Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

موارد مهدورة: الاستغلال الأمثل للموارد بطريقة فعّالة

الخميس 18 يوليو 2024 12:36 مساءً - بتوقيت القدس

مجدي أبو زيد

منذ إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، كان هناك نقاش مستمر حول دور وهيكل المؤسسات الفلسطينية. من جهة، يجادل البعض بضرورة تطوير مؤسسات قوية لتعزيز الصمود وتقديم الخدمات المثلى حتى تحقيق السيادة الكاملة وإقامة الدولة. هذا التيار يشكل الأقلية ويتطلع إلى دولة حديثة، ومحصنة ضد الفساد، وخاضعة للرقابة والمساءلة، في نظام يرتكز على الفصل المتوازن بين السلطات الثلاث. من جهة أخرى، هناك اعتقاد وتبني لفكرة أن الدولة موجودة بالفعل على الأرض -على الأقل شكلياً- ولكنها تفتقر إلى السيادة، مما يعزز من الحاجة إلى إنشاء مؤسسات مماثلة لتلك الموجودة في دول أخرى، لإثبات الجدارة ولفرض الدولة. خلاصة هذا النقاش، أصبح لدينا أكثر من 100 مؤسسة وزارية وغير وزارية، تابعة للرئاسة أو لمنظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الفلسطينية، وفي الكثير من الحالات، لا تخضع هذه المؤسسات لقواعد الحوكمة الرشيدة، كما وتفلت من الأنظمة المتعارف عليها للرقابة والمساءلة.
تحديات وفرص
أرهقت الأزمات الاقتصادية السلطة الوطنية الفلسطينية على مدار الأعوام المنصرمة، مما صعب من قدرات الحكومات الفلسطينية المتعاقبة على الوفاء بالتزاماتها تجاه عشرات الآلاف من الموظفين. حالياً، يتلقى حوالي 200,000 موظف رسمي بالإضافة إلى ما يسمى "بأشباه الرواتب" رواتب شهرية أو أجزاء منها بسبب الأزمة المالية. بعض هذه الوزارات والمؤسسات تعمل غالباً ككيان مستقل، مع القليل من التنسيق أو التعاون بمبادرات فردية في معظم الأحيان. هذا التفكك يزيد من عدم الكفاءة، ويساهم في الهدر أو عدم الاستغلال الأمثل للموارد المحدودة.
العديد من المؤسسات لديها مستشارون قانونيون، ومتخصصون في تكنولوجيا المعلومات، ومبرمجون. بعضها يمتلك أنظمة خرائط جغرافية لأغراض متعددة يتم الاشتراك فيها أو شرائها بشكل غير مركزي، والتي قد تكون متاحة في بعض الحالات لمؤسسات أخرى أو للجمهور. ومع ذلك، في العديد من الحالات، لا يمكن لهذه البرامج وأنظمة الخرائط التواصل مع بعضها البعض أو تثبيتها على قالب موحد لجميع المؤسسات والوزارات العامة لأنها مصممة بطرق وبرامج مختلفة. هذا يؤدي إلى مزيد من عدم الكفاءة واهدار المزيد من الأموال.
كل وزير جديد أو رئيس لمؤسسة عامة يأتي بأفكار لتحديث وأتمتة الوزارات والمؤسسات، وفي الكثير من الحالات، لا يجد أي معارضة من الأجسام والخبرات الفنية داخل المؤسسات لأسباب مختلفة، كما ويقاتل من أجل توظيف موظفي تكنولوجيا المعلومات أو المستشارين القانونيين، بعضهم يلتف على تحديات وقرارات تجميد التعيينات من خلال "التوظيف على العقود"، والتي غالبا ما تعطى الأولوية على إحداثيات التعيين للأعوام التالية، على الرغم من وجود خيارات أخرى، مثل طلب المساعدة من مركز الحاسوب الحكومي في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أو التعاقد مع مزودي الخدمات الخارجيين. بالإضافة إلى ذلك، يتم المبادرة إلى إعداد مشاريع وحزم قوانين