أقلام وأراء
الإثنين 24 أكتوبر 2022 10:59 صباحًا - بتوقيت القدس
النظام العالمي ليس نتاج موازين قوى عسكرية فقط
بقلم: إبراهيم ابراش
إن كان هدف روسيا الاتحادية من حربها مع أوكرانيا والغرب إعادة ترسيم حدودها مع أوكرانيا ومنع هذا الأخيرة من أن تكون قاعدة لحلف الأطلسي فهذا هدف مشروع ويمكن تحقيقه حتى وإن كان بثمن باهظ، أما إن كان هدفها تغيير النظام العالمي بقوتها العسكرية فهذا أمر مستحيل وغير واقعي ولا عقلاني لأن النظام العالمي ليس مجرد موازين قوى عسكرية.
روسيا تقول إنها دخلت الحرب دفاعاً عن الروس القاطنين في أوكرانيا ولاعادة ترسيم الحدود وضد النزعة النازية الأوكرانية وأن أوكرانيا تحولت لقاعدة للغرب والحلف الأطلسي الذي يسعى لتدمير روسيا واستنزافها، وهو قول لا يخلو من وجاهة، أما أوكرانيا فتتحدث عن غزو أراضيها و مواجهة النزعة التوسعية لروسيا، أما الغرب فيساند أوكرانيا كما يقول في مواجهة عدوان روسي يتعارض مع سيادة الدول والقانون الدولي والشرعية الدولية، وهو أيضا قول فيه بعض الوجاهة.
ولكن، و بالنسبة لطرفي المعادلة فإنهما لا يفصحان عن كامل دوافعهما وأهدافهما من الحرب. فروسيا ليست الاتحاد السوفيتي بل دولة رأسمالية لها مصالحها وتسعى لتوسيع مناطق نفوذها وتجد أن النظام العالمي الذي تهيمن عليه أمريكا والغرب يتعارض مع مصالحها وأهدافها القومية ولا يسمح لها بالتمدد عالميا، أما أهداف الغرب من الدعم المهول لأوكرانيا فهو أبعد ما يكون عن مجرد نصرة دولة تدافع عن سيادتها، ولو كان الأمر يتعلق بانتهاك سيادة الدول فواشنطن أكثر الدول انتهاكا لسيادة الدول، فمن تدخلها وحروبها في دول أمريكا الجنوبية إلى احتلالها لأفغانستان والعراق، كما أن إسرائيل انتهكت سيادة ثلاثة دول عربية في حرب 1967 وما زالت تحتل فلسطين وأراضي سورية وهناك قرارات دولية تطالبها بالانسحاب من هذه الأراضي -قراري مجلس الأمن 242 و 383 - هذا بالإضافة للغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982 .
تدخل الغرب يرجع لرغبة الغرب وخصوصاً واشنطن إضعاف روسيا والصين كقوتين صاعدين تهددان النظام العالمي، بأبعاده الاقتصادية والمالية والتكنولوجية والثقافية وهو النظام الذي هندسته أمريكا والغرب طوال عقود وجاءت العولمة لتعزيز هذه الهيمنة، فالغرب وعلى رأسه واشنطن يرى أنه ليس من حق دولة من خارج المنظومة الغربية التقليدية لم تشارك في هندسة النظام العالمي والحضارة الحالية التي تُنسب للغرب حيث غالبية الاختراعات والاكتشافات العلمية ترجع له، أن تأتي هذه الدولة و تحاول تغيير النظام العالمي وزعزعة مرتكزاته وهزيمة الغرب أو مشاركته الهيمنة على العالم.
توجد بعض الوجاهة في هذا الأمر، فما تسمى بحضارة القرن العشرين بكل مكوناتها ومرتكزاتها العلمية والصناعية والتكنولوجية والاقتصادية والمالية هي من صناعة الغرب و مراكمة لانجازاته التي بدأت منذ عصر الانوار في القرن الثامن عشر، ومساهمة بقية المجتمعات والدول الأخرى محدودة وخصوصا مساهمة شعوب روسيا والاتحاد السوفيتي سابقا والصين، وهذا ما يفسر جزئيا ما يبدو وكأن روسيا في مواجهة كل دول الغرب.
