"سوريا وغزة: الحقيقة المغيبة في زمن المؤامرات"
الجمعة 29 نوفمبر 2024 9:16 مساءً - بتوقيت القدس
على مدى أكثر من عقد من الزمن، شهدت سوريا واحدة من أعنف وأطول الأزمات في تاريخ المنطقة، وُصفت في البداية بأنها "ثورة شعبية" تطالب بالحرية والكرامة، لكنها سرعان ما تحولت إلى صراع معقد تحت غطاء ديني وسياسي. لم يكن هذا الصراع، كما أوهم الكثيرون، سعيًا نحو التغيير الإيجابي أو التحول الديمقراطي، بل ظهر لاحقًا أنه جزء من مؤامرة دولية أُحكمت خيوطها بهدف إسقاط الحكومة السورية وإعادة تشكيل الخارطة الجيوسياسية في الشرق الأوسط بما يخدم مصالح قوى إقليمية ودولية.
تم استغلال الدين في هذه الأزمة بشكل مفرط، حيث نشأت جماعات مسلحة اتخذت من الشعارات الدينية غطاءً لأعمالها. هذه الجماعات، التي رفعت راية "الجهاد"، ارتكبت فظائع باسم الدين، مما أدى إلى تشويه الإسلام نفسه. كان الهدف من دعم هذه الجماعات من قِبل بعض الدول الممولة والمطبعة مع إسرائيل، هو زعزعة استقرار سوريا، وتدمير بنيتها التحتية، وتقسيم شعبها، في حين كانت الشعارات التي رُفعت مثل الحرية والعدالة مجرد وسائل لاستقطاب الشباب وتضليل الرأي العام العالمي.
في الوقت الذي احترقت فيه سوريا بنيران الإرهاب، ظل المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، يتعرض لانتهاكات متكررة من قِبل الاحتلال الإسرائيلي. هذا الصمت المطبق من قِبل نفس الأطراف التي تباكت على "حقوق الشعب السوري"، يطرح أسئلة جذرية حول أولويات هذه القوى. كيف يمكن لمن يدّعون الدفاع عن الإسلام أن يتجاهلوا قضية الأقصى؟ ألم تكن فلسطين دائمًا القضية المركزية للعرب والمسلمين؟
النظرة إلى الصراعات في سوريا وغزة تُظهر بوضوح ازدواجية المعايير. ففي سوريا، دعمت بعض الدول حركات مسلحة، وقدمت مليارات الدولارات لتدمير الدولة السورية تحت شعار "الثورة". أما في غزة، حيث يتعرض الشعب الفلسطيني لأبشع أشكال القمع والقتل، لم تُقدّم هذه الدول سوى بيانات جوفاء، وفي بعض الأحيان انحازت بشكل واضح إلى الجانب الإسرائيلي، في تجاهل تام لمقدسات المسلمين ومظلوميتهم.
عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر كانت بمثابة زلزال سياسي وأخلاقي. هذا الحدث أعاد تسليط الضوء على الفرق الجوهري بين المقاومة الحقيقية، التي تدافع عن الأرض والمقدسات، وبين الجماعات التي تستغل الدين لتحقيق أجندات دولية. لقد كشفت العملية مدى تواطؤ بعض الأطراف في تحويل الأنظار عن القضية الفلسطينية نحو صراعات جانبية، بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاته.
ما حدث في سوريا وغزة يفرض علينا إعادة النظر في مواقفنا كأمة عربية وإسلامية. علينا أن نميز بين المقاومة الشرعية التي تسعى إلى تحرير الأرض والمقدسات، وبين الحركات التي تخدم مصالح أعداء الأمة تحت عباءة الدين. كما أن القضية الفلسطينية يجب أن تظل القضية المركزية، ويجب على كل الجهود أن تصب في الدفاع عن الأقصى ومواجهة الاحتلال.
الأحداث في سوريا أثبتت أن استغلال الدين في السياسة يؤدي إلى كارثة، حيث دُمّرت دولة عربية محورية، وتم تمزيق نسيجها الاجتماعي. وفي الوقت نفسه، تجاهلت هذه الحركات قضية الأقصى والشعب الفلسطيني الذي لا يزال يدافع عن مقدساته ضد الاحتلال. السابع من أكتوبر جاء ليكشف الحقائق، وليضع أمامنا مسؤولية تاريخية: إما أن نكون مع المقاومة الحقيقية، أو نترك المجال مفتوحًا لأعداء الأمة لتفتيت ما تبقى.
إقرأ المزيد لـ نصري البرغوثي ...
الأكثر تعليقاً
اختتام فعالية تحكيم المرحلة الثالثة من مسابقة "ماراثون القراءة الفلسطيني الأول" في الخليل
ترمب يهدد "حماس" في حال لم تطلق سراح المحتجزين الإسرائيليين
في اليوم العالمي لذوي الإعاقة: أكثر من 26 ألف مصاب في قطاع غزة خلال العدوان
مسؤول في "Coinbase": فوز ترامب يفتح الباب أمام تنظيم سريع للعملات المشفرة
"الأونروا": حرب الإبادة على غزة تسببت في وباء إصابات فظيعة
عاجل: ترامب يهدد حماس بمصير جهنمي لا مثيل له إن لم تطلق سراح المحتجزين
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات واسعة في الضفة
الأكثر قراءة
وزير الخارجية الإسرائيلي: مؤشرات على تقدم صفقة الأسرى ومرونة من حماس
حماس تعلن مقتل 33 أسيرا إسرائيليا وتوجه رسالة لنتنياهو
قصف مكثف للاحتلال على غزة وخان يونس يوقع 7 شهداء وعدد من الجرحى
بدء اجتماع حماس ومسؤولين مصريين في القاهرة
الاحتلال الإسرائيلي يغتال 4 شبان قرب جنين
المرسوم الرئاسي.. حاجة دستورية أم مناكفة سياسية؟
هجوم هيئة تحرير الشام على حلب نسقته إدارة بايدن مع إسرائيل وتركيا
أسعار العملات
الإثنين 02 ديسمبر 2024 9:21 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.64
شراء 3.63
دينار / شيكل
بيع 5.13
شراء 5.11
يورو / شيكل
بيع 3.83
شراء 3.8
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%55
%45
(مجموع المصوتين 177)