حزب الله تشكيلٌ مقاوم أم جيشٌ نظاميّ.
الأحد 17 نوفمبر 2024 12:07 مساءً - بتوقيت القدس
منذ بدء عملية طوفان الأقصى في السابع من اكتوبر من العام الماضي ، ومع أول نداءات الإسناد والمواجهة التي وجهتها المقاومة الفلسطينية ، وفي صباح يوم العبور الكبير، لم يتردد حزب الله بإعلانه تلبية النداء لفصائل المقاومة الفلسطينية، ففي الثامن من أكتوبرعقب يوم واحد من بدأ معركة الطوفان أعلن حزب الله فتح جبهة إسنادٍ على الحدود اللبنانية الفلسطينية في شمال البلاد، مؤكداً أنه شريك المقاومة وناصرها، فلم يقبل أن يعفى جيش الإحتلال من مواجهة جبهة لبنان ، التي أشغلت الإحتلال على مدار أشهر الحرب العجاف، ف بدأت ضربات حزب الله في إطار ما يعرف ب "قواعد الاشتباك" لكن سرعان ما تصاعدت الضربات العسكريه للحزب لتشمل مواقعا ومدن تستهدفها للمره الاولى منذ حرب تموز عام 2006.
تصاعدت الاحداث في قطاع غزة وازدادت وتيرة الجرائم الصهيونية بحق المدنيين العزل، فازدادت ضربات الحزب وانخرط في حرب اوسع مع الاحتلال وبات يشكل هاجساً لحكومة الاحتلال وجيشه ، وفي المقابل صمودُ المقاومه الفلسطينية في قطاع غزة وقدرتها على البقاء محتفظةً بفعاليتها ونجاعة هجماتها العسكرية ضد قوات الاحتلال المتواجدة رغم تقليص عدد الفرق العسكرية العاملة في الميدان، وعلى نفس الخط ازدادت قوة العمليات العسكرية التي يشنها حزب الله على مواقع وتحشدات العدو على الحدود اللبنانية، ورغم الضغوط الدولية لفك الارتباط بين جبهة الإسناد اللبنانية والعدوان على غزة، إحتفظ بموقفه الثابت على دعم وإسنادِ قوى المقاومة الفلسطينية في غزة ، وفي سياق تطور العمليات العسكرية بدأت جبهات الإسناد من اليمن والعراق بالتدخل الفاعل في الحرب الدائرة بهجماتٍ صاروخية تارة من اليمن، و بهجمات بطائرات مسيرةٍ عراقية تارة اخرى ، ولعل آخرُ ما يمكننا تسليط الضوء عليه ، هو الهجوم الإيراني الثاني منذ بدء معركة طوفان الأقصى، وصلت صواريخ الجمهورية الإسلامية الفرط صوتية إلى مدن ومناطق فلسطين المحتلة مساء الأول من أكتوبر / تشرين الأول فضربت عمق الكيان المحتل وأستهدفت بنى تحتية ومنشآت عسكرية في سابقة لم تحدث منذ بدأ الطوفان، مؤكدةً أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام همجية الإحتلال وتاكيداً لدعمها اللا محدود وحدة ساحات محور المقاومة .
كان أغتيالُ الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله نفطة التحول في جبهة الإسناد اللبنانية، على وقع هذة النشوة العسكرية لدى الإحتلال أُعلِن عن بدء العملية العسكرية البرية في جنوب لبنان ،في الجهة المقابلة نفذ الحزب ضرباتٍ جديدة ونوعية وذات جدوى عسكرية أكبر من سابقاتها ولعّل إستهدافه معسكر لواء غولاني في "بنيامينا" و منزل رئيس حكومة الاحتلال بطائرة مسيرة في قيسارية نقلة نوعية للحزب في عملياته العسكرية، تحول الحزب من مرحلة الإسناد إلى مرحلة الإيلام للعدو حسبما وصفها نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم.
لكن ما هي الأهداف العسكرية والإستراتيجية للحزب وما هي مقدرات حزب الله العسكرية واللوجستية التي يعوّل عليها في مواجهة دولة الإحتلال.