جديدة، أو نسخ قوانين من أطر ونماذج قانونية مختلفة دون تكييفها مع السياق القانوني الفلسطيني. على الرغم من أن النظام القانوني الفلسطيني مختلط ويستمد من مدارس وعصور مختلفة، فإن هذا الافتقار إلى التماسك والانسجام يسهم بشكل أكبر في هدر الأموال العامة وخلق صعوبات لسنا بمعرض التطرق إليها في هذا المقال. وفي بعض الحالات المؤكدة تم إعداد رزم من القوانين والأنظمة سواء بجهود ذاتية أو من خلال التعاقد مع جهات وخبرات خارجية، أو تطوير و/أو شراء برامج إلكترونية، ثم ركنها على أرفف تلك المؤسسات، دون أي نوع من المساءلة والمحاسبة.
إدارة مركزية للموارد والكفاءات المحدودة والنادرة
لمعالجة هذه التحديات، أقترح نظام إدارة مركزية لهذه الموارد. يتضمن هذا النهج تصنيف بعض الفئات الوظيفية النادرة تحت نظام خاص تديره وزارة أو هيئة مناسبة. سيتم نشر و/أو إعارة هؤلاء الموظفين مركزياً للقيام بمهام محددة حتى إتمامها، مما يساهم في تحسين استغلال الموارد، وتوفير الوقت والجهد، وضمان الاستخدام الفعال.
العناصر الرئيسية للاقتراح:
1. التوظيف والتوزيع المركزي:
يجب تصنيف بعض الفئات والمهام الوظيفية النادرة تحت نظام خاص تديره وزارة أو هيئة ملائمة، أو حتى منح هذه الصلاحية لديوان الموظفين العام -بعد تمكينه-. سيتم تكليف هؤلاء الموظفين، بشكل مركزي، للقيام بمهام محددة ومؤقتة.
2. قواعد وإطار تكنولوجي موحد:
يجب على الحكومة الفلسطينية توحيد الإطار والقواعد التكنولوجية، مما يضمن أن أي تطوير، سواء كان داخلياً أو خارجياً، يمكن دمجه والتواصل مع قواعد المعلومات الأخرى بسهولة. هذا التوحيد سيعالج المشكلة الحالية، حيث لا يمكن -في الكثير من الحالات- لبرامج الكمبيوتر وأنظمة الخرائط التفاعل أو التثبيت على قالب موحد بسبب تصميماتها المختلفة.
3. تعويضات ومكافئات تنافسية:
من المهم العمل على تحسين دخل هؤلاء الموظفين للاحتفاظ بهم، نظراً للمنافسة الشديدة مع القطاع الخاص والسوق الإسرائيلي، خاصة في مجال التكنولوجيا.
4. دراسة وتعميم التجربة:
هذا الاقتراح لا يقتصر على موظفي تكنولوجيا المعلومات والمستشارين القانونيين. يمكن أن يمتد إلى المهندسين المدنيين، من بين آخرين، لتشكيل قائمة طويلة من الوظائف متنوعة الاستخدام.
أفضل الممارسات الدولية
1. وكالة تكنولوجيا الحكومة في سنغافورة (GovTech):
تركز وكالة تكنولوجيا الحكومة في سنغافورة (GovTech) على خدمات تكنولوجيا المعلومات عبر الوزارات والمؤسسات العامة، مما يضمن الكفاءة والفعالية. هذا النموذج حسن من العمليات الحكومية، وخفض التكاليف، وساهم في حوكمة تكنولوجيا المعلومات. يمكن لفلسطين إنشاء هيئة مركزية لتكنولوجيا المعلومات أو تكليف مركز الحاسوب الحكومي -بعد تمكينه- من إدارة احتياجات التكنولوجيا في الدولة.
2. الحكومة الرقمية في إستونيا:
إستونيا رائدة في الحكومة الرقمية، مع بنية تحتية رقمية مركزية تُمكّن التفاعل السلس بين مختلف المؤسسات الحكومية. هذا النهج أدى إلى تحقيق وفورات كبيرة في التكاليف وتحسين تقديم الخدمات، ومن الممكن تحقيقه في فلسطين، التي تسير حكومتها الإلكترونية منذ سنوات ببطء غير مبرر.
3. الخدمات المشتركة في الإمارات العربية المتحدة:
