمها للأونروا فهي: الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وفرنسا، وسويسرا، وهولندا، وألمانيا، والسويد، وإيطاليا، والنمسا، ورومانيا، واستونيا، وأيسلندا، وفنلندا، واليابان، وأستراليا، ونيوزيلندا.
الأونروا: مهام ثقيلة واستهداف متواصل:
وكانت الأونروا قد تأسست بناء على القرار 302 الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 كانون الأول/ ديسمبر 1949، وهدف إلى توفير الرعاية وفرص العمل للاجئين الفلسطينيين. وهي الآن بعد أكثر من 54 عاماً على إنشائها ما تزال تمثل شاهداً أساسياً على نكبة الشعب الفلسطيني سنة 1948 وكارثة تهجيره. كما أنها بالنسبة لملايين اللاجئين الفلسطينيين مصدر دعم تعليمي وصحي وإغاثي مهم، خصوصاً وأن أعداداً كبيرة منهم ما تزال بحاجة ماسة للدعم، مع استمرار معاناتهم بعيداً عن بيوتهم وقراهم التي أخرجوا منها. وتغطي مناطق عمل الأونروا كلاً من قطاع غزة والضفة الغربية والأردن وسورية ولبنان.
وفي العادة تقوم الجمعية العامة للأمم المتحدة التجديد لعمل الأونروا بشكل دوري وبأغلبية ساحقة، وكان آخر قرارات التجديد قد اتخذ في كانون الأول/ ديسمبر 2022 بأغلبية 157 بلداً مقابل اعتراض واحد هو الكيان الإسرائيلي فقط، وامتناع عشر دول أخرى؛ حيث تم التجديد حتى 30 حزيران/ يونيو 2026.
وعادة ما تعاني الأونروا من ضغوط مالية ونقص في إيراداتها وموازناتها، وتنتقل من أزمة إلى أخرى، للقيام بالحد الأدنى من واجباتها. ولا يكف الاحتلال فوق ذلك، عن ضغوطه ومؤامراته الرامية إلى إفشال عملها وإغلاقها، سعياً منه لطي صفحة اللاجئين الشاهدة على إجرامه. وكانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد تجاوبت مع الضغوط الإسرائيلية، فقامت بوقف دعمها للأونروا سنة 2018، غير أن إدارة الرئيس بايدن استأنفت الدعم من جديد سنة 2021.
هل هو أمرٌ دُبِّر بليل؟!
يظهر من التقارير الأولية أن الاستهداف الحالي للأونروا يتماهى مع خطة أعدتها وزارة الخارجية الإسرائيلية، وتم تسريبها عبر قناة 12 الإسرائيلية يوم 28 كانون الأول/ ديسمبر 2023، نقلاً عن مصادر مسؤولة، ونشرت ملخصها صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” في اليوم التالي؛ وتهدف الخطة إلى إنهاء عمل الأونروا في قطاع غزة، تمهيداً لإنهائه في باقي مناطق عملها. وتنقسم الخطة إلى ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: “شيطنة” وكالة الأونروا في أعين الجهات المانحة، عن طريق اتهامها بوجود تعاون مزعوم بينها وبين حماس (المتهمة بـ”الإرهاب”) في قطاع غزة.
المرحلة الثانية: تقليص عمل الأونروا، في الوقت الذي يتم فيه البحث عن منظمات أخرى بديلة تحل مكانها.
المرحلة الثالثة: نقل مهام الأونروا إلى الهيئة التي ستقوم بحكم غزة بعد انتهاء الحرب (على فرض أنها ستحل محل حماس، وستكون مرضياً عنها إسرائيلياً).
تساؤلات:
اللافت للنظر، أن المدى الزمني ما بين تسريب الخطة وما بين حملة الادعاءات الإسرائيلية ضد الأونروا نحو أربعة أسابيع فقط. كما أن سرعة تجاوب 17 دولة مع هذا الادعاء تشير إلى رغبة هذه الدول باسترضاء الجانب الإسرائيلي، دون الحد الأدنى من إجراءات التحقُّق اللازمة. فلماذا العَجَلة؟
كما يظهر تساؤل عن سبب قيام المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني بفصل موظفي الأونروا الـ 12، قبل التحقق من صحة الاتهامات ضدهم؛ بينما كان الجانب الإجرائي يقتضي إحالتهم للتحقيق، قبل اتخاذ أي قرار بشأنهم.
من ناحية ثانية، يبرز تساؤل للأمم المتحدة والدول المانحة، عن سبب عدم اتخاذ إجراءات بحق الاحتلال الإسرائيلي الذي قام بقصف نحو 145 منشأة للأونروا (نحو نصف منشآت الأونروا في القطاع: مدارس ومراكز وغيرها) مما أدى لتدميرها أو إصابتها بأضرار، كما تسبب بتعطيل 18 مركزاً صحياً للأونروا من أصل 22 مركزاً في القطاع. وهي عملية تدمير هائل للبنى التحتية للأونروا، التي تسببت بهدر مئات الملايين من دولارات الدول المانحة.
ومن ناحية ثالثة، فلماذا سكتت الدول المانحة عن قتل الاحتلال الإسرائيلي لـ 152 موظفاً من موظفي الأونروا في أثناء عدوانه على القطاع حتى الآن؟!
وكلها جرائم أكبر بكثير من ادعاءات يقوم بتسويقها الاحتلال الإسرائيلي.
ثم كيف يستغرب هؤلاء أن يوجد بين موظفي الأونروا من يحملون روح المقاومة وأيديولوجيتها، حيث تؤيد خط المقاومة الأغلبية العظمى من أبناء الشعب الفلسطيني؛ وما زالت معاناة اللجوء والتشريد والقهر والحرمان ماثلة لحظة بلحظة أمام أعينهم على مدى 76 عاماً. وكيف لا يوجد أفراد ينتمون للمقاومة في قطاع غزة، وهم يعايشون حصاراً خانقاً منذ 17عاماً، وتُشنُّ عليهم الحروب بين فترة وأخرى، ويجد موظف الأونروا نفسه فاقداً لأمنه، ومعرضاً للقصف، وربما يُدمر منزله، أو تُقتل عائلته، أو يُشرد ويُهجر من جديد؛ ثم يطلب منه بعد ذلك أن يُحرم من هويته وإنسانيته ومشاعره!!
وأخيراً، فما قامت به هذه الدول من خطوات متسرّعة، إنما يصبُّ في مصلحة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ويتوافق مع الرؤية الإسرائيلية للتضييق على اللاجئين الفلسطينيين وشطبهم، وإغلاق أضخم مؤسسة عالمية مسؤولة عن رعايتهم.
ولذلك، فعلى كافة الدول والمؤسسات والأحزاب والقوى والرموز التي تدعم الشعب الفلسطيني، أن تسارع للقيام بواجباتها لوقف التآمر على الأونروا وعلى قضية فلسطين.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
هولندا: سنعتقل نتنياهو تنفيذا لقرار المحكمة الجنائية الدولية
ترمب يرشح طبيبة من أصل عربي لمنصب جراح عام الولايات المتحدة
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 93)
شارك برأيك
استهداف الأونروا… لمصلحة من؟!