فلسطين
الجمعة 02 ديسمبر 2022 7:47 مساءً - بتوقيت القدس
اتحاد عياد .. أول مزارِعة تحصل على رخصة قيادة جرار زراعي
أريحا - "القدس" دوت كوم - روان الأسعد - حارسة البيدر خمسينية العمر، مثالا للمرأة المكافحة، يحبها كل السكان في منطقتها وكل من يعرفها، امتهنت الزراعة منذ نعومة أظافرها ومازالت تعمل بها.
أم أحمد، التي أحبت الأرض وزرعتها لتغدق عليها العطايا وتحبها، هي امرأه تجسد كفاح المزارِعة القروية التي اتخذت الأرض مصدر رزق لها لتعيل أسرتها.
مع بزوغ شمس الصباح تنطلق اتحاد عياد، وهي أم لستة من الأبناء للعمل في أرضها بالأغوار. فمنذ ما يتجاوز الربع قرن وهي تمتهن الزراعة كوسيلة للتمكين، كونها المصدر الأساسي لإعالة الأسرة، واستطاعت من خلالها أن تثبت نفسها في المجتمع وتتميز، خاصة وأنها تمكنت من الحصول على رخصة قيادة الجرار الزراعي، لتكون بذلك أول مزارعة تحصل على رخصة قيادة جرار في منطقة الأغوار.
بداية المشوار ،،
منذ أكثر من 25 عاما وأم أحمد تعمل في المجال الزراعي من أجل إعالة أسرتها، حاملة على كتفها جنبا إلى جنب مع زوجها أعباء الحياة ومشقاتها، لتزرع وتجني المحاصيل على مدار العام. فقد ورثت حب الأرض وتعلمت زراعتها منذ نعومة أظافرها. حيث قالت لـ"القدس" دوت كوم: كبرنا وتربينا على حب الأرض وزراعتها والتنعم بخيراتها، فمنذ طفولتي وأهلي يعملون بالزراعة، وكنت أعمل معهم وأساعدهم إضافة لقيادة التراكتور (الجرار الزراعي)، الذي تعلمت قيادته وأنا أعمل مع عائلتي منذ زمن بعيد، وبعد أن أنهيت مرحلة التوجيهي (الثانوية العامة) لم أكمل دراستي الجامعية فقد تزوجت، وبدأت بتكوين أسرة ومساعدة زوجي في مشوارنا، فالحياة تحتاج للتعاون المشترك بين الزوجين لأن يدا واحدة لا تصفق.
وتابعت: نظرا لأن الكل يعمل في منطقتنا بالزراعة، فزوجي كان يعمل مع عائلته في زراعة المحاصيل الزراعية، وبعد أن كبرت عائلتنا وازدادت المصاريف والأعباء، انفصلنا انا وزجي عن العائلة وأصبحنا نزرع وحدنا ونبيع، وكان اعتمادنا الأساسي في دخل الأسرة على الزراعة فقط، ولكن لم يكن الدخل يكفي لمصاريف واحتياجات العائلة، خاصة وان أبنائي كلهم أكملوا دراستهم الجامعية، فما كان من زوجي إلا العمل سائقا، وأنا تابعت مشواري الزراعي وحدي.
العمل الجاد والتطور ،،
والابتسامة مرسومة على وجهها، تتحدث حارسة البيدر بكل فخر عن تطورها في المجال الزراعي، فهو كغيره من المجالات الهامة، رغم أن مشقته كبيرة ويحتاج لجهد، إلا أنها فخورة جدا بما تقدمه من أجل تأمين حياة كريمة لعائلتها.
تقول أم أحمد: رغم كل الصعوبات والأعباء في الزراعة والمخاطر التي نتعرض لها، خاصة في فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، إلا أنني أعشق تراب الأرض التي أزرعها وأستمتع كثيرا في الساعات التي أقضيها بالعمل المتواصل ويهون التعب عند قطاف المحاصيل، فأنا أزرع وحدي ما بين 25- 30 دونما من الأرض، منوعة مابين الأرض المكشوفة والبيوت البلاستيكية، لتتنوع المحاصيل مابين الخيار والزهرة والملفوف والحويرنة، كما أنني أزرع الملوخية في موسمها من شهر حزيرَان وحتى أيلول وأحيانا تِشْرِين ٱلْأَوَّل، كذلك عندي الشمام في شهر آذار، لكن تركيزي على الحويرنة كونها زراعة شتوية.
الحويرنة هي نبتة برية موسمية خضراء تنمو في فصل الشتاء تحتوي فوائد عدة وتنتشر في أراضينا الفلسطينية، إلا أن المعظم لا يعرفها، فهي تشبه إلى حد كبير جدا الجرجير أو تشبه أوراق السبانخ الخضراء، إلا أنها أنحف قليلا وتتموج الوان ازهارها ما بين الأبيض والأصفر، وتمتاز بطعمها المر والحارق ايضا، ومن الممكن تناولها مباشرة أو تناول مستخلصها المائي بعد النقع، وتشتهر في فلسطين كطبق تراثي برفقة اللبن، ولأوراقها دور رائع ومفيد كمضادات ومثبط للبكتيريا وينصح بها خبراء التغذية، خاصة في الالتهابات البكتيرية وفي حال خلل الهضم في الجهاز الهضمي.
تمكين النساء اقتصاديا ،،
لم تكتفِ حارسة البيدر بالعمل والانتاج الزراعي فقط وإنما سعت للتطوير من عملها بالتصنيع الغذائي خاصة في موسم نبتة الحويرنة لتقوم بإنشاء مصنع خاص بإنتاجها، سعت من خلاله ليس فقط لتجديد عملها بل كذلك لتمكين فئة معينة من النساء حالاتهن الاجتماعية مختلفة والمحتاجات لتمكينهن اقتصاديا ليستطعن إعالة أسرهن بعرق جبينهن.