نموذج الخدمات المشتركة في الإمارات العربية المتحدة أدى إلى تحقيق الكفاءة في التكاليف، وتحسين جودة الخدمة عبر المؤسسات الحكومية. تطوير مراكز خدمات مشتركة في فلسطين للتعامل مع الوظائف المشتركة مثل الموارد البشرية المؤهلة، وتكنولوجيا المعلومات، وانظمة الخرائط، والمستشارين القانونيين، والمهندسين، وغيرهم، يمكن أن يؤدي إلى فوائد مماثلة.
فوائد الإدارة المركزية للموارد والكفاءات النادرة
1. تحقيق الكفاءة: توحيد الفئات الوظيفية النادرة يقلل من تكرار الجهود، ويسمح بتخصيص أفضل للموارد بناءً على الطلب والأولوية، وأيضاً يساهم في تحقيق التوجهات والسياسات الحكومية المركزية.
2. توفير التكاليف: يقلل من حاجة كل وزارة إلى توظيف متخصصيها، ويساهم في خفض تكاليف الكثير من الخدمات.
3. تحسين التنسيق: يعزز التواصل والتعاون عبر المؤسسات، مما يؤدي إلى تقديم خدمات أكثر تكاملاً وفعالية.
4. إطار تكنولوجي موحد: يضمن أن أي تطورات تكنولوجية يمكن دمجها بسهولة والتواصل مع قواعد المعلومات الأخرى، مما يعالج عدم الكفاءة الحالية الناجمة عن التصاميم والبرامج المختلفة.
5. الاحتفاظ بالكفاءات والموارد النادرة: حزم التعويضات والبدلات التنافسية تجذب وتحتفظ بأفضل المواهب، مما يحد من هجرة العقول من القطاع العام إلى القطاع الخاص أو الأسواق الخارجية الأخرى.
6. الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا: الإدارة المركزية تضمن الاستثمار الأمثل للتكنولوجيا، مما يساهم في تقديم الخبرة والدروس المستفادة من التجارب السابقة، ويقلل من مخاطر المشاريع المهملة أو المكررة.
الوضع الحالي لإدارة الموارد العامة والكفاءات المحدودة مشتت وغير فعال، ولا يتماشى مع أهداف الترشيد والترشيق وتحسين الحوكمة. الأموال تُهدر على برامج وتقنيات لا تتناسب مع السياق المحلي، لا يمكن توطينها، أو لا يتم تشغيلها بفعالية. غالباً ما تهدر الكثير من الجهود التي يبادر بها بدون تنسيق مركزي -وهنا أيضاً يستحضرني عدم كفاءة معظم أنظمة التقييم والمتابعة المؤتمتة على الخطط والاستراتيجيات-، وفي بعض الأحيان تتم لإرضاء بعض المسؤولين المحليين الجدد أو المانحين الذين يأتون ببرامج جاهزة، وفي أحيان أخرى تأتي في إطار من عدم المسؤولية وغياب المساءلة، والرغبة في الحصول على بعض الأجهزة والمعدات، أو لتلقي بعض التدريبات والرحلات الدراسية إلى الخارج.
مرة أخرى وأخيرة، يجب علينا استغلال مواردنا المحدودة إلى أقصى حد. هذا الاقتراح لإدارة مركزية للموارد مفتوح للنقاش العام، بهدف الوصول إلى أفضل النتائج الممكنة. كما ويمكن لنا من خلال تبني أفضل الممارسات من دول مثل سنغافورة، إستونيا، والإمارات العربية المتحدة؛ يمكن لفلسطين تحسين كفاءة حوكمتها، وتحسين استغلال مواردها، وتقديم خدمات أفضل لمواطنيها. هذه دعوة

إقرأ المزيد لـ مجدي أبو زيد ...

أسعار العملات

الثّلاثاء 05 نوفمبر 2024 8:35 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.75

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.29

شراء 5.27

يورو / شيكل

بيع 4.08

شراء 4.06

من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟

%57

%43

(مجموع المصوتين 54)