Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أثر الاستيطان وجدار الفصل العنصري على المواقع التاريخية في محافظة سلفيت

الأربعاء 26 فبراير 2025 10:59 صباحًا - بتوقيت القدس

د.م. عمر السلخي

بلغ عدد المواقع الأثرية في فلسطين حسب بيانات الانتداب البريطاني 35 ألف موقع (يحيى، 2008)، تتنوع بين مدن وقرى، وكهوف، ومعابد، ومساجد، وكنائس، وأبراج، وغيرها من أشكال المواقع التراثية والتاريخية. وقد ضمت الضفة الغربية حسب هذه البيانات، نحو 12 ألف موقع، أي ما يزيد عن ثلث عدد المواقع والمعالم الأثرية، وتتوزع المعالم والمواقع الأثرية في محافظة سلفيت على التوالي 86،662 حتى عام 1967.
حيث أن 53% من المواقع والمعالم الأثرية في الضفة الغربية، البالغ عددها 7 آلاف موقع، تخضع لسيطرة الاحتلال، كونها تقع في المناطق المصنفة (ج)، كما أن 15% من مجمل المواقع الأثرية في الضفة الغربية، قد ضمها جدار الفصل العنصري. (يحيى، 2008)

الاستيطان وجدار الفصل العنصري والمواقع الاثرية
تلازمت حركة الاستيطان في الضفة الغربية بشكل وثيق، مع معركة الآثار التي يخوضها الاحتلال مع الفلسطينيين، للسيطرة على الرواية التاريخية، وإخفاء الحق الفلسطيني في أرضه. وما يدل على ذلك هو إقامة المستوطنات في المناطق التي تحتوي على مواقع أثرية وتاريخية. فحسب وزارة السياحة الفلسطينية، يقع 450 موقعًا أثريًا داخل المستوطنات المبنية في الضفة الغربية، أو في مناطق امتدادها، الخاضعة بشكل كامل لنفوذ المستوطنين، والسيطرة العسكرية الإسرائيلية (زايد، 2018).
ضم جدار الفصل العنصري 15% من نسبة المواقع الأثرية الإجمالية في الضفة، أي ما يزيد عن 1000 معلم أثري، وأخضعها بشكل كامل للاحتلال، وذلك في مخالفة واضحة للقوانين الدولية، علما أن هذه المواقع لا تقع جميعها بالضرورة في المناطق المصنفة (ج)، بل تتعداها إلى المناطق المصنفة (ب) أحيانًا، حسب مسار الجدار (زايد، 2018).
وحسب سلطة الآثار الفلسطينية، بلغ عدد المواقع الأثرية التي ضمها الجدار، نحو 255 موقعًا أساسيًا، إضافة إلى أن مجموع المواقع والمعالم الأثرية، التي باتت خلف الجدار، بلغ حوالي 1000 موقع (يحيى، 2008).
ممارسات ممنهجة من قبل الاحتلال تستهدف المواقع الاثرية في محافظة سلفيت
تعتبر محافظة سلفيت من المحافظات الغنية بالمواقع الاثرية والتاريخية فهي تضم حوالي 140 موقعا تعود لحضاراتٍ متعاقبةٍ وأزمنةٍ مختلفة، كالآشورية والرومانية والإسلامية والصليبية، وتتنوع ما بينِ أحياء قديمة، وخِربٍ وعِزَب، ومقاماتٍ وكهوف، تقع معظم هذه المواقع التاريخية في مناطق ج. (موسى، 2019)
لقد تعرضت المواقع الاثرية في محافظة سلفيت الى تعديات على يد سلطات الاحتلال الاسرائيلي بشكل متعمد بهدف الامعان في محو الهوية الفلسطينية، يعتبر الاحتلال من الاعتداءات والعوامل التي تهدد المواقع الاثرية في محافظة سلفيت، والتي تتعرض للفقدان والضياع والتزوير، حيث وضع الاسرائليون العديد من المبررات ودعموها بروايات توراتية تبرر الاستيلاء على الارض.
استيلاء الاحتلال على المواقع الاثرية: لقد تم تحويل عدد من المواقع الاثرية الى ثكنات عسكرية ومؤسسات اسرائيلية مثل السرايا العثماني في مدينة سلفيت استخدم مقرا للادارة المدنية، ومقرات الجيش الاردني في مسحة استخدمت مقرا عسكريا من قبل الاحتلال، ومؤخرا تم استخدام (برك حارس) الاثرية كموقع تعليمي تابع لجامعة ارئيل وقسم الاثار فيها.