لا شكّ لدى جمهور المقاومة في كافة جغرافيا محور المقاومة ومنها فلسطين وغزة تحديداً، أن ما كان يعلنه ويؤكد عليه الحزب بإستمرار في كل فرصه و حدث ومناسبة وطنية ليس مجرد حديثاً يستعطف به جمهوره ولا بروباغندا إعلامية تضفي للحزب شرعية ومبرراً لوجوده، بل إن هدف حزب الله نابعٌ من التزام أخلاقي ووطني وديني تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته ومظلوميته ومقدساته، اما على الصعيد الإقليمي فمرر حزب الله رسائله إلى الإحتلال وحلفائه ومناصريه عبر موقفه المساند للمقاومة الفلسطينية، ففي أول ظهورٍ إعلامي لأحد القادة البارزين للحزب أعلن نعيم قاسم من الضاحية الجنوبية فقال إن 3 فرق (عسكرية إسرائيلية) موجودة في جنوب لبنان في مقابل حزب الله و5 فرق موجودة في غزة، ولو لم يكن حزب الله جزءا في هذه المواجهة، لكانت كل هذه الفرق هناك. وقال أيضا "ليكن واضحا أنه كلما تتالت الأحداث، ونشأ ما يستدعي أن يكون تدخّلنا أكبر، فسنفعل ذلك".
لم يمر الكثير من الوقت على خطاب "قاسم" حتى أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية عزمها إخلاء 28 تجمع إستيطاني في المناطق المحاذية للحدود اللبنانية على جبهة الشمال، في السادس والعشرين من اكتوبر من العام 2023 بدأ هذا الإخلاء على بعد 2كم حتى5 كيلو مترات من الحدود اللبنانية حتى وصل الإخلاء في الشهر نفسه من العام الحالي إلى مستوطنة كريات شمونة كبرى مراكز التجمعات الاستيطانية في الشمال وبإخلاء أكثر من 200 الف مستوطن من مدن الشمال لدى الاحتلال.
إذاً الأهداف واضحه للصديق قبل العدو ولكن على ماذا يعوّل حزب الله من ترسانة عسكرية وقدرات لوجستيه لخوض معركة استنزاف حقيقيه مع العدو الأول له ولكافة قوى محور المقاومة ، فالمفارقة هنا بين قدرات حزب الله و قدرات كتائب القسام أحد أهم القوى العسكرية الفاعلة في الحرب مع اسرائيل في غزة وأن ما ينطبق على غزة ينطبق على جبهة الشمال، وأن مقدرات المقاومة العسكرية في غزة لا تقارن بترسانة الحزب الضخمه في لبنان كل شيء يختلف، لم يحاصر الحزب بعد تموز حزيران 2006، ولم يخض الحزب مواجهاتٍ مع إسرائيل كما المقاومة منذ ما يزيد عن 18 عشرة عامٍ، كلها عواملٌ أدت لتعاظم قوة حزب الله العسكرية وبناء ترسانة ضخمه يستطيع من خلالها خوض معركة كبرى لو اراد ، لكن يبقى السؤال ما الذي يمكن أن يواجه به حزب الله أعتى جيوش المنطقة تسليحاً ، فمنذ اليوم الأول للحرب لم تتواني الولايات المتحدة الأمريكية عن تقديم كل ما تملك من تكنولوجيا وعتاد عسكري لحليفتها في الشرق الأوسط مع الأخذ بعين الإعتبار سطوة سلاح الجو لدى دولة الإحتلال، نعود لنذكر أنا ما صمدت به غزة لدى بيروت أضعافه فكيف ستكون شكل المواجهه إن امتدت لغزو لبنان وإحتلاله وصولاً الى بيروت، يتمتع الحزب بقدرات استخباراتية وعسكرية متفوقة، وبلغة الأرقام يملكُ جيشاً من المقاتلين المحترفين يقدر عددهم -وفق وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في كتاب "حقائق العالم" لعام 2021- بـ45 ألف مقاتل، منهم نحو 20 ألف جندي بدوام كامل،يمتلك الحزب ترسانة هائلة من الأسلحة كمّا ونوعا، يقدر مخزونها بنحو 150 ألف صاروخ وقذيفة وأسلحة فتاكة أخرى، بما فيها صواريخ موجهة متوسطة وطويلة المدى بإمكانها إصابة أهداف دقيقة على كامل مساحة إسرائيل، وقادرة على تدمير البنية الحيوية لأهداف مدنية واقتصادية وعسكرية، والتسبب في خسائر بشرية فادحة.
وفضلا عن ذلك، يمتلك الحزب أنظمة سيبرانية في غاية التطور، وشبكة كثيفة ومعقدة من الأنفاق والمخابئ لإيواء وحدات المدفعية، وإبقائها بعيدا عن الهجمات الجوية الإسرائيلية، كما يحظى الحزب بدعم إيراني عسكري ومادي ثابت وقوي ، تؤهل تلك العوامل جميعها حزب الله للاستمرار في حرب طويلة الأمد، تسبب للاحتلال أضرارا جسيمة دون أن يخسر الحزب كثيرا، وهو ما يتطلب من القوات الإسرائيلية جاهزية عسكرية وتكتيكية عالية.
حسابات الإنتصار والهزيمة، وماذا تنتظر حاضنة المقاومة الشعبية من نتائج هذة الحرب؟
لا شك أن حروب حركات المقاومة والتحرر الوطني ضدد الجيوش النظامية لها حساباتها المختلفة التي لا تنطبق على حروب الجيوش النظامية فيما بينها، فالمطلوب من حركات المقاومة في كل مكان هو الإستمرارية والبقاء، ومن الصعب تحقيق نصر مطلق على جيش نظامي، عبر حرب عصابات او حرب الكر والفر، كل الفوارق العسكرية والإستراتيجية هي في الحسبان بالتأكيد، لكن استطاع الإحتلال الإسرائيلي في عديد المرات أن يخوض حرب نفسية وإعلامية ضد الحاضنة الشعبية للمقاومة في لبنان كما في فلسطين فهو يرى بها هدفاً مهماً لزعزعة الثقه لدى الحاضنات في مقاومتها وطريقاً سهلاً لتسويق إنتصارات وهمية لا تكلفه ثمناً عسكرياً وتلقي بظلالها على المقاومة وتضعها حيناً في أزمات، وحين آخر تضعف قدرتها على المناورة العسكرية أو حتى السياسية، في المقابل تدرك حركات المقاومة والتحرر أن الحاضنة الشعبية هي الخزان البشري والسياسي والروحي الذي تستمد منه المقاومة شرعيتها، ولذا فإن الحفاظ على تماسكها ووعيها بأهمية الصراع هو من أهم أولويات أي حركة تحرر وطني.
في النهاية، الحسابات ليست حسابات نصر وهزيمة بالمعنى التقليدي فهذه الحروب لا تقاس بالمعايير العسكرية التقليدية التي تعتمد على السيطرة على الأرض، وأن سياسة الإغتيالات لقادة المقاومة التي ينتهجها العدو لم تجدي نفعاً عبر تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ، فلم تنتهي حماس بإغتيال الشيخ يس ولن تنتهي بإغتيال الشهيد يحيى السنوار، ولم ينتهي حزب الله من مقارعة الإحتلال حتى بعد إغتيال عباس الموسوي ليخلفه من بعده حسن نصرالله ومن بعده هاشم صفي الدين ، فالمعركة لن تنتهي بإغتيال القادة ولن يتمكن العدو من نزع فكرة المقاومة لدينا .
إقرأ المزيد لـ ع م ...
الأكثر تعليقاً
اختتام فعالية تحكيم المرحلة الثالثة من مسابقة "ماراثون القراءة الفلسطيني الأول" في الخليل
ترمب يهدد "حماس" في حال لم تطلق سراح المحتجزين الإسرائيليين
في اليوم العالمي لذوي الإعاقة: أكثر من 26 ألف مصاب في قطاع غزة خلال العدوان
مسؤول في "Coinbase": فوز ترامب يفتح الباب أمام تنظيم سريع للعملات المشفرة
"الأونروا": حرب الإبادة على غزة تسببت في وباء إصابات فظيعة
عاجل: ترامب يهدد حماس بمصير جهنمي لا مثيل له إن لم تطلق سراح المحتجزين
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات واسعة في الضفة
الأكثر قراءة
وزير الخارجية الإسرائيلي: مؤشرات على تقدم صفقة الأسرى ومرونة من حماس
حماس تعلن مقتل 33 أسيرا إسرائيليا وتوجه رسالة لنتنياهو
قصف مكثف للاحتلال على غزة وخان يونس يوقع 7 شهداء وعدد من الجرحى
بدء اجتماع حماس ومسؤولين مصريين في القاهرة
الاحتلال الإسرائيلي يغتال 4 شبان قرب جنين
المرسوم الرئاسي.. حاجة دستورية أم مناكفة سياسية؟
هجوم هيئة تحرير الشام على حلب نسقته إدارة بايدن مع إسرائيل وتركيا
أسعار العملات
الإثنين 02 ديسمبر 2024 9:21 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.64
شراء 3.63
دينار / شيكل
بيع 5.13
شراء 5.11
يورو / شيكل
بيع 3.83
شراء 3.8
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%55
%45
(مجموع المصوتين 177)