وتضيف: لم أكتفِ فقط بزاعة الحويرنة، بل سعيت لتطوير عملي من خلال إنشاء مصنع مرخص لإنتاجها وبيعها مع اللبن وتشغيل مجموعة من السيدات معي، خاصة اللواتي لا يجدن عملا مناسبا لهن من ذوات الهمم، إضافة للنساء المطلقات والأرامل، فهن الأكثر حاجة للعمل ليعلن أسرهن. واليوم يعمل معي في المصنع ما بين الدوام الصباحي والمسائي ثماني سيدات، ويعتبر المصنع مصدر دخلنا الأساسي، كما أنني لا أستطيع العناية بالأرض وحدي، لذلك أستعين بنساء للعمل معي.
وتابعت: بالبداية كنت أقوم بإعداد الحويرنة بالبيت بكميات قليلة مع اللبن وبيعها، ووجدت إقبالا شديدا عليها من قبل الناس، وهنا فكرت بتطوير هذا العمل وانتاج كميات أكبر وتشغيل أيدٍ عاملة نسائية معي، وبالفعل توجهت للمؤسسات والجمعيات الخاصة بدعم الزراعة من أجل دعمي لإنشاء مصنع انتاجي. وقامت جمعية المركز الفلسطيني للزراعة الحيوية بدعمي بمبلغ عشرة آلاف دولار من خلال إحضار المعدات اللازمة للمصنع كاملة وإحضار كرفان وتهيئته وإعداده للعمل فيه ووضع الآلات والثلاجات والفريزرات وغيرها، وبدأت على هذا الأساس تشغيل النساء معي.
آلية العمل ،،
وأردفت: بعد قطاف الحويرنه تقوم النساء بتقنيب أوراقها ومن ثم فرمها ناعما وغسلها جيدا ومن ثم تصفيتها من الماء جيدا ثم تفرك الأوراق بالملح جيدا للتقليل من طعمها الحاد والمر ثم تعصر جيدا. بعد ذلك أقوم أنا بتصنيعها مع اللبن حسب المقدار وعلى طريقتي الخاصة، ثم أقوم بتعبئتها من ماكنة اللبن والحويرنة في المرتبانات المخصصة لها، وتكون الأحجام منوعة حسب طلب التاجر، فمنهم من يطلب النصف كيلو ومنهم الكيلو والآخر عشرة كيلوات معا، ويتم إغلاق الأوعية ووضع ملصقات تحمل اسم مصنعي ثم نضعها بالثلاجات لبيعها، والحمد لله الطلب كبير عليها خاصة في منطقة الخليل ورام الله وكذلك في أريحا.
الخطط المستقبلية ،،
لم تتوقف المزارعة اتحاد عند حد معين بل تسعى دائما للتطوير على مشروعها وعمل المزيد، فهي تطمح الى توسيعه وتبحث عن داعم لها لتزيد الأيدي العاملة النسائية إضافة لأنها تنوي إخال أصناف جديد في الإنتاج، وهذا ما أكدته: أطمح للبحث عن مصدر دعم لأعمل على توسييع مصنعي الإنتاجي إضافة لأنني سأعمل على إنتاج أصناف أخرى غير الحويرنة، فقد طُلبت مني كثيرا جدا حيث سأدخل إنتاج الباذنجان بالزيت (المكدوس) إضافة لأصناف منوعة من المخللات وإنتاج اللبنة بالزيت وهذا يحتاج لزيادة العاملات وتوسيع المشروع، كما أنني في خطوتي القادمة بعد مشيئة الله سنصدر للأردن منتجاتي حيث قام بزيارتي أحد التجار وطلب مني أن أزور الأردن لأتعرف على كيفية العمل هناك ويتم التعاون فيما بيننا. وأنا سعيدة جدا لأنني دائما أبحث عن التطوير وإدخال كل ماهو جديد في عملي.
أول مزارعة ،،
عياد، التي تحب مناداتها بحارسة البيدر، استطاعت أن تكون أول سيدة تحمل رخصة قيادة الجرار الزراعي في منطقة الأغوار، رغم أنها تستطيع قيادته منذ زمن بعيد.
قالت: قررت الحصول على رخصة التراكتور، لأني أتنقل فيه خارج أرضي حيث أقوم بنقل المزروعات لايصالها للحسبة ما يتطلب مني قيادته على الشوارع الرئيسية، وكما هو معروف يجب أن يكون معي رخصة قيادته تجنبا للمخالفات من الشرطة وتحسبا لوقوع أية حوادث لا سمح الله، كما أنني أستطيع صيانته وحدي دون مساعدة من أحد، وبتّ أرى الفرحة في عيون من يراني أقود جراري على الطرقات العامة، وخاصة أنني امرأة وهذا عمل مميز وتستطيع أي امرأة القيام به وليس مقصورا على الرجال.
رسالتي ،،
واختتمت عياد حديثها برسالة وجهتها لكل النساء في الوطن العربي وللنساء الفلسطينيات على وجه التحديد، قالت فيها: المرأة في الوقت الحاضر تماما كالرجل باتت تعمل بكافة المجالات، فهي الطبيبة والمهندسة والسائقة والمزارعة، تقف جنبا الى جنب مع الرجل حتى نحيا الحياة التي نستحقها، وطالما أننا نتحلى بالإرادة والشجاعة فالنجاح في أي مجال ليس مستحيلا.
دلالات
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
اتحاد عياد .. أول مزارِعة تحصل على رخصة قيادة جرار زراعي