تغيير معالم القرى والشوارع الفلسطينية: يقوم الاسرائليون بمحاولة تغيير ملامح محافظة سلفيت من خلال الشوارع وتسميتها واسماء المستوطنات وربطها بمواقع اثرية وتسميات عبرية ، الامر الذي يغير في المشهد الحضاري على اعتبار ان التسميات الاصلية كانت مرتبطة بتراث الحضارات الفلسطينية وتعبر عن مدلول ثقافي اجتماعي له علاقة بتاريخ المنطقة ، كما حدث مع تدمير شارع السكة في قرية سكاكا ، وتسمية مستوطنة باسم بروخين مقابل بلدة بروقين الفلسطينية اضافة الى انشاء شارع ما يسمى بعابر السامرة والذي يقطع المحافظة الى نصفين تحيط به اليافطات باللغة العبرية واسماء المستوطنات.
الحفريات الاثرية التي نفذتها المؤسسات التوراتية الاسرائيلية: وجد الاسرائليون ان اهم وسيلة لاقناع العالم بمخططاتهم هو علم الاثار الذي تم ربطه بالكتب الدينية ، فقاموا بالتركيز على الحفريات الاثرية لانهم بحاجة لدليل علمي مساند للرواية الدينية ، وتعتبر هذه الحفريات من اهم العوامل التي تسببت في تهديد وتدمير المواقع التاريخية وطمس معالمها من خلال ربطها بالروايات التوراتية وليس بصورة علمية ، لخلق جذور للرواية الاسرائيلية ، مثل الزيارات التي يتم تنظيمها على المقامات الدينية في كفل حارس والادعاءات الاسرائيلية في ملكيتها ، اضافة على اعمال الحفريات والتنقيب في دير سمعان ودير قلعة وسرقة العديد من التحف ونقلها الى متاحف اسرائيلية.
تدمير المباني التراثية في المدن والقرى: ادى الاجتياح الاسرائيلي الذي وقع في الضفة الغربية عام 2002 الى تدمير الكثير من الممتلكات الاثرية والتراثية كما حصل في قصف مقر الشرطة الفلسطينية في مدينة سلفيت والذي هو عبارة عن السريا العثماني.
المستوطنات واثرها على المواقع التاريخية: بلغ عدد المستوطنات في محافظة سلفيت 24 مستوطنة ، لكن اختيار موقعها لم يكن عشوائيا فاحتلت معظمها مواقع اثرية ولاجل ذلك تم مصادرة الاراضي والمواقع الاثرية وتحويلها لبناء هذه المستوطنات تحت عدد من الادعائات منها الادعاء الديني اي ان المكان يعود لموقع او لمناسبة دينية ورد ذكرها في التوراة مثل : مستوطنه كفار تفوح : أخذت هذه المستوطنة مكانها أيضا في الأسطورة الدينية والتاريخية الذي يقول : " إلى منسي تكون ارض تفوح ، ومن تفوح إلى حدود منسي إلى أبناء افرايم " (الكتاب المقدس ، فقرة 8) دليل على شرعية المستوطنة الدينية ومسوغ وجودها التاريخي . والمدينة التاريخية تفوح تعرف مع التل الكبير المسمى (الشيخ ابو الزرد) القريب من المستوطنة، إنها هي ذاتها المعنية في النص التوراتي السابق وأنها تعود إلى أبناء افرايم أحد أسباط بني إسرائيل، وتقول الأسطورة أيضا: أن الأرض الصالحة للزراعة حول المدينة تعود إلى (قبيلة منسي)، وقرب الينابيع التي في أسفل التل يوجد موقع أطلق عليه في البداية (ياشوفي)، المعروف فلسطينيا عين تفوح.حسب ما ورد في سفر يشع التوراتي وفي فترة متأخرة أطلق عليه ياسوف الذي حرف فيما بعد، وأصبح يعرف باسم ياسوف، القرية العربية المقامة على أراضي المستوطنة (كفار تفوح) الذي تعود ملكية أراضيها إلى أهلها الفلسطينيين (يشع، فقرة 6)
الطرق الالتفافية وأثرها على المواقع التاريخية: يقوم الاسرائليين باستخدام هذه الطرق للربط بين المستوطنات ويتبع لها من 50-70 م من كل جانب للحماية الامنية وبالتالي نهي أكبر مساحة من الارض، وبفعل هذه الطرق تم تدمير عدد من المواقع الاثرية كما حدث في مغارة النطافة التاريخية التي تحوي عين ماء وتزيد مساحتها عن 100 م مربع وتقع في اراض بلدة الزاوية، وقد تم تدميرها بسبب انشاء طريق التفافي حول مستوطنة القنا.