بالإضافة الى المعسكر الغربي فإن كثيرا من دول العالم تشعر بأن وجودها واستقرارها مرتبط باستقرار النظام العالمي الراهن حتى وإن كان يفتقر للعدالة وتهيمن عليه واشنطن، فهذه الشعوب والدول غير معنية بالدخول في حرب عالمية غير مضمونة النتائج، كما أنها غير متأكدة أنه في حالة إزاحة أمريكا كقطب مهيمن على العالم سيكون حالها وحال العالم أفضل لو انتصرت روسيا وأصبحت القطب المهيمن عالميا.
وهناك سبب آخر يقف وراء الموقف المتشدد لواشنطن تجاه روسيا، فمن المعروف أن الولايات المتحدة دولة مهاجرين وهي تضم خليطا من كل الجنسيات وما يجمع هؤلاء ليس الانتماء القومي بل المصلحة المادية حيث توفر الدولة لساكنيها حياة رغيدة لا تتوفر لهم في دولهم الأصلية وبالتالي فإن تراجع الاقتصاد الأمريكي سيؤدي لتفكك المجتمع حيث يزول السبب للانتماء إليه وهو الاقتصاد والحياة المرفهة، وعلى هذا الأساس فواشنطن مستعدة لخوض حروب عالمية وليس حرباً واحدة ولا مانع عندها بتدمير أوكرانيا واضعاف أوروبا وكل حلفائها حتى تحافظ على مكانتها الدولية واستقرارها الاقتصادي.
إذا كانت إمبريالية الولايات المتحدة الأمريكية شرطا لازدهارها واستقرارها الاقتصادي بسبب خصوصية نشأتها وتركيبتها الاجتماعية ودورها في هيكلة النظام العالمي، فالأمر مختلف بالنسبة لروسيا التي تشعر أن دورها في التأثير في النظام العالمي محدود وخصوصا بعد انهيار نظام الاتحاد السوفيتي، بالرغم من دورها في الحرب العالمية الثانية ومشاركتها الفاعلة في مؤتمر يالطا 1945 الذي أسس لترتيبات الأمن الجماعي العالمي لمرحلة ما بعد الحرب. وبالنسبة لعلاقة السياسية الخارجية بالتركيبة السكانية فروسيا تغلق أبوابها تاريخيا أمام الهجرة ومواطنوها منتمين لوطنهم قومياً مهما تدهور الوضع الاقتصادي، ولكن قوة الانتماء القومي قد لا يستمر طويلا إن زادت الحالة الاقتصادية تدهور.ا
ما تسمى حرب أوكرانيا تخفى الكثير وهي حرب مرتبطة بالاقتصاد والنزوع نحو الهيمنة بدرجة أولى، ولأنها كذلك فقد تصل لكسر العظم وقد تنزلق لحرب نووية تكتيكية محدودة، وإن كنا ككثيرين من شعوب الأرض نتفهم التخوفات والمطالب الروسية ونأمل إضعاف الهيمنة الأمريكية على العالم والحد من غرورها وعربدتها، إلا أنه لا يبدو أن النظام العالمي سيتغير بالقوة العسكرية الروسية فقط، ومراهنة بوتين على تغييره عسكريا مراهنة محفوفة بالمخاطر وأقصى ما سيحققه بوتين هو الحفاظ على الأراضي الأوكرانية التي ضمها لروسيا (مناطق لوغانسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون).
عاملان يمكنهما اضعاف قدرة الولايات المتحدة الأمريكية في الهيمنة على النظام العالمي في جانبه الجيواستراتيجي وهما :
1- دخول الصين عسكريا واقتصاديا إلى جانب روسيا في مواجهة الغرب.
2- تفكك وحدة الموقف الأوروبي وتحالف أوروبا مع الولايات المتحدة
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
نيويورك تايمز تكشف تفاصيل اتفاق وشيك بين إسرائيل ولبنان
الأكثر قراءة
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%52
%48
(مجموع المصوتين 92)
شارك برأيك
النظام العالمي ليس نتاج موازين قوى عسكرية فقط