غزة -  (شينخوا)  - بأدوات بسيطة ومتاحة، نجح شابان من قطاع غزة في صناعة أقواس رماية ذات معايير أولمبية حصلت على إشادة من خبراء دوليين خاصة وأنها يدوية ومحلية الصنع.

ويقول أحمد الزهار من مدينة دير البلح وسط القطاع لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن فكرة صناعة أقواس الرماية استحوذت على تفكيره قبل سبعة أعوام بعد مشاهدته مسلسل تاريخي ناطق باللغة العربية يعتمد أبطاله على أقواس الرماية في حروبهم مع الدول المعادية.

ويضيف الزهار (38 عاما) وهو أب لأربعة أبناء أن سبب شغفه بمختلف أنواع الرياضة مثل كرة القدم وكمال الأجسام والجري وركوب الخيل، شجعه على تجربة رياضة الرماية لإشغال وقت فراغه.

ويشرح الزهار "حاولت أن أشتري الأقواس ولم أجدها في غزة ولا حتى الضفة الغربية وفشلت جميع محاولاتي في إدخالها إلى القطاع بعد شرائها من الخارج بسبب منع إسرائيل إدخالها لأنها تندرج تحت قائمة الأسلحة الممنوعة".

ورغم ذلك، لم يستسلم الزهار للصعوبات التي واجهها خاصة وأن شغفه العارم لممارسة رياضة الرماية لم يفارقه نهائيا، ويقول "قررت أن أصنع تلك الأقواس بيدي حتى دون أن أكون ملما بالطريقة اللازمة لفعل ذلك".

وفي محاولة لتسهيل التعقيدات التي تحيط بمهمته الجديدة، لجأ الشاب الثلاثيني إلى صديقه وسيم نايف من غزة لمناقشته بشأن فكرته الجديدة الذي قابله بالتشجيع والاستعداد لخوض غمار المغامرة معه.

ويقول نايف لـ ((شينخوا)) إيمانا منا بأن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، لجأنا إلى المواقع الإلكترونية ومنصة اليوتيوب المتخصصة بأقواس الرماية لتعلم كيفية صناعتها محليا.

ويضيف "من خلال بحثنا عرفنا أن هناك فئتين من الأقواس التي عادة يتم استعمالها في رياضة الرماية وهي الأقواس المركبة والأقواس المعقبة أو المتعارف عليها باسم (ريكيرف) التي قررنا صناعتها نظرا لإمكانية توفير أدواتها".

ويتكون القوس بحسب الشاب من ثلاثة أجزاء رئيسية وهي طرفان وقطعة مركزية تسمى الناهض الذي يجب أن يكون مصنوعا من الألومنيوم ليكون قليل الوزن، بالإضافة إلى الوتد وهو الخيط الذي يربط بين طرفي القوس و يستخدم لإطلاق السهام التي قاما بتصنيعها محليا أيضا.

وحول الزهار غرفة صغيرة من منزله إلى ورشة عمل له ولصديقه ليتناوبا على صناعة أقواسهما الجديدة، معتمدين بشكل أساسي على مبدأ التجربة والخطأ حيث فشلا عدة مرات في صناعتهما.

ولتفادي المزيد من الفشل، يستذكر الزهار، لجأنا إلى طريقة البحث العلمي والعملي، حيث لجأنا إلى متابعة العديد من تصميمات شركات عالمية مختلفة للتوصل إلى الشكل والتصميم النهائي للقوس الأولمبي الخاص بنا.

ويشرح "لقد قمنا بتصميم شكلها الخارجي يدويا وتواصلنا مع خبراء دوليين عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتأكد من أنها تحاكي الأقواس الأولمبية من خلال إرسال صور لها وكذلك للمعادن التي سنستعملها في التصنيع".

وعلى الرغم من حصول الشابين على إشادة بعض الخبراء الذين تابعوا بدورهم عملية تصنيع أول أقواس أولمبية بغزة، إلا أن العملية استغرقت حوالي ستة أشهر متواصلة وإنفاق الكثير من المال.

ويقول نايف "لقد تنقلنا كثيرا بين ورش الحدادة والنجارة في غزة وكنا نشرف على كل شيء في تصنيع الهيكل الخارجي للقوس خاصة وأنه يجب أن ننتبه على كل مليمتر من سمك الطرفين والقطعة المركزية"، منوها إلى أنهما دفعا حوالي 1700 دولار أمريكي لصناعة القوس الأول.

وما أن انتهى الشابان من تحقيق حلمهما بصناعة الأقواس أخيرا، انشغلا في التدرب على طريقة ممارسة رياضة الرماية في مناطق واسعة بعيدة عن السكان لتفادي إصابة أي منهم بضرر، على حد قولهما.

ولكن حلمهما لم يتوقف عند هذا الحد، حيث قررا مواصلة صناعة المزيد من أقواس الرماية التي وصلت إلى سبعة أقواس أولمبية حتى الآن، بالإضافة إلى عشرة أقواس عربية لا تدخل في نطاق المنافسات الدولية.

والتحق الشابان بالاتحاد الفلسطيني الرياضي الرسمي للرماية، حيث مثلا فلسطين في بطولة الرماية التي أقيمت في العراق عام 2021.

ويقول الشابان "على الرغم من أننا لم نفز في هذه البطولة، إلا أننا تمكنا من التعرف عن قرب على الأقواس الأولمبية وهو ما ساعدنا على إجراء بعض التعديلات على ما نمتلكه".

ويتجهز الشابان حاليا من أجل التأهل لأولمبياد باريس 2024، إلا أنهما يفتقدان إلى وجود ملاعب متخصصة لممارسة هذه الرياضة التي تحتاج لمسافة 100 متر على الأقل لتفادي تسبب أي أذى للأشخاص الذين يتواجدون في المكان.

ويطمح الشابان في نشر ثقافة رياضة الرماية في قطاع غزة وتشكيل أول فريق متخصص بها والالتحاق بتدريبات محلية وعربية ودولية.