أقلام وأراء

الإثنين 03 أكتوبر 2022 11:19 صباحًا - بتوقيت القدس

رحلة الدم الفلسطيني الذي هزم المخرز


بقلم: فتحي احمد


ان الاستعمار الفرنسي للجزائر الذي جثم على صدور الجزائريين والذي استمر مئة وثلاثين ‏عاما نهايته كانت الى زوال، كما ان الانتداب الفرنسي على سوريا عام 1920 حتى جلاء ‏القوات الفرنسية عنها سنة 1946 انتهى باستقلال سوريا وخروج الفرنسيين منها وغيرها من ‏الدول العربية والهند وباكستان وبنجلادش والكثير من المستعمرات.‏
بعدما دخل الرئيس السوري الراحل فارس خوري الى مقر الأمم المتحدة قبيل استقلال سوريا ‏بشهور معدودة لمناقشة ملف بلاده واستقلالها، اتجه الى مقعد المندوب الفرنسي وجلس مكانه ‏لمدة خمس وعشرين دقيقة، مما اثار غضب وحنق السفير الفرنسي في الأمم المتحدة، وقد حاول ‏المندوب الفرنسي اقناع الخوري ان هذا المكان لي وانت مكانك هناك لكنه فشل، وفي نفس ‏الوقت كان خوري ممسك بساعته ويحسب الوقت الذي يمضي حتى انقضى ربع ساعة، وفي ‏الوقت نفسه تدخل سفراء دول العالم حتى لا يحدث تشابك بالأيادي بينهما، وخصوصا عندما ‏حاول السفير الفرنسي ان يعتدي جسيدا على الخوري، وبعد انتهاء المدة وقف فارس خوري ‏وقال كلمته للمندوب الفرنسي المعروفة، لقد تحملنا سفالة جنودك عقدين ونيف وان لنا ان ‏نستقل كبقية دول العالم؟
‏ الم تشر ساعة الوقت اليوم قبل الغد لاستقلال فلسطين؟ متى يعلن العالم من عن منابر هيئة ‏الأمم التي تكيل بألف مكيال وتقولها مدوية كفى سفك الدم الفلسطيني؟ متى يقرع جرس العودة، ‏وينهي معاناة ملايين اللاجئين الفلسطيني في العالم؟ أسئلة كثيرة ملحة ننتظر إجاباتها على أحر ‏من الجمر ما زلنا ننتظر ونسترق السمع لربما تخرج علينا هيئة الأمم المتحدة وتلعن انعقاد ‏جلسة خاصة لبحث الية خروج المحتل من فلسطين، كما فعلت لسوريا، لقد تحمل الشعب ‏الفلسطيني كثيرا سفالة جنود الاحتلال وبطشهم والة القتل والدمار الصهيونية واستباحة ‏المقدسات وقتل الأطفال و الشيخ والنساء حتى الشجر اجتث من فوق الأرض ومن تحتها.‏
منذ اكثر من سبعة عقود لم نسمع الا ضجيجا مزعجا لا يحمل بشرى خير من خلف البحار ‏والمحيطات واليابسة ، و الجغرافيا الفلسطينية تصرخ وتصيح ولكن لا مجيب، لم نسمع الا ‏الأسطوانة المشروخة الشجب ورديفه الاستنكار، ان ما يحدث في جنين ونابلس والخليل وغزة ‏من استباحة الأماكن والبشر والشجر يدلل على ان إسرائيل ماضية في سبيل قلب الديمغرافية ‏لصالحها، وهو مقدمة لترحيل الشعب الفلسطيني من خلال التضيق عليه ومحاربته بأحدث ‏الأسلحة الامريكية وغيرها، فتصريحات المستوى العسكري في إسرائيل هذه الأيام  بشان الحرب على جنين ونابلس يفهم منها بانها تقويض اركان السلطة، وافهام العالم ان ‏السلطة الفلسطينية عاجزة عن مواجهة المقاومة الفلسطينية، هذا النهج السياسي الإسرائيلي له ‏مدلولات كثيرة منها الصراع الانتخابي للكنيست القادمة، وتحويل انظار العالم عن امعانها في ‏بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي، فضلا عن محاولاتها الغاء أوسلو وتبعاته واستحقاقاته ‏السياسية.‏
