لا ترى أمريكا منطقتنا كما نراها نحن؛ فهي لا تراها مقسمة إلى وحدات سياسية منفصلة، بل تراها رقعة واحدة بمختلف مسمياتها. لذلك، لا يمكننا الحديث أو البحث في الخطة الأمريكية، أو ما يُسمى خطة ترامب، دون أخذ التغيرات الأخيرة في سوريا ولبنان بعين الاعتبار.
التغيرات، التي قد تبدو إيجابية في ظاهرها، لا بد أن نعترف بأن للبصمة الأمريكية، سواء من خلال رعايتها أو حتى مباركتها، دورًا كبيرًا في نجاحها.
بعد الحرب العالمية الثانية، أطلقت أمريكا"خطة مارشال" لمساعدة الدول الأوروبية الحليفة لها ضد التوسع الشيوعي. استغلت أمريكا حالة الضعف التي مرت بها تلك الدول لتقدم لها الدعم الاقتصادي علنًا، ولتفرض هيمنتها في الخفاء.
اليوم، يستنسخ ترامب خطة مارشال في المنطقة؛ حيث يتحدث عن الإعمار والاستثمار في غزة وسوريا ولبنان، ويجري محادثات مع الأردن ومصر بشأن عروض مغرية وأثمان اقتصادية، بهدف تحقيق مساحة أمان أكبر لإسرائيل، وإنهاء أي حلم لدولة طموحة في المنطقة، سواء كانت إيران أو تركيا أو حتى السعودية في المستقبل.
وارد أن لا يكون ترامب فعلا معني بقضية التهجير بشكل فعلي بقدر ما هي محاولة لتحصيل استحقاقات كانت مستحيلة، علاقات اكبر ولاء اكبر ومناطق نفوذ مضمونة .
ما يجب أن ندركه هو أننا ورثنا الحالة العربية كما هي، وأنها لم تكن أفضل مما هي عليه اليوم. أمام المنطقة أيام صعبة وخيارات أصعب ، أيام لا تنفع فيها المناكفات، ولا مجال فيها لاستعراض العضلات.
كل الحديث والسعي والمحاولات للخروج من الأزمة إن لم تكن تحت مظلة واحدة وجبهة واحدة فهي جهود محكوم عليها بالفشل.
"لا يقف في وجه الخطة إلا خطة جامعة شاملة".