الجدار العازل واثره على المواقع التاريخية: يتسبب الجدار في خلخلة الترابط بين المواقع الاثرية والمناطق الحضارية المجاورة ، ويهدد بتدمير عدد منها وعزل جزء اخر ، وبالتالي التاثير على الحركة الفلسطينية وتكوينها الحضاري والتاريخي وصعوبة وصول تلك المواقع وبالتالي سلخها عن بيئتها وتسويقها للسياح الاجانب من خلال الرواية الاسرائيلية ومثال ذلك خربة الشجرة التابعة لاراضي مدينة سلفيت وتقع الى الشمال منها والتي تم عزلها خلف الجدار لصالح مستوطنة ارئيل ويتم ترتيب زيارات للسياح والاسرائيليين للموقع، وكذلك خربة دير المير في ديربلوط والفخاخير في بروقين وخربة حزيما في بديا .
منع حماية المواقع الاثرية: معظم المواقع الاثرية تقع في مناطق ما يسمى جيم حسب اتفاقية اوسلو وبالتالي فان وزارة السياحة والاثار لا تستطيع العمل على حماية المواقع الاثرية، لانها تخضع للسيطره الاسرائيلية المباشرة.
محاولات الحماية للمواقع الاثرية في محافظة سلفيت
إن للمواقع التاريخية في فلسطين أهمية خاصة، وذلك نظرا لما تتعرض له من حملة تضليل تاريخي نتيجة للصراع السياسي مع إسرائيل التي تحاول طمس كل المعالم التاريخية التي تثبت صلة الشعب الفلسطيني بالأرض، ويزور التاريخ كي ينسج رواية تاريخية من صناعته ليثبت ملكيته للأرض، من خلال التدمير والعزل والاحتواء والهدم والقصف لكل موقع يحمل بعدا تاريخيا فلسطينيا.
هناك محاولات لحماية الاثار والمواقع التاريخية في محافظة سلفيت منها ما هو رسمي او شبه رسمي او مبادرات فردية ولكن لا يوجد خطة عامة او سياسة واضحة لحماية المواقع التاريخية في المحافظة ومن هذه الخطوات: اعداد التقارير الصحفية والمصورة عن المواقع التاريخية وما تتعرض له من اعتداءات من قبل الاحتلال وتنظيم مسارات سياحية لاهم المواقع التاريخية والتعريف بها سواء من خلال السياحة الداخلية او استضافة وفود اجنبية، وتوثيق المواقع التاريخية في كل من بلدتي الزاوية وكفل حارس من خلال كتب منشورة عن البلدتين (الزاوية بين الماضي والحاضر، كفل حارس نصيب من الشمس)، واجراء عملية ترميم واعادة استخدام عدد من المباني التاريخية من قبل بعض الهيئات المحلية مثل مركز ديراستيا التاريخي وقصر ابو حجلة، إضافة الى ترميم عدد من عيون الماء وتجديرها مثل عين المطوي في سلفيت والفواره في كفرالديك، والعمل على شق الطرق الزراعية الواصلة لبعض الخرب مثل خربة قرقش في بروقين، وانتهاء المرحلة الاولى لتنفيذ حفرية في موقع ابو الزرد في قرية ياسوف من قبل وزارة السياحة والاثار لإنشاء حديقة اثرية.

إقرأ المزيد لـ د.م. عمر السلخي ...

شارك برأيك

أثر الاستيطان وجدار الفصل العنصري على المواقع التاريخية في محافظة سلفيت

نعيم حرب قبل 3 شهر

نابلس - فلسطين 🇵🇸

سميت قرية ياسوف بهذا الاسم نسبة الى كلمة يشوب و هي اسم لقرية يونانية قديمة أقيم على أنقاضها التجمع الحالي ، و قد سميت يشوب أنذاك نسبة إلى النبي يوسف عليه السلام ،

أسعار العملات

الأربعاء 07 مايو 2025 11:16 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.62

شراء 3.61

دينار / شيكل

بيع 5.11

شراء 5.1

يورو / شيكل

بيع 4.11

شراء 4.1

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%56

%44

(مجموع المصوتين 1226)