اذن نعي المفهوم السياسي للحكم الذاتي الفلسطيني حسب الرؤية الصهيونية ان الحقوق اليهودية ‏في فلسطين مطلقة، اما الحقوق الفلسطينية فليست اصلية، بمعنى اخر الحكم الذاتي حسب ما ‏يراه الاحتلال هو حكم للشعب وليس الأرض، وهذا المنطق يقودنا الى الصورة او المشهد ‏اليومي لما يجري في الضفة الغربية من اجتياحات ودخول جنود الاحتلال غير المبرر مدججين ‏بأسلحتهم الثقيلة، وبحجج واهية كاذبة لمطاردة شبان بدعوى مطلوبين امنيا، مع إعطاء السلطة ‏هامشا وهو إدارة المؤسسات المدنية والشرطية في الضفة الغربية.‏
فأشكال العنف الإسرائيلية هو رفض قبول الواقع والتاريخ العربي والإسلامي، وهو الغاء ‏الاخر، بهذه السياسية الخبيثة نحن في صراع طويل مع المحتل، فهي حرب لها الوان متنوعة ‏منها الحرب السياسية والاقتصادية والدينية التوراتية، وهي اخطر أنواع الحروب التي يشنها ‏علينا اليمين المتطرف في إسرائيل، فالشعب الفلسطيني حسب التلمود والتوراة المحرفة ‏يتموضع خارج دائرة القداسة المكانية والزمانية، بمعنى ان الصهيونية هي وريثة الطبقة ‏الحلولية اليهودية فهي تجعل اليهود شعبا عضويا خاصة بالأرض ( ارتس يسرائيل ) أي ‏فلسطين، فالعنف حسب فكر الحركة الصهيونية والتي تقود إسرائيل منذ النشأة الأولى حتى ‏اليوم هو احد الأركان الأساسية للإدراك الصهيوني.‏
يقول فلاديمير جابوتنسكي مؤسسة الصهيونية التصحيحية اننا لم نرث القوة والبطش من ‏النازيين، وانما نزلت التوراة والسيف من السماء، وقد تبعه بذلك تلميذه مناحيم بيجن في تأكيده ‏على أهمية السيف باعتباره محركا للتاريخ، اذ يقول : ان التقدم في تاريخ العالم ليست السلام بل ‏السيف، هذا الفكر المشبع بالجابوتنسكية والتشوية يوضح لنا ان المعركة مع الاحتلال ما هي ‏الا حربا ضروسا طويلة الاجل.‏
‏ فخطاب لبيد في هيئة الأمم المتحدة الذي نادى فيه بحل الدولتين هو مجرد ضحك على ذقون ‏العالم، واستغلال الوقت لدعايته الانتخابية، فمنبر الأمم المتحدة ثبت للقاصي والديني منبر ‏صهيوني، تسلقه قادة إسرائيل ليستغلوه في تمرير سياستهم وخبثهم على العالم. ‏
لقد احتار المراقبون من هذيان لبيد، وهو كلام مفكك وغير معقول، ولا معنى له فهو حالة ‏مريض يتكلم في غير اللاوعي، وهذا صحيح نوعا ما، يقول دولتان مقابل نزع السلاح، كان ‏هنالك طرح دولتان منذ توقيع أوسلو وما زال ولم نر دولة، قالها شارون ان مقترح الورقة ‏العربية لتسوية القضية الفلسطينية مقابل التطبيع لا تساوي الحبر الذي كتب به، وأيضا صدح ‏بها شامير في مؤتمر مدريد للسلام سوف نمد امد المفاوضات لعشرين سنة قادمة، هذا هو الديدن ‏الصهيوني في التعامل مع القضية الفلسطينية ولا تحول عن ذلك.‏
مع كل هذه الغطرسة والجبروت الصهيوني ضد شعب اعزل، سيبقى الشعب الفلسطيني مرابطا ‏على ارضه كعقيدة أولا، وكانتماء سياسي ومكاني وزماني ثانيا، لا يضره من خالفه حتى يأتي ‏امر الله وهم كذلك فلا المخرز يخدش يده ولا ضربات السيوف تنال منه بحول الله وقوته.‏

دلالات

شارك برأيك

رحلة الدم الفلسطيني الذي هزم المخرز

إشترك الآن النشرة البريدية آخر الأخبار من القدس دوت كوم
By signing up, you agree to our Privacy Policy
20:12°
القدس اليوم الأحد

غداً الإثنين

23:13°

بعد غد الثلاثاء

27:15°

أسعار العملات

الأحد 02 أبريل 2023 5:56 صباحًا

دولار / شيكل

شراء 3.59

بيع 3.61

دينار / شيكل

شراء 5.06

بيع 5.08

يورو / شيكل

شراء 3.89

بيع 3.91

الأكثر قراءة

الأكثر تعليقاً