Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

غزة ... ضمير الانسانية وروحها !

الثّلاثاء 03 سبتمبر 2024 2:07 صباحًا - بتوقيت القدس

اسماعيل جمعه الريماوي

هل بحثت يوماً عن الانسانية بروحها وجسدها وضميرها ووجدانها ومعانيها الحقيقية والشاملة ؟ ما عليك الا ان تفتح الشاشة لتجدها أمام ناظريك:
إنها غزة
غزة الصامدة رغم الجراح، الشامخة رغم الخراب، الثابتة رغم الدمار، المتماسكة رغم المجازر، القوية رغم الصعاب، المنتفضة من تحت الركام، إنها الانسانية كلها، وشعبها هو روح الانسانية الذي ينبض بالحياة والنشاط والعزة والكرامة، شعب عزيز صابر كأيوب، قاهر للظلم، منتصر للحق، متأقلم مع الويلات، متكافل متكاتف عند المآسي، محب للحياة في غمرة الموت والقتل.
شعب غزة هو روح الإنسانية الذي أيقظ شعوب العالم من سباتها وغفلتها، وهو ضميرها الذي هزّ ضمائر الاحرار في العالم، وهو وجدانها الذي حرّك وجدان أهل الانسانية جميعاً على اختلاف أعراقهم وأديانهم وثقافاتهم، ووحدهم ضد التوحش والهمجية والمجازر والقتل والابادة والعقاب الجماعي ومحاولات التهجير وضد كل ما هو مخالف للطبيعة البشرية وللشرائع والقوانين.
من بين مشاهد القتل والدماء والمجازر ترى المشهد من كل زواياه في الصمود الاسطوري لأهل غزة أمام آلة القتل الإسرائيلية، وتمسكهم بالأرض واصرارهم على البقاء يؤكد أن الجذور الاصيلة لا يمكن أن تُجتث أو تُقتل أو تموت، وانما هي روح في جسد ، روح متجذرة بجسد الأرض وبَدَنِ التاريخ وجسم الجغرافيا، يستحيل اقتلاعها أو اخراجها.
قضية أهل غزة وقضية أهل فلسطين هي جسد داخل روح، وليس فقط روح في جسد، فحتى لو تم انتزاع هذا الجسد من خلال الاحتلال والتدمير والاستيطان والاستيلاء على الاراضي وقطع أشجار الزيتون وهدم البيوت وتزوير التاريخ والسطو على الآثار وسرقة الثقافة والاعتداء على المقدسات، ستبقى روحه خضراء تنبض بالحياة، والعزيمة والثبات.
بين ثقافة الحياة وثقافة الموت
لم تترك آلة الحرب والدمار الاسرائيلية شيئا في طريقها الا وعاثت به دماراً وفساداً، من مستشفيات ومدارس ومساجد وكنائس وجامعات وأبراج ومباني سكنية ومراكز نازحين وأجهزة توليد الطاقة وخزانات مياه وسيارات اسعاف، وحصار شمل كل شيء وقطع كل شيء الا الهواء والكرامة لأن الهواء خارج عن قدرة المعتدي والكرامة خارجة عن ثقافته.
غير أن ثقافة الحياة في غزة ظلّت هي الأقوى، ثقافة جعلت من كل فرد من أهل غزة مشروع تضحية من أجل البقاء في الارض ومن أجل حياة الآخرين، متسلحين بالصبر والايمان، مؤمنين بعدالة قضيتهم، ثقافة جعلت كل الطواقم والموظفين والمتطوعين يعملون تحت وابل القصف والقذائف، كل واحد منهم يترقب قذيفة قد تأتيه في أي لحظة وبدون سابق انذار أو استئذان، ففي لحظة توحش قد يصبح الطبيب جريحاً أو قتيلاً، وقد يتحول الجريح الى مسعف لطبيبه، وقد يصاب الإعلامي ويصبح المواطن إعلاميا يصور جراحه، فهل هناك تضحية وشجاعة أعظم من ذلك؟
المشاهد المروعة لأشلاء الاطفال ومشاهد حرب الابادة كانت كفيلة بإحداث هزة عالمية اساسها الضمير وعمادها الوعي، انعكست على شكل احتجاجات ومظاهرات في مختلف انحاء العالم، حركها الغضب الرافض للظلم وللكذب ولسردية أصحاب السلطة والقوة والنفوذ والقرار والمال والمصالح في بلدانهم، وقد عبّرت ناشطة بريطانية متضامنة مع أهل غزة عن طبيعة هذا الحراك العالمي خير تعبير عندما حدّدت له هويته الانسانية وبالتالي جرّدت من يقفون ضده من الانسانية، عندما قالت: “انني أتضامن مع الشعب الفلسطيني لأنني انسان”! كلمات قليلة بسيطة لكنها ثقيلة في ميزان القيم والاخلاق، مؤثرة في ضمائر الاحرار.
أما عندما تملك السلاح وتفقد الضمير، وتملك النفوذ وتفتقر للإنسانية، وتملك القوة وتكره العدل، وتملك القرار وتعشق الظلم، وتملك المال وتمارس الفجور، وتملك الاعلام وتزاول النفاق، وتملك الغذاء وتعاني من الفراغ الأخلاقي.
عند ذلك تتحول الدول الى غابات وأصحاب القرار الى وحوش والابرياء الى ضحايا، والمدن الى اطلال، والقتل الى لذّة.
والدماء الى انهار، والتدمير الى تشفّي، ويصبح قصف المستشفيات متعة، وضرب المساجد والكنائس شهوة واستهداف المدارس شهية، وقتل الاطفال نزعة وهوى.
وستتشابه المعاني بين عالم متحضر وعالم يحتضر وستتسع مساحة القبور وتنقص مساحة الحضارة والعمران وتمحى مساحة الاخلاق، وتضيق المساحة بين الوحوش والبشر!

إقرأ المزيد لـ اسماعيل جمعه الريماوي ...

أسعار العملات

الإثنين 02 ديسمبر 2024 9:21 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.64

شراء 3.63

دينار / شيكل

بيع 5.13

شراء 5.11

يورو / شيكل

بيع 3.83

شراء 3.8

